الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة [ طرق إثبات فعله صلى الله عليه وسلم ] إذا قلنا في أمر من الأمور : إن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ، فلنا في معرفته ثلاث طرق : الأول : أن ينقل إلينا أنه فعله تواترا أو آحادا ، كفعل التكبير عند التحرم والطمأنينة في الركوع ، والسجود ، والاعتدال ، فإنه منقول أنه واجب علينا ; لأنه عليه السلام فعل ذلك ، وكل ما فعله وجب علينا فعله . الثاني : أن نقول هذا الفعل أفضل بالإجماع ، وأفضل الخلق لا يواظب على ترك الأفضل ، فيلزم أن يواظب على الأفضل ، وكقولنا : الوضوء المرتب المنوي أفضل بالإجماع ، والعلم الضروري حاصل بأن أفضل الخلق لا يواظب على ترك الأفضل ، فثبت إتيانه به ، فوجب أن يجب علينا مثله . الثالث : أنه صلى الله عليه وسلم لو ترك النية والترتيب ، لوجب علينا تركه ; لدليل الاقتداء به ; لأن المتابعة كما تكون في الأفعال تكون في التروك ، ولما لم يجب علينا تركه ، ثبت أنه ما تركه ، بفعله ، وحينئذ فنقول : { النبي صلى الله عليه وسلم واظب على التكبير والتحيات } ، فإن دل دليل من إجماع أو نص على عدم وجوبها ، حكمنا به ، ويكون تخصيص عموم ، وإلا فهي واجبة ، لكن لا نطمع بالإجماع لمخالفة أحمد وغيره ، ولا يفيد القياس ، كقولهم : القيام هيئة معتادة ، ولا تتميز العادة فيه من العبادة ، إلا بسبب ما فيه من القراءة ، [ ص: 42 ] فلا جرم كانت واجية أعني القراءة لا غير ، وأما الركوع والسجود فهاهنا مخالفة للعادة ، فلم يكن لكونها عبادة حاجة إلى الذكر ، فلا تجب التسبيحات ، فهذه ضعيفة في مقابلة ما ذكرنا من الدليل .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية