ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=161nindex.php?page=treesubj&link=28974_29468_30531_30364_30365ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ) وفيه وجهان :
الأول : وهو قول أكثر المفسرين إجراء هذه الآية على ظاهرها ، قالوا : وهي نظير قوله في مانع الزكاة (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=35يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ) [التوبة : 35] ويدل عليه قوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012211لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة لها ثغاء فينادي يامحمد ، يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : يمثل له ذلك الشيء في قعر جهنم ، ثم يقال له : انزل إليه فخذه فينزل إليه ، فإذا انتهى إليه حمله على ظهره فلا يقبل منه .
قال المحققون : والفائدة فيه أنه إذا
[ ص: 60 ] جاء يوم القيامة وعلى رقبته ذلك الغلول ازدادت فضيحته .
الوجه الثاني : أن يقال : ليس المقصود منه ظاهره ، بل المقصود تشديد الوعيد على سبيل التمثيل والتصوير ، ونظيره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله ) [لقمان : 16] فإنه ليس المقصود نفس هذا الظاهر : بل المقصود إثبات أن الله تعالى لا يعزب عن علمه وعن حفظه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، فكذا هاهنا المقصود تشديد الوعيد ، ثم القائلون بهذا القول ذكروا وجهين :
الأول : قال
أبو مسلم : المراد أن الله تعالى يحفظ عليه هذا الغلول ويعزره عليه يوم القيامة ويجازيه ؛ لأنه لا يخفى عليه خافية .
الثاني : قال
أبو القاسم الكعبي : المراد أنه يشتهر بذلك مثل اشتهار من يحمل ذلك الشيء ، واعلم أن هذا التأويل يحتمل إلا أن الأصل المعتبر في علم القرآن أنه يجب إجراء اللفظ على الحقيقة ، إلا إذا قام دليل يمنع منه ، وهاهنا لا مانع من هذا الظاهر ، فوجب إثباته .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=161nindex.php?page=treesubj&link=28974_29468_30531_30364_30365وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وَفِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ إِجْرَاءُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا ، قَالُوا : وَهِيَ نَظِيرُ قَوْلِهِ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=35يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ) [التَّوْبَةِ : 35] وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012211لَا أُلْفَيَنَّ أَحَدُكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ فَيُنَادِي يَامُحَمَّدُ ، يَا مُحَمَّدُ فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ " وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : يُمَثَّلُ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : انْزِلْ إِلَيْهِ فَخُذْهُ فَيَنْزِلُ إِلَيْهِ ، فَإِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ حَمَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ .
قَالَ الْمُحَقِّقُونَ : وَالْفَائِدَةُ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا
[ ص: 60 ] جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى رَقَبَتِهِ ذَلِكَ الْغُلُولُ ازْدَادَتْ فَضِيحَتُهُ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنْ يُقَالَ : لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ظَاهِرَهُ ، بَلِ الْمَقْصُودُ تَشْدِيدُ الْوَعِيدِ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَالتَّصْوِيرِ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ) [لُقْمَانَ : 16] فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ نَفْسَ هَذَا الظَّاهِرِ : بَلِ الْمَقْصُودُ إِثْبَاتُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ وَعَنْ حِفْظِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ، فَكَذَا هَاهُنَا الْمَقْصُودُ تَشْدِيدُ الْوَعِيدِ ، ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ ذَكَرُوا وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : الْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَحْفَظُ عَلَيْهِ هَذَا الْغُلُولَ وَيُعَزِّرُهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُجَازِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ .
الثَّانِي : قَالَ
أَبُو الْقَاسِمِ الْكَعْبِيُّ : الْمُرَادُ أَنَّهُ يَشْتَهِرُ بِذَلِكَ مِثْلَ اشْتِهَارِ مَنْ يَحْمِلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ يُحْتَمَلُ إِلَّا أَنَّ الْأَصْلَ الْمُعْتَبَرَ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ يَجِبُ إِجْرَاءُ اللَّفْظِ عَلَى الْحَقِيقَةِ ، إِلَّا إِذَا قَامَ دَلِيلٌ يَمْنَعُ مِنْهُ ، وَهَاهُنَا لَا مَانِعَ مِنْ هَذَا الظَّاهِرِ ، فَوَجَبَ إِثْبَاتُهُ .