الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الأوقات التي يكره فيها التطوع لمعنى في غير الوقت فمنها : ما بعد طلوع الفجر إلى صلاة الفجر ، وما بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، وما بعد صلاة العصر إلى مغيب الشمس ، فلا خلاف في أن قضاء الفرائض والواجبات في هذه الأوقات جائز من غير كراهة ، ولا خلاف في أن أداء التطوع المبتدإ مكروه فيها .

                                                                                                                                وأما التطوع الذي له سبب كركعتي الطواف ، وركعتي تحية المسجد فمكروه عندنا وعند الشافعي لا يكره ، واحتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : إذا دخل أحدكم المسجد فليحيه بركعتين من غير فصل } وروي عن عائشة { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر } وعن عمر رضي الله عنه { أنه صلى الصبح فسمع صوت حدث ممن خلفه فقال : عزمت على من أحدث أن يتوضأ ويعيد صلاته فلم يقم فقال جرير بن عبد الله البجلي : يا أمير المؤمنين أرأيت لو توضأنا جميعا وأعدنا الصلاة فاستحسن ذلك عمر رضي الله عنه وقال له : كنت سيدا في الجاهلية فقيها في الإسلام فقاموا وأعادوا الوضوء والصلاة } ، ولا شك أن تلك الصلاة ممن لم يحدث كانت نافلة والدليل عليه أنه لا يكره الفرائض في هذه الأوقات كذا النوافل .

                                                                                                                                ( ولنا ) ما روي عن ابن عباس أنه قال : شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تشرق الشمس ، ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس } فهو على العموم إلا ما خص بدليل ، وكذا روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك .

                                                                                                                                وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طاف بعد طلوع الفجر سبعة أشواط ولم يصل حتى خرج إلى ذي طوى وصلى ثمة بعد ما طلعت الشمس ، وقال ركعتان مكان ركعتين ولو كان أداء ركعتي الطواف بعد طلوع الشمس جائزا من غير كراهة لما أخر ; لأن أداء الصلاة بمكة أفضل خصوصا ركعتا الطواف .

                                                                                                                                وأما حديث عائشة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا بذلك دل عليه ما روي أنه قيل لأبي سعيد الخدري إن عائشة تروي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر فقال : إنه فعل ما أمر ون حن نفعل ما أمرنا أشار إلى أنه مخصوصا بذلك ولا شركة في موضع الخصوص ألا ترى إلى ما روي عن أم سلمة { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد العصر فسألته عن ذلك فقال : شغلني وفد عن ركعتي الظهر فقضيتهما فقالت ونحن نفعل كذلك فقال لا } أشار إلى الخصوصية ، لأنه كتبت عليه [ ص: 297 ] السنن الراتبة ، ومذهبنا مذهب عمر ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وعائشة ، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم ، وما روي عن عمر فغريب لا يقبل على أن عمر إنما فعل ذلك لإخراج المحدث عن عهدة الفرض ، ولا بأس بمباشرة المكر لمثله ، والاعتبار بالفرائض غير سديد ; لأن الكراهة في هذه الأوقات ليست لمعنى في الوقت بل لمعنى في غيره ، وهو إخراج ما بقي من الوقت عن كونه تبعا لفرض الوقت لشغله بعبادة مقصودة ، ومعنى الاستتباع لا يمكن تحقيقه في حق الفرض فبطل الاعتبار .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية