الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5859 [ ص: 641 ] 117 - باب: قول الرجل للشيء: ليس بشيء. وهو ينوي ليس بحق

                                                                                                                                                                                                                              [وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للقبرين: "يعذبان وما يعذبان في كبير وإنه لكبير"] . [انظر: 216].

                                                                                                                                                                                                                              6213 - حدثنا محمد بن سلام، أخبرنا مخلد بن يزيد، أخبرنا ابن جريج، قال ابن شهاب: أخبرني يحيى بن عروة، أنه سمع عروة يقول: قالت عائشة: سأل أناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكهان، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليسوا بشيء". قالوا: يا رسول الله، فإنهم يحدثون أحيانا بالشيء يكون حقا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني، فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة". [انظر: 3210 - مسلم: 2228 - فتح: 10 \ 595].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث عائشة: سأل أناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكهان، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ليسوا بشيء". . الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              معنى قوله: "في كبير". يعني: شيء حقير ليسارة التحرز منه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: "وإنه لكبير". لورود الشرع بالوعيد فيه إن لم يعف الله. وهذا الباب أصل لما تقوله العرب من نفيهم العمل كله إذا انتفت عنه الجودة والإتقان. تقول لمن لم يحكم صنعته: ما صنعت شيئا، وما قال شيئا، لمن تكلم بحلف من الكلام على سبيل المبالغة في النفي، ولا يكون ذلك كذبا كما قاله - عليه السلام - في الكهان: "ليسوا بشيء". على ما يأتون به من الكذب، يعني: الذي ليس بشيء وهو خلق موجود. وهذا الحديث نص للترجمة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 642 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة"). قال ابن الأعرابي: القر ترديد الكلام في أذن الأبكم حتى يفهمه. ومعنى: قر الدجاجة: أراد صوتها إذا قطعته، يقال: قررت الدجاجة تقر تقريرا وقريرا، فإذا رددته قلت: قرقرت قرقرة وقريرا. وفي "الصحاح": قر الحديث في أذنه يقره، كأنه صبه فيها . ضبط بضم القاف. قال الخطابي: ورواه هنا: قر الدجاجة، وفيما تقدم "كما تقر القارورة" . قال: لست أبعد أن يكون الصواب في الرواية: قر الزجاجة؛ ليلائم القارورة، ومعنى وإن صحت القارورة فمعناه: صوت الدجاجة من قرت الدجاجة تقر قرا وقرورا، و (قرقرت) : إذا قطعت صوتها. والذي تقدم عن ابن الأعرابي أنها الترديد، وروى الفربري عن أبي عبد الله: قر الدجاجة. بكسر القاف، كأنه حكاية صوتها . والمعروف في اللغة: أن الدجاجة بفتح الدال، وذكر ابن السكيت الكسر ، وقد أسلفنا الفتح أيضا، وبين - عليه السلام - أن إصابة الكاهن إنما هي من طريق استراق السمع، قال الداودي: وفيه: دليل أنه إذا اختلط شاة حية وميتة، أن أكلهما لا يحل.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية