الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=21395ما احتمل أن يخرج عن الجبلية إلى التشريع بمواظبته على وجه خاص ، كالأكل والشرب ، واللبس والنوم ، وهو دون ما ظهر منه قصد القربة ، وفوق ما ظهر فيه الجبلية ، وقد يخرج فيه قولان
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي من القولين في تعارض الأصل والظاهر ، إذ الأصل عدم التشريع ، والظاهر أنه شرعي ; لكونه منصوبا لبيان الشرعيات ، وقد جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال لبعض أصحابه : اسقني قائما ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائما . وقد صرح
الأستاذ أبو إسحاق بحكاية الخلاف ، وفيه وجهان للأصحاب : أحدهما : وهو قول أكثر المحدثين أنه يصير سنة وشريعة ، ويتبع ، والأصل فيه أن يستدل به على إباحة ذلك . والثاني : أنه لا يتبع فيه إلا بدليل . هكذا حكى الخلاف في " شرح الترتيب " ، وقال في كتابه في " الأصول " : يعلم تحليله على أظهر الوجهين ، ويتوقف فيه في الوجه الآخر على البيان .
[ ص: 25 ] وهكذا حكى الخلاف
إلكيا ، وعلل الوقت بأن الفعل لا يدل على جواز الإيقاع ، والمصالح مختلفة باختلاف أحوال المكلفين . قال : وفي هذا نظر للأصوليين متجه إلا أن الذي عليه الأكثرون أنه مباح ; لإجماع الصحابة ، وقد سئلت
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة عن القبلة للصائم ، فأجابت بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يبتعد عن ذلك . ا هـ . وجزم
ابن القطان بأنه على الإباحة ، وكذلك
الماوردي والروياني في كتاب القضاء ، حتى يقوم دليل على اختصاصه به ، وفي الصحيح عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62563عبيد بن جريج . قال : قلت nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : رأيتك تصنع أربعا ، وفيها : رأيتك تلبس النعال السبتية ؟ فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها } . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62564أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ذهب ، فاتخذ الناس خواتيم من ذهب ، فنبذه ، وقال : إني لم ألبسه أبدا فنبذ الناس خواتيمهم } .
ويخرج من كلام الفقهاء ما يقتضي انقسام هذا القسم إلى ثلاثة أقسام : أحدها : ما يترقى إلى الوجوب ، كإيجاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الجلوس بين الخطبتين ; لأنه عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62565كان يجلس بين الخطبتين } . وثانيها : ما يترقى إلى الندب ، كاستحباب أصحابنا
nindex.php?page=treesubj&link=21398_21397_21396_21395_21404الاضطجاع على الجانب الأيمن بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح ، سواء كان المرء تهجد أو
[ ص: 26 ] لا ; لقول
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : كان النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62566إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن } ، وأما حديث الأمر به فمعلول . ثالثها : ما يجيء فيه خلاف ، كدخوله
مكة من
ثنية كداء وخروجه من
ثنية كداء ، وحجه راكبا ، وذهابه إلى العيد في طريق ، ورجوعه في أخرى ، وقد اختلف أصحابنا في هذا : هل يحمل على الجبلي ، فلا
[ ص: 27 ] يستحب ؟ أو على الشرعي فيستحب ؟ على وجهين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق المروزي : إذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم فعلا لمعنى ، ولم يكن مختصا به فعلناه ، ومن طريق الأولى إذا عرفنا أنه فعله لمعنى يشاركه فيه غيره .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12535أبو علي بن أبي هريرة : نفعلها اتباعا له ، سواء عرفنا أنه لمعنى يختص به أم لا ، وقال
الرافعي : الذي مال إليه الأكثرون قول
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة ، ذكره في استحباب تخالف الطريقين في العيد . وعن
الماوردي أن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لمعنى فزال ذلك المعنى ، فيه وجهان : أحدهما : قاله
أبو إسحاق : لا يفعل إلا بدليل . والثاني : قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة يفعل . وقال
ابن الصباغ في صلاة العيدين من " الشامل " : قال
أبو إسحاق : إذا عقلنا معنى ما فعله ، وكان باقيا ، أو لم نعقل معناه ، فإنا نقتدي به فيه ، فأما إذا عقلنا معنى فعله ، ولم يكن الغرض به باقيا لم نفعله ; لزوال معناه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة نقتدي به ، وإن زال معناه ، لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=158واتبعوه } الآية . لأنه كان يفعل الرمل والاضطباع لإظهار القوة من المسلمين ، ثم صار سنة ، وإن زال معناه ، وبقي قسم آخر وهو أن لا يعلم السبب ، وقال
النووي في " الروضة " : يستحب التأسي قطعا .
الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=21395مَا احْتَمَلَ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْجَبَلِيَّةِ إلَى التَّشْرِيعِ بِمُوَاظَبَتِهِ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ ، كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، وَاللُّبْسِ وَالنَّوْمِ ، وَهُوَ دُونَ مَا ظَهَرَ مِنْهُ قَصْدُ الْقُرْبَةِ ، وَفَوْقَ مَا ظَهَرَ فِيهِ الْجِبِلِّيَّةُ ، وَقَدْ يَخْرُجُ فِيهِ قَوْلَانِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ التَّشْرِيعِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ شَرْعِيٌّ ; لِكَوْنِهِ مَنْصُوبًا لِبَيَانِ الشَّرْعِيَّاتِ ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ : اسْقِنِي قَائِمًا ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ قَائِمًا . وَقَدْ صَرَّحَ
الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ بِحِكَايَةِ الْخِلَافِ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ : أَحَدُهُمَا : وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ يَصِيرُ سُنَّةً وَشَرِيعَةً ، وَيُتَّبَعُ ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى إبَاحَةِ ذَلِكَ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يُتَّبَعُ فِيهِ إلَّا بِدَلِيلٍ . هَكَذَا حَكَى الْخِلَافَ فِي " شَرْحِ التَّرْتِيبِ " ، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ فِي " الْأُصُولِ " : يُعْلَمُ تَحْلِيلُهُ عَلَى أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ ، وَيُتَوَقَّفُ فِيهِ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ عَلَى الْبَيَانِ .
[ ص: 25 ] وَهَكَذَا حَكَى الْخِلَافَ
إلْكِيَا ، وَعَلَّلَ الْوَقْتَ بِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِيقَاعِ ، وَالْمَصَالِحُ مُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُكَلَّفِينَ . قَالَ : وَفِي هَذَا نَظَرٌ لِلْأُصُولِيِّينَ مُتَّجَهٌ إلَّا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ مُبَاحٌ ; لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ ، وَقَدْ سُئِلَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمُّ سَلَمَةَ عَنْ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ ، فَأَجَابَتْ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَبْتَعِدُ عَنْ ذَلِكَ . ا هـ . وَجَزَمَ
ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ ، وَكَذَلِكَ
الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ ، حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62563عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ . قَالَ : قُلْت nindex.php?page=showalam&ids=12لِابْنِ عُمَرَ : رَأَيْتُك تَصْنَعُ أَرْبَعًا ، وَفِيهَا : رَأَيْتُك تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ ؟ فَقَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا } . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62564أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، فَاِتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ ، فَنَبَذَهُ ، وَقَالَ : إنِّي لَمْ أَلْبَسْهُ أَبَدًا فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ } .
وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مَا يَقْتَضِي انْقِسَامَ هَذَا الْقِسْمِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا : مَا يَتَرَقَّى إلَى الْوُجُوبِ ، كَإِيجَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ الْجُلُوسَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ ; لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62565كَانَ يَجْلِسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ } . وَثَانِيهَا : مَا يَتَرَقَّى إلَى النَّدْبِ ، كَاسْتِحْبَابِ أَصْحَابِنَا
nindex.php?page=treesubj&link=21398_21397_21396_21395_21404الِاضْطِجَاعَ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَرْءُ تَهَجَّدَ أَوْ
[ ص: 26 ] لَا ; لِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62566إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ } ، وَأَمَّا حَدِيثُ الْأَمْرِ بِهِ فَمَعْلُولٌ . ثَالِثُهَا : مَا يَجِيءُ فِيهِ خِلَافٌ ، كَدُخُولِهِ
مَكَّةَ مِنْ
ثَنِيَّةِ كَدَاءَ وَخُرُوجِهِ مِنْ
ثَنِيَّةِ كَدَاءَ ، وَحَجِّهِ رَاكِبًا ، وَذَهَابِهِ إلَى الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ ، وَرُجُوعِهِ فِي أُخْرَى ، وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هَذَا : هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْجِبِلِّيِّ ، فَلَا
[ ص: 27 ] يُسْتَحَبُّ ؟ أَوْ عَلَى الشَّرْعِيِّ فَيُسْتَحَبُّ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11817أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ : إذَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلًا لِمَعْنًى ، وَلَمْ يَكُنْ مُخْتَصًّا بِهِ فَعَلْنَاهُ ، وَمِنْ طَرِيقٍ الْأَوْلَى إذَا عَرَفْنَا أَنَّهُ فَعَلَهُ لِمَعْنًى يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12535أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ : نَفْعَلُهَا اتِّبَاعًا لَهُ ، سَوَاءٌ عَرَفْنَا أَنَّهُ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِهِ أَمْ لَا ، وَقَالَ
الرَّافِعِيُّ : الَّذِي مَالَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، ذَكَرَهُ فِي اسْتِحْبَابِ تَخَالُفِ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْعِيدِ . وَعَنْ
الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَعْنًى فَزَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى ، فِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : قَالَهُ
أَبُو إِسْحَاقَ : لَا يُفْعَلُ إلَّا بِدَلِيلٍ . وَالثَّانِي : قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يُفْعَلُ . وَقَالَ
ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ " الشَّامِلِ " : قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : إذَا عَقَلْنَا مَعْنَى مَا فَعَلَهُ ، وَكَانَ بَاقِيًا ، أَوْ لَمْ نَعْقِلْ مَعْنَاهُ ، فَإِنَّا نَقْتَدِي بِهِ فِيهِ ، فَأَمَّا إذَا عَقَلْنَا مَعْنَى فِعْلِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ الْغَرَضُ بِهِ بَاقِيًا لَمْ نَفْعَلْهُ ; لِزَوَالِ مَعْنَاهُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ نَقْتَدِي بِهِ ، وَإِنْ زَالَ مَعْنَاهُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=158وَاتَّبِعُوهُ } الْآيَةَ . لِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الرَّمَلَ وَالِاضْطِبَاعَ لِإِظْهَارِ الْقُوَّةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ صَارَ سُنَّةً ، وَإِنْ زَالَ مَعْنَاهُ ، وَبَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ لَا يُعْلَمَ السَّبَبُ ، وَقَالَ
النَّوَوِيُّ فِي " الرَّوْضَةِ " : يُسْتَحَبُّ التَّأَسِّي قَطْعًا .