الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وإذا أوجب على نفسه الهدي فهو بالخيار بين الأشياء الثلاثة : إن شاء أهدي شاة ، وإن شاء بقرة ، وإن شاء إبلا وأفضلها أعظمها ; لأن اسم الهدي يقع على كل واحد منهم ، ولو أوجب على نفسه بدنة فهو بالخيار بين شيئين : الإبل والبقر ، والإبل أفضل ; لأن اسم البدانة يقع على كل واحد منهما ; ولو أوجب جزورا فعليه الإبل خاصة ; لأن اسم الجزور يقع عليه خاصة ، ولا يجوز فيهما إلا ما يجوز في الأضاحي وهو الثني من الإبل والبقر ، والجذع من [ ص: 86 ] الضأن إذا كان ضخما ، ولا يجوز ذبح الهدي الذي أوجب إلا في الحرم لقوله تعالى : { ثم محلها إلى البيت العتيق } ولم يرد به نفس البيت بل البقعة التي هو فيها ، وهي الحرم ; لأن الدم لا يراق في البيت ، والمراد من قوله تعالى : { وليطوفوا بالبيت العتيق } نفس البيت ; لأنه هناك ذكر الطواف بالبيت وههنا أضافه إلى البيت ، لذلك افترقا ; ولأن الهدي اسم لما يهدى إلى مكان الهدايا ، ومكان الهدايا هو الحرم ولا يحل له الانتفاع بها ولا بشيء منها إلا في حال الضرورة ، فإن اضطر إلى ركوبها ركبها ، ويضمن ما نقص ركوبه عليها ، وهذه من مسائل المناسك .

                                                                                                                                ولو أوجب على نفسه أن يهدي مالا بعينه ، فإن كان مما لا يحتمل الذبح يلزمه أن يتصدق به ، أو بقيمته على فقراء مكة ، وإن كان مما يذبح ذبحه في الحرم وتصدق بلحمه على فقراء مكة ، ولو تصدق به على فقراء الكوفة جاز كذا ذكر في الأصل .

                                                                                                                                ولو أوجب بدنة فذبحها في الحرم وتصدق على الفقراء جاز بالإجماع ، ولو ذبح في غير الحرم وتصدق باللحم على الفقراء جاز عن نذره في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ، وعند أبي يوسف رحمه الله لا يجوز ولو أوجب جزورا فله أن ينحره في الحل والحرم ، ويتصدق بلحمه وهذه من مسائل الحج .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية