الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          [ ص: 210 ] مسألة :

                                                                                                                                                                                          وجائز للمحرمين من الرجال والنساء أن يتظللوا في المحامل وإذا نزلوا - وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأصحابنا .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك : يتظللون إذا نزلوا ولا يتظللون في المحامل ولا ركابا ، وهذا تقسيم لا دليل على صحته فهو خطأ .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : قد نهى عن ذلك ابن عمر ؟ قلنا : نعم ، ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صح عن عمر من قدم ثقله من منى فلا حج له ، فما الذي جعل قول ابن عمر في النهي عن التظلل حجة ولم يجعل قول أبيه في النهي عن تقدم الثقل من منى وتشدده في ذلك حجة ؟ وقد صح عن ابن عمر فيمن أفطر في نهار رمضان ناسيا أن صيامه تام ولا قضاء عليه .

                                                                                                                                                                                          وصح عنه إباحة تقريد البعير للمحرم .

                                                                                                                                                                                          وصح عن ابن عمر من وطئ قبل أن يطوف طواف الإفاضة بطل حجه ولا مخالف له من الصحابة في شيء مما ذكرنا إلا ابن عباس فإنه رأى حج من وطئ بعد الوقوف بعرفة تاما فخالفوه ; فما الذي جعل قول ابن عمر في بعض المواضع حجة ، وفي بعضها ليس حجة ؟ روينا من طريق مسلم نا سلمة بن شبيب نا الحسن بن أعين نا معقل عن زيد بن أبي أنيسة عن يحيى بن الحصين قال : سمعت جدتي أم الحصين تقول { حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة انصرف وهو على راحلته ، ومعه بلال ، وأسامة ، أحدهما يقود راحلته ، والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم حدثني أحمد بن حنبل نا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن يحيى بن الحصين عن أم الحصين جدته قالت { حججت مع [ ص: 211 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة ، وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة } .

                                                                                                                                                                                          فهذا هو الحجة لا ما سواه ، وقد خالف ابن عمر في هذا القول بلالا وأسامة - وهو قول عطاء ، والأسود ، وغيرهما .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية