قال المصنف رحمهم الله : ( فإن قسمها على ثمانية أسهم ( سهم ) للعامل ، وهو أول ما يبتدئ به ; لأنه يأخذه على وجه العوض ، وغيره يأخذه على [ وجه ] المواساة ، فإذا كان السهم قدر أجرته دفعه إليه ، وإن كان أكثر من أجرته رد الفضل على الأصناف ، وقسمه على سهامهم ، وإن كان أقل من أجرته تمم ، ومن أين يتمم ؟ قال كان الذي يفرق الزكاة هو الإمام : يتمم من سهم المصالح ، ولو قيل : يتمم من حق سائر الأصناف لم يكن به بأس ، فمن أصحابنا من قال : فيه قولان : ( أحدهما ) يتمم من حق سائر الأصناف ; لأنه يعمل لهم ، فكانت أجرته عليهم . الشافعي
( والثاني ) يتمم من سهم المصالح ; لأن الله تعالى جعل لكل صنف سهما ، فلو قسمنا ذلك الأصناف ، ونقصنا حقهم فضلنا العامل عليهم ، ومن أصحابنا من قال : الإمام بالخيار ، إن شاء تممه من سهم المصالح ، وإن شاء من سهامهم ; لأنه يشبه الحاكم ; لأنه يستوفي فيه حق الغير على وجه الأمانة ، ويشبه الأجير فخير بين حقيهما ، ومنهم من قال : إن كان [ قد ] بدأ بنصيبه فوجده ينقص تمم من سهامهم ، وإن كان بدأ بسهام الأصناف فأعطاهم ثم وجد منهم العامل ينقص تممه من سهم المصالح ; لأنه يشق عليه استرجاع ما دفع إليهم ، ومنهم من قال : إن فضل عن قدر حاجة الأصناف شيء تمم من الفضل ، فإن لم يفضل عنهم شيء تمم من سهم المصالح ، والصحيح هو الطريق الأول ، ويعطي الحاشر والعريف من سهم العامل ، لأنهم من جملة العمال ، وفي أجرة الكيال وجهان ، قال : هي على رب المال ; لأنها تجب للإيفاء ، والإيفاء حق على رب المال ، فكانت أجرته عليه ، وقال [ ص: 168 ] أبو علي بن أبي هريرة : تكون من الصدقة لأنا لو أوجبنا ذلك على رب المال زدنا على الفرض الذي وجب عليه في الزكاة ) . أبو إسحاق
التالي
السابق
( الشرح ) قال أصحابنا : إذا ، فإن لم يكن ثم عامل بأن دفعها إليه أرباب الأموال فرقها على باقي الأصناف ، وسقط نصيب العامل ، ووجب صرف جميعها إلى الباقين من الأصناف ، كما لو فقد صنف آخر ، وإن كان هناك عامل بدأ الإمام بنصيب العامل ، لما ذكره أراد الإمام قسم الزكاة المصنف ، وهذه البداءة مستحبة ليست بواجبة بلا خلاف . قال أصحابنا : وينبغي للإمام وللساعي إذا فوض إليه تفريق الزكوات أن يعتني بضبط المستحقين ، ومعرفة أعدادهم ، وقدر حاجاتهم واستحقاقهم ، بحيث يقع الفراغ من جميع الزكوات بعد معرفة ذلك أو معه ، ليتعجل وصول حقوقهم إليهم ، وليأمن من هلاك المال عنده . قال أصحابنا : ويستحق العامل قدر أجرة عمله قل أو كثر ، هذا المتفق عليه فإن كان نصيبه من قدر أجرته فقط أخذه . وإن كان أكثر من أجرته أخذ أجرته والباقي للأصناف بلا خلاف ; لأن الزكاة منحصرة في الأصناف ، فإذا لم يبق للعامل فيها حق تعين الباقي للأصناف ، وإن كان أقل من أجرته وجب إتمام أجرته بلا خلاف ، ومن أين يتمم ؟ فيه هذه الطرق الأربعة التي ذكرها المصنف ( الصحيح ) منها عند المصنف والأصحاب أنها على قولين ( أصحهما ) يتمم من سهام بقية الأصناف وهذا الخلاف إنما هو جواز التتميم من سهام بقية الأصناف .
( وأما ) بيت المال فيجوز التتميم منه بلا خلاف ، بل قال أصحابنا لو رأى الإمام أن يجعل أجرة العامل كلها من بيت المال ويقسم جميع الزكوات على بقية الأصناف جاز ; لأن بيت المال لمصالح المسلمين ، وهذا من المصالح . صرح بهذا كله صاحب الشامل وآخرون ، ونقل الرافعي اتفاق الأصحاب عليه ، والله أعلم . قال أصحابنا : ويعطي الحاشر والعريف والحاسب والكاتب والجابي والقسام وحافظ المال من سهم العامل ، لأنهم من العمال . ومعناه [ ص: 169 ] أنهم يعطون من السهم المسمى باسم العامل ، وهو ثمن الزكاة لأنهم يزاحمون العامل في أجرة مثله . قال أصحابنا : والحاشر هو الذي يجمع أرباب الأموال ، والعريف هو كالنقيب للقبيلة ، وهو الذي يعرف الساعي أهل الصدقات إذا لم يعرفهم : قال أصحابنا : ولا حق في الزكاة للسلطان ، ولا لولي الإقليم ولا للقاضي ، بل رزقهم إذا لم يتطوعوا من بيت المال في خمس الخمس المرصد للمصالح ; لأن عملهم عام في مصالح جميع المسلمين ، بخلاف عامل الزكاة ، قال أصحابنا : وإذا لم تقع الكفاية بعامل واحد أو كاتب واحد أو حاسب أو حاشر ونحوه ، زيد في العدد بقدر الحاجة ، وفي أجرة الكيال والوزان وعاد الغنم وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما ( أصحهما ) عند الأصحاب أنها على رب المال ، وهذا الخلاف في الكيال والوزان والعاد الذي يميز نصيب الأصناف [ من نصيب رب المال . فأما الذي يميز بين الأصناف ] فأجرته من سهم العامل بلا خلاف ، وممن نقل الاتفاق عليه صاحب البيان ، قال : ومؤنة إحضار الماشية ليعدها العامل تجب على رب المال ; لأنها للتمكين من الاستيفاء ، قال : وأجرة حافظ الزكاة وناقلها والبيت الذي تحفظ فيه الزكاة على أهل السهمان ومعناه أنها تؤخذ من جملة مال الزكاة قال : ويجوز أن يكون الحافظ والناقل هاشميا ومطلبيا بلا خلاف ، لأنه أجير محض . وذكر صاحب المستظهري في أجرة راعي أموال الزكاة بعد قبضها وحافظها وجهين : ( أصحهما ) وبه قطع صاحب العدة تجب في جملة الزكاة .
( والثاني ) تجب في سهم العامل خاصة . والله أعلم .
( وأما ) بيت المال فيجوز التتميم منه بلا خلاف ، بل قال أصحابنا لو رأى الإمام أن يجعل أجرة العامل كلها من بيت المال ويقسم جميع الزكوات على بقية الأصناف جاز ; لأن بيت المال لمصالح المسلمين ، وهذا من المصالح . صرح بهذا كله صاحب الشامل وآخرون ، ونقل الرافعي اتفاق الأصحاب عليه ، والله أعلم . قال أصحابنا : ويعطي الحاشر والعريف والحاسب والكاتب والجابي والقسام وحافظ المال من سهم العامل ، لأنهم من العمال . ومعناه [ ص: 169 ] أنهم يعطون من السهم المسمى باسم العامل ، وهو ثمن الزكاة لأنهم يزاحمون العامل في أجرة مثله . قال أصحابنا : والحاشر هو الذي يجمع أرباب الأموال ، والعريف هو كالنقيب للقبيلة ، وهو الذي يعرف الساعي أهل الصدقات إذا لم يعرفهم : قال أصحابنا : ولا حق في الزكاة للسلطان ، ولا لولي الإقليم ولا للقاضي ، بل رزقهم إذا لم يتطوعوا من بيت المال في خمس الخمس المرصد للمصالح ; لأن عملهم عام في مصالح جميع المسلمين ، بخلاف عامل الزكاة ، قال أصحابنا : وإذا لم تقع الكفاية بعامل واحد أو كاتب واحد أو حاسب أو حاشر ونحوه ، زيد في العدد بقدر الحاجة ، وفي أجرة الكيال والوزان وعاد الغنم وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما ( أصحهما ) عند الأصحاب أنها على رب المال ، وهذا الخلاف في الكيال والوزان والعاد الذي يميز نصيب الأصناف [ من نصيب رب المال . فأما الذي يميز بين الأصناف ] فأجرته من سهم العامل بلا خلاف ، وممن نقل الاتفاق عليه صاحب البيان ، قال : ومؤنة إحضار الماشية ليعدها العامل تجب على رب المال ; لأنها للتمكين من الاستيفاء ، قال : وأجرة حافظ الزكاة وناقلها والبيت الذي تحفظ فيه الزكاة على أهل السهمان ومعناه أنها تؤخذ من جملة مال الزكاة قال : ويجوز أن يكون الحافظ والناقل هاشميا ومطلبيا بلا خلاف ، لأنه أجير محض . وذكر صاحب المستظهري في أجرة راعي أموال الزكاة بعد قبضها وحافظها وجهين : ( أصحهما ) وبه قطع صاحب العدة تجب في جملة الزكاة .
( والثاني ) تجب في سهم العامل خاصة . والله أعلم .