الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      باب صلاة المسافر قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( يجوز القصر في السفر لقوله تعالى - : ( { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } ) قال ثعلبة بن أمية : قلت لعمر رضي الله عنه : فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم وقد أمن الناس .

                                      قال عمر : عجبت مما عجبت منه فسألت صلى الله عليه وسلم فقال : { صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته } ولا يجوز القصر إلا في الظهر والعصر والعشاء الآخرة لإجماع الأمة .

                                      ويجوز ذلك في سفر الماء كما يجوز للراكب في البر ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث ثعلبة رواه مسلم ، وفيه التصريح بجواز القصر من غير خوف .

                                      وفيه جواز قول ( تصدق الله علينا ) وقد كرهه بعض السلف ، والصواب الذي عليه الجمهور لا كراهة فيه ، وقد ذكرته واضحا في آخر كتاب الأذكار ، وقوله تعالى - : ( { وإذا ضربتم في الأرض } ) الضرب في الأرض هو السفر .

                                      ( أما حكم المسألة ) فيجوز القصر في السفر في الظهر والعصر والعشاء ولا يجوز في الصبح والمغرب ولا في الحضر .

                                      وهذا كله مجمع عليه .

                                      وإذا [ ص: 210 ] قصر الرباعيات ردهن إلى ركعتين ، سواء كان خوف أم لا .

                                      وقال ابن عباس : الواجب في الخوف ركعة .

                                      وحكي هذا عن الحسن البصري ، والجمهور على الأول ، وتأولوا الحديث الثالث في صحيح مسلم عن ابن عباس : { فرضت الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة } على أن المراد ركعة مع الإمام وينفرد بالأخرى كما هو المشروع فيها .

                                      ويجوز القصر في سفر الماء في السفينة لأنه سفر داخل في نص القرآن والسنة .

                                      وسواء فيه من ركب مرة أو مرات ، والملاح الذي معه أهله وماله ويديم السير في البحر ، والمكاري وغيرهم ، فكلهم لهم القصر إذا بلغ سفرهم مسافة لو قدرت في البر بلغت ثمانية وأربعين ميلا هاشمية ، لكن الأفضل لهم الإتمام ، نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب ، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وداود وغيرهم ، إلا أن أبا حنيفة يشترط ثلاث مراحل وقال الحسن بن صالح وأحمد بن حنبل : لا يجوز للملاح القصر لأنه مقيم في أهله وماله .

                                      دليلنا أنه مسافر .

                                      وما قالوه ينتقض بالذي يديم كراء الإبل وغيرها والسير في البر فإن له القصر .




                                      الخدمات العلمية