الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 577 ] قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وأما القيح فهو نجس ; لأنه دم استحال إلى نتن ، فإذا كان الدم نجسا فالقيح أولى .

                                      وأما ماء القروح فإن كان له رائحة فهو نجس كالقيح وإن لم يكن له رائحة فهو طاهر ، كرطوبة البدن ، ومن أصحابنا من قال : فيه قولان ( أحدهما ) : طاهر كالعرق ( والثاني ) : نجس ; لأنه تحلل بعلة فهو كالقيح ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) : القيح نجس بلا خلاف وكذا ماء القروح المتغير نجس بالاتفاق .

                                      وأما غير المتغير فطاهر على المذهب ، وبه قطع القاضي أبو الطيب والشيخ أبو حامد وآخرون ونقله أبو حامد عن نصه في الإملاء ، وقيل : في نجاسته قولان ، وقد ذكر المصنف دليل الجميع ، وقوله : تحلل بعلة ، احتراز من الدمع والعرق .

                                      وأما قوله : كرطوبات البدن ، فمعناه أنها طاهرة بالاتفاق ، وهو كما قال : وقد ضبط الغزالي وتابعه الرافعي وغيره هذا بعبارة وجيزة ، فقال : ما ينفصل من باطن الحيوان قسمان .

                                      ( أحدهما ) : ما ليس له اجتماع واستحالة في الباطن ، وإنما يرشح رشحا .

                                      ( والثاني ) : ما يستحيل ويجتمع في الباطن ثم يخرج . فالأول كالدمع واللعاب والعرق والمخاط وحكمه حكم الحيوان المنفصل منه إن كان نجسا ، وهو الكلب والخنزير ، وفرع أحدهما فهو نجس أيضا ، وإن كان طاهرا وهو سائر الحيوانات فهو طاهر بلا خلاف .

                                      وأما الثاني فكالدم والبول والعذرة والروث والقيء والقيح وكله نجس ، ويستثنى اللبن والمني والعلقة على تفصيل في ذلك .

                                      واعلم أنه لا فرق في العرق واللعاب والمخاط والدمع بين الجنب والحائض والطاهر والمسلم والكافر والبغل والحمار والفرس والفأرة وجميع السباع والحشرات ، بل هي طاهرة من جميعها ومن كل حيوان طاهر ، وهو ما سوى الكلب والخنزير وفرع أحدهما ، ولا كراهة في شيء من ذلك عندنا ، وكذا لا كراهة في سؤر شيء منها ، وهو بقية ما شربت منه ، والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية