الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 458 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن كانت ناسية للعادة غير مميزة لم يخل إما أن تكون ناسية للوقت والعدد أو ناسية للوقت ذاكرة للعدد ، أو ناسية للعدد ذاكرة للوقت - فإن كانت ناسية للوقت والعدد وهي المتحيرة ففيها قولان : أحدهما : أنها كالمبتدأة التي لا تمييز لها ، نص عليه في العدد ، فيكون حيضها من أول كل هلال يوما وليلة في أحد القولين أو ستا أو سبعا في الآخر ، فإن عرفت متى رأت الدم جعلنا ابتداء شهرها من ذلك الوقت وعددنا لها ثلاثين يوما حيضناها ; لأنه ليس بعض الأيام بأن يجعل حيض بأولى من بعض ، فسقط حكم الجميع وصارت كمن لا عادة لها ، [ ولا تمييز ] والثاني وهو : المشهور والمنصوص في الحيض أنه لا حيض لها ولا طهر بيقين ، فتصلي وتغتسل لكل صلاة لجواز أن يكون ذلك وقت انقطاع الحيض ولا يطؤها الزوج وتصوم مع الناس شهر رمضان ، فيصح لها أربعة عشر يوما لجواز أن يكون اليوم الخامس عشر [ من حيضها ] بعضه من أول يوم من الشهر وبعضه من السادس عشر فيفسد عليها بذلك يومان ثم تصوم شهرا آخر فيصح لها منه أربعة عشر يوما .

                                      فإن كان الشهر الذي صامه الناس ناقصا [ صح لها منه ثلاثة عشر يوما من الصوم لجواز أن يكون ابتداء الحيض من بعض اليوم الأول وانتهاؤه في بعض السادس عشر ، فيبطل عليها صوم ستة عشر يوما وتصح لها صوم ثلاثة عشر يوما ، فإن كان شهر قضائها كاملا بقي عليها قضاء يومين ، وإن كان ناقصا بقي قضاء ثلاثة أيام ، وإن كانا كاملين بقي قضاء يومين وإن كان شهر الأداء كاملا وشهر القضاء ناقصا بقي قضاء ثلاثة أيام ، وإن قضت في شوال صح لها صوم ثلاثة عشر يوما إن كمل واثنا عشر إن نقص ، وإن قضت في ذي الحجة فعشرة إن كمل وتسعة إن نقص ، فإن كان الشهر الذي صامه الناس ناقصا وجب ] عليها قضاء يوم فتصوم أربعة أيام من سبعة عشرة يوما ، يومين في أولها ويومين في آخرها ، وإن كان الشهر تاما وجب عليها قضاء يومين ، فتصوم ستة أيام من ثمانية عشر يوما ، ثلاثة في أولها وثلاثة في آخرها ، فيصح لها صوم الشهر ، وإن لزمها صوم ثلاثة أيام قضتها من تسعة عشر يوما ، أربعة من أولها وأربعة من آخرها ، وإن لزمها صوم أربعة أيام قضتها من عشرين يوما خمسة من أولها وخمسة من آخرها وكلما زاد في هذه المدة يوم زاد في الصوم يومان ، يوم في أوله ، ويوم في آخره ، وعلى هذا القياس يعمل في طوافها ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذه المسألة وما بعدها من مسائل الناسية ، وهو من عويص باب الحيض ، بل هي معظمة . وهي كثيرة الصور والفروع والقواعد [ ص: 459 ] والتمهيدات والمسائل المشكلات ، وقد غلط الأصحاب بعضهم بعضا في كثير منها واهتموا بها حتى صنف الدارمي فيها مجلدة ضخمة ليس فيها غير مسألة المتحيرة وتقريرها وتحقيق أصولها ، واستدراكات كثيرة استدركها هو على كثير من الأصحاب ، وسترى ما أنقل منها هنا من نفائس التحقيق إن شاء الله - تعالى - ، وقد كنت اختصرت مقاصد تلك المجلدة في نحو خمس كراريس ، وقد رأيت الآن الاقتصار على نبذ يسيرة من ذلك . وينبغي للناظر فيها أن يعتني بحفظ ضوابطها وأصولها فيسهل عليه بعده جميع ما يراه من صورها ، واتفق أصحابنا المتقدمون والمتأخرون على أن ناسية الوقت والعدد تسمى متحيرة .

                                      قال الدارمي والقاضي حسين وغيرهما : وتسمى أيضا محيرة بكسر الياء ; لأنها تحير الفقيه في أمرها ، ولا يطلق اسم المتحيرة إلا على من نسيت عادتها قدرا ووقتا ولا تمييز لها ، وأما من نسيت عددا لا وقتا وعكسها فلا يسميها الأصحاب متحيرة وسماها الغزالي متحيرة ، والأول هو المعروف . ثم إن النسيان قد يحصل بغفلة أو إهمال أو علة متطاولة لمرض ونحوه أو لجنون وغير ذلك ، وإنما تكون الناسية متحيرة إذا لم تكن مميزة ، فإن كانت مميزة فقد سبق قريبا - أن المذهب أنها ترد إلى التمييز . واعلم أن حكم المتحيرة لا يختص بالناسية ، بل المبتدأة إذا لم تعرف وقت ابتداء دمها كانت متحيرة ، وجرى عليها أحكامها ، ، وقد ذكرنا هذا في فصل المبتدأة والله أعلم .

                                      أما حكم المتحيرة ففيها ثلاثة طرق : أصحها وأشهرها والذي قطع الجمهور به أن فيها قولين : أصحهما عند الأصحاب : أنها تؤمر بالاحتياط كما سنبينه إن شاء الله - تعالى - ، والثاني : أنها كالمبتدأة وهو نصه في باب العدد . والطريق الثاني : القطع بأنها كالمبتدأة ، وبه قطع القاضي أبو حامد في جامعه . والثالث : تؤمر بالاحتياط قطعا وهو اختيار الدارمي وصاحب الحاوي وغيرهما ، وتأول هؤلاء نصه في باب العدد على أنه أراد الناسية لقدر حيضها إذا ذكرت وقته ، [ ص: 460 ] وقيل : أراد أنها كالمبتدأة في حكم العدة أي : يحصل لها من كل شهر قرء ، فإن قلنا : إنها كالمبتدأة فطريقان : أشهرهما أنه على قولين : ( أحدهما ) : ترد إلى يوم وليلة .

                                      ( والثاني ) : ست أو سبع كما في المبتدأة وبهذا الطريق قطع المصنف والقفال والقاضيان أبو الطيب وحسين والفوراني وأبو علي السنجي في شرح التلخيص وإمام الحرمين وصاحب الأمالي والغزالي والمتولي والبغوي وصاحب العدة والشاشي وخلائق .

                                      ( والطريق الثاني ) : ترد إلى يوم وليلة قولا واحدا ، وبه قطع الشيخ أبو حامد والمحاملي وسليم الرازي وابن الصباغ والجرجاني في التحرير والشيخ نصر والصحيح طريقة المصنف وموافقيه في طرد القولين ، وبها قال الجمهور .

                                      وأما قول صاحب البيان في مشكلات المهذب : إن أكثر الأصحاب قالوا : ترد إلى يوم وليلة قولا واحدا فغير مقبول والمشاهد خلافه ، كما ذكرناه ورأيناه قال أصحابنا : وإذا رددناها إلى مرد المبتدأة ، إما يوم وليلة ، وإما ست أو سبع ، فابتداء دورها من أول كل هلال حتى لو أفاقت مجنونة متحيرة في أثناء الشهر الهلالي حكم بطهرها باقي الشهر وابتداء حيضها من أول الشهر المستقبل . هكذا قاله الجمهور وهو ظاهر نص الشافعي في كتاب العدد في مختصر المزني ، فإنه قال : ولو ابتدأت مستحاضة أو نسيت أيام حيضها تركت الصلاة يوما وليلة استقبلنا بها الحيض من أول هلال يأتي عليها ، فإذا هل هلال الرابع انقضت عدتها . واختلف أصحابنا في علة تخصيصه بأول الهلال مع أنه حكم لا يقتضيه طبع ولا عادة ، فقال جماعة منهم : الغالب أن أول الحيض يبتدئ مع أول الهلال .

                                      قال المتولي : لأن أول الهلال تهيج الدماء وأنكر المحققون هذا ، وقالوا هذه مكابرة للحس ، واحتج له إمام الحرمين بأن المواقيت الشرعية هي بالأهلة وهذا قريب ، وقال الغزالي : لأن الهلال مبادى أحكام الشرع ، وهذا غير مقبول وهو شبيه الأول في أنه إنكار للحس فإن الزكاة والعدد والديات والجزى والكفارات وغيرها إنما تبتدئ من حين الشروع سواء وافق الهلال أو خالفه ، قال إمام الحرمين : وهذا القول وهو رد المتحيرة إلى [ ص: 461 ] مرد المبتدأة من أول الهلال قول ضعيف مزيف لا أصل له .

                                      هذا قول الجمهور تفريعا على هذا القول الضعيف . وحكى المحاملي وابن الصباغ وآخرون عن ابن سريج وجها أنه يقال لها : متى كان يبتدئ دمك ؟ فإن ذكرت وقتا فهو أوله وإلا قيل : متى تذكرين أنك كنت طاهرا ؟ فإن قالت : يوم العيد أو عرفات أو نحوها فحيضها عقبه . وقال القفال إذا أفاقت مجنونة متحيرة فابتداء دورها من الإفاقة ; لأنه وقت التكليف . وأنكر عليه الأصحاب وغلطوه بأنها قد تفيق في أثناء الحيض . ثم على قول القفال : دورها ثلاثون يوما كسائر المستحاضات ، فلها في أول كل ثلاثين حيض ، وهو يوم وليلة أو ست أو سبع ولا يعتبر الهلال ، كذا حكاه عنه المتولي وآخرون . وقال جمهور أصحابنا في الطريقتين : شهرها بالهلال فلها في كل هلال حيض ، قال الرافعي : متى أطلقنا الشهر في المستحاضات أردنا به ثلاثين يوما ، سواء كان من أول الهلال أم لا ، ولا نعني به الشهر الهلالي إلا في هذا الموضع على هذا القول ، قال أصحابنا : فإذا رددناها إلى يوم وليلة أو ست أو سبع فذلك القدر حيض ، فإذا مضى اغتسلت وصامت وصلت إلى آخر الشهر وما تأتي به من الصلاة لا قضاء فيه وما تأتي به من الصوم لا تقضي ما زاد منه على خمسة عشر ، وفيما بين المرد إلى الخمسة عشر القولان السابقان في المبتدأة ويباح الوطء للزوج بعد المرد . هذا تفريع قول الرد إلى مرد المبتدأة وهو ضعيف باتفاق الأصحاب كما سبق ولا تفريع عليه ولا عمل ، وإنما التفريع والعمل على المذهب وهو الأمر بالاحتياط ، قال أصحابنا : وإنما أمرت بالاحتياط ; لأنه اختلط حيضها بغيره وتعذر التمييز بصفة أو عادة أو مرد كمرد المبتدأة ، ولا يمكن جعلها طاهرا أبدا في كل شيء ، ولا حائضا أبدا في كل شيء ، فتعين الاحتياط ، ومن الاحتياط تحريم وطئها أبدا ، ووجوب العبادات كالصوم والصلاة والطواف والغسل لكل فريضة وغير ذلك مما سنوضحه إن شاء الله - تعالى - .

                                      قال إمام الحرمين : وهذا الذي نأمرها به من الاحتياط ليس هو للتشديد والتغليظ فإنها منسوبة إلى ما يقتضي التغليظ ، وإنما نأمرها به للضرورة ، فإنا لو جعلناها حائضا أبدا أسقطنا الصوم والصلاة وبقيت دهرها لا تصلي ولا تصوم ، وهذا لا قائل به من الأمة . وإن بعضنا الأيام - ونحن لا نعرف أول الحيض وآخره - لم يكن [ ص: 462 ] إليه سبيل قال : وينضم إلى هذا أن الاستحاضة نادرة ، والمتحيرة أشد ندورا ، وقد ينقرض دهور ولا توجد متحيرة ، هذا كلام الإمام ، وقد أطلق الأصحاب أنها مأمورة بالاحتياط وهو كلام صحيح ، سواء كان حقيقة كما هو ظاهر كلامهم أم مجازا كما أشار إليه إمام الحرمين ، قال أصحابنا : هي مأمورة بالاحتياط في معظم الأحكام ونحن نفصلها إن شاء الله - تعالى - في فصول متنوعة ، ليسهل الوقوف على المقصود من أحكامها لكثرة انتشارها .



                                      فصل في وطء المتحيرة قال أصحابنا : يحرم على زوجها وسيدها وطؤها في كل حال وكل وقت لاحتمال الحيض في كل وقت والتفريع على قول الاحتياط ، وحكى صاحب الحاوي وغيره وجها أنه يحل له ; لأنه يستحق الاستمتاع ولا نحرمه بالشك ; ولأن في منعها دائما مشقة عظيمة والمذهب التحريم ، وبه قطع الأصحاب في الطرق كلها ونقل المتولي وغيره اتفاقهم عليه ، فعلى هذا لو وطئ عصى ولزمه غسل الجنابة ولا يلزمه التصدق بدينار على القول القديم ; لأنا لم نتيقن الوطء في الحيض ، وفي حل الاستمتاع بما بين السرة والركبة ، الخلاف السابق في الحيض ذكره جماعات منهم الدارمي والرافعي .



                                      فصل : في قراءتها القرآن ودخولها المسجد ومس المصحف وحمله وتطوعها بصوم وصلاة وطواف . أما مس المصحف وحمله فحرام عليها وأما دخول المسجد فحكمها فيه حكم الحائض فيحرم عليها المكث فيه ويحرم العبور إن خافت تلويثه . وإن أمنت فوجهان : أصحهما الجواز . هذا في غير المسجد الحرام ، وكذا دخولها المسجد الحرام لغير الطواف ، وأما دخولها للطواف فيجوز للطواف المفروض ، وفي المسنون وجهان سنوضحهما قريبا إن شاء الله - تعالى - .

                                      وأما قراءة القرآن فحرام في غير الصلاة إلا على القول الضعيف الذي [ ص: 463 ] حكاه الخراسانيون عن القديم أنها حلال للحائض ، هكذا قاله الأصحاب ، واختار الدارمي في كتاب المتحيرة والشاشي جواز القراءة لها . والمشهور التحريم ، وأما في الصلاة فتقرأ الفاتحة وفيما زاد عليها وجهان : قال الرافعي : أصحهما الجواز . وأما تطوعها بالصوم والصلاة والطواف ففيه أوجه : ( أحدها ) : أنه يحرم جميع ذلك فإن فعلته لم يصح ; لأن حكمها حكم الحائض وإنما جوز لها الفرض للضرورة ولا ضرورة هنا .

                                      ( والثاني ) : وهو الأصح عند الدارمي والشاشي والرافعي وغيرهم من المحققين : يجوز ذلك كما يجوز ذلك للمتيمم مع أنه محدث ; ولأن النوافل من مهمات الدين وفي منعها تضييق عليها ; ولأن النوافل مبنية على التخفيف ، وبهذا قطع إمام الحرمين ونقله عن الأصحاب .

                                      ( والوجه الثالث ) : تجويز السنن الراتبة وطواف القدوم دون النفل المطلق . حكاه صاحب الحاوي ; لأنها تابعة للفرض ، فهي كجزء منه والله أعلم .



                                      فصل في عدتها قال أصحابنا : لا تؤمر في العدة بالأحوط والقعود إلى تبين اليأس ، بل إذا طلقت أو فسخ نكاحها اعتدت بثلاثة أشهر ، أولها من حين الفرقة ، فإذا مضت ثلاثة أشهر ولم يكن حمل انقضت عدتها وحلت للأزواج ; لأن الغالب أن المرأة تحيض وتطهر في كل شهر فحمل أمرها على ذلك . قال أصحابنا : ولأنا لو أمرناها بالقعود إلى اليأس عظمت المشقة وطال الضرر لاحتمال نادر مخالف للظن وغالب عادة النساء بخلاف إلزامها وظائف العبادات فإن الأمر فيه سهل بالنسبة إلى هذا ; ولأن غيرها يشاركها فيه . وحكى إمام الحرمين هنا والغزالي في العدد وغيرهما عن صاحب التقريب ; أنه حكى وجها أنه يلزمها القعود إلى اليأس ثم تعتد بثلاثة أشهر ; لأنه الأحوط قال الإمام : وهذا الوجه بعيد في المذهب والذي عليه جماهير الأصحاب الاكتفاء بثلاثة أشهر وهذا هو الصحيح ، وبه قطع الأصحاب في معظم الطرق ، وحكى الدارمي عن كثير من الأصحاب أنها تعتد بثلاثة أشهر ، كما حكيناه عن الجمهور ، قال : حتى رأيت للمحمودي من أصحابنا في كتاب [ ص: 464 ] الحيض أنها إذا طلقها زوجها لم يراجعها بعد مضي اثنين وثلاثين يوما وساعتين ولا تتزوج إلا بعد ثلاثة أشهر احتياطا لأمرين ثم أنكر الدارمي على الأصحاب قولهم تعتد بثلاثة أشهر وغلطهم في ذلك وبالغ في إبطال قولهم ، وإيضاح الصواب عنده ، وذكر فيه نحو كراسة مشتملة على نفائس وأنا أشير إلى مقصوده مختصرا .

                                      قال الدارمي : ينبغي أن نبين عدة غيرها ، لنبني عليها عدتها ، فعدة المطلقة الحائل ثلاثة أقراء ، كل قرء طهر إلا الأول فقد يكون بعد طهر ، وطلاقها في الحيض بدعة وفي الطهر سنة إلا أن يكون جامعها فيه فبدعة أخف من الحيض ، وهل يحسب قرءا فيه وجهان : فإن طلقها في طهر لم يجامعها فيه حسبت بقيته قرءا وأتت بطهرين بعده فإذا رأت الدم بعد ذلك خرجت من العدة وقيل : يشترط مضي يوم وليلة ، وقيل : إن لم يكن لها عادة مستقيمة اشترط وإلا فلا . وإن طلقها في طهر جامعها فيه فإن حسبناه قرءا فكما لو لم يجامع فيه وإلا وجب ثلاثة أطهار بعده ، وإن طلقها في حيض وجب ثلاثة أطهار ، وهل يقع الطلاق مع آخر اللفظ أم عقبه ؟ فيه وجهان : وهل تشرع في العدة مع وقت الحكم بالطلاق أم عقيبه ؟ فيه وجهان وللناس خلاف في تجزئ القرء ، هل هو إلى غاية أم إلى غير غاية ؟ وقد قال كثير من أصحابنا : أقل زمان يمكن انقضاء العدة فيه اثنان وثلاثون يوما ولحظتان بأن يطلقها ، وقد بقي شيء من الطهر ، فتعتد به قرءا ثم تحيض يوما وليلة ، ثم تطهر خمسة عشر ، ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر خمسة عشر ، وهو القرء الثالث ثم ترى الدم لحظة ؟ وينبغي أن تبني العدة على ما سبق فإذا طلقها وكان جزء من آخر لفظه أو شيء منه على قول من لا يقول بالجزء في أول الحيض وقع الطلاق في الحيض بلا خلاف ، وتعتد بالأطهار بعده ، وإن طابق الطلاق آخر الطهر ، اعتدت به قرءا على قول من أوقع الطلاق على آخر لفظه وحسب من العدة ولا يحسب على المذهب الآخر .

                                      ولو بقي بعد طلاقه شيء من آخر الطهر فعلى مذهب من لا يقول بالجزء تعتد به قرءا ; لأنه ينقسم قسمين فيقع الطلاق في الأول منهما وتعتد بالثاني [ ص: 465 ] وهو أغلظ إذا قلنا بالطلاق عقيب لفظه . وبالعدة عقيب الطلاق ، وإن قلنا غير ذلك فأولى ، وعلى مذهب من يقول بالجزء إن كان الثاني جزءا واحدا فإن قلنا : الطلاق عقيب لفظه والعدة مطابقة للطلاق أو قلنا : الطلاق بآخر لفظه والعدة بعده ، حسب قرءا ; لأن ذاك الجزء وقع فيه الطلاق وطابقته العدة ، أو صادفته العدة وتقدمه الطلاق في آخر لفظه وإن قلنا : الطلاق بآخر لفظه ، والعدة تطابقه فأولى بذلك ، وإن قلنا الطلاق عقب لفظه والعدة عقيبه لم يحسب قرءا ; لأن الطلاق يقع في هذا الجزء ولا يبقى بعده شيء من الطهر للعدة . وإن كان بقي جزء اعتدت به قرءا على جميع هذه المذاهب ، فقد تكون العدة على بعض هذه المذاهب اثنين وثلاثين يوما وجزءا ، وهو أقل ما يمكن ، وذلك أن يطلقها فيطابق آخر طلاقه آخر الطهر ، وقلنا : وقع الطلاق بآخر اللفظ وطابقه أول العدة فأقل العدة إذن نوبتان وزيادة ، وأكثرها ثلاث نوب ويوم وليلة وجزء وذلك إن يطلقها ، وقد بقي جزء من الطهر على قول من قال به ، ولا يحسب قرءا عند من أوقع الطلاق عقيب لفظه وجعل أول العدة عقيب الطلاق ، ثم تمضي نوبة حيض وطهر فيكون قرءا ثم ثانية يكون ثانيا ثم ثالثه قرءا ثالثا ، ثم يمضي يوم وليلة على قول من شرط ذلك .

                                      وإن طلقها في طهر جامعها فيه فأطول العدة على أغلظ المذاهب ثلاث نوب ويوم وليلة وطهر إلا جزءا ، وذلك بأن يكون جامعها عاصيا في آخر الحيض ، وطلقها فاتفق آخر لفظه في أول جزء من الطهر وطابقه فنقول : الطلاق بآخر لفظه وهو أول جزء من الطهر وفيه جماع وقلنا : لا تعتد به وذلك طهر إلا جزءا ، ثم تمضي نوبة فتعتد بالطهر قرءا ثم نوبة ثانية ، ثم ثالثة ثم يوم وليلة فهذا أكثر ما يمكن أن يكون عدة على أشد مذاهبنا ولا يخفى بما ذكرناه تفريع ما في المذاهب وإنما قصدنا بيان أقصى الغايتين في الأقل والأكثر على أقصى المذاهب . فإذا تقرر هذا رجعنا إلى المتحيرة فنقول : حكم علتها متعلق بالنوبة وهذه المتحيرة لا تعلم شيئا من أمرها إلا أنه مضى لها حيض وطهر ، ويدخل في شكها أنها هل هي مبتدأة ؟ أم ذات عادة ؟ وأنها إن كانت معتادة فلا تعرف [ ص: 466 ] عادتها وحكم هذه حكم الأولى للاحتياط ; لأنها أشد تحيرا . ثم النوبة مأخوذة من الزمان الذي مضى بين ابتداء الدم إلى رؤية الدم المتصل ، وقد تعلم قدر نوبتها ، وإن جهلت قدر الحيض والطهر منها بأن شكت في قدرها عملنا على أكثر ما يبلغ شكها إليه ، فإن ذكرت حدا فقالت : أشك في نوبتي إلا أني أقطع بأنها لا تجاوز شهرين أو سنة جعلنا ذلك نوبتها ، فإن أطلقت الشك من غير حد فأضعف أحوالها أن تكون نوبتها من بلوغها تسع سنين ، إلى رؤية الدم المتصل فيكون جميع ذلك نوبة .

                                      فإن شكت في قدر ذلك جعلته أكثر ما يبلغ شكها وتحتاج أيضا إلى معرفة الزمن الذي بين أول الدم المتصل والطلاق ، وهذان الوقتان قد تعلمهما ، وقد تجهلهما ، وقد تعلم أحدهما وتجهل الآخر ، فإن شكت هل هي مبتدأة ؟ أم معتادة ؟ قابلت بين الزمان الذي اعتبرنا به نوبتها وبين ثلاثين يوما التي هي نوبة المبتدأة ، فإن كان ذلك الزمان أكثر جعلته نوبتها على أنها معتادة ، وإن كانت الثلاثون أكثر جعلتها نوبتها على أنها مبتدأة ، وإن كان الزمان ثلاثين يوما استوى الأمران . ومن هذا يظهر إغفال من قال : عدتها ثلاثة أشهر ; لأنه يجوز أن يعلم أن عدتها أقل من ذلك أو لا يعلم قدر النوبة ، إلا أن الزمان الذي من رؤيتها دم الابتداء إلى دم الاتصال دون ثلاثين ، وعلمت أنها معتادة ، فإذا علم أثر النوبة عملنا على أنه مضى من الزمان بين رؤية الدم المتصل والطلاق ما هو أغلظ في تطويل العدة على أغلظ المذاهب ، وذلك أن يكون آخر طلاقه قبل آخر الطهر بجزء على قول من قال به ، فيقع الطلاق في ذلك الجزء على مذهب من قال : يقع عقيب لفظه ، ولا وقت للقرء من الطهر بعده على مذهب من قال : أول العدة عقب وقوع الطلاق ، فيحتاج إلى ثلاثة أقراء ، يخرج من ثلاث نوب ، وهي ثلاثة أمثال الزمان الأول الذي اعتبرناه في استخراج النوبة ، ثم يوم وليلة بعد النوب على مذهب من قال : يحتاج إلى اليوم والليلة فحصل ثلاث نوب ويوم وليلة وجزء ، ولو أنه عصى بجماعها وطلقها ولم يعلم متى جامعها جعل جماعة كأنه وقع آخره في أول جزء من الطهر ، فلم يعتد بذلك الطهر على مذهب من قال ذلك ، فتعتد بعده بثلاث نوب ويوم وليلة ، ومعرفة الطهر أن تنظر الزمان الذي حكمت بأنه نوبتها فتسقط منه يوما وليلة للحيض ثم تعتد بالباقي منه إلا جزءا ولا تعتد بذلك قرءا ثم بثلاث نوب ، ثم يوم وليلة . [ ص: 467 ]

                                      وإنما بينا الحكم على أصعب المذاهب ليخرج عدتها أطول ما يمكن . ومن أحب أن يبني على قياس باقي وجوه أصحابنا فليفعل فقد تكون عدتها دون ثلاثة أشهر بأن يعلم بأنها معتادة والزمان المعتبر به نوبتها دون ثلاثين يوما ، وقد يزيد على ذلك إلى أن يبلغ إلى حد يعلم أن سنها لا تبلغه في العادة ، وأن سن الحيض لا يبلغه ، فإن بلغ الجزء الأول فهي وإن لم تعش إليه فستبلغ سن اليأس ، فيكون لها حكم اليائسة ، وإن انقطع دمها قبل سن اليأس فلها حكم غيرها من المعتدات التي انقطع دمهن في العدة ، فهذا حكمها إذا جهلت نوبتها فعلمت أقصى ما يمكن أن يكون نوبة وجهلت الزمان من الدم والطلاق فعملت على أغلظه ، فإن علمت النوبة عملت على قدرها ، وكذا إن علمت الزمان بين الدم والطلاق وإن لم تعلم لكن علمت أنه مماثل لنوبتها فالحكم على ما مضى ، وإن علمت أنه ينقص عن نوبتها اعتدت بقدر نقصانه قرءا ، ثم بيومين ثم بيوم وليلة ; لأن آخره طهر على هذا التنزيل ، وإن شكت في قدر النقصان جعلته أكثر الاحتمال ; لأنه يطول بها العدة . هذا آخر كلام الدارمي مختصرا وفيه جمل من النفائس . ومع هذا فالعمل على ما قاله الجمهور من الاعتداد بثلاثة أشهر ، إلا أن يعلم من عادتها ما يقتضي زيادة أو نقصانا والله أعلم .



                                      فصل : في طهارة المتحيرة قال أصحابنا : إن علمت وقت انقطاع الحيض بأن قالت : أعلم أن حيضتي كانت تنقطع مع غروب الشمس لزمها الغسل كل يوم عقب غروب الشمس ، وليس عليها في اليوم والليلة غسل سواه ، وتصلي بذلك الغسل المغرب وتتوضأ لما سواها من الصلوات ; لأن الانقطاع عند كل مغرب محتمل ولا يحتمل فيما سواها ، وإن لم يعلم وقت انقطاعه لزمها أن تغتسل لكل فريضة لاحتمال الانقطاع قبلها ، واعلم أن إطلاق كثيرين من الأصحاب بأن يلزمها الغسل لكل فريضة محمول على ما إذا لم يعلم وقت انقطاعه كما صرح به الأصحاب ، وقد صرح به المصنف في مواضع من الفصل بعد هذا .

                                      قال أصحابنا : ويشترط أن تغتسل في وقت الصلاة ; لأنها طهارة ضرورة كالتيمم . [ ص: 468 ] هذا هو الصحيح المشهور وحكى إمام الحرمين وغيره وجها أنها إذا ابتدأت غسلها قبل الوقت وفرغت منه مع أول الوقت جاز ; لأن الغرض ألا تفصل بين الغسل والصلاة .

                                      قال إمام الحرمين : وهذا الوجه غلط . ثم إذا اغتسلت هل تلزمها المبادرة بالصلاة عقب الغسل أم لها تأخيرها عن الغسل ؟ فيه طريقان حكاهما إمام الحرمين وغيره : ( أحدهما ) : أنه على الوجهين في المستحاضة إذا توضأت هل عليها المبادرة أم لها التأخير ؟ فإن قلنا : يلزمها المبادرة فأخرت بطل غسلها ووجب استئنافه ، ( والطريق الثاني ) : القطع بأنه لا تجب المبادرة . وقال الإمام والغزالي : وهو الأصح .

                                      قال الإمام وقول الأول أنها كالمستحاضة غلط ; لأن إيجاب المبادرة على المستحاضة على الأصح ليقل حدثها وهذا لا يتفق في الغسل ; لأن عين الدم ليست موجبة للغسل ، وإنما الموجب الانقطاع . ولا يتكرر الانقطاع بين الغسل والصلاة ، فإن قيل : إذا أخرت الصلاة احتمل انقطاع حيضها بين الغسل والصلاة . قلنا : هذا المعنى لا يختلف تقديره بقصر الزمان وطوله ; لأنه ممكن مع قصر الزمان وطوله ، وما لا حيلة في دفعه يقر على ما هو ، لكن إن أخرت الصلاة عن الغسل لزمها الوضوء قبل الصلاة إن قلنا : إنه يلزم المستحاضة ، هذا كلام الأصحاب وهو صريح في صحة الغسل في أول الوقت وأثنائه ، وقطع صاحب الحاوي بأنه يجب الغسل لكل فريضة في وقتها بحيث لا يمكنها بعد الغسل إلا فعل الصلاة لجواز انقطاعه في آخر وقتها ، ولا يكفيها الغسل والصلاة السابقان وهو غريب جدا ، فحصل أربعة أوجه في غسلها : الصحيح المشهور أنه يشترط وقوعه في وقت الصلاة متى كان ، والثاني : يشترط ذلك مع المبادرة إلى الصلاة ، والثالث : يكفي وقوع آخره مع أول الوقت ، والرابع : يشترط وقوعه قبل آخر الوقت بقدر الصلاة والله أعلم .



                                      فصل : في صلاتها المكتوبة قال الشافعي والأصحاب - رحمهم الله - : يلزمها أن تصلي الصلوات الخمس أبدا ، وهذا لا خلاف فيه ; لأن كل وقت يحتمل طهرها ، فمقتضى الاحتياط وجوب الصلاة ، ثم إن الشافعي والأصحاب في الطريقتين لم [ ص: 469 ] يشترطوا صلاتها في آخر الوقت ، بل أوجبوا الصلاة في الوقت متى شاءت كغيرها ، وصرح أكثرهم بهذا ، وهو مقتضى إطلاق الباقين . وقطع صاحب الحاوي بأن عليها الصلاة في آخر الوقت ، ونقله بعد هذا بأسطر عن الأصحاب ، وهو موافق لما سبق من قوله في الغسل ، وهو وإن كان له وجه فهو شاذ متروك لما فيه من الحرج ، ثم إذا صلت الخمس في أوقاتها هل يجب قضاؤها ؟ ظاهر نص الشافعي أنه لا يجب ; لأنه نص على وجوب قضاء الصوم ولم يذكر قضاء الصلاة ، وهو ظاهر كلام المصنف ، وقد صرح بأن لا قضاء الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ وجمهور العراقيين والغزالي في الوجيز ، ونقله الدارمي وصاحب الحاوي والشيخ نصر وآخرون عن جمهور أصحابنا ، ; لأنها إن كانت حائضا فلا صلاة عليها ، وإن كانت طاهرا فقد صلت . وقال الشيخ أبو زيد المروزي - رحمه الله - : يجب قضاء الصلوات لجواز انقطاع الحيض في أثناء الصلاة أو بعدها في الوقت ، ويحتمل انقطاعه قبل غروب الشمس فيلزمها الظهر والعصر ، وقبل طلوع الفجر فيلزمها المغرب والعشاء ، وإذا كنا نفرع على قول الاحتياط وجب مراعاته في كل شيء ، هذا قول أبي زيد .

                                      قال الرافعي : ويحكى أيضا عن ابن سريج قال : وهو ظاهر المذهب عند الجمهور وبه قطع المتولي والبغوي وغيرهما .

                                      ( قلت ) : وقطع به القاضي حسين أيضا ورجحه إمام الحرمين وجمهور الخراسانيين والدارمي وصاحب الحاوي والشيخ نصر المقدسي من العراقيين ، قالوا : لأنه مقتضى الاحتياط ، والشافعي كما لم يذكر القضاء لم ينفه ; ومقتضى مذهبه الوجوب ، وحجة الأولين ما ذكره إمام الحرمين أنا لا نلزم المتحيرة كل ممكن ; لأنه يؤدي إلى حرج شديد ، والشريعة تحط عن المكلف أمورا دون هذا الضرر ، والدليل على أنه لا يلزمها كل ممكن أن عدتها تنقضي بثلاثة أشهر ولا تقعد إلى اليأس . واختار صاحب الحاوي طريقة أخرى فقال : الصحيح عندي أنها تنزل تنزيلين هما أغلظ أحوالها . أحدهما : تقرير دوام الطهر إلى وقت الصلاة [ ص: 470 ] وإمكان أدائها ووجوب الحيض بعده ، فيلزمها الصلاة في أول الوقت بالوضوء دون الغسل . والتنزيل الثاني : دوام الحيض إلى دخول وقت الصلاة ثم وجود الطهر بعده فيجب الغسل في آخر الوقت دون الوضوء ، فحصل من التنزيلين أنه يلزمها أن تصلي الظهر في أول وقتها بالوضوء لاحتمال أن يكون آخر طهرها ثم تصليها في آخر وقتها بالغسل ; لاحتمال أن يكون أول طهرها ، فإذا دخل وقت العصر صلت العصر في أول وقتها بالوضوء . ثم صلتها بالغسل في آخر الوقت إذا بقي منه ما يسع ما يلزمها به لصلاة العصر ، ثم أعادت الظهر مرة ثالثة في آخر وقت العصر بالغسل لاحتمال ابتداء الطهر في آخر وقت العصر فيلزمها الظهر والعصر .

                                      فإن قدمت العصر الثانية على الظهر الثالثة كان الغسل لها وتوضأت للظهر . وإن قدمت الظهر على العصر كان الغسل لها وتوضأت للعصر . فإذا غربت الشمس صلت المغرب بغسل صلاة واحدة ; لأنه ليس لها إلا وقت واحد ، فإذا دخل وقت العشاء صلتها في أول الوقت بالوضوء ثم أعادتها في آخره وتعيد معها المغرب وتغتسل للأولى منهما وتتوضأ للأخرى فإذا طلع الفجر صلت الصبح في أول الوقت بوضوء ثم أعادتها في آخره بغسل فتصير مصلية للظهر ثلاث مرات ; مرة في أول الوقت بالوضوء ومرة ثانية في آخره بالغسل ، وثالثة في آخر وقت العصر بغسل لها وللعصر ، وتصير مصلية للعصر مرتين ، مرة في أول وقتها بوضوء وثانية في آخره بغسل ، وتصير مصلية للمغرب مرتين ، مرة في وقتها بالغسل ، ومرة في آخر وقت العشاء بالغسل لها ، وتصير مصلية للعشاء مرتين ، مرة بالوضوء في أول وقتها ومرة في آخره بالغسل ، وكذا الصبح فتبرأ بيقين . هذا كلام صاحب الحاوي ، وأما طريقة جمهور العراقيين فظاهرة لا تحتاج إلى تفريع ، بل تصلي أبدا ولا قضاء .

                                      وأما طريقة أبي زيد المروزي ومتابعيه فقال القاضي حسين والمتولي والبغوي وآخرون : تصلي على هذه الطريقة الصلوات الخمس مرتين بستة أغسال وأربع وضوءات ، فتصلي الظهر في وقتها بغسل ، ثم العصر كذلك ، ثم المغرب كذلك ثم تتوضأ بعد المغرب وتقضي الظهر ، ثم تتوضأ وتقضي العصر ، ثم تصلي العشاء في وقتها بغسل ثم الصبح في وقتها بغسل ثم تتوضأ وتقضي المغرب ثم تتوضأ وتقضي العشاء ثم تقضي الصبح بعد طلوع الشمس [ ص: 471 ] بغسل . هذا كلامهم ، وبسطه إمام الحرمين وأوضحه بأدلته وزاد فيه وأتقنه ثم لخص طريقته واختصرها الرافعي فقال : إذا قلنا : بهذه الطريقة تغتسل في أول وقت الصبح وتصليها ، ثم إذا طلعت الشمس اغتسلت مرة أخرى وصلتها لاحتمال أن الحيض صادف المرة الأولى وانقطع بعدها فلزمتها ، وبالمرتين تبرأ من الصبح قطعا ، ولا يشترط المبادرة بالمرة الثانية بعد طلوع الشمس ، بل متى صلتها قبل انقضاء خمسة عشر يوما من أول وقت الصبح أجزأها ; لأن الحيض إن انقطع في وقت الصبح لم يعد إلى الخمسة عشر . قال إمام الحرمين ولا يشترط تأخير جميع الصلاة الثانية عن الوقت ، بل لو وقع بعضها في آخر الوقت جاز بشرط أن يكون دون تكبيرة إذا قلنا : تجب الصلاة بإدراك تكبيرة أو دون ركعة ; لأنه إن انقطع قبل المرة الثانية أجزأها الثانية ، وإن انقطع في أثنائها فلا شيء عليها .

                                      قال الرافعي إنكارا على إمام الحرمين : ينبغي أن ينظر إلى أول زمن الغسل مع الجزء الواقع من الصلاة في الوقت لاحتمال الانقطاع في أثناء الغسل ، ومعلوم أنه لا يمكن أن يكون ذلك دون تكبيرة ، ويبعد أن يكون دون ركعة . هذا حكم الصبح ، وأما العصر والعشاء فتصليهما مرتين كذلك ، وأما الظهر فلا يكفي وقوعها في المرة الثانية في أول وقت العصر ، ولا يكفي أيضا وقوع المغرب في أول وقت العشاء ; لاحتمال الانقطاع في أواخر وقتهما ، فيجب أن تعيد الظهر في الوقت الذي تعيد العصر وهو بعد خروج وقت العصر ، وتعيد المغرب مع العشاء بعد خروج وقت العشاء . ثم إذا أعادت الظهر والعصر بعد المغرب نظر إن قدمتهما على أداء المغرب وجب غسل للظهر ووضوء للعصر وغسل للمغرب ، وإنما كفاها غسل للظهر والعصر ; لأنه إن انقطع حيضها قبل المغرب فقد اغتسلت له ، وإن انقطع بعد المغرب فليس عليها ظهر ولا عصر ، وإنما وجب غسل المغرب لاحتمال الانقطاع في خلال الظهر والعصر وعقبها ، وكذا الحكم إذا قضت المغرب والعشاء بعد طلوع الفجر قبل أداء الصبح ، وحينئذ تكون مصلية الصلوات الخمس مرتين بوضوءين وثمانية أغسال .

                                      وإن أخرت الظهر والعصر عن أداء المغرب اغتسلت للمغرب وكفاها ذلك [ ص: 472 ] للظهر والعصر ; لأنه إن انقطع قبل الغروب فهي طاهر ، وإلا فلا ظهر ولا عصر عليها ويجب وضوء للظهر ووضوء للعصر كسائر المستحاضات ، وكذا القول في المغرب والعشاء إذا أخرتهما عن أداء الصبح ، وحينئذ تكون مصلية الصلوات الخمس بأربعة وضوءات وستة أغسال ، وعلى الطريق الأول يكون قد أخرت المغرب والصبح عن أول وقتهما لتقديمها القضاء عليهما فتبرأ عما سواهما ، وأما هما فقال إمام الحرمين : إذا أخرت الصلاة الأولى عن أول الوقت حتى مضى ما يمنع الغسل وتلك الصلاة لم يكف فعلها مرة أخرى في آخر الوقت أو بعده على التصوير السابق لاحتمال أنها طاهر في أول الوقت ثم يطرأ الحيض فيلزمها الصلاة وتكون الصلاتان واقعتين في الحيض ، بل يحتاج إلى فعلهما مرتين أخريين بغسلين ويشترط كون إحداهما بعد انقضاء وقت الرفاهية والضرورة وقبل تمام خمسة عشر يوما من افتتاح الصلاة في المرة الأولى ، وأن تكون الثانية في أول السادس عشر من آخر الصلاة في المرة الأولى ، وحينئذ تبرأ بيقين .

                                      ومع هذا كله لو اقتصرت على أداء الصلوات في أوائل أوقاتها ، ولم تقض شيئا حتى مضت خمسة عشر يوما أو مضى شهر لم يجب عليها لكل خمسة عشر يوما إلا قضاء صلوات يوم وليلة فقط ; لأن القضاء لاحتمال الانقطاع ولا يتصور الانقطاع في خمسة عشر إلا مرة واحدة ، ويجوز أن يجزيه قضاء صلاتي جمع وهما ظهر وعصر أو مغرب وعشاء فإذا شككنا وجب قضاء صلوات يوم وليلة كمن نسي صلاتين من خمس . ولو كانت تصلي في أوساط الأوقات لزمها أن تقضي للخمسة عشر صلوات يومين وليلتين ، لاحتمال أن يطرأ الحيض في وسط صلاة فتبطل وينقطع في وسط أخرى فتجب ، ويحتمل أن يكونا مثلين . ومن فاته صلاتان متماثلتان لا يعرفهما لزمه صلوات يومين وليلتين بخلاف ما لو صلت في أول الأوقات فإنه لو فرض ابتداء الحيض في أثناء الصلاة لم يجب ; لأنها لم تدرك من الوقت ما يسعها ، هذا آخر كلام الرافعي المختصر من كلام إمام الحرمين قال إمام الحرمين فإن قيل : هذا الذي ذكرتموه الآن مخالف ما سبق من قولكم يجب قضاء كل صلاة ، [ ص: 473 ] فإنكم الآن صرتم إلى أنه لا يجب في الخمسة عشر إلا قضاءه خمس صلوات . فالجواب أن هذا الذي ذكرناه من الاكتفاء بقضاء خمس صلوات في الخمسة عشر أمر أغفله الأصحاب وهو مقطوع به والذي ذكرناه أولا هو فيما إذا أرادت أن تبرأ في كل يوم عما عليها ، وكانت تؤثر المبادرة وتخاف الموت في آخر كل ليلة فأما إذا أخرت القضاء فلا شك أنه لا يجب في الخمسة عشر إلا قضاء صلوات يوم وليلة ، فإن نسبنا ناسب إلى مخالفة الأصحاب سفهنا عقله ، فإن القول في هذه المقاضاة يتعلق بمسالك الاحتمالات ، ، وقد مهد الأئمة القواعد كالتراجم ، ووكلوا استقصاءها إلى أصحاب الفطن والقرائح ، ونحن نسلم لمن يبغي مزيدا أن يبدي شيئا وراء ما ذكرنا مفيدا على شرط أن يكون مفيدا ، وبالجملة النظر الذي يخفف في أمر المتحيرة بالغ الموقع مستفاد ، هذا آخر كلام إمام الحرمين ، وقد صرح البغوي وآخرون بما ذكره إمام الحرمين ، من أنها إذا لم تزد على الصلوات في أول أوقاتها لا يجب في الشهر إلا قضاء صلوات يومين ، هذا بيان صلوات الوقت فأما إذا أرادت صلاة مقضية أو منذورة ففيها كلام نذكره بعد صيامها إن شاء الله .



                                      فصل : في صيام المتحيرة اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يلزمها أن تصوم جميع شهر رمضان ; لاحتمال الطهر في كل يوم فإذا صامته وكان تاما اختلفوا فيما يحسب لها منه فنقل إمام الحرمين وجماعات أن الشافعي - رحمه الله - نص أنه يحسب لها منه خمسة عشر يوما ، وبهذا قطع جمهور أصحابنا المتقدمين ، ممن قطع به أبو علي الطبري في الإفصاح والشيخ أبو حامد والمحاملي وأبو علي السنجي في شرح التلخيص وآخرون من المصنفين ; ونقله صاحب الحاوي عن أصحابنا كلهم ونقله الدارمي عن جمهور أصحابنا قال : ولم أر فيه خلافا إلا ما سنذكره عن أبي زيد ، ونقله الشيخ أبو محمد الجويني في كتابه المحيط عن عامة مشايخهم ثم قال : وأجمع الأصحاب عليه وقطع به من [ ص: 474 ] المتأخرين الغزالي في كتابه الخلاصة والجرجاني في كتابيه التحرير والبلغة . وقال الشيخ أبو زيد المروزي إمام أصحابنا الخراسانيين : لا يحسب لها منه إلا أربعة عشر يوما لاحتمال ابتداء الدم في بعض اليوم الأول ، وانقطاعه في بعض السادس عشر فيفسد الستة عشر ويبقى أربعة عشر . وأطبق المتأخرون من الخراسانيين على متابعة أبي زيد ووافقه من العراقيين الدارمي وصاحب الحاوي والقاضي أبو الطيب والمصنف وصاحب الشامل وآخرون من المتأخرين . أشار إمام الحرمين وغيره إلى أن في المسألة طريقين ، أحدهما : إثبات خلاف في أنه يحصل أربعة عشر أو خمسة عشر ، والثاني ، القطع بأربعة عشر ، وتأولوا النص على أنها حفظت أن دمها كان ينقطع في الليل ، واحتج القائلون بخمسة عشر بأن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يوما فيبقى خمسة عشر هكذا أطلقوه .

                                      قال الشيخ أبو محمد : هذا الذي قاله أبو زيد يحتمل ، لكن الذي أجمع عليه أصحابنا خمسة عشر وسلوك سبيل التخفيف عنها في بعض الأحوال ، هذا الذي ذكرته من الاختلاف هو المشهور في طريق المذهب . واختار إمام الحرمين طريقة أخرى ; فحكى نص الشافعي وقول أبي زيد واختلاف الأصحاب ثم قال : والذي يجب استدراكه في هذا أنا إذا قلنا : ترد المبتدأة إلى سبعة أيام ويحكم لها بالطهر ثلاثة وعشرين يوما فيتجه أن يقال : حيض المتحيرة سبعة أيام في كل ثلاثين يوما فإنه لا فرق بينها وبين المبتدأة إلا شيء واحد وهو أنا نعلم ابتداء دور المبتدأة دون المتحيرة فأما تنزيلها على غالب الحيض قياسا على المبتدأة فمتجه لا ينقدح غيره فليقدر لها سبعة أيام في شهر رمضان ثم قد تفسد بالسبعة ثمانية ، فيحصل لها اثنان وعشرون يوما قال : فإن قيل : هذا عود إلى القول الضعيف أن المتحيرة ترد إلى مرد المبتدأة قلنا : هي مقطوعة عنها في ابتداء الدور ، فأما ردها إلى الغالب فيما يتعلق بالعدد الذي انتهى التفريع إليه فلا يتجه غيره ، وأقصى ما يتخيله الفارق أن المتحيرة كان لها عادات فلا نأمن إذا ردت إلى الغالب أن تخالف تلك العادات ، والمبتدأة لم يسبق لها عادة فهذا الفرق ضعيف ; لأن المبتدأة [ ص: 475 ] ربما كانت تحيض عشرة لو لم تستحض ، هذا آخر كلام إمام الحرمين فحصل في المسألة ثلاثة أوجه ، أو ثلاثة مذاهب لأصحابنا . وحكى القاضي أبو الطيب عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة - رحمهم الله - : أنه يبطل عليها من رمضان صوم عشرة أيام ، وهي أكثر الحيض عنده ; وهذا موافق لنص الشافعي ومتقدمي أصحابنا - رحمهم الله - أنه يبطل خمسة عشر وتحصل خمسة عشر والله أعلم .

                                      هذا كله إذا كان شهر رمضان تاما ، أما إذا صامته وكان ناقصا ، وقلنا بطريقة المصنف والمتأخرين : إن الكل يحصل منه أربعة عشر ، فقد قطع الأصحاب في الطريقتين بأنها لا يحسب لها منه إلا ثلاثة عشر يوما ; لأنه يفسد ستة عشر ، لما ذكرناه من احتمال الطرو من نصف النهار ، وانقطاعه في نصف السادس عشر فيبقى ثلاثة عشر ، هكذا صرح به الدارمي وصاحب الحاوي ، والشيخ نصر والمتولي والبغوي والرافعي وآخرون من الطريقتين ، ولم أر فيه خلافا لأحد من أصحابنا .

                                      وأما قول المصنف : فتصوم رمضان وشهرا آخر ، فإن كان الشهر الذي صامه الناس ناقصا وجب عليها قضاء يوم . فقد حمله صاحب البيان على أن معناه أنها صامت مع الناس رمضان الناقص فحصل لها منه أربعة عشر وصامت شهرا كاملا فحصل منه أربعة عشر أيضا فبقي يوم قال : ; لأن الشهر الهلالي لا يخلو من طهر صحيح متفرقا أو متتابعا ، فإذا كان الشهر ناقصا فلا بد فيه من طهر كامل ويدخل النقص على أكثر الحيض قال : ومن اعترض على صاحب المهذب في هذا فليس قوله بصحيح ; لأن الله - تعالى - أجرى العادة أن الشهر لا يخلو من طهر صحيح . هذا كلام صاحب البيان فيه وفي مشكلات المهذب وليس هو بصحيح ; بل مجرد دعوى لا يوافقه عليها أحد ; بل صرح الأصحاب بمخالفتها كما سبق ، بل الصواب حمل كلام المصنف على ما إذا لم تصم مع الناس رمضان بل صامت شهرين كاملين غير رمضان الذي صامه الناس ناقصا فبقي عليها يوم وهذا الذي حملناه عليه يتعين المصير إليه ; لأنه موافق للأصحاب وللقاعدة مع سلامته من دعوى لا تقبل وكلام المصنف يدل عليه ، فإنه قال " فإن كان الشهر الذي صامه الناس " ولم يقل الذي صامته .

                                      ، وقد أنكر الرافعي وغيره [ ص: 476 ] على المصنف وغلطوه وأبطلوا تأويل صاحب البيان ولا يصح الإنكار على المصنف ، بل كلامه محمول على هذا الذي قلنا من أنها إذا لم تصم رمضان الناقص وصامت شهرين كاملين غيره ، يبقى عليها يوم ، هذا تفريع على المذهب وهو أن من أفطر رمضان الناقص كفاه تسعة وعشرون يوما ، ولنا وجه أنه يلزمه ثلاثون يوما ، حكاه الدارمي هنا وحكاه غيره ، وسيأتي إيضاحه في كتاب الصيام إن شاء الله - تعالى - .



                                      ( فرع ) في صيام المتحيرة يوما عن قضاء أو نذر أو كفارة أو فدية في الحج أو تطوع أو غيره ، فإذا أرادت تحصيل صوم يوم ، فهي مخيرة إن شاءت صامت أربعة أيام من سبعة عشر : يومين من أولها ويومين من آخرها ، وهذا الطريق هو الذي ذكره المصنف وصاحب الحاوي وآخرون ، ، وقد يكون لها في هذا غرض بأن تريد ألا يتخلل فطر بين الصوم في واحد من الطرفين ; لأنه إن بدأ الحيض في اليوم الأول سلم السابع عشر ، وإن بدأ في الثاني سلم الأول . وإن كان الثاني آخر حيضة سلم السادس عشر ، وإن شاءت صامت ثلاثة أيام من سبعة عشر فتصوم الأول والثالث والسابع عشر فيحصل يوم على كل تقدير ، ; لأنه إن بدأ الحيض في أثناء الأول حصل السابع عشر ، وإن بدأ في الثاني حصل الأول ، وإن كان الأول آخر حيضة حصل الثالث ، وإن كان الثالث آخر حيضة حصل السابع عشر ، وهذا الذي ذكرناه من صوم الأول والثالث والسابع عشر ، تمثيل وليس بشرط .

                                      وإنما ضابط براءتها بثلاثة أن تصوم يوما متى شاءت وتفطر الذي يليه ، ثم تصوم يوما آخر : إما الثالث وإما الخامس عشر وإما ما بينهما وتفطر السادس عشر وتصوم السابع عشر ، فهذا أقصر مدة يمكن فيها قضاء اليوم ، ولها أن تؤخر الصوم الثالث عن السابع عشر إلى آخر التاسع والعشرين لكن شرطه أنه يكون المتروك بعد الخمسة عشر مثل ما بين صومها الأول والثاني وأقل ، فلو صامت الأول والثالث والثامن عشر لم يجزئها ; لأن المتروك بعد الخمسة عشر يومان ، وليس بين الصومين الأولين إلا يوم ، وإنما امتنع ذلك لاحتمال انقطاع الحيض في الثالث وابتداء حيض آخر في الثامن . ولو صامت الأول والرابع والثامن عشر جاز لحصول الشرط ولو صامت في هذه الصورة السابع عشر بدل الثامن عشر جاز ; لأن المتروك أقل . ولو صامت الأول [ ص: 477 ] والخامس عشر فقد خللت بين الصومين ثلاثة عشر فلها أن تصوم الثالث في التاسع والعشرين أو السابع عشر أو ما بينهما ولا يجوز أن تصوم السادس عشر ; لأن الشرط أن تترك شيئا بعد الخمسة عشر ، فإنها لو صامته احتمل انقطاع الحيض في نصف اليوم الأول وابتداؤه في نصف السادس عشر فينقطع في التاسع والعشرين فتفسد الثلاثة ، أما إذا صامت الثلاثة من ثلاثين يوما فصامت الأول والأخير مع يوم بينهما فلا يجزيها ; لأنها إن صامت مع الطرفين الخامس عشر احتمل انقطاع الحيض في نصف الخامس عشر فيفسد هو والأول ، ويفسد الأخير لطرءان الحيض في نصفه . وإن صامت مع الطرفين السادس عشر احتمل انقطاع الحيض في النصف الأول وينقطع في نصف السادس عشر وتبتدئ في النصف الأخير فيفسد الجميع . وإن صامت مع الطرفين السابع عشر احتمل الانقطاع في نصف الثاني والابتداء في نصف السابع عشر فيفسد الجميع وهكذا القول في تنزيل باقي الصور ، أما إذا صامت الثلاثة من أحد وثلاثين يوما أو اثنين وثلاثين أو أكثر فصامت الطرفين ويوما بينهما فلا يجزيها أيضا وتنزيله ظاهر .

                                      قال الدارمي بعد أن ذكر نحو ما ذكرته : فبان أن أقل ما يصح منه صوم يوم ثلاثة أيام ، وأن أقل ما يصح منه صوم الثلاثة سبعة عشر وأكثره تسعة وعشرون . هذا الذي ذكرناه في طريق صوم اليوم هو الصحيح المشهور في كتب متأخري الأصحاب من الطريقتين ، ونقل جماعة أن الشافعي نص أنه يكفيها صوم يومين بينهما أربعة عشر وقال إمام الحرمين : نص الشافعي أنها تصوم يومين بينهما خمسة عشر ، قال الإمام : وأجمع أئمتنا أنه حسب صوم الأول من الخمسة عشر ، فإنها لو صامت يوما وأفطرت خمسة عشر ثم صامت يوما احتمل كون اليومين طرآ في حيضتين ، وإذا أفطرت بينهما أربعة عشر فيحصل أحدهما .

                                      قال الإمام : وهذا المنقول عن الشافعي لا يتجه إلا مع انطباق الحيض على أول اليوم وآخره ابتداء وانقطاعا وحاصل ما ذكره الإمام موافقة غيره في نقل النص أنها تصوم يومين بينهما أربعة عشر ، وبهذا قطع الشيخ أبو حامد والمحاملي وجماعات من كبار المتقدمين ، ونقله صاحب الحاوي عن أصحابنا ثم أفسده ، وكذا نقله الدارمي وأفسده ، وكذا أفسده من حكاه من المتأخرين ، وهذا الإفساد بنوه على طريقتهم أن صوم رمضان [ ص: 478 ] خمسة عشر فليس هو بفاسد ، بل يكفيه يومان بينهما أربعة عشر ولا تبالي باحتمال الطرآن نصف النهار . هذا كله تفريع على المذهب المنصوص الذي قطع به الأصحاب أنها قول الاحتياط تبني أمرها على تقدير أكثر الحيض ، أما على اختيار إمام الحرمين الذي قدمناه عنه أنها ترد إلى سبعة فقال الإمام : يكفيها صوم يومين بينهما سبعة أيام قال : ولكن - وإن كان هذا ظاهرا منقاسا - فنحن نتبع الأئمة ونفرعه على تقدير أكثر الحيض ، فهذا الذي ذكرته في هذا الفرع وما قبله مختصر واضح جامع يسهل به معرفة ما سأذكره إن شاء - تعالى - ويتضح به جمل من قواعد صومها وبالله التوفيق .

                                      ( فرع ) في صيامها يومين واتفق جماهير من المتقدمين والمتأخرين في الطريقتين على أنها إذا أرادت صوم يومين فأكثر ضعفت الذي عليها وضمت إليه يومين ، وقسمت الجميع نصفين فصامت نصفه في أول الشهر ونصفه في أول النصف الآخر ونعني بالشهر ثلاثين يوما متى شاءت ابتدأت ولم أر لأحد من الأصحاب خلاف هذا إلا لصاحب الحاوي والدارمي فأنا أذكر إن شاء الله - تعالى - طريقة الجمهور لوضوحها وشهرتها وخفة الكلام فيها ثم طريقة صاحب الحاوي ثم الدارمي ، وأختصر كل ذلك مع الإيضاح الذي يفهمه كل أحد إن شاء الله - تعالى - .

                                      قال الجمهور : إذا أرادت صوم يومين ضعفتهما وضمت إليهما يومين فتكون ستة أيام تصوم منها ثلاثة متى شاءت ثم تفطر تمام خمسة عشر ثم تصوم السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر فيحصل يومان قطعا ; لأنه إن بدأ الحيض في نصف اليوم الأول حصل السابع عشر والثامن عشر ، وإن بدأ في نصف الثاني حصل الأول والثامن عشر ، وإن بدأ في نصف الثالث حصل الأولان ، وإن كان الأول آخر حيضة حصل الثاني والثالث ، وإن كان الثاني آخر حيضة حصل الثالث والسادس عشر ، وإن أرادت صوم ثلاثة أيام ضعفتها وضمت إليها يومين فتكون ثمانية فتصوم أربعة وتفطر تمام خمسة عشر ثم تصوم أربعة ، وإذا أرادت صوم أربعة صامت الخمسة الأولى والخمسة الرابعة ، وإن أرادت صوم [ ص: 479 ] خمسة صامت ستة أولا ثم ستة أولها السادس عشر . وإن أرادت صوم ستة صامت سبعة ثم سبعة أولها السادس عشر ، وإن أرادت سبعة صامت ثمانية ثم ثمانية أولها السادس عشر ، وهكذا تفعل فيما بعد ذلك إلى ثلاثة عشر فتصوم أربعة عشر ثم أربعة عشر أولها السادس عشر ، وإن أرادت أربعة عشر صامت ثلاثين متوالية ، وإن أرادت خمسة عشر صامت ثلاثين متوالية يحصل منها أربعة عشر ثم يبقى يوم ، وقد سبق بيان طريق اليوم . وإن أرادت ستة عشر أو سبعة عشر فأكثر صامت ثلاثا متوالية يحصل منها أربعة عشر ثم يحصل الباقي بطريقه السابق وهذا كله واضح .

                                      قال المتولي والبغوي والرافعي وآخرون : ولو صامت في جميع هذه الصور قبل خمسة عشر ما عليها متواليا من غير زيادة وصامت مثله من أول السابع عشر وصامت بينهما يومين مجتمعين أو متفرقين متصلين بالصوم الأول أو بالثاني أو غير متصلين أجزأها وبرئت ذمتها بيقين . هذه طريقة الجمهور أما صاحب الحاوي فحكى عن الأصحاب حكاية غريبة قال : قال أصحابنا : إذا أرادت صوم يومين صامت يومين في أول الشهر ويومين في أول النصف الثاني ، وإن أرادت ثلاثة صامت ثلاثة في الأول وثلاثة في أول النصف الثاني ، وإن أرادت أربعة أو أكثر فكذلك تصوم القدر الذي عليها ثم تفطر تمام خمسة عشر ثم تصوم مثل الذي عليها .

                                      قال : وهذا الذي أطلقه الأصحاب ليس بصحيح وإنما يصح في حق من علمت أن حيضها يبتدئ في الليل ، وأما من لم تعلم فلا يجزيها في اليومين إلا ستة من ثمانية عشر ، ثم ذكر طريقة الجمهور التي ذكرناها ، وهذا الذي حكاه عن الأصحاب غريب جدا ، ومع غرابته هو جار على قول المتقدمين أنها إذا صامت رمضان حصل لها خمسة عشر .

                                      وأما طريقة الدارمي فإنها طريقة حسنة بديعة نفيسة بلغت في التحقيق والتنقيح والتدقيق ، مشتملة على جمل من النفائس الغريبات والتنبيهات المهمات ، استدرك فيها على الأصحاب أمورا ضرورية لا بد من بيانها وبسطها [ ص: 480 ] أبلغ بسط فذكر في صيامها يومين وثلاثة وما بعدها إلى أربعة عشر قريبا من ثلاثة أرباع مجلد ضخم ، وفيها من المستفادات ما ينبغي أن لا يخلى هذا الكتاب من ذكر مقاصده ولا يليق بطالب تحقيق باب الحيض بل الفقه مطلقا جهالته والإعراض عنه ، وقد أفردت مختصر ذلك في كراريس ; وأذكر هنا مقاصده مختصرة إن شاء الله - تعالى - . قال - رحمه الله - : إذا أرادت صوم يومين فإن أرادتهما متتابعين فأقل ما يمكن ذلك أن تصوم ثمانية عشر متوالية ، فإن أرادتهما متفرقين صامت ذلك بثلاثة من سبعة عشر إلى تسعة وعشرين على التفصيل السابق ، وإن أرادتهما مجتمعين فأقل ما يمكن تحصيلها به خمسة أيام ، كما أن أقل ما يحصل به اليوم ثلاثة أيام . وهي ضعفه وواحد ، فكذا اليومان ضعفهما وواحد ، وأقل ما يصح منه هذه الخمسة تسعة عشر ، فتصوم الأول والثالث والسابع عشر والتاسع عشر ، ويخلى الرابع والسادس عشر يبقى بينهما أحد عشر يوما تصوم منها يوما ، أيها شاءت ، فيحصل من ذلك أحد عشر قسما بعدد أيام التخيير ، فهذا أقل ما يمكن أن تصوم منه الخمسة . ونحن نزيد في ذلك يوما إلى الحد الذي هو أكثر الممكن ، ومتى قلنا بعد هذا : تصوم من الطرفين أو من أحد الطرفين كذا فمرادنا به في الطرف الأول الأول فما بعده مما يليه متواليا ، ومرادنا به في الطرف الآخر الآخر وما قبله مما يليه ، فإن أرادت تحصيل صوم يومين بخمسة من عشرين صامت من أحد الطرفين الأول والثالث ، ومن الطرف الآخر الأول والرابع وأخلت يومين يليان الثلاثة ويوما يلي الأربعة يبقى بين ذلك عشرة أيام تصوم منها يوما أيها شاءت ، فيحصل في ذلك عشرة أقسام بعد أيام التخيير . وإن شاءت عكست فنقلت الصوم ، والإخلاء من طرف إلى طرف فيحصل عشرون قسما ، عشرة في الأول وعشرة في عكسه ، وإن شاءت صامت من كل طرف اليوم الأول والرابع وأخلت يوما من كل طرف بعد الرابع يبقى عشرة أيام ، تصوم منها يوما أيها شاءت ، وهذا القسم لا ينعكس فاضبط هذا الموضع .

                                      واعلم أن كل قسم يكون الصوم والإخلاء في طرف كما في الطرف الآخر لا ينعكس ، ومتى خالف طرف طرفا في شيء من الصوم والإخلاء أو الصوم [ ص: 481 ] خاصة انعكس بالبدل ، وهو أن تجعل ما في كل طرف في الآخر فحصل في طريق صوم يومين بخمسة من عشرين ثلاثون قسما ، عشرة انعكست وعشرة لم تنعكس أما إذا أرادت تحصيل يومين بخمسة من أحد وعشرين فتصوم من طرف الأول والثالث ، ومن طرف الأول والخامس ، وتخلي ثلاثة تلي الثلاثة ويوما يلي الخمسة يبقى بين ذلك تسعة أيام تصوم أيها شاءت ، ولها أن تبدل ما في أحد الطرفين بالآخر فيكون ثمانية عشر قسما . وإن شاءت صامت الأول والرابع من كل طرف وأخلت من كل طرف يومين يليان الصوم ، تبقى تسعة تصوم منها يوما ، وهذه تسعة أقسام ولا تنعكس لتساوي الصوم والإخلاء في كل طرف ، وإن شاءت صامت من طرف الأول والرابع ، ومن طرف الأول والخامس وأخلت يومين يليان الأربعة ، ويوما يلي الخمسة تبقى تسعة تصوم أيها شاءت ، وهذا القسم ينعكس لاختلاف اليوم والإخلاء . وإن شاءت صامت من طرف الأول والخامس وأخلت يوما من كل طرف وصامت من التسعة الباقية يوما ، وهذا القسم لا ينعكس ، فجملة أقسام الأحد والعشرين أربعة وخمسون قسما . أما إذا أرادت تحصيل يومين بخمسة من اثنين وعشرين فتصوم من طرف الأول والسادس وتخلي أربعة تلي الثلاثة ويوما يلي الستة تبقى ثمانية . تصوم يوما منها ولها العكس ، وإن شاءت صامت من طرف الأول والرابع ، ومن طرف الأول والخامس وأخلت ثلاثة تلي الأربعة ويومين يليان الخمسة يبقى ثمانية ، تصوم منها يوما ولها العكس ، وإن شاءت صامت من طرف الأول والرابع ، ومن طرف الأول والسادس وأخلت ثلاثة تلي الأربعة ويوما يلي الستة وصامت يوما من الثمانية الباقية ولها العكس للاختلاف ، وإن شاءت صامت الأول والخامس من كل طرف وأخلت يومين من كل طرف ، ثم صامت يوما من الثمانية الباقية ، وهذا لا ينعكس لعدم الاختلاف ، وإن شاءت صامت الأول والخامس من طرف ، والأول والسادس من طرف وأخلت يومين يليان الخمسة ويوما يلي الستة وصامت يوما من الثمانية وهذا ينعكس للاختلاف .

                                      وإن شاءت صامت الأول والسادس من كل طرف وأخلت يوما من كل طرف وصامت يوما من الثمانية وهذا لا ينعكس ، فجملة الأقسام ثمانون . [ ص: 482 ] أما إذا أرادت تحصيل يومين بخمسة من ثلاثة وعشرين فتصوم من طرف الأول والثالث ومن طرف الأول والسابع ، وتخلي خمسة تلي الثلاثة ويوما يلي السبعة يبقى بينهما سبعة تصوم منها يوما وينقسم هذا اليوم بحسب ما سبق ، وجملة أقسامه مائة وخمسة أقسام أوضحتها في المختصر من كتاب الدارمي مفصلة .

                                      أما إذا أرادت يومين بخمسة من أربعة وعشرين فتصوم الأول والثالث من طرف والأول والثامن من طرف ، وتخلي ستة تلي الثلاثة ويوما يلي الثمانية ، ثم تصوم يوما من الستة الباقية ، وينقسم بحسب ما مضى ، فجملة أقسامه مائة وستة وعشرون قسما .

                                      أما إذا أرادت يومين بخمسة من خمسة وعشرين فتصوم الأول والثالث من طرف والأول والتاسع من طرف ، وتخلي سبعة أيام تلي الثلاثة ويوما يلي السبعة وتصوم يوما من الخمسة الباقية وينقسم كما سبق ، فجملة أقسامه مائة وأربعون ، أما إذا أرادت يومين بخمسة من ستة وعشرين فتصوم الأول والثالث من طرف والأول والعاشر من طرف وتخلي ثمانية تلي الثلاثة ويوما يلي العشرة وتصوم يوما من الأربعة الباقية ، وجملة أقسامه مائة وأربعة وأربعون قسما .

                                      أما إذا أرادت تحصيل يومين بخمسة من سبعة وعشرين فتصوم الأول والثالث من طرف والأول والحادي عشر من طرف وتخلي تسعة تلي الثلاثة ويوما يلي الأحد عشر ، وتصوم يوما من الثلاثة الباقية ، وجملة أقسامه مائة وخمسة وثلاثون .

                                      أما إذا أرادت يومين بخمسة من ثمانية وعشرين فتصوم الأول والثالث من طرف ، والأول والثاني عشر من طرف ، وتخلي عشرة تلي الثلاثة ويومين تلي الاثني عشر وتصوم يوما من اليومين الباقيين ، فجملة أقسامه مائة وعشرة أقسام ، أما إذا أرادت يومين بخمسة من تسعة وعشرين فتصوم الأول والثالث من طرف والأول والثالث عشر من طرف وتخلي أحد عشر تلي الثلاثة ويوما يلي الثلاثة عشر وتصوم اليوم الباقي بينهما ، وهو متعين في جميع أقسامه التسعة والعشرين فلا يتصور فيه تخيير ; بخلاف ما قبل التسعة والعشرين ، فجملة أقسامه ستة وستون قسما ، فجميع الأقسام في صوم يومين بخمسة من جملة تسعة عشر إلى تسعة وعشرين ألف قسم [ ص: 483 ] وقسم ، أما إذا أرادت يومين بخمسة من أكثر من تسعة وعشرين فلا يصح . هذا ما يتعلق بصوم اليومين وبالله التوفيق .



                                      ( فرع ) في صيامها ثلاثة أيام قد سبق أن طريقة الجمهور في صوم الثلاثة أن تضعفها وتزيد يومين فتصير ثمانية ، تصوم أربعة وتفطر تمام خمسة عشر ، ثم تصوم أربعة أولها السادس عشر ، وسبق أن صاحب الحاوي نقل عن الأصحاب أنها تصوم ثلاثة في أول الشهر وثلاثة في أول النصف الآخر .

                                      وأما طريقة الدارمي فبسطها بسطا لم يبلغ أحد قريبا منه في مسألة ، فبلغ بها نحو ثمان كراريس ، وليس فيها إلا بيان صومها ثلاثة أيام ، وأتى فيها من العجائب والتدقيقات بما لا مزيد عليه ، وقد أوضحتها في المختصر ، وأشير هنا إلى بعض من كل نوع ، ، وقد سبق طريق بسطه . قال الدارمي - رحمه الله - : إذا أرادت صوم ثلاثة أيام متوالية صامت تسعة عشر متوالية فيحصل منها ثلاثة ، وإن أرادت أن تفرد كل يوم صامت تسعة أيام كل ثلاثة من سبعة عشر ، كما سبق في صوم اليوم ، وإن أرادت أن تصوم يومين على ما ذكرنا في اليوم ، ويوما على ما ذكرنا في اليوم جاز ، وحصل الثلاثة بثمانية اليومان بخمسة واليوم بثلاثة ، وإن أرادت الثلاثة بحكم مفرد كما صامت اليومين بحكم مفرد ، فأقل ما تحصل به الثلاثة سبعة أيام وهو ضعفها وواحد ، كما قلنا في اليوم واليومين ، وأقل ما يحصل منه هذه السبعة أحد وعشرون يوما فتصوم في كل طرف الأول والثالث والخامس وتخلي مما يلي كل خمسة يوما وتصوم يوما من السبعة الباقية ، فالأقسام تسعة بعدد أيام التخيير ولها أن تزيد في عدد الأيام التي تصوم السبعة منها كما كان لها ذلك في اليوم واليومين .

                                      فإن أرادت ذلك من اثنين وعشرين يوما صامت الأول والثالث والخامس من طرف ، والأول والرابع والسادس من طرف . وأخلت يومين يليان الخمسة ويوما يلي الستة وصامت يوما من الثمانية الباقية ، وإن شاءت صامت الأول والثالث والسادس من الطرفين . أو الأول والثالث والسادس من طرف . [ ص: 484 ] والأول والرابع والسادس من طرف - فجملة الأقسام في الاثنين والعشرين أربعون .

                                      أما إذا أرادت تحصيل سبعة من ثلاثة وعشرين فتصوم الأول والثالث والخامس من طرف . والأول والخامس والسابع من طرف ، وتخلي ثلاثة تلي الخمسة ويوما يلي السبعة وتصوم يوما من السبعة الباقية . وإن شاءت صامت الأول والثالث والسادس من طرف ، والرابع والسابع من طرف ، وله أقسام كثيرة تبلغ مائة وخمسة أقسام أوضحتها في المختصر .

                                      أما إذا أرادت تحصيل ثلاثة بسبعة من أربعة وعشرين فتصوم الأول والثالث والخامس من طرف ، والأول والسادس والثامن من طرف ، وتخلي أربعة تلي الخمسة ويوما يلي الثمانية وتصوم يوما من الستة الباقية . وإن شاءت صامت الأول والثالث والسادس من طرف والأول والخامس والثامن من طرف ، وتبلغ أقسامه مائتين وعشرة أقسام أما إذا أرادت ثلاثة بسبعة من خمسة وعشرين فتصوم الأول والثالث والخامس من طرف والأول والسابع والتاسع من طرف ، وتخلي خمسة تلي الخمسة ويوما يلي التسعة وتصوم يوما من الخمسة الباقية ، وإن شاءت صامت الأول والثالث والسادس من طرف ، والأول والسادس والتاسع من طرف ، وله أقسام كثيرة تبلغ ثلاثمائة وخمسين قسما أوضحتها في المختصر .

                                      أما إذا أرادت ثلاثة بسبعة من ستة وعشرين فتصوم الأول والثالث والخامس من طرف ، والأول والثامن والعاشر من طرف ، وتخلي ستة تلي الخمسة ويوما يلي العشرة وتصوم يوما من الأربعة الباقية ، وإن شاءت صامت الأول والثالث والسادس من طرف والأول والسابع والعاشر من طرف ، وله أقسام كثيرة تبلغ خمسمائة قسم وأربعة أقسام ، أوضحتها في المختصر ، أما إذا أرادت ثلاثة بسبعة من سبعة وعشرين ، فتصوم الأول والثالث والخامس من طرف ، والأول والتاسع والحادي عشر من طرف وتخلي سبعة تلي الخمسة ويوما يلي الأحد عشر وتصوم يوما من الثلاثة الباقية ، وإن شاءت صامت الأول والثالث والسادس من طرف ، والأول والثامن والحادي عشر من طرف وله أقسام تبلغ ستمائة قسم وثلاثين قسما .

                                      أما إذا أرادت ثلاثة بسبعة من ثمانية وعشرين فتصوم الأول والثالث والخامس من طرف ، والأول والعاشر والثاني عشر من طرف ، وتخلي ثمانية تلي [ ص: 485 ] الخمسة ، ويوما يلي الاثني عشر وتصوم يوما من اليومين الباقيين ، وجملة أقسامه ستمائة وستون قسما أما إذا أرادت ثلاثة بسبعة من تسعة وعشرين فتصوم الأول والثالث والخامس من طرف ، والأول والحادي عشر والثالث عشر من طرف ، وتخلي تسعة تلي الخمسة ويوما يلي الثلاثة عشر ، وتصوم اليوم الباقي بينهما ، وهو متعين ، وإن شاءت أبدلت الأقسام ، وجملة أقسامه أربعمائة وخمسة وتسعون قسما فتصير جميع الأقسام في تحصيل ثلاثة أيام بسبعة من أحد وعشرين إلى تسعة وعشرين ثلاثة آلاف وثلاثة أقسام أما إذا أرادت ثلاثة بسبعة من ثلاثين فأكثر فلا يصح .

                                      ( فرع ) في صيامها أربعة أيام ، فإن أرادتها متوالية صامت عشرين يوما متوالية ، وإن أرادتها متفرقة يوما يوما ، فعلت ما ذكرناه في صوم اليوم ، فإن أرادت صيامها يومين يومين فعلت ما قدمناه في اليومين ، وإن أرادت ثلاثة متوالية ويوما فردا ، فعلت في الثلاثة ما سبق فيها ، وفي اليوم ما بيناه فيه ، وكذلك كلما أرادت صيام أيام فلها تفريقها وصومها على ما ذكرناه في أقل منها ، ولها صومها ما نذكره فيها ، فإن أرادت تحصيل الأربعة على قياس ما سبق فيما قبلها ، والتفريع على طريقة الدارمي ، فأقل ما تحصل به صوم تسعة أيام ، وهو ضعفها وواحد كما سبق في اليوم واليومين والثلاثة وأقل ما تحصل منه هذه التسعة ثلاثة وعشرون ، فتصوم الأول والثالث والخامس والسابع من الطرفين ، وتخلي يوما يلي السبعة فيهما وتصوم يوما من السبعة الباقية فأقسامه سبعة .

                                      أما إذا أرادت تحصيل الأربعة بتسعة من أربعة وعشرين ، فتصوم الأول والثالث والخامس والسابع من طرف والأول والرابع والسادس والثامن من طرف وتخلي يومين يليان السبعة ويوما يلي الثمانية ، وتصوم يوما من الستة الباقية ولها الأبدال وأقسامه اثنان وأربعون قسما . أما إذا أرادت تحصيل الأربعة بتسعة من خمسة وعشرين ، فتصوم الأول والثالث والخامس والسابع من طرف ، والأول والخامس والسابع والتاسع من طرف ، وتخلي ثلاثة تلي السبعة ويوما يلي التسعة ، وتصوم يوما من الخمسة الباقية ، ولها الأبدال وأقسامه مائة وأربعون أما إذا أرادت تحصيل [ ص: 486 ] أربعة بتسعة من ستة وعشرين ، فتصوم الأول والثالث والخامس والسابع من طرف ، والأول والسادس والثامن والعاشر من طرف ، وتخلي أربعة تلي السبعة ويوما يلي العشرة ، وتصوم يوما من الأربعة الباقية ولها الأبدال وأقسامه ثلثمائة وستة وثلاثون قسما . أما إذا أرادت تحصيل أربعة بتسعة من سبعة وعشرين فتصوم الأول والثالث والخامس والسابع من طرف ، والأول والسابع والتاسع والحادي عشر من طرف وتخلي خمسة تلي السبعة ويوما يلي الأحد عشر ، وتصوم من الثلاثة الباقية ، ولها الإبدال وأقسامه ستمائة وثلاثون قسما ، أما إذا أرادت أربعة بتسعة من ثمانية وعشرين فتصوم الأول والثالث والخامس والسابع من طرف ، والأول والثامن والعاشر والثاني عشر من طرف ، وتخلي ستة تلي السبعة ويوما يلي الاثني عشر وتصوم يوما من اليومين الباقيين ولها الأبدال وأقسامه سبعمائة وثمانية وعشرون قسما ، أما إذا أرادت تحصيل أربعة بتسعة من تسعة وعشرين فتصوم الأول والثالث والخامس والسابع من طرف ، والأول والتاسع والحادي عشر والثالث عشر من طرف ، وتخلي سبعة تلي السبعة ويوما يلي الثلاثة عشر ، وتصوم اليوم الباقي ، ولها الإبدال وأقسامه تسعمائة وأربعة وعشرون قسما ، فجملة الأقسام في تحصيل أربعة بتسعة من ثلاثة وعشرين إلى تسعة وعشرين ثلاثة آلاف وسبعة أقسام .



                                      ( فرع ) في صيامها خمسة أيام . إن أرادت خمسة متوالية صامت أحدا وعشرين يوما متوالية ، وإن أرادتها مفرقة صامتها على ما سبق فيما قبلها ، وإن أرادت صومها على قياس ما مضى صامت ضعفها وواحدا ، وذلك أحد عشر يوما وأقل ما تصح منه خمسة وعشرون يوما . فتصوم الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع من الطرفين ، وتخلي يوما ويوما وتصوم يوما من الخمسة الباقية . وإن أرادت الخمسة بأحد عشر من ستة وعشرين صامت الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع من طرف والأول والرابع والسادس والثامن والعاشر من طرف وأخلت يومين ويوما وصامت يوما من الأربعة الباقية ولها الأبدال وأقسامه ستة وثلاثون . وإن أرادت الخمسة بأحد عشر من سبعة وعشرين صامت الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع من طرف والأول والخامس والسابع والتاسع والحادي عشر من [ ص: 487 ] طرف وأخلت ثلاثة ويوما وصامت يوما من الثلاثة الباقية ، ولها الإبدال ; وجملة أقسامه مائة وخمسة وثلاثون . وإن أرادت الخمسة بأحد عشر من ثمانية وعشرين ، صامت الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع من طرف ، والأول والسادس والثامن والعاشر والثاني عشر ، وأخلت أربعة ويوما وصامت يوما من اليومين الباقيين ، وجملة أقسامه ثلثمائة وأربعة وثلاثون قسما . وإن أرادت الخمسة بأحد عشر من تسعة وعشرين صامت الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع من طرف ، والأول والسابع والتاسع والحادي عشر والثالث عشر من طرف ، وأخلت خمسة ويوما وصامت اليوم الباقي ، وأقسامه أربعمائة وسبعة وسبعون ، فجملة الأقسام في تحصيل خمسة بأحد عشر من خمسة وعشرين إلى تسعة وعشرين تسعمائة وخمسة وثمانون قسما .

                                      ( فرع ) في صيامها ستة أيام ، إن أرادتها متوالية صامت اثنين وعشرين يوما متوالية ، وإن أرادتها متفرقة فقد سبق بيانها ، وإن أرادتها على قياس ما سبق صامت ضعفها وواحدا ، وذلك ثلاثة عشر يوما ، وأقل ما تحصل منه الثلاثة عشر سبعة وعشرون فتصوم الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع والحادي عشر من الطرفين ، وتخلي يوما ويوما وتصوم يوما من الثلاثة الباقية . وإن أرادت الستة بثلاثة عشر من ثمانية وعشرين صامت الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع والحادي عشر من طرف والأول والرابع والسادس والثامن والعاشر والثاني عشر من طرف ، وأخلت يومين ويوما وصامت يوما من اليومين الباقيين ولها الإبدال وأقسامه اثنان وعشرون . وإن أرادت الستة بثلاثة عشر من تسعة وعشرين صامت الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع والحادي عشر من طرف ، والأول والخامس والسابع والتاسع والحادي عشر والثالث عشر من طرف ، وأخلت ثلاثة ويوما وصامت اليوم الباقي ولها الإبدال وأقسامه ستة وستون ، فجملة الأقسام في تحصيل ستة بثلاثة عشر من سبعة وعشرين إلى تسعة وعشرين أحد وتسعون قسما .

                                      ( فرع ) في صيامها سبعة أيام . إن أرادتها متوالية صامت ثلاثة [ ص: 488 ] وعشرين متوالية ، وإن أرادتها مفرقة فقد سبق بيانها ، وإن أرادتها على قياس ما مضى صامت ضعفها وواحدا وذلك خمسة عشر وتحصل من تسعة وعشرين ، فتصوم الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع والحادي عشر والثالث عشر من الطرفين وأخلت يوما ويوما وصامت اليوم الباقي ، وهذا النوع قسم واحد فلا تصح سبعة من خمسة عشر من أقل من تسعة وعشرين ولا أكثر منها .

                                      ( فرع ) في صيامها ثمانية أيام . أقل ما يكفيها للثمانية ثمانية عشر وأقل ما يصح منه ذلك أربعة وعشرون ، فتصوم ثمانية من كل طرف ويومين من الثمانية الباقية أيها شاءت وأقسامه ثمانية وعشرون ، وإن أرادتها بثمانية عشر من خمسة وعشرين صامت ثمانية من كل طرف ، ويومين من التسعة الباقية ، وكذا إن أرادتها من ستة وعشرين إلى ثلاثين ولها الإبدال .

                                      ( فرع ) في صيامها تسعة . أقل ما تصح منه عشرون من خمسة وعشرين فتصوم تسعة من كل طرف ويومين من السبعة الباقية ، وأقسامه أحد وعشرون ، وإن أرادت ذلك من ستة وعشرين إلى ثلاثين فعلت ما سبق .

                                      ( فرع ) في صيامها عشرة . أقل ما تصح منه اثنان وعشرون من ستة وعشرين فتصوم عشرة في كل طرف ، ويومين في الستة الباقية وأقسامه خمسة عشر ، وإن أرادت ذلك من سبعة وعشرين إلى ثلاثين فعلت ما سبق .

                                      ( فرع ) في صومها أحد عشر . أقل ما تصح منه أربعة وعشرون من سبعة وعشرين فتصوم أحد عشر من كل طرف ويومين من الخمسة الباقية ، وأقسامه عشرة ، وإن أرادته من ثمانية وعشرين إلى ثلاثين فعلت .

                                      ( فرع ) في صومها اثني عشر . أقل ما تصح منه ستة وعشرون من ثمانية وعشرين فتصوم من كل طرف اثني عشر ويومين من الأربعة الباقية وأقسامه ستة ، وإن أرادته من تسعة وعشرين أو ثلاثين فعلت .

                                      ( فرع ) في صومها ثلاثة عشر : تصومها بثمانية وعشرين من تسعة [ ص: 489 ] وعشرين فتصوم ثلاثة عشر في كل طرف ويومين من الثلاثة الباقية ، وأقسامه ثلاثة ، وإن أرادته من ثلاثين فعلت .

                                      ( فرع ) في صومها أربعة عشر : لا يحصل إلا بثلاثين متوالية فإن زاد صومها على أربعة عشر فعلت في أربعة عشر ما ذكرنا وفيما دونها ما سبق والله أعلم .



                                      ( فرع ) في صوم المتحيرة صوما متتابعا لنذر أو كفارة قتل أو جماع في نهار رمضان أو غير ذلك والتفريع على طريقة المتأخرين أنه لا يحصل لها من الشهر إلا أربعة عشر ، قال أصحابنا : إذا أرادت صوم شهرين متتابعين صامت مائة وأربعين يوما متوالية ; لأنه يحصل لها من مائة وعشرين ستة وخمسون ، ومن عشرين الأربعة الباقية ولا ينقطع التتابع بالحيض المتخلل وإن أرادت أربعة عشر صامت ثلاثين متوالية وإن أرادت يومين ، صامت ثمانية عشر ، وإن أرادت ثلاثة صامت تسعة عشر ، وإن أرادت أربعة فعشرين أو خمسة فأحد وعشرين وعلى هذا وإن أرادت صوما متتابعا وأرادت تخليل فطر بينه صامت ذلك القدر متواليا ثم صامته مرة أخرى قبل السابع عشر ثم مرة أخرى من السابع عشر ، فإذا أرادت يومين متتابعين صامت يومين متتابعين ثم تصوم السابع عشر والثامن عشر وتصوم بينهما يومين متتابعين ، هذه طريقة الأصحاب ، وخالفهم الدارمي وبسط طريقته بسطا منتشرا فأنا ألخص مقاصده إن شاء الله - تعالى - .

                                      قال : إذا أرادت صوم يومين متتابعين بستة من ثمانية عشر صامت يومين في أول الثمانية عشر ويومين في آخرها وأخلت من كل طرف يوما وصامت يومين متتابعين من الاثني عشر الباقية ، وفي ذلك أحد عشر قسما أقل من عدد الأيام المخير فيها بيوم ، وهذا أصل لكل يومين متتابعين تصومهما من جملة أيام التخيير ، ; لأنها تصوم من أيام التخيير الأول والثاني والثالث أو الثالث والرابع وهكذا إلى آخرها فينقص من عدد الأيام واحد . وإن أرادت صيامهما بستة من تسعة عشر صامت يومين من كل طرف وأخلت لكل طرف يومين يليانه وتصوم يومين متتابعين من الأحد عشر الباقية فتكون أقسامه [ ص: 490 ] عشرة ، وإن أرادتهما بستة من عشرين صامت يومين من كل طرف وأخلت لكل طرف ثلاثة أيام وصامت يومين متتابعين من العشرة الباقية ، وأقسامه تسعة . وإن أرادتهما من أحد وعشرين أخلت أربعة وأربعة وصامت يومين أيضا من التسعة الباقية وأقسامه ثمانية ، وإن أرادتهما من اثنين وعشرين أخلت خمسة وخمسة وصامت يومين من ثمانية ، وأقسامه سبعة . وإن أرادتهما من ثلاثة وعشرين أخلت ستة وستة وصامت يومين من السبعة ، وأقسامه ستة وإن أرادتهما من أربعة وعشرين أخلت سبعة وسبعة وصامت يومين من الستة ، وأقسامه خمسة ، وإن أرادتهما من خمسة وعشرين أخلت ثمانية وثمانية وصامت يومين من الخمسة وأقسامه أربعة .

                                      وإن أرادتهما من ستة وعشرين أخلت تسعة وتسعة وصامت يومين من الأربعة وأقسامه ثلاثة ، وإن أرادتهما من سبعة وعشرين أخلت عشرة وعشرة وصامت يومين من الثلاثة وله قسمان ، وإن أرادتهما من ثمانية وعشرين أخلت أحد عشر وأحد عشر وصامت اليومين الباقيين وله قسم واحد ، وإن أرادتهما من تسعة وعشرين لم يكن إلا بزيادة في الصوم ; لأنها تحتاج أن تخلي اثني عشر واثني عشر ، فلم يبق بينهما يومان ، فأقل ما يمكن تصحيحه منه من تسعة وعشرين أن تصوم من كل طرف يومين وتخلي في كل طرف أحد عشر ، وتصوم الثلاثة الباقية ، وإن أرادتهما من ثلاثين فعلت ما ذكرناه في تسعة وعشرين إلا أنها تصوم الأربعة الباقية أما إذا أرادت صوم ثلاثة أيام متتابعة فأقل ما تصح منه تسعة عشر تصوم ثلاثة من كل طرف وتخلي يوما ويوما وتصوم الثلاثة متتابعة من الأحد عشر الباقية ، وأقسامه تسعة أقل من أيام التخيير بيومين . وإن أرادت ثلاثة من عشرين صامت ثلاثة من كل طرف وأخلت يومين ويومين وصامت ثلاثة من العشرة الباقية ، وأقسامه ثمانية . والذي أراه اختصار العبارة فقد وضح الطريق وعلم أنها تصوم من كل طرف الأيام التي تريدها وتصومها مرة ثالثة من الأيام الباقية بعد الإخلاء ، وعلم أيضا أن الإخلاء يكون من كل طرف بقدر ما أخلي من الطرف الآخر ، وعلم أيضا أن الأقسام أقل من الأيام بالقدر الذي نذكره في أول كل فصل ، فالأقسام في هذا الفصل أقل من الأيام الباقية بيومين ، فنقتصر بعد هذا على ذكر الإخلاء من أحد الطرفين ، فإذا أرادت ثلاثة من أحد وعشرين [ ص: 491 ] أخلت ثلاثة ، وأقسامه سبعة ، وإذا أرادتها من اثنين وعشرين أخلت ستة ، ومن ثلاثة وعشرين تخلي خمسة ، وأقسامه خمسة ، ومن أربعة وعشرين تخلي ستة ، وأقسامه أربعة ، ومن خمسة وعشرين تخلي سبعة ، وأقسامه ثلاثة ، ومن ستة وعشرين تخلي ثمانية وله قسمان . ومن سبعة وعشرين تخلي تسعة وله قسم واحد ، ومن ثمانية وعشرين لا يمكن إلا بزيادة صوم فتصوم ثلاثة من كل طرف وتخلي تسعة وتسعة وتصوم الأربعة الباقية ، ومن تسعة وعشرين تصوم الخمسة الباقية ومن ثلاثين الستة الباقية .

                                      أما إذا أرادت صوم أربعة متتابعة فتصح بصوم اثني عشر ، وأقل ما تصح منه عشرون ، فتصوم في كل طرف أربعة وتخلي يوما ويوما وتصوم أربعة من العشرة الباقية وأقسامه سبعة أقل من الأيام بثلاثة . وإن أرادتها من أحد وعشرين أخلت يومين ، وأقسامه ستة ، ومن اثنين وعشرين تخلي ثلاثة ، ومن ثلاثة وعشرين أربعة ، ومن أربعة وعشرين خمسة ، ومن خمسة وعشرين ستة ، ومن ستة وعشرين سبعة ، ومن سبعة وعشرين لا يمكن إلا بزيادة صوم ، فتخلي سبعة وتصوم الخمسة الباقية ، ومن ثمانية وعشرين تصوم الستة الباقية ، ومن تسعة وعشرين السبعة الباقية ، ومن ثلاثين الثمانية الباقية .

                                      أما إذا أرادت خمسة متتابعة فتصح بصوم خمسة عشر ، وأقل ما تصح منه أحد وعشرون فتصوم خمسة من كل طرف وتخلي يوما ويوما وتصوم خمسة من التسعة الباقية ، وأقسامه خمسة . ومن اثنين وعشرين تخلي يومين ، وأقسامه أربعة ، ومن ثلاثة وعشرين تخلي ثلاثة ، ومن أربعة وعشرين أربعة ، ومن خمسة وعشرين خمسة وتصوم الخمسة الباقية ، ومن ستة وعشرين لا يمكن إلا بزيادة صوم ، فتصوم خمسة في كل طرف وتخلي خمسة في طرف وتصوم الستة الباقية ، ومن سبعة وعشرين تصوم السبعة الباقية ، ومن ثمانية وعشرين الثمانية الباقية ، ومن تسعة وعشرين التسعة ومن الثلاثين العشرة الباقية .

                                      أما إذا أرادت ستة متتابعة فتصح بصوم ثمانية عشر ، وأقل ما تصح منه اثنان وعشرون فتصوم ستة من كل طرف وتخلي يوما من كل طرف وتصوم ستة من الثمانية الباقية ، وأقسامه ثلاثة ، ومن ثلاثة وعشرين تخلي يومين ، ومن أربعة وعشرين ثلاثة ، ومن خمسة وعشرين لا يمكن إلا بزيادة ، فتصوم ستة من كل طرف وتخلي ثلاثة [ ص: 492 ] وتصوم السبعة الباقية ، ومن ستة وعشرين تصوم الثمانية الباقية ومن سبعة وعشرين التسعة الباقية ومن ثمانية وعشرين ، العشرة الباقية ، ومن تسعة وعشرين الأحد عشر الباقية ، ومن ثلاثين الاثني عشر الباقية .

                                      أما إذا أرادت سبعة متتابعة ، فتصح بأحد وعشرين من ثلاثة وعشرين ، ولا يحصل بأقل من هذا ، فتصوم من كل طرف سبعة ، وتخلي يوما ويوما وتصوم السبعة الباقية ، فإن أرادتهما من أربعة وعشرين صامت الثمانية الباقية ، ومن خمسة وعشرين التسعة الباقية ، ومن ستة وعشرين العشرة الباقية ، ومن سبعة وعشرين الأحد عشر ، ومن ثمانية وعشرين الاثني عشر ، ومن تسعة وعشرين الثلاثة عشر ، ومن ثلاثين الأربعة عشر الباقية .

                                      أما إذا أرادت ثمانية متتابعة فلا تصح إلا من متتابع وكذا ما زاد ، فأقل ما تصح منه ثمانية أربعة وعشرون ، وأقل ما تصح منه تسعة خمسة وعشرون ، والله أعلم .



                                      فصل في تحصيل المتحيرة صلاة أو صلوات مقضيات أو منذورات وهذا الذي نذكره فيه تفريع على طريقة المصنف والشيخ أبي زيد والمتأخرين في أنها إذا صامت رمضان حصل منه أربعة عشر وفسد ستة عشر ، قال أصحابنا : قضاء الصلاة يجري على قياس قضاء الصوم ، فإذا أرادت صلاة واحدة مقتضية أو منذورة أو نحوها صلتها متى شاءت بغسل ثم أمهلت زمانا يسع الغسل وتلك الصلاة ثم تعيدها بغسل آخر ، ولها تأخير الصلاة الثانية وغسلها إلى آخر الخامس عشر من حين بدأت بالأولى ، ثم تمهل من أول السادس عشر قدر الإمهال الأول ، ثم تعيدها بغسل آخر مرة ثالثة قبل تمام شهر من المرة الأولى . ويشترط ألا تؤخر الثالثة عن أول ليلة السادس عشر أكثر من قدر الإمهال بين آخر الأولى وأول الثالثة ، ولها أن تنقصه عن قدر الإمهال إن كان إمهالا طويلا بشرط ألا ينقص عن قدر أقل الإمهال ، وهو ما يسع تلك الصلاة وغسلها ، فلو اغتسلت وصلت ثم أمهلت إلى أول اليوم الثاني فاغتسلت وصلتها فلها [ ص: 493 ] أن تفعل الثالثة بغسلها بعد أن يمضي من أول السادس عشر قدر الصلاة الأولى وغسلها ، ولها ذلك في أول السابع عشر وما بينهما ، ولا يجوز تأخيره عن أول السابع عشر وإن صلت الثانية في أول العاشر فلها فعل الثانية بعد مضي قدرها وغسلها من أول السادس عشر إلى أول السادس والعشرين ولا يجوز بعده .

                                      قال إمام الحرمين وغيره : ولا فرق بين الصلاة وصوم يوم في هذا ، إلا أن الصوم يستوعب يوما ، فيكون الإمهال الأول يوما فأكثر ، والصلاة تحصل في لحظة فكفى الإمهال بقدرها . وهذا الإمهال شرط لا بد منه ، فلو أخلت به في أحد الطرفين لم يجزها الصلاة ; لأنها إن تركت الإمهال الأول وصلت الصلاة الثانية متصلة بالأولى احتمل انقطاع الحيض في أثناء الثانية وابتداؤه في الثالثة ، وإن تركت الإمهال الثاني فصلت الثالثة متصلة بالخمسة عشر احتمل انقطاع الحيض في الأولى وابتداؤه في الثالثة . هذا حكم الصلاة الواحدة ، فإن أرادت صلوات فهي مخيرة بين طريقتين : إحداهما وهي التي ذكرها المتولي والبغوي وآخرون ، ونقلها إمام الحرمين عن الأئمة أنها كالصلاة الواحدة فتصلي تلك الصلوات ثلاث مرات كما ذكرنا في الصلاة الواحدة ، وتفعلهن في كل مرة متواليات ، وتغتسل في كل مرة للصلاة الأولى وتتوضأ لكل واحدة من الباقيات ، ، وسواء اتفقت الصلوات أم اختلفت ويشترط من الإمهال ما سبق في الصلاة الواحدة ، ويكون مجموع الصلوات كالواحدة فتمهل بعد فعلهن زمانا يسعهن كلهن مع الغسل والوضوءات .

                                      ( والطريق الثاني ) ذكره إمام الحرمين وغيره أخف من هذا ، وهو أنه إن كانت الصلوات متفقات كمائة صبح ضعفتهن وزادت صلاتين ، ثم قسمت الجملة نصفين فصلت في أول شهر مائة صبح وصبحا متواليات ، ثم صلت في أول السادس عشر مائة وصبحا ويجب لكل صلاة من الجميع غسل جديد بخلاف الطريق الأول ، فإذا فعلت هذا حصل لها مائة صبح بيقين ; لأنه إن قدر ابتداء الحيض في نصف الصبح الأولى فسد ما أتت به في النصف الأول من الشهر ، وانقطع في نصف الصبح الأولى من أول السادس عشر فيبقى [ ص: 494 ] بعدها مائة وإن بدأ في الصلاة الموفية مائة من الأولى وانقطع في الموفية مائة من السادس عشر حصل تسع وتسعون في الأول مع الزائدة على المائة في السادس عشر ، وإن بدأ في الموفية عشرين أو أربعين أو غيرها انقطع في مثلها في السادس عشر ، ويحصل تمام المائة مما قبل ابتدائه وبعد انقطاعه .

                                      قال إمام الحرمين وغيره : ويشترط أن يكون زمن جملة الأغسال والصلوات في الأول مثل زمنها في السادس عشر ، ولا يشترط ضبط أزمنة أفراد الأغسال والصلوات ، هذا إذا كانت الصلوات متفقات فإن كانت أجناسا بأن أرادت عشرين صبحا وعشرين ظهرا وعشرين عصرا وعشرين مغربا وعشرين عشاء ، فهذه الصور تخالف صورة المتفقات من حيث إنه إذا قدر فساد صلاة بانقطاع الحيض احتمل ذلك كل صلاة من الأجناس الخمسة ، فكل جنس يحتمل بطلان صلاتين منه فيجب لهذا الاحتمال أن تزيد على الضعف عشر صلوات من كل جنس صلاتين ، فتصلي مائة صلاة من كل جنس عشرين وترتب الأجناس فتبدأ بالصبح مثلا ، ثم تصلي بعد المائة وقبل انقضاء الخمسة عشر صلوات من كل جنس صلاتين ثم تمهل من أول السادس عشر زمانا يسع صلاة ثم تعيد المائة من الأجناس على الترتيب السابق فتبرأ مما عليها بيقين ; لأنه إن بدأ الحيض في الصلاة الأولى انقطع في ساعة الإمهال في أول السادس عشر فتحصل المائة بعدها . وإن انقطع الحيض في الصلاة الأولى حصل بعدها تسع وتسعون ، وحصلت الموفية مائة من العشرة المتوسطة ، وإن انقطع في الصبح الثالثة في الأول عاد في الصبح الثانية من السادس عشر ، فحصل لها من الأول مائة إلا ثلاثة أصباح وحصل صبحان من العشرة المتوسطة وصبح من المفعولات السادس عشر ، وإنما قلنا : يعود في الصبح الثانية ولم نقل في الثالثة بسبب ساعة الإمهال ، وعلى هذا التنزيل تخرج باقي التقديرات . وهذا الذي قلناه من ساعة الإمهال في أول السادس عشر لا بد منه ; لأنها لو لم تمهل بل صلت في أول السادس عشر ، بقي عليها صلاة لاحتمال ابتداء الحيض في الصلاة الأولى وانقطاعه في الأول وفي السادس عشر ، ويبقى ذلك مائة إلا صلاة ، فلو فعلت هذا لزمها إعادة صبح والله أعلم .



                                      [ ص: 495 ] فصل : في طواف المتحيرة قال أصحابنا : فعل الصلاة الواحدة وصوم اليوم الواحد وفعل الطواف سواء ، ففي الأنواع الثلاثة إذا أرادت واحدا منها فطريقها أن تفعله ثلاث مرات بشرط الإمهال الذي ذكرناه في الصوم والصلاة ، وجميع ما سبق في الصلاة من التقديرات يجيء مثله في الطواف حرفا حرفا اتفق عليه أصحابنا فإذا أرادت طوافا واحدا أو عددا اغتسلت وطافت ثلاث مرات ، وتصلي مع كل طواف ركعتيه ، فكل طواف مع ركعتيه وغسله كصلاة مع غسلها فتغتسل وتطوف وتصلي الركعتين ، ثم تمهل قدرا يسع مثل طوافها وغسله وركعتيه ، ثم تفعل ذلك ثانية ثم تمهل حتى يمضي تمام خمسة عشر يوما من أول اشتغالها بغسل الطواف الأول وتمهل بعد الخمسة عشر لحظة تسع الغسل والطواف وركعتيه ويكون قدر الإمهال الأول ثم تغتسل وتطوف وتصلي ركعتيه مرة ثالثة ، والغسل واجب في كل مرة للطواف ، وأما الركعتان ، فإن قلنا : هما سنة كفى لهما غسل الطواف . وإن قلنا : واجبتان فثلاثة أوجه : الصحيح المشهور وبه قطع الجمهور يجب للصلاة وضوء لا تجديد غسل ، والثاني : لا يجب تجديد غسل ولا وضوء ; لأنها تابعة للطواف كجزء منه ; وبهذا قطع المتولي ، والثالث : يجب تجديد الغسل ، حكاه أبو علي السنجي في شرح التلخيص والرافعي وهو شاذ ضعيف ، فإن الغسل للركعتين لا فائدة فيه ; لأنها إن كانت طاهرا حال الطواف ثم حاضت بعده فغسل الحائض باطل ، وإن كانت حائضا حال الطواف ثم طهرت فالطواف باطل فلا تصح ركعتاه ، وقد صرح الجمهور بأن الغسل لا يجب تجديده للركعتين ، وإنما اشتهر الخلاف في الوضوء ، فهذا مختصر ما ذكره المحققون المتأخرون في الطواف .

                                      وقال ابن الحداد وأبو علي الطبري والمحاملي وآخرون من كبار المتقدمين : إذا أرادت طوافا أتت به مرتين بينهما خمسة عشر يوما ، ونقل الشيخ أبو حامد هذا عن أصحابنا ، ثم قال : وهذا غلط لاحتمال وقوعهما في حيضتين وبينهما طهر قال : ولكن تطوف ثم تمهل تمام خمسة عشر يوما من [ ص: 496 ] حين شرعت في الطواف ثم تطوف ثانيا ، وهذا الذي اختاره الشيخ أبو حامد هو الذي قطع به صاحب الحاوي والشيخ أبو علي السنجي ، وكل هذا ضعيف أو باطل ، والصواب ما قدمناه عن حذاق المتأخرين أنها تطوف ثلاث مرات ، وقد أطبق عليه متأخرو الخراسانيين ووافقهم من كبار العراقيين الدارمي والقاضي أبو الطيب بعد تخطئتهما الأصحاب في اقتصارهم على طوافين .

                                      وأما قول المصنف ( وعلى هذا القياس تعمل في طوافها ) فظاهره أنها إذا أرادت طوافا واحدا طافته أربع مرات فتطوف مرتين ثم تمهل تمام خمسة عشر ، ثم تطوف مرتين كما ذكر هو في صوم اليوم الواحد أنها تصومه من أربعة أيام ، وقد صرح بهذا في الطواف شيخه القاضي أبو الطيب في كتابه شرح فروع ابن الحداد وهذا صحيح لكن ليس متعينا ، بل الاقتصار على ثلاث جائز على ما بيناه والله أعلم .



                                      فصل في مسائل ذكرها صاحب البحر تتعلق بالمتحيرة : ( إحداها ) لو صلت امرأة خلف المتحيرة لم يصح اقتداؤها لاحتمال مصادفة الحيض فأشبه صلاة الرجل خلف خنثى وليس كمن صلى خلف من يشك في حدثه ; لأن الظاهر هناك الطهارة .



                                      ( الثانية ) صلت متحيرة خلف متحيرة فيه وجهان ، : الصحيح لا يصح اقتداؤها .



                                      ( الثالثة ) وطئ المتحيرة زوجها في نهار رمضان وهما صائمان ، وقلنا : يلزم المرأة الكفارة للجماع لا يلزمها هنا على الصحيح من الوجهين ; لاحتمال الحيض ، والأصل براءتها .



                                      ( الرابعة ) أفطرت متحيرة لإرضاع ولدها ، وقلنا : يلزم المفطرة للإرضاع فدية فلا يلزم المتحيرة على الصحيح لما ذكرناه في الجماع في الصوم .



                                      ( الخامسة ) إذا كان عليها قضاء صوم يوم فقد سبق أنها تقضيه بثلاثة أيام ، فلو صامت يوما من الثلاثة ثم شكت هل كانت نوت صومه أم لا ؟ [ ص: 497 ] فوجهان : ( أحدهما ) : يحسب لها اليوم ولا أثر للشك ; لأنه بعد فراغ اليوم ، ( والثاني ) لا يحسب ; لأن صيام الأيام الثلاثة كيوم واحد ، فأشبه الشك قبل فراغ اليوم قال : وأصل هذا أن من عليه صوم شهرين متتابعين فصام يوما ثم شك هل نوى أم لا ؟ هل غير النية أم لا ؟ هل يلزمه الاستئناف ؟ فيه وجهان : قلت : الأظهر أنه لا يؤثر هذا الشك في الصورتين ; لأنه بعد الفراغ حقيقة ; ولأنه يشق الاحتراز منه .



                                      ( السادسة ) لو أرادت المتحيرة الجمع بين الصلاتين في السفر في وقت الأولى لم يصح ; لأن شرطه أن تتقدم الأولى وهي صحيحة يقينا ، أو بناء على أصل ; ولم يوجد هنا ، وليس كمن شك هل أحدث أم لا ؟ فصلى الظهر ، فإن له أن يصلي بعدها العصر جمعا ; لأنه يبني على أصل الطهارة السابقة .



                                      ( السابعة ) إذا قلنا : تصح صلاة الطاهر خلف مستحاضة في زمن محكوم بأنه طهر فصلت خلف مستحاضة لها حيض وطهر في الزمن المشكوك فيه فوجهان : أحدهما لا يصح مطلقا ، كما يحرم الوطء مطلقا ، وأصحهما إن كان المشكوك عقيب الطهر جاز ، وإن كان عقيب الحيض لم يجز بناء على الأصل والله أعلم .



                                      ( فرع ) يجب على الزوج نفقة زوجته المتحيرة ، ممن نص عليه الغزالي في الخلاصة ، ولا خيار له في فسخ نكاحها ; لأن جماعها ليس مأيوسا منه ، بخلاف الرتقاء ، والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية