الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                صفحة جزء
                                                                                5544 ( 20 ) حدثنا وكيع قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء [ ص: 537 ]

                                                                                ( 21 ) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمرو عن أخيه عبد الله بن عبيدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة حين دخلها وهو معتجر بشقة برد أسود ، فطاف على راحلته القصواء في يده محجن يستلم به الأركان ، قال : قال ابن عمر : فما وجدنا لها مناخا في المسجد حتى نزل على أيدي الرجال ، ثم خرج بها حتى أنيخت في الوادي ، ثم خطب الناس على رجليه فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ، ثم قال : أيها الناس ، إن الله قد وضع عنكم عبية الجاهلية وتعظمها بآبائها ، الناس رجلان ، فبر تقي كريم على الله ، وكافر شقي هين على الله ، أيها الناس ، إن الله يقول : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم ، قال : ثم عدل إلى جانب المسجد فأتي بدلو من ماء زمزم فغسل منها وجهه ، ما تقع منه قطرة إلا في يد إنسان ، إن كانت قدر ما يحسوها حساها ، وإلا مسح بها ، والمشركون ينظرون ، فقالوا : ما رأينا ملكا قط أعظم من اليوم ، ولا قوما أحمق من اليوم ، ثم أمر بلالا فرقى على ظهر الكعبة ، فأذن بالصلاة ، وقام المسلمون فتجردوا في الأزر ، وأخذوا الدلاء وارتجزوا على زمزم يغسلون الكعبة ظهرها وبطنها ، فلم يدعوا أثرا من المشركين إلا محوه أو غسلوه .

                                                                                ( 22 ) حدثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا موسى بن عبيدة عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي ومحمد بن المنكدر قالا : وكان بها يومئذ ستون وثلاثمائة وثن على الصفا ، وعلى المروة صنم ، وما بينهما محفوف بالأوثان ، والكعبة قد أحيطت بالأوثان ؛ قال محمد بن المنكدر : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه قضيب يشير به إلى الأوثان ؛ فما هو إلا أن يشير إلى شيء منها فيتساقط حتى أتى أسافا ونائلة وهما قدام المقام مستقبل باب الكعبة ، فقال : عفروهما ، فألقاهما المسلمون ، قال : قولوا ، قالوا : ما نقول يا رسول الله ؟ قال : قولوا : صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده .

                                                                                ( 23 ) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا شيبان عن يحيى قال أخبرني أبو سلمة أن أبا هريرة أخبره أن خزاعة قتلوا رجلا من بني ليث عام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه ، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فركب راحلته فخطب فقال : إن الله حبس عن مكة [ ص: 538 ] الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، ألا وإنها أحلت لي ساعة من النهار ، ألا وإنها ساعتي هذه حرام ، لا يختلى شوكها ولا يعضد شجرها ، ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد ، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين : إما أن يقتل وإما أن يفادي أهل القتيل ، قال : فجاء رجل يقال له : أبو شاه فقال : اكتب لي يا رسول الله ، قال : اكتبوا لأبي شاه ، فقال رجل من قريش : إلا الإذخر يا رسول الله ، فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا الإذخر .

                                                                                ( 24 ) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا مسعر عن عمرو بن مرة عن الزهري قال : قال رجل من بني الدؤل بن بكر : لوددت أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت منه ، فقال لرجل : انطلق معي ، فقال : إني أخاف أن تقتلني خزاعة ، فلم يزل به حتى انطلق ، فلقيه رجل من خزاعة فعرفه فضرب بطنه بالسيف ، قال : قد أخبرتك أنهم سيقتلونني ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الله هو حرم مكة ليس الناس حرموها ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار وهي بعد حرم ، وإن أعدى الناس على الله ثلاث : من قتل فيها ، أو قتل غير قاتل أو طلب بذحول الجاهلية ، فلأدين هذا الرجل ، قال عمرو بن مرة : فحدثت بهذا الحديث سعيد بن المسيب عن سعيد فقلت أعدى الله ، فقال : أعدى .

                                                                                ( 25 ) حدثنا يحيى بن آدم عن ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح لما جاءه العباس بن عبد المطلب بأبي سفيان فأسلم بمر الظهران ، فقال له العباس : يا رسول الله ، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر ، فلو جعلت له شيئا ؟ قال ، نعم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن .

                                                                                ( 26 ) حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه حرم يعني مكة حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض ، ووضع هذين الأخشبين ، لا تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ، ولم تحل لي إلا ساعة من النهار ، لا يعضد شوكها ، ولا ينفر صيدها ، ولا يختلى خلاها ، ولا يرفع لقطتها إلا منشد ، فقال العباس : يا رسول الله ، إن أهل مكة لا صبر لهم عن الإذخر لقينهم ولبنيانهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا الإذخر .

                                                                                ( 27 ) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال : لما فتحت مكة [ ص: 539 ] صعد بلال البيت فأذن فقال صفوان بن أمية للحارث بن هشام : ألا ترى إلى هذا العبد ، فقال الحارث : إن يكرهه الله يغيره .

                                                                                التالي السابق


                                                                                الخدمات العلمية