الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف : رحمه الله تعالى ( ويحرم حمل المصحف ومسه لقوله تعالى : { لا يمسه إلا المطهرون } ويحرم اللبث في المسجد لقوله : صلى الله عليه وسلم { لا أحل المسجد لجنب ولا لحائض } فأما العبور فيه ، فإنها إذا استوثقت من نفسها بالشد واللجم جاز ; لأنه حدث يمنع اللبث فلا يمنع كالجنابة ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) يحرم على الحائض والنفساء مس المصحف وحمله واللبث في المسجد وكل هذا متفق عليه عندنا ، وتقدمت أدلته وفروعه الكثيرة مبسوطة في باب ما يوجب الغسل . والحديث المذكور رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما من رواية عائشة ، رضي الله عنها وإسناده غير قوي ، وسبق بيانه هناك ، [ ص: 389 ] وأما عبورها بغير لبث فقال الشافعي رضي الله عنه في المختصر : أكره ممر الحائض في المسجد ، قال أصحابنا : إن خافت تلويثه ; لعدم الاستيثاق بالشد أو لغلبة الدم حرم العبور بلا خلاف . وإن أمنت ذلك فوجهان الصحيح منهما : جوازه وهو قول ابن سريج وأبي إسحاق المروزي ، وبه قطع المصنف والبندنيجي وكثيرون . وصححه جمهور الباقين كالجنب وكمن على بدنه نجاسة لا يخاف تلويثه ، وانفرد إمام الحرمين فصحح تحريم العبور ، وإن أمنت لغلظ حدثها بخلاف الجنب ، والمذهب الأول .

                                      هذا حكم عبورها قبل انقطاع الحيض ، فإذا انقطع ولم تغتسل فالمذهب القطع بجواز عبورها في المسجد ، وطرد صاحب الحاوي وإمام الحرمين فيه الوجهين .

                                      والحائض الذمية كالمسلمة فتمنع من المكث في المسجد بلا خلاف ، بخلاف الكافر الجنب ، فإن في تمكينه من المكث فيه وجهين مشهورين . قال الشيخ أبو محمد الجويني في كتابه الفروق في مسائل شروط الصلاة : والفرق أن المنع لخوف التلويث ، والكافرة كالمسلمة في هذا . قال أصحابنا : والمستحاضة وسلس البول ومن به جرح سائل ونحوهم إن خافوا التلويث حرم العبور ، وقد سبق هذا في آخر باب ما يوجب الغسل والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية