الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( nindex.php?page=treesubj&link=1214_1213_1210ومن السنن الراتبة قيام رمضان وهو عشرون ركعة بعشر تسليمات ، والدليل عليه ما روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة رضي الله عنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=27428كان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة فيقول : من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه } والأفضل أن يصليها في جماعة ، نص عليه [ في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي ] ، لما روي أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه جمع الناس على nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب فصلى بهم التراويح ومن أصحابنا من قال : فعلها منفردا أفضل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { صلى ليالي فصلوها معه ، ثم تأخر وصلى في بيته باقي الشهر } والمذهب الأول ، وإنما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم لئلا تفرض عليهم ، وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18482خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ) . }
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بلفظه ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم جميعا مختصرا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36979من قام رمضان إيمانا [ ص: 526 ] واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه } وأما حديث جمع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الناس على nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب رضي الله عنهما فصحيح رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه ، وهو حديث طويل ، وأما الحديثان الآخران أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ليالي فصلوها معه ثم تأخر ، والحديث الآخر { nindex.php?page=hadith&LINKID=18482خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها } فرواهما nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها . قوله " من غير أن يأمرهم بعزيمة " معناه لا يأمرهم به أمر تحتيم وإلزام وهو العزيمة ، بل أمر ندب وترغيب فيه بذكر فضله . وقوله صلى الله عليه وسلم " إيمانا " أي تصديقا بأنه حق ، واحتسابا أي يفعله لله تعالى لا رياء ولا نحوه .
( أما حكم المسألة ) فصلاة التراويح سنة بإجماع العلماء ، ومذهبنا أنها عشرون ركعة بعشر تسليمات وتجوز منفردا وجماعة ، وأيهما أفضل ؟ فيه وجهان مشهوران كما ذكر المصنف ، وحكاهما جماعة قولين ( الصحيح ) باتفاق الأصحاب أن الجماعة أفضل ، وهو المنصوص في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي ، وبه قال أكثر أصحابنا المتقدمين .
( الثاني ) الانفراد أفضل ، وقد ذكر المصنف دليلهما . قال أصحابنا العراقيون والصيدلاني والبغوي وغيرهما من الخراسانيين : الخلاف فيمن يحفظ القرآن ولا يخاف الكسل عنها لو انفرد ، ولا تختل الجماعة في المسجد لتخلفه . فإن فقد أحد هذه الأمور فالجماعة أفضل بلا خلاف ، وأطلق جماعة في المسألة ثلاثة أوجه . ثالثها هذا الفرق . وممن حكى الأوجه الثلاثة القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في تعليقه وإمام الحرمين والغزالي قال صاحب الشامل : قال أبو العباس nindex.php?page=showalam&ids=11817وأبو إسحاق nindex.php?page=treesubj&link=1211_1212صلاة التراويح جماعة أفضل من الانفراد لإجماع الصحابة وإجماع أهل الأمصار على ذلك
( فرع ) يدخل nindex.php?page=treesubj&link=1215_26085وقت التراويح بالفراغ من صلاة العشاء ، ذكره البغوي وغيره ، ويبقى إلى طلوع الفجر وليصلها ركعتين ركعتين كما هو العادة ، فلو صلى أربع ركعات بتسليمة لم يصح . ذكره القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين في فتاويه ; لأنه خلاف المشروع ، قال : ولا تصح بنية مطلقة ، بل ينوي سنة التراويح أو صلاة التراويح أو قيام رمضان فينوي في كل ركعتين ركعتين من صلاة التراويح .
[ ص: 527 ] فرع ) في nindex.php?page=treesubj&link=1214مذاهب العلماء في عدد ركعات التراويح مذهبنا أنها عشرون ركعة بعشر تسليمات غير الوتر ، وذلك خمس ترويحات والترويحة أربع ركعات بتسليمتين ، هذا مذهبنا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود وغيرهم ، ونقله nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض عن جمهور العلماء . وحكي أن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود بن يزيد كان يقوم بأربعين ركعة ويوتر بسبع . وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك التراويح تسع ترويحات وهي ست وثلاثون ركعة غير الوتر . واحتج بأن أهل المدينة يفعلونها هكذا ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع قال : أدركت الناس وهم يقومون رمضان بتسع وثلاثين ركعة يوترون منها بثلاث . واحتج أصحابنا بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره بالإسناد الصحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قال : " كانوا يقومون على عهد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة ، وكانوا يقومون بالمائتين ، وكانوا يتوكئون على عصيهم في عهدnindex.php?page=showalam&ids=7عثمان من شدة القيام " وعن يزيد بن رومان قال . كان الناس يقومون في زمن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه بثلاث وعشرين ركعة ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في الموطأ عن يزيد بن رومان ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، لكنه مرسل ، فإن يزيد بن رومان لم يدرك nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي يجمع بين الروايتين بأنهم كانوا يقومون بعشرين ركعة ويوترون بثلاث ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أيضا قيام رمضان بعشرين ركعة . وأما ما ذكروه من فعل أهل المدينة فقال أصحابنا : سببه أن أهل مكة كانوا يطوفون بين كل ترويحتين طوافا ويصلون ركعتين ولا يطوفون بعد الترويحة الخامسة . فأراد أهل المدينة مساواتهم فجعلوا مكان كل طواف أربع ركعات فزادوا ست عشرة ركعة وأوتروا بثلاث فصار المجموع تسعا وثلاثين والله أعلم .
( فرع ) قال صاحبا الشامل والبيان وغيرهما ، قال أصحابنا : ليس لغير أهل المدينة أن يفعلوا في التراويح فعل أهل المدينة فيصلوها ستا وثلاثين ركعة ; لأن لأهل المدينة شرفا بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدفنه [ ص: 528 ] بخلاف غيرهم وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في تعليقه : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فأما غير أهل المدينة فلا يجوز أن يماروا أهل مكة ولا ينافسوهم .
( فرع ) nindex.php?page=treesubj&link=1216فيما كان السلف يقرءون في التراويح . روى nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في الموطأ عن nindex.php?page=showalam&ids=15855داود بن الحصين عن nindex.php?page=showalam&ids=13723عبد الرحمن الأعرج قال : " ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفر في رمضان . قال : وكان القارئ يقوم بسورة البقرة في ثمان ركعات ، وإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف . وروى nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أيضا عن عبد الله بن أبي بكر أنه قال : سمعت أبي يقول " كنا ننصرف في رمضان من القيام فنستعجل الخدم بالسحور مخافة الفجر " روى nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أيضا عن محمد بن يوسف عن nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد قال : " أمر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=155وتميما الداري أن يقوما للناس ، وكان القارئ يقرأ بالمائتين حتى كنا نعتمد على العصا من طول القيام ، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر " وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي قال : دعا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بثلاثة قراء فاستقرأهم ، فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ للناس ثلاثين آية ، وأمر أوسطهم أن يقرأ خمسا وعشرين ، وأمر أبطأهم أن يقرأ عشرين آية .
( فرع ) عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع الناس على قيام شهر رمضان ، الرجال على nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب والنساء على سليمان بن أبي حثمة وعن عرفجة الثقفي قال : " كان nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه يأمر الناس بقيام شهر رمضان ، ويجعل للرجال إماما وللنساء إماما ، فكنت أنا إمام النساء " رواهما nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . .
( فرع ) قد ذكرنا أن الصحيح عندنا أن nindex.php?page=treesubj&link=1211_1212فعل التراويح في جماعة أفضل من الانفراد ، وبه قال جماهير العلماء ، حتى أن علي بن موسى القمي ادعى فيه الإجماع ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف وآخرون : " الانفراد بها أفضل دليلنا إجماع الصحابة على فعلها جماعة كما سبق .