الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ش : السؤر بضم السين المهملة وسكون الهمزة وقد تسهل بقية شرب الدواب وغيرها ويقال أيضا في بقية الطعام هكذا فسره أهل اللغة والمحدثون والفقهاء وقال النووي في شرح المهذب : سؤر الحيوان مهموز وما بقي في الإناء بعد شربه أو أكله ومراد الفقهاء بقولهم سؤر الحيوان طاهر أو نجس لعابه أو رطوبة فمه انتهى .
( قلت ) : الذي يظهر من كلام أصحابنا وأصحابهم أن السؤر بقية شرب الحيوان أو نجاسته فتأمله . والمعنى أن الماء المطلق لا يضره كونه سؤر بهيمة أو حائض أو جنب فأما nindex.php?page=treesubj&link=460_26997_26976_26979سؤر البهيمة فاختلف فيه فقال في المدونة يجوز الوضوء بسؤر الدواب وهو وغيره سواء قال اللخمي في سماع nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب في الوضوء بفضل الحمار والبغل والفرس وغير ذلك من الدواب : غيره أحب إلي منه ولا بأس به إن اضطر إليه انتهى . ومشى المصنف على ظاهر المدونة وأشار بالمبالغة لرواية nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب وظاهر إطلاق المصنف أن سؤر البهيمة طاهر بلا كراهة ولو كانت تأكل أرواثها ، قال [ ص: 52 ] سند : وذلك على وجهين إما أن تكون تعبث بذلك في بعض الأحيان أو تكون جلالة فالأولى قال ابن القاسم : أكثر الدواب يفعل ذلك فلا بأس به ما لم ير في أفواهها ذلك عند شربها وحكى ابن حبيب أن بعض العلماء كرهه ، وأما الجلالة فهي كالدجاج المخلاة أي فيكره الوضوء بسؤرها كما سيأتي فأما الأولى فهي داخلة في إطلاق المصنف هنا جريا على قول ابن القاسم وقد رجحه ابن الإمام وغيره .
وأما سؤر الجلالة فهو وإن كان داخلا في كلامه من حيث إنه ماء مطلق كما سبقت الإشارة إلى ذلك لكنه له حكم يخصه وهو الكراهة فتأمله . وأما nindex.php?page=treesubj&link=459سؤر الحائض والجنب فلا خلاف في طهارته إذا لم يكن في أفواههما نجاسة وإنما نبه عليه لئلا يتوهم عدم طهارته كما قيل ذلك في فضلة طهارة الحائض على ما ذكره الشارح
ص ( أو فضلة طهارتهما )
ش : يعني أن nindex.php?page=treesubj&link=652_734_461الماء الذي يفضل من طهارة الحائض والجنب طاهر مطهر لأنه داخل في حد المطلق قاله في الأم وصرح به غير واحد من أهل المذهب ولم يذكر البراذعي فضلة طهارة الحائض وذكر الشارح في الوسط والكبير قولا بأنه لا يتطهر بفضل طهور الحائض قال ولا يبعد جريه في فضل طهارة الجنب .
( قلت ) : ولم أقف على هذا القول في المذهب وإنما ذكره صاحب الطراز والقاضي عياض في الإكمال والنووي عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في أحد قوليه أن الرجل لا يجوز له أن يتطهر بفضل طهور المرأة إذا خلت به وردوا عليه لأنه لا تأثير لخلوتها به ونص الإرشاد على أنه يتطهر بفضل طهور الحائض ولو خلت به وحمل nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم من كتاب الطهارة لأهل العلم في وضوء المرأة بفضل وضوء الرجل وعكسه سواء شرعا جميعا أو غاب أحدهما على الماء وسواء كان فضلة حائض أو جنب أو غيرهما ، خمسة أقوال : أحدها قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجميع أصحابه أنه يجوز وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة وعكسه لا خلاف بينهم في ذلك ، والثاني لا يتوضأ أحدهما بفضل صاحبه مطلقا ، والثالث تتوضأ المرأة بفضل الرجل لا عكسه ، والرابع يتوضأ أحدهما بفضل صاحبه إذا شرعا جميعا ، الخامس يتوضأ أحدهما بفضل صاحبه ما لم يكن الرجل جنبا والمرأة حائضا أو جنبا انتهى باقتصار والله أعلم