الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى ( وإن أدركه ، وهو راكع كبر للإحرام ، وهو قائم ثم يكبر للركوع ويركع ، فإن كبر تكبيرة [ واحدة ] نوى بها الإحرام ، وتكبيرة الركوع لم تجزئه عن الفرض ; لأنه أشرك في النية بين الفرض والنفل ، وهل تنعقد [ له ] صلاة نفل ؟ فيه وجهان : ( أحدهما ) : تنعقد ، كما لو أخرج خمسة دراهم ونوى بها الزكاة [ ص: 111 ] وصدقة التطوع ( والثاني ) لا تنعقد ; لأنه أشرك في النية بين تكبيرة هي شرط وتكبيرة ليست بشرط ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) إذا أدرك الإمام راكعا كبر للإحرام قائما ثم يكبر للركوع ويهوي إليه ، فإن وقع بعض تكبيرة الإحرام في غير القيام لم تنعقد صلاته فرضا بلا خلاف ، ولا تنعقد نفلا أيضا على الصحيح ، وفيه وجه سبق بيانه في أول صفة الصلاة وسبق هناك ، أن الأشهر من مذهب مالك أن المسبوق إذا أدرك الإمام راكعا ووقعت تكبيرة إحرامه في حد الركوع انعقدت صلاته فرضا ، دليلنا القياس على غير المسبوق ، وإذا كبر للإحرام فليس له أن يشتغل بالفاتحة بل يهوي للركوع مكبرا له ، وكذا لو أدركه قائما فكبر فركع الإمام بمجرد تكبيره .

                                      فلو اقتصر في الحالين على تكبيرة واحدة وأتى بها بكمالها في حال القيام فله أربعة أحوال : ( أحدها ) : أن ينوي تكبيرة الإحرام فقط فتصح صلاته فريضة ( الثاني ) : أن ينوي تكبيرة الركوع فلا تنعقد صلاته ( الثالث ) : ينويهما جميعا فلا تنعقد فرضا بلا خلاف ، وفي انعقادها نفلا ثلاثة أوجه : الصحيح باتفاق الأصحاب : لا تنعقد والثاني : تنعقد .

                                      والثالث حكاه القاضي أبو الطيب : إن كانت التي أحرم بها نافلة انعقدت نافلة ، وإن كانت فريضة فلا ( الحال الرابع ) : أن لا ينوي واحدة منهما ، بل يطلق التكبير ، فالصحيح المنصوص في الأم وقطع به الجمهور لا تنعقد .

                                      والثاني : تنعقد فرضا لقرينة الافتتاح ، ومال إليه إمام الحرمين .

                                      وأما قياس المصنف على من أخرج دراهم ونوى بها الزكاة وصدقة التطوع .

                                      فمراده أنه يقع صدقة تطوع بلا خلاف ، ولكنه قياس ضعيف أو باطل ، وليس بينها جامع وعلة معتبرة ، ولو كان فالفرق : أن الدراهم لم تجزه عن الزكاة ، فبقيت تبرعا ، وهذا معناه صدقة التطوع ، وأما تكبيرة الإحرام فهي ركن لصلاة الفرض ولصلاة النفل ، ولم تتمحض هذه التكبيرة للإحرام ، ولم تنعقد فرضا ، وكذا النفل ; إذ لا فرق بينهما في اعتبار تكبيرة الإحرام ، والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية