الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) الذي يرجع إلى من عليه التضحية فالأفضل أن يذبح بنفسه إن قدر عليه لأنه قربة فمباشرتها بنفسه أفضل من توليتها غيره كسائر القربات ، والدليل عليه ما روي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ساق مائة بدنة فنحر منها نيفا وستين بيده الشريفة عليه الصلاة والسلام ثم أعطى المدية سيدنا عليا رضي الله عنه فنحر الباقين } وهذا إذا كان الرجل يحسن الذبح ويقدر عليه ، فأما إذا لم يحسن فتوليته غيره فيه أولى ، وقد روي عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه قال : نحرت بدنة قائمة معقولة فلم أشق عليها فكدت أهلك ناسا لأنها نفرت فاعتقدت أن لا أنحرها إلا باركة معقولة وأولي من هو أقدر على ذلك مني .

                                                                                                                                وفي حديث أنس رضي الله عنه { أن النبي عليه الصلاة والسلام ضحى بكبشين أملحين أقرنين قال أنس : فرأيت النبي عليه الصلاة والسلام واضعا قدمه على صفاحهما أي على جوانب عنقهما وهو يذبحهما بيده عليه الصلاة والسلام مستقبل القبلة فذبح الأول فقال بسم الله والله أكبر اللهم هذا عن محمد وعن آل محمد ثم ذبح الآخر وقال عليه الصلاة والسلام اللهم هذا عمن شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ } ويستحب أن يكون الذابح حال الذبح متوجها إلى القبلة لما روينا وإذا لم يذبح بنفسه يستحب له أن يأمر مسلما فإن أمر كتابيا يكره لما قلنا ويستحب أن يحضر الذبح لما روي عن سيدنا علي رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لسيدتنا فاطمة رضي الله عنها { يا فاطمة بنت محمد قومي فاشهدي ضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها مغفرة لكل ذنب أما إنه يجاء بدمها ولحمها فيوضع في ميزانك وسبعون ضعفا فقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يا نبي الله هذا لآل محمد خاصة فإنهم أصل لما خصوا به من الخير أم لآل محمد وللمسلمين عامة فقال : هذا لآل محمد خاصة وللمسلمين عامة } .

                                                                                                                                وفي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملتيه وقولي إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له } وأن يدعو فيقول : اللهم منك ولك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين لما روينا ، وأن يقول ذلك قبل التسمية أو بعدها لما روي عن جابر رضي الله عنه قال : { ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين فقال حين وجههما : وجهت وجهي للذي فطر [ ص: 80 ] السموات والأرض حنيفا مسلما اللهم منك ولك عن محمد وأمته بسم الله والله أكبر } .

                                                                                                                                وروي عن الحسن بن المعتم الكناني قال : خرجت مع سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الأضحى إلى عيد فلما صلى قال يا قنبر أدن مني أحد الكبشين فأخذ بيده فأضجعه ثم قال : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين بسم الله اللهم منك ولك بسم الله والله أكبر اللهم تقبل من علي فذبحه ثم دعا بالثاني ففعل به مثل ذلك ويستحب أن يجرد التسمية عن الدعاء فلا يخلط معها دعاء وإنما يدعو قبل التسمية أو بعدها ، ويكره حالة التسمية .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية