الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وعلى هذا يبنى وقت وجوب العدة أنها تجب من وقت وجود سبب الوجوب من الطلاق ، والوفاة ، وغير ذلك حتى لو بلغ المرأة طلاق زوجها أو موته فعليها العدة من يوم طلق أو مات عند عامة العلماء ، وعامة الصحابة رضي الله عنهم ، وحكي عن علي رضي الله عنه أنه قال : من يوم يأتيها الخبر وجه البناء على هذا الأصل أن الفعل لما كان ركنا عنده فإيجاب الفعل على من لا علم له به ولا سبب إلى الوصول إلى العلم به ممتنع ، فلا يمكن إيجابه إلا من وقت بلوغ الخبر ; ; لأنه وقت حصول العلم به ولما كان الركن هو الأجل عندنا ، وهو مضي الزمان لا يقف وجوبه على العلم به كمضي سائر الأزمنة ثم قد بينا أنه لا يقف على فعلها أصلا ، وهو الكف فإنها لو علمت فلم [ ص: 191 ] تكف ولم تجتنب ما تجتنبه المعتدة حتى انقضت المدة انقضت عدتها .

                                                                                                                                وإذا لم يقف على فعلها فلأن لا يقف على علمها به أولى ، وما روي عن علي رضي الله عنه محمول على أنها لم تعلم وقت الموت فأمرها بالأخذ باليقين ، وبه نقول وقد روي عنه رضي الله عنه في العدة أنها من يوم الطلاق مثل قول العامة ، فأما إن يحمل على الرجوع أو على ما قلنا .

                                                                                                                                وأما بيان أنواع العدد فالعدد في الشرع أنواع ثلاثة : عدة الأقراء ، وعدة الأشهر ، وعدة الحبل أما عدة الأقراء فلوجوبها أسباب منها : الفرقة في النكاح الصحيح سواء كانت بطلاق أو بغير طلاق ، وإنما تجب هذه العدة لاستبراء الرحم ، وتعرف براءتها عن الشغل بالولد ; لأنها لو لم تجب ، ويحتمل أنها حملت من الزوج الأول فتتزوج بزوج آخر ، وهي حامل من الأول فيطأها الثاني فيصير ساقيا ماءه زرع غيره وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم { من كان يؤمن بالله ، واليوم الآخر ، فلا يسقين ماءه زرع غيره } ، وكذا إذا جاءت بولد يشتبه النسب ، فلا يحصل المقصود ، ويضيع الولد أيضا لعدم المربي ، والنكاح سببه فكان تسببا إلى هلاك الولد ، وهذا لا يجوز فوجبت العدة ليعلم بها فراغ الرحم ، وشغلها ; ، فلا يؤدي إلى هذه العواقب الوخيمة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية