الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                19 - وتستحب التحية لداخله .

                20 - فإن كان ممن يتكرر دخوله كفته ركعتان كل يوم

                التالي السابق


                ( 19 ) قوله : ويستحب التحية لداخله . يعني قبل قعوده وهو الصحيح لما في الصحيحين عن أبي قتادة الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : { إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين وإذا جلس قبل صلاتها تسقط ; لأنها لتعظيم المسجد وحرمته } . وأخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر قال : { دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جالس فقال : يا أبا ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما فقمت فركعتهما . } وهذا الحديث يقتضي عدم سقوطها بالجلوس وهو مخالف لما مر من الصحيح لكنه قول في المسألة . قال في الظهيرية ثم اختلفوا في صلاة التحية أن يجلس ثم يقوم ويصلي أو يصلي قبل أن يجلس قال بعضهم : يجلس ثم يقوم وعامة المشايخ قالوا يصلي كلما يدخل المسجد وهو الصحيح ( انتهى ) . وقولهم تحية المسجد أي : تحية ربه ; لأن المقصود بها التقرب إلى الله تعالى لا إلى المسجد وهو سنة إجماعا وإنما أطلق المصنف عليها الاستحباب لاشتمال السنة على الاستحباب وأصحابنا يكرهونها في الأوقات المكروهة تقديما لعموم الحاضر على المبيح .

                وفي الكفاية : إذا خرج الإمام إلى المنبر تكره صلاة التطوع فإن شرع فيها قطع على رأس الركعتين ولو صلى ركعة ضم أخرى وسلم . وفي الظهيرية : المصلي إذا دخل المسجد يوم الجمعة لا يصلي تحية المسجد إذا كانوا يقرءون القرآن ; لأن استماع القرآن فرض وتحية المسجد سنة ، والإتيان بالفرض أولى ( انتهى ) . وفي القنية . ولا يجوز بعد طلوع الفجر . وفي مناقب الإمام أنه كان يصلي ركعتين تحية المسجد بعد طلوع الفجر ، وقال محمد هذا أحسن وليس بواجب ودخول المسجد بنية الفرض أو الاقتداء ينوب عن تحية المسجد وإنما يؤمر بتحية المسجد إذا دخله لغير الصلاة .

                ( 20 ) قوله : فإن كان ممن يتكرر دخوله كفته ركعتان كل يوم . أقول علله بعضهم بالحرج وفيه بحث ; لأن ما سلف عن الصحيحين يقتضي التكرار سيما ومزيد [ ص: 58 ] القرب يحصل بما يوجب التقرب اللهم لا أن يختص عدم التكرار بشيء من الآثار . وفي السراج الوهاج : فإن قيل هل تسن تحية المسجد كلما دخله أم لا ؟ قيل فيه خلاف قال بعضهم : نعم ; لأنه معتبر بتحية الإنسان فإنه يحيه كلما لقيه ، وقال بعضهم مرة واحدة وهذا إذا كان نائيا ، أما إذا كان جار المسجد لا يصليها كما لا يحسن لأهل مكة طواف القدوم ( انتهى ) . ووقع السؤال عن مسجدين متلاصقين دخل أحدهما وصلى فيه ثم دخل الآخر فهل يطلب له تحيته أو لا ; لأنهما في حكم مسجد واحد والذي يظهر أنه يطلب له ; لأنه مسجد آخر حقيقة .




                الخدمات العلمية