الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                فأما إذا وجده بعد الفراغ من الصلاة فإن كان بعد خروج الوقت فليس عليه إعادة ما صلى بالتيمم بلا خلاف وإن كان في [ ص: 60 ] الوقت فكذلك عند عامة العلماء .

                                                                                                                                وقال مالك : يعيد وجه قوله : أن الوقت أقيم مقام الأداء شرعا كما في المستحاضة فكان الوجود في الوقت كالوجود في أثناء الأداء حقيقة ; ولأن التيمم بدل فإذا قدر على الأصل بطل البدل كالشيخ الفاني إذا فدى أو أحج ، ثم قدر على الصوم والحج بنفسه ، .

                                                                                                                                ( ولنا ) أن الله تعالى علق جواز التيمم بعدم الماء ، فإذا صلى حالة العدم فقد أدى الصلاة بطهارة معتبرة شرعا فيحكم بصحتها فلا معنى لوجوب الإعادة .

                                                                                                                                وروي أن { رجلين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تيمما من جنابة وصليا وأدركا الماء في الوقت ، فأعاد أحدهما الصلاة ولم يعد الآخر ، فقال صلى الله عليه وسلم للذي أعاد : أما أنت فقد أوتيت أجرك مرتين وقال للآخر : أما أنت فقد أجزأتك صلاتك عنك } .

                                                                                                                                أي كفتك جزى وأجزأ مهموزا بمعنى الكفاية ، وهذا ينفي وجوب الإعادة وما ذكر من اعتبار الوجود بعد الفراغ من الصلاة بالوجود في الصلاة غير سديد لأنه مخالف للحقيقة من غير ضرورة ، ألا ترى أن الحدث الحقيقي بعد الفراغ من الصلاة لا يجعل كالموجود في خلال الصلاة كذا هذا .

                                                                                                                                وأما قوله : إنه قدر على الأصل فنعم ، لكن بعد حصول المقصود بالبدل ، والقدرة على الأصل بعد حصول المقصود بالبدل لا تبطل حكم البدل ، كالمعتدة بالأشهر إذا حاضت بعد انقضاء العدة بالأشهر ، بخلاف الشيخ الفاني إذا أحج رجلا بماله وفدى عن صومه ، ثم قدر بنفسه ; لأن جواز الإحجاج والفدية معلق باليأس عن الحج بنفسه والصوم بنفسه ، فإذا قدر بنفسه ظهر أنه لا يأس ، فأما جواز التيمم فمعلق بالعجز عن استعمال الماء والعجز كان متحققا عند الصلاة ، وبوجود الماء بعد ذلك لا يظهر أنه لا عجز فهو الفرق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية