الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( nindex.php?page=treesubj&link=1614_1615وفعلها للرجال في المسجد أفضل ; لأنه أكثر جمعا ، وفي المساجد التي يكثر فيها الناس أفضل ; لما روى nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20783صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله - تعالى - } فإن كان في جواره مسجد مختل ففعلها في مسجد الجوار أفضل من فعلها في المسجد الذي يكثر الناس فيه ; لأنه إذا صلى في مسجد الجوار حصلت الجماعة في موضعين ، وأما النساء فجماعتهن في البيوت أفضل لما روى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30617لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن } " فإن أرادت المرأة حضور المساجد مع الرجال فإن كانت شابة أو كبيرة تشتهى كره لها الحضور ، وإن كانت عجوزا لا تشتهى لم يكره ; لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=38195نهى النساء عن الخروج إلا عجوزا في منقليها } ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=34أبي رواه أبو داود بإسناد فيه رجل لم يبينوا ، ولم يضعفه أبو داود ، وأشار nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهما إلى صحته ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر صحيح رواه أبو داود بلفظه هذا بإسناد صحيح على شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وحديث العجوز في منقليها غريب ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناد ضعيف موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=34467ما صلت امرأة صلاة أفضل من صلاة في بيتها [ ص: 93 ] إلا مسجدي مكة والمدينة إلا عجوزا في منقليها } والمنقلان الخفان ، هذا هو الصحيح المعروف عند أهل اللغة ، وذكر إمام الحرمين أنهما الخفان الخلقان ، وهما بفتح الميم وكسرها ، لغتان والفتح أشهر ، وقد أوضحتها في التهذيب .
( أما الأحكام ) ففيه مسائل : ( إحداها ) : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في المختصر والأصحاب : nindex.php?page=treesubj&link=1614_1615فعل الجماعة للرجل في المسجد أفضل من فعلها في البيت والسوق وغيرهما ; لما ذكرناه من الأحاديث في فضل المشي إلى المسجد ، ولأنه أشرف ، ولأن فيه إظهار شعار الجماعة ، فإن كان هناك مساجد فذهابه إلى أكثرها جماعة أفضل للحديث المذكور ، فلو كان بجواره مسجد قليل الجمع وبالبعد منه مسجد أكثر جمعا فالمسجد البعيد أولى إلا في حالين : ( أحدهما ) أن تتعطل جماعة القريب لعدوله عنه لكونه إماما ، أو يحضر الناس بحضوره ، فحينئذ يكون القريب أفضل ( الثاني ) : أن يكون إمام البعيد مبتدعا كالمعتزلي وغيره أو فاسقا أو لا يعتقد وجوب بعض الأركان فالقريب أفضل .
وحكى الخراسانيون وجها : أن مسجد الجوار أفضل بكل حال ، والصحيح الذي قطع به الجمهور هو الأول ، فإن كان مسجد الجوار لا جماعة فيه ، ولو حضر هذا الإنسان فيه لم يحصل جماعة ، ولم يحضر غيره فالذهاب إلى مسجد الجماعة أفضل بالاتفاق
( المسألة الثانية ) يسن nindex.php?page=treesubj&link=1615_1621_1609الجماعة للنساء بلا خلاف عندنا ، لكن هل تتأكد في حقهن كتأكدها في حق الرجال ؟ فيه الوجهان السابقان : ( أصحهما ) : المنع ، nindex.php?page=treesubj&link=1727_1650وإمامة الرجل بهن أفضل من إمامة امرأة ; لأنه أعرف بالصلاة ، ويجهر بالقراءة بكل حال ، لكن لا يجوز أن يخلو واحد بامرأة إن لم يكن محرما كما سنوضحه مبسوطا بدليله في باب صفة الأئمة حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى
( الثالثة ) : nindex.php?page=treesubj&link=1621_1615_27992جماعة النساء في البيوت أفضل من حضورهن المساجد للحديث المذكور .
قال أصحابنا : وصلاتها فيما كان من بيتها أستر أفضل لها لحديث nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=20802 : صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها ، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها } " رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
[ ص: 94 ] وإن nindex.php?page=treesubj&link=1615أرادت المرأة حضور المسجد للصلاة قال أصحابنا : إن كانت شابة أو كبيرة تشتهى كره لها وكره لزوجها ووليها تمكينها منه .
وإن كانت عجوزا لا تشتهى لم يكره ، وقد جاءت أحاديث صحيحة تقتضي هذا التفصيل .
منها ما روى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9585إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ولفظه nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم ، وفي رواية لهما : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9589إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن } " وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30617لا تمنعوا إماء الله مساجد الله } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33581لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
( فرع ) يستحب nindex.php?page=treesubj&link=1615للزوج أن يأذن لها إذا استأذنته إلى المسجد للصلاة إذا كانت عجوزا لا تشتهى وأمن المفسدة عليها وعلى غيرها للأحاديث المذكورة ، فإن منعها لم يحرم عليه ، هذا مذهبنا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وبه قال عامة العلماء ، ويجاب عن حديث " { nindex.php?page=hadith&LINKID=30608لا تمنعوا إماء الله مساجد الله } " بأنه نهي تنزيه لأن حق الزوج في ملازمة المسكن واجب فلا تتركه للفضيلة
( فرع ) nindex.php?page=treesubj&link=17571_1615_1636إذا أرادت المرأة حضور المسجد كره لها أن تمس طيبا ، وكره أيضا الثياب الفاخرة لحديث زينب الثقفية امرأة nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه وعنها قالت : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=10187إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30608لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، ولكن ليخرجن وهن تفلات } رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وتفلات بفتح التاء المثناة فوق وكسر الفاء أي تاركات الطيب
( فرع ) في nindex.php?page=treesubj&link=1609_1711مذاهب العلماء في الجماعة للنساء قد ذكرنا أن مذهبنا استحبابها لهن .
قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : كل صلاة استحب للرجال الجماعة فيها استحب الجماعة فيها للنساء فريضة كانت أو [ ص: 95 ] نافلة ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن عائشة وأم سلمة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك : لا تؤم المرأة أحدا في فرض ، ولا نفل قال : وقال أصحاب الرأي : يكره ويجزيهن ، قال : وقال الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : تؤمهن في النفل دون الفرض ، واحتج أصحابنا بحديث أم ورقة { nindex.php?page=hadith&LINKID=2948أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها } " رواه أبو داود ، ولم يضعفه وعن ريطة الحنفية قالت : " أمتنا عائشة فقامت بينهن في الصلاة المكتوبة " وعن حجيرة قالت : " أمتنا أم سلمة في صلاة العصر فقامت بيننا " رواهما nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بإسنادين صحيحين
( فرع ) في مذاهبهم في nindex.php?page=treesubj&link=1615حضور العجوز التي لا تشتهى المسجد للصلاة .
قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يكره ذلك في شيء من الصلاة ، قال العبدري : وبه قال أكثر الفقهاء .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يكره إلا في الفجر والعشاء والعيد ، دليلنا عموم الأحاديث الصحيحة في النهي عن منعهن المساجد