الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ومنها ) انكشاف العورة في خلال الصلاة [ ص: 239 ] إذا كان كثيرا ; لأن استتارها من شرائط الجواز فكان انكشافها في الصلاة مفسدا إلا أنه سقط اعتبار هذا الشرط في القليل عندنا خلافا للشافعي للضرورة كما في قليل النجاسة ; لعدم إمكان التحرز عنه على ما بيناه فيما تقدم وكذلك الحرة إذا سقط قناعها في خلال الصلاة فرفعته وغطت رأسها بعمل قليل قبل أن تؤدي ركنا من أركان الصلاة أو قبل أن تمكث ذلك القدر لا تفسد صلاتها ; لأن المرأة قد تبتلى بذلك فلا يمكنها التحرز عنه ، فأما إذا بقيت كذلك حتى أدت ركنا أو مكثت ذلك القدر أو غطت من ساعتها لكن بعمل كثير فسدت صلاتها لانعدام الضرورة ، وكذلك الأمة إذا أعتقت في خلال صلاتها وهي مكشوفة الرأس فأخذت قناعها فهو على ما ذكرنا في الحرة وكذلك المدبرة والمكاتبة وأم الولد ; لأن رءوس هؤلاء ليست بعورة على ما يعرف في كتاب الاستحسان فإذا أعتقن أخذن القناع للحال ; لأن خطاب الستر توجه للحال إلا إن تبين أن عليها الستر من الابتداء ; لأن رأسها إنما صار عورة بالتحرير وهو مقصور على الحال فكذا صيرورة الرأس عورة بخلاف العاري إذا وجد كسوة في خلال الصلاة حيث تفسد صلاته ; لأن عورته ما صارت عورة للحال بل كانت عند الشروع في الصلاة إلا أن الستر كان قد سقط لعذر العدم فإذا زال تبين أن الوجوب كان ثابتا من ذلك الوقت وعلى هذا إذا كان الرجل يصلي في إزار واحد فسقط عنه في خلال الصلاة وهذا كله مذهب علمائنا الثلاثة وهو جواب الاستحسان والقياس أن تفسد صلاته في جميع ذلك وهو قول زفر والشافعي ; لأن ستر العورة فرض بالنص والاستتار يفوت بالانكشاف وإن قل إلا أنا استحسنا الجواز وجعلنا ما لا يمكن التحرز عنه عفوا دفعا للحرج ، وكذلك إذا حضرته الصلاة وهو عريان لا يجد ثوبا جازت صلاته لمكان الضرورة .

                                                                                                                                ولو كان معه ثوب نجس فقد ذكرنا تفصيل الجواب فيه أنه إن كان ربع منه طاهرا لا يجوز له أن يصلي عريانا ولكن يجب عليه أن يصلي في ذلك الثوب بلا خلاف وإن كان كله نجسا فقد ذكرنا الاختلاف فيه بين أبي حنيفة وأبي يوسف وبين محمد في كيفية الصلاة فيما تقدم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية