الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      ( فرع ) اتفق أصحابنا على أن من أفسد حجا مفردا أو عمرة مفردة فله أن يقضيه مع النسك الآخر قارنا ، وله أن يقضيه متمتعا ، واتفقوا على أن للقارن والمتمتع أن يقضيا على سبيل الإفراد ، ولا يسقط دم القران بالقضاء على سبيل الإفراد ، قال الشافعي والأصحاب : إذا أفسد القارن [ ص: 402 ] لزمه البدنة للإفساد ، ويلزمه شاة للقران ، وإذا قضاه قارنا لزمه شاة أخرى للقران الثاني ، وإن قضاه مفردا لزمه أيضا شاة أخرى ، لأنه الذي وجب عليه أن يقضي قارنا ، فلما أفرد كان متبرعا بالإفراد فلا يسقط عنه الدم ، هكذا نقله القاضي أبو الطيب في تعليقه عن الشافعي ، واتفق الأصحاب في الطريقتين على أن القارن إذا أفسده وقضاه مفردا يلزمه مع البدنة شاتان ، شاة في السنة الأولى للقران الفاسد ، وشاة في السنة الثانية لأن واجبه القران وفيه شاة ، فإذا عدل إلى الإفراد لم تسقط عنه الشاة ، وكل الأصحاب مصرحون بهذا ، منهم الشيخ أبو حامد في تعليقه ، والقاضي أبو الطيب في كتابيه التعليق والمجرد ، والمحاملي في كتابيه ، والماوردي في الحاوي ، وابن الصباغ والمتولي ، وصاحب البيان ، وآخرون ولا خلاف فيه .

                                      قال الشيخ أبو حامد في تعليقه والماوردي والمحاملي والقاضي أبو الطيب في المجرد : قال الشافعي : وإذا قضى القارن نسكيه مفردا لم يكن له ذلك قالوا : ومراده لم يكن له إسقاط الدم عنه بالإفراد ، بل عليه دم القران للقضاء ، وإن قضاه مفردا لم يرد أن فرض الحج والعمرة الواجبين بالقران الفاسد لا يسقطان عنه إفرادهما ، وإنما أراد أن الدم لا يسقط ، هكذا ذكر التأويل هؤلاء ونقله الماوردي والقاضي أبو الطيب في المجرد عن أصحابنا كلهم ، ولا خلاف فيه ، وإنما بسطت هذا الكلام بعض البسط لأن عبارة المصنف غير موضحة لمقصود المسألة ، بل موهمة خلاف الصواب ، والوهم حاصل من تعليله في قوله : لا يسقط دم القران لأنه واجب عليه فلا يسقط بالإفساد ، كدم الطيب ، وهذا التعليل يوهم أنه يلزمه دم بسبب إفساد القران وأنه لا يلزمه في القضاء مفردا دم آخر ، وليس الحكم كذلك ، بل يلزمه في القضاء مفردا دم آخر بلا خلاف ، كما حكيناه عن الأصحاب ، ودليله ما ذكرناه . ويجاب عن كلام المصنف أنه ذكر أن الدم الواجب بالقران في سنة [ ص: 403 ] الإفساد لا يسقط ، ولم يقل : أنه لا يجب في القضاء مفردا دم آخر ، بل سكت عن إثباته ونفيه ، فيكون ساكتا عن مسألة ، وليس ذلك غلطا إنما هو فوات فضيلة وفائدة .

                                      ( واعلم ) أن صاحب الإبانة حكى وجها أنه لا يلزم القارن شاة في سنة الإفساد ، لأن نسكه لم يصح قرانا ، فلم يلزم الدم ، وتابعه على حكايته عنه صاحب البيان وغيره ، وهذا الوجه غلط ، وإنما أذكره للتنبيه على بطلانه لئلا يغتر به ، فإنه خطأ من حيث المذهب ، ومن حيث الدليل ، ( أما ) المذهب ، فالأصحاب مطبقون على خلافه ، ( وأما ) الدليل فلأنه يجب عليه المضي في فاسده ويبقى له حكم الصحيح ، ومن أحكام الصحيح وجوب الدم والله أعلم . قال أصحابنا : وإذا جامع القارن - فإن كان قبل التحليل الأول - فسد حجه وعمرته بلا خلاف ، ولزمته بدنة واحدة بسبب الإفساد لاتحاد الإحرام ، ويلزمه مع ذلك شاة للقران وفيه الوجه الضعيف المحكي عن صاحب الإنابة . وإن جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني لم يفسد حجه بلا خلاف ، ولا تفسد عمرته أيضا على المذهب ، وبه قطع الجمهور ، وفيه وجه حكاه البغوي وغيره عن أبي بكر الأودني من متقدمي أصحابنا أنه تفسد عمرته ، لأنه لم يأت بشيء من أعمالها ، قال البغوي وغيره ممن حكى هذا الوجه : هذا غلط ، لأن العمرة في القران تتبع الحج ، فإذا لم يفسد الحج لم تفسد العمرة ، ولهذا يحل للقارن معظم محظورات الإحرام بعد التحلل الأول ، وإن لم يأت بأعمال العمرة لأنه لو فاته الوقوف بعرفات فاته الحج ، وكذا العمرة على الصحيح كما سنذكره قريبا إن شاء الله - تعالى - . فإن كان وقت العمرة موسعا ، ولأنه لو قدم القارن مكة وطاف وسعى ثم جامع ، بطل حجه وعمرته وإن كان قد فرغ من أعمال العمرة ، والله أعلم .

                                      التالي السابق


                                      ( فرع ) قال أصحابنا : إذا فات القارن الحج لفوات الوقوف ، فهل يحكم بفوات عمرته فيه قولان : ( أصحهما ) نعم ، تبعا للحج ، كما [ ص: 404 ] تفسد بفساده ، ( والثاني ) لا ، لأنها لا تفوت ، وأنه يتحلل بعملها ، فإن قلنا بفوتها فعليه دم واحد للفوات ، ولا يسقط دم القران ، فإذا قضاهما فالحكم كما ذكرناه في قضائهما عند الإفساد ، فإن قرن في القضاء أو تمتع فعليه دم ثالث ، وإن أفرد فكذلك على المذهب ، وفيه الخلاف السابق عن الإبانة ومتابعيه .



                                      ( فرع ) إذا كانت المرأة الموطوءة محرمة أيضا نظر - إن جامعها نائمة أو مكرهة - فهل يفسد حجها وعمرتها ؟ وفيه طريقان : ( أصحهما ) على القولين في وطء الناسي هل يفسد الحج ؟ : ( أصحهما ) لا يفسد وبهذا الطريق قطع ابن المرزباني ، والقاضي أبو الطيب في كتابه المجرد ، ( والثاني ) وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه لا يفسد وجها واحدا ، وعلى هذا فالفرق أن المكرهة لا فعل لها بخلاف الناسي ، وممن حكى الطريقين الدارمي ، وإن كانت طائعة عالمة فسد نسكها كالرجل ولزمها المضي في فاسده والقضاء ، ( وأما ) البدنة فهل تجب عليها أم لا ؟ فيه طريقان مشهوران : ( أحدهما ) حكاه الخراسانيون وجماعة من العراقيين يجب عليها بدنة في مالها قولا واحدا كما يجب على الرجل بدنة ، ( والطريق الثاني ) أن فيه الأقوال الثلاثة السابقة في جماع الصائم الصائمة : ( أحدها ) تجب على كل واحد منهما بدنة ، ( والثاني ) تجب عليه بدنة عنه وعنها ، ( والثالث ) تجب عليه بدنة عن نفسه فقط ولا شيء عليها ، وهذا الطريق أشهر ، وبه قطع أكثر العراقيين . ومن قال بالأول فرق بأن الصائمة تفطر بكل واصل إلى باطنها ، ولا يفطر الرجل إلا بالجماع ، ولو أدخل الرجل أصبعه في فرجها لم يبطل صومه وبطل صومها ، وأما الحج فلا يبطل حجها إلا بالجماع ، فلو أدخلت أصبعها أو نحوها لم يبطل حجها فهي في الحج كالرجل لا فرق بينهما في الجماع بخلاف الصوم فإن بطلان صومها لا يتعين لكونه جماعا ، بل [ ص: 405 ] لدخول الداخل ، فلا تلزمها الكفارة وانفرد الدارمي بطريقة أخرى سبق له مثلها في الوطء في نهار رمضان فقال : في الكفارة أربعة أقوال ككفارة الصيام : ( أحدها ) يلزمه بدنة عنه فقط ، ( والثاني ) بدنة عنه وعنها ، ( والثالث ) يلزمه بدنتان بدنة عنه وبدنة عنها ، ( والرابع ) يلزمه بدنة ، ويلزمها في مالها بدنة أخرى . وذكر الماوردي في الحاوي الأقوال الأربعة .



                                      ( فرع ) أما نفقة الزوجة في قضاء الحج ، فإن كانت معه في القضاء لزمته قدر نفقة الحضر بلا خلاف وفي الزائد وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما : ( أصحهما ) يلزم الزوج ، ( والثاني ) يجب في مالها ومأخذ الخلاف أن الشافعي - رحمه الله - قال : يحج بامرأته واختلفوا في مراده فقيل : أراد وجوب ذلك عليه وهذا هو ظاهر كلامه وهو الأصح عند الأصحاب وقيل : إنه يأذن لها في الحج ومنهم من قال : أراد أنه يستحب له ذلك قال القاضي حسين : والزاد والراحلة من النفقة الزائدة ففيها الوجهان قال القاضي حسين والبغوي : ولو زمنت الزوجة وصارت معضوبة هل يلزم الزوج أن يستأجر من ماله من يحج عنها قضاء ؟ فيه الوجهان في النفقة الزائدة والله أعلم .

                                      ( وأما ) قول المصنف : أحد الوجهين تجب النفقة في مالها كنفقة الأداء ، فمراده إذا سافرت وحدها للحج بغير إذن الزوج أو بإذنه فإنها إذا سافرت بغير إذنه فلا نفقة لها بلا خلاف وإذا سافرت بإذنه ففي وجوب نفقتها عليه قولان مشهوران ذكرهما المصنف والأصحاب في كتاب النفقات : ( الأصح ) لا تجب عليه ، فقاس المصنف على الأصح ، ( وأما ) إذا سافرت في الأداء معه فيجب نفقتها عليه بلا خلاف ولأنها في قبضته ، وقد ذكره المصنف والأصحاب في كتاب النفقات ، ولم يوضح المصنف المسألة هنا وحكمها ما ذكرناه والله أعلم . قال المصنف : وفي ثمن الماء الذي تغتسل به وجهان هذان الوجهان مشهوران ، وقد سبق بيانهما في آخر باب صفة [ ص: 406 ] الغسل ، وذكرنا هناك حكم ماء غسلها من الوطء والنفاس والحيض والاحتلام وماء وضوئها من لمسة أو غيره ، وماء طهارة المملوك وأوضحناه كله ولله الحمد . قال الماوردي : فإن كانت الموطوءة أجنبية وطئها بشبهة أو زنا فمؤنتها في مالها بلا خلاف ، وإن كانت أمة للواطئ فعليه مؤنتها في القضاء بلا خلاف والله أعلم .



                                      ( فرع ) إذا خرج الرجل وزوجته المفسدين ليقضيا الحج أو العمرة ، واصطحبا في طريقهما استحب لهما أن يفترقا من حين الإحرام ، فإذا وصلا إلى الموضع الذي جامعها فيه فهل يجب المفارقة ؟ فيه خلاف حكاه المصنف والجمهور وجهين ، واتفقوا على أن الأصح أنه مستحب ليس بواجب ، ( والثاني ) أنه واجب ، وقال القاضي أبو حامد في جامعه والدارمي والقاضيان أبو الطيب وحسين في تعليقهما ، والمتولي والبغوي وغيرهم : هذا الخلاف قولان : ( الجديد ) أنه مستحب ، ( والقديم ) واجب ( فإن قلنا ) : يجب فتركاه أثما وصح حجهما ، ولا دم عليهما ، وإذا تفرقا لم يجتمعا إلا بعد التحلل ، سواء قلنا : التفرق واجب أو مستحب صرح به القاضي أبو الطيب في تعليقه والدارمي وغيرهما ، قال الماوردي : ويعتز لها في السير والمنزل ، والله أعلم .



                                      ( فرع ) قال أصحابنا : المفسد لحجه وعمرته إذا مضى في فساده ، وارتكب محظورا بعد الإفساد أتم ولزمه الكفارة ، فإذا تطيب أو لبس أو قتل صيدا أو فعل غير ذلك من المحظورات ، لزمه الفدية ولا يستثنى من هذا إلا الجماع مرة ثانية ، ففيه الخلاف الذي سنذكره قريبا إن شاء الله ، ولا خلاف فيما ذكرناه إلا ما انفرد به المتولي ، فإنه حكى قولا شاذا ضعيفا أنه لا يلزمه شيء بارتكاب المحظورات كما لو وطئ في نهار رمضان ثم وطئ ثانيا ، لا شيء عليه مع وجوب الإمساك ، وهذا القول باطل والله أعلم .

                                      [ ص: 407 ] فرع ) هذا الذي ذكرناه كله في جماع العامد العالم بتحريمه المختار له العاقل ، ( أما ) الناسي والجاهل والمكره والمجنون والمغمى عليه ، فقد سبق بيان حكمهم في الباب الذي قبل هذا ، والله أعلم .



                                      ( فرع ) إذا أحرم مجامعا ففيه ثلاثة أوجه ، حكاها البغوي والمتولي وغيرهما : ( أصحهما ) لا ينعقد إحرامه ، كما لا تنعقد الصلاة مع الحدث ، ( والثاني ) ينعقد صحيحا فإن نزع في الحال فذاك وإلا فسد نسكه ، وعليه المضي في فاسده والقضاء والبدنة ، واحتجوا له بالقياس على الصوم فيما إذا طلع الفجر وهو مجامع ، إن نزع في الحال ، صح صومه وإلا فسد ، ( والثالث ) ينعقد فاسدا وعليه القضاء والمضي في فاسده ، سواء نزع أو مكث ، ( وأما ) الكفارة فإن نزع في الحال لم يجب شيء وإن مكث وجبت وفي الواجب القولان في نظائره : ( أحدهما ) بدنة ، ( والثاني ) شاة واستدل البغوي لهذا الوجه الثالث بأن الحج لا يبطل ولا يخرج منه بمنافيه وهو الجماع فلا يمتنع انعقاده معه بخلاف الصلاة والله أعلم .



                                      ( فرع ) إذا ارتد في أثناء حجته أو عمرته فوجهان مشهوران ، وقد ذكرهما المصنف في آخر باب الفوات والإحصار : ( أصحهما ) يفسد كالصوم والصلاة صححه الأصحاب ونقله إمام الحرمين عن الأكثرين ، وهذا هو الأصح عند الشيخ أبو حامد ، ( والثاني ) لا يفسد كما لا يفسد بالجنون ، فعلى هذا لا يعتد بالمفعول في حال الردة ، لكن إذا أسلم بنى على ما فعله قبل الردة إن كان وقف بعرفات إن كان وقت الوقوف باقيا فإن لم يكن وقف وأسلم بعد فوات وقته لزمه أن يتحلل بعمل عمرة وعليه القضاء كسائر أنواع الفوات وسواء طال زمن الردة أم قصر فالوجهان جاريان ، ( إن قلنا ) : بالفساد فوجهان حكاهماإمام الحرمين وغيره : ( أصحهما ) وبه قطع المصنف والأكثرون يبطل النسك من أصله فلا يمضي فيه لا في الردة ولا بعد الإسلام ، ( والثاني ) أنه كالإفساد بالجماع فيمضي في فاسده إن [ ص: 408 ] أسلم ، لكن لا كفارة عليه ، وحكى الدارمي في آخر باب الإحصار وجها عن حكاية ابن القطان أنه يبطل حجه وعليه بدنة ، وهذا شاذ ضعيف ، والله أعلم .



                                      ( فرع ) قد ذكرنا أنه يجب على من أفسد حجه أو عمرته بالجماع دم واختلف الأصحاب فيه هل هو دم تخيير أم لا ؟ ففيه طرق : ( أصحها ) عند المصنف وسائر الأصحاب ، وهو المنصوص في المختصر وغيره ، قال القاضي أبو الطيب في تعليقه : هو نص الشافعي في عامة كتبه أنه دم ترتيب وتعديل ، فيجب بدنة فإن عجز عنها فبقرة ، وإن عجز فسبع شياه ، فإن عجز قوم البدنة دراهم بسعر مكة حال الوجوب ، ثم الدراهم بطعام وتصدق به ، فإن عجز عنه صام عن كل مد يوما .

                                      ( والطريق الثاني ) طريق أبي العباس بن سريج أن في المسألة قولين ، حكاه عنه القاضي حسين وغيره : ( أصحهما ) كالطريق الأول ، ( والثاني ) أنه مخير بين هذه الأشياء الخمسة ، وهي البدنة والبقرة والشاة والإطعام والصيام ، فأيها شاء فعله وأجزأه مع القدرة على الثاني .

                                      ( والطريق الثالث ) حكاه المصنف والأصحاب عن أبي إسحاق المروزي أن في المسألة قولين : ( أصحهما ) الطريق الأول ، ( والثاني ) أنه مخير بين الثلاثة الأولى وهي البدنة والبقرة والشاة فلا يجزئ الإطعام والصيام مع القدرة على واحد من الثلاثة ، فإن عجز عن الثلاثة قوم أيها شاء وتصدق بقيمته طعاما ، فإن عجز عنه صام عن كل مد يوما .

                                      ( والطريق الرابع ) أنه يجب بدنة فإن عجز فبقرة فإن عجز فسبع شياه فإن عجز قوم البدنة وصام ، فإن عجز عن الصيام أطعم فيقدم الصيام على الإطعام ككفارة الظهار ونحوها . وقيل : لا مدخل للإطعام والصيام هنا بل إذا عجز عن الغنم ثبت الهدي في ذمته إلى أن يجد تخريجا من أحد القولين في دم الإحصار والله أعلم . [ ص: 409 ] وحيث قلنا : بالصيام فإن كسر مد صام عن بعض المد يوما كاملا بلا خلاف كما في نظائره من اليمين وغيرها . وممن صرح به الماوردي ، وحيث قلنا بالإطعام قال صاحب البحر : أقل ما يجزئ أن يدفع الواجب إلى ثلاثة من مساكين الحرم إن أمكنه ثلاثة فإن دفع إلى اثنين مع القدرة على ثالث ضمن ، وفي قدر الضمان وجهان أحدهما الثلث ( وأصحهما ) ما يقع عليه الاسم ، وهما كالخلاف فيمن دفع نصيب صنف من أهل الزكاة إلى اثنين ، فإن فرق على مساكين فهل يتعين لكل مسكين مد أم لا ؟ فيه وجهان حكاهما الماوردي والروياني وغيرهما ( أصحهما ) لا يتعين ، بل يجوز أن يعطي المسكين أقل من مد وأكثر من مد ، كما لو ذبح الدم وفرق اللحم ، فإنه لا يتقدر بشيء ، ويجزئ أن يدفع إلى المسكين القليل والكثير ( الثاني ) يتقدر بمد كالكفارة ، فإن أعطاه أكثر لم تحسب الزيادة ، وإن أعطاه أقل من مد لم يحسب شيء منه إلا أن يعطيه تمام المد ، والله أعلم . وحيث قلنا بالبدنة أو البقرة أو الشاة ، فالمراد ما يجزئ في الأضحية بلا خلاف ، وسيأتي إيضاحه في آخر هذا الباب إن شاء الله - تعالى - . والله أعلم .



                                      ( فرع ) لو وطئ المحرم زوجات له فهو كوطء الواحدة فيفسد حجه وحجهن ، وعليه وعليهن المضي في فاسده والقضاء ، قال الدارمي : وحكم نفقتهن وغيرها كما مضى




                                      الخدمات العلمية