الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( ولا يجوز nindex.php?page=treesubj&link=25509إخراج تراب الحرم وأحجاره ; لما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر رضي الله عنهما أنهما كانا يكرهان أن يخرج من تراب الحرم إلى الحل ، أو يدخل من تراب الحل إلى الحرم . وروى عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال : " قدمت مع أمي أو مع جدتي مكة فأتينا nindex.php?page=showalam&ids=10941صفية بنت شيبة ، فأرسلت إلى الصفا فقطعت حجرا من جنابه فخرجنا به ، فنزلنا أول منزل ، فذكر من علتهم جميعا ، فقالت أمي أو جدتي : ما أرانا أتينا إلا أنا أخرجنا هذه القطعة من الحرم ، قال : وكنت أنا أمثلهم ، فقالت لي : انطلق بهذه القطعة إلى صفية فردها ، وقل لها : إن الله - عز وجل - وضع في حرمه شيئا لا ينبغي أن يخرج منه ، قال عبد الأعلى : فما هو إلا أن نحينا ذلك فكأنما أنشطنا من عقال " ويجوز إخراج ماء زمزم ، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " استهدى راوية من ماء زمزم ، فبعث إليه براوية من ماء ، ولأن الماء يستخلف بخلاف التراب والأحجار ) .
( الشرح ) أما حديث ماء زمزم فروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13463استهدى النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو من ماء زمزم } " وبإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=894أرسلني صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة قبل أن يفتح مكة إلى nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو أن أهد لنا من ماء زمزم ولا تترك ، فبعث إليه بمزادتين } وعن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير { nindex.php?page=hadith&LINKID=6511أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها كانت تحمل ماء زمزم ، وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله } " رواه الترمذي وقال : حديث حسن الإسناد ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي هكذا ثم قال : وفي رواية : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18194حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأداوى والقرب ، وكان يصب على المرضى ويسقيهم } [ ص: 459 ] وأما ) تراب الحرم وأحجاره فروى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر أنهما كرها أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل شيء .
( وأما ) حديث عبد الأعلى الذي ذكره المصنف فرواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بلفظ يخالف رواية المصنف ، فلفظهما عن عبد الأعلى قال : " قدمت مع أمي ، أو قال جدتي فأتتها nindex.php?page=showalam&ids=10941صفية بنت شيبة فأكرمتها ، وفعلت بها قالت صفية : ما أدري ما أكافئها به فأرسلت إليها بقطعة من الركن فخرجنا بها ، فنزلنا أول منزل ، فذكرنا من مرضهم وعلتهم جميعا ، قال : فقالت أمي أو جدتي : ما أرانا أتينا إلا أنا أخرجنا هذه القطعة من الحرم ، فقالت لي وكنت أمثلهم انطلق بهذه القطعة إلى صفية فردها ، وقل لها : إن الله - تعالى - قد وضع في حرمه شيئا فلا ينبغي أن يخرج منه ، قال عبد الأعلى : فقالوا لي : فما هو إلا أن نجينا بدخولك الحرم ، فكأنما أنشطنا من عقل " هذا لفظ رواية nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهما .
وذكر أبو الوليد الأزرقي في كتاب مكة في فضل الحجر الأسود أنها أعطتهم قطعة من الحجر الأسود ، كانت عندها أصابتها حين اقتلع الحجر في زمن nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير ، حين حاصره nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج ، وهذا معنى رواية nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قطعة من الركن أي الركن الأسود ، والمراد الحجر الأسود والله أعلم وعبد الأعلى هذا تابعي قريشي ، ( وأما ) صفية هذه فهي صحابية قريشية عبدرية وهي nindex.php?page=showalam&ids=10941صفية بنت شيبة الصحابي ، حاجب الكعبة ، وهو nindex.php?page=showalam&ids=4137شيبة بن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة . واسم طلحة هذا عبد الله بن عثمان بن عبد الدار بن قصي قالت صفية : { nindex.php?page=hadith&LINKID=19111رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلم الركن بمحجن } " رواه أبو داود ، ولها في الصحيحين خمسة أحاديث عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة .
أما الأحكام ففيه مسائل : ( إحداها ) اتفقت نصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب على جواز nindex.php?page=treesubj&link=25509نقل ماء زمزم إلى جميع البلاد ، واستحباب أخذه للتبرك ، ودليله ما ذكره المصنف مع ما ذكرته ( الثانية ) اتفقوا على أن الأولى أن [ ص: 460 ] لا يدخل تراب الحل وأحجاره الحرم ; لئلا يحدث لها حرمة لم تكن ، ولا يقال : إنه مكروه ; لأنه لم يرد فيه نهي صحيح صريح ، وأما قول صاحب البيان : قال الشيخ أبو إسحاق : لا يجوز nindex.php?page=treesubj&link=25509إدخال شيء من تراب الحل وأحجاره إلى الحرم فغلط منه ، ولم يذكر الشيخ أبو إسحاق هذا الذي ادعاه ، ( الثالثة ) قال المصنف لا يجوز إخراج تراب الحرم وأحجاره إلى الحل ، هذه عبارة المصنف ، وكذا قال المحاملي في كتابيه المجموع والتجريد : لا يجوز إخراجهما ، وتابعهما صاحب البيان في هذه العبارة ، وقال صاحب الحاوي : يمنع من إخراجهما ، وقال الدارمي : لا يخرجهما ، وقال كثيرون ، أو الأكثرون من أصحابنا : يكره إخراجهما ، فأطلقوا لفظ الكراهية . ممن قال يكره : الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في تعليقه ، وأبو علي البندنيجي ، والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والبغوي والمتولي وصاحب العدة والرافعي وآخرون .
وقال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في كتابه المجرد : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الجامع الكبير ولا أجيز في أن يخرج من حجارة الحرم وترابه شيئا إلى الحل ; لأن له حرمة قال : وقال في القديم : ثم أكره إخراجهما ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ورخص بعض الناس في ذلك ، واحتج بشراء البرام من مكة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هذا غلط فإن البرام ليست من حجارة الحرم ، بل تحمل من مسيرة يومين أو ثلاثة من الحرم . هذا نقل nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي . وهكذا نقل الأصحاب عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي نحو هذا فحصل خلاف للأصحاب في أن إخراجهما مكروه أو حرام ، قال المحاملي وغيره : فإن أخرجه فلا ضمان ، قال الماوردي وغيره : وإذا أخرجه فعليه رده إلى الحرم ، قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في موضع آخر ، وهو آخر الحج من تعليقه : ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هذه المسألة في الأمالي القديمة ، وعللها بأن الحرم بقعة تخالف سائر البقاع ، ولها شرف على غيرها بدليل اختصاص النسكين بها ووجوب الجزاء في صيدها فلا تفوت هذه الحرمة لترابها ، والله أعلم .
[ ص: 461 ] فرع ) في حكم سترة الكعبة ، قال صاحب التلخيص : لا يجوز nindex.php?page=treesubj&link=25509بيع أستار الكعبة ، وكذا قال أبو الفضل بن عبدان من أصحابنا : لا يجوز قطع أستار الكعبة ، ولا قطع شيء من ذلك ، قال ولا يجوز نقله ولا بيعه وشراؤه ، خلاف ما يفعله العامة : يشترونها من بني شيبة ، وربما وضعوه في أوراق المصاحف ، قال : ومن حمل منه شيئا لزمه رده . وحكى الرافعي قول ابن عبدان وسكت عليه ولم يذكر غيره ، فكأنه ارتضاه ووافقه عليه ، وكذا قال أبو عبد الله الحليمي من أئمة أصحابنا : لا ينبغي أن يؤخذ منها شيء ، وحكى الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12795أبو عمرو بن الصلاح قول الحليمي وابن عبدان ثم قال : الأمر فيها إلى الإمام يصرفها في بعض مصارف بيت المال بيعا وعطاء ، واحتج بما رواه الأزرقي صاحب كتاب مكة ، أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ينزع كسوة البيت كل سنة ، فيقسمها على الحاج ، وهذا الذي اختاره الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12795أبو عمرو حسن متعين ; لئلا يؤدي إلى تلفها بطول الزمان .
وقد روى الأزرقي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ما سبق ، وروى الأزرقي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما أنهما قالا : تباع كسوتها ويجعل ثمنها في سبيل الله والمساكين وابن السبيل ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعائشة وأم سلمة : لا بأس أن يلبس كسوتها من صارت إليه من حائض وجنب وغيرهما ، والله أعلم .
( فرع ) لا يجوز nindex.php?page=treesubj&link=25509أخذ شيء من طيب الكعبة لا للتبرك ولا لغيره ، ومن أخذ شيئا منه لزمه رده إليها ، فإن أراد التبرك أتى بطيب من عنده فمسحها به ثم أخذه ، والله أعلم .
( فرع ) مهم في بيان nindex.php?page=treesubj&link=24108حدود حرم مكة الذي يحرم فيه الصيد والنبات ، ويمنع أخذ ترابه وأحجاره ، وبيان ما يتعلق به من الأحكام وما يخالف فيه غيره من الأرض ، وفيه مسائل : ( إحداها ) في حدود الحرم ، وقد ذكرها المصنف في أواخر كتاب الجزية مختصرة - والله أعلم - أن الحرم [ ص: 462 ] هو مكة ، وما أحاط بها من جوانبها جعل الله - تعالى - لها حكمها في الحرمة تشريفا لها ، ومعرفة حدود الحرم من أهم ما يعتنى به لكثرة ما يتعلق به من الأحكام وقد اجتهدت في إيضاحه وتتبع كلام الأئمة في إتقانه على أكمل وجوهه بحمد الله - تعالى - ، فحد الحرم من جهة المدينة دون التنعيم عند بيوت بني نفار ، على ثلاثة أميال من مكة ، ومن طريق اليمن ، طرف أضاة لبن على سبعة أميال من مكة ، ومن طريق الطائف على عرفات من بطن نمرة على سبعة أميال ، ومن طريق العراق على ثنية جبل بالمقطع على سبعة أميال ومن طريق الجعرانة في شعب آل عبد الله بن خالد على تسعة أميال ، ومن طريق جدة منقطع الأعشاش على عشرة أميال من مكة .
هكذا ذكر هذه الحدود أبو الوليد الأزرقي في كتاب مكة وأبو الوليد هذا أحد أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الآخذين عنه ، الذين رووا عنه الحديث والفقه .
وكذا ذكر هذه الحدود الماوردي صاحب الحاوي في كتابه الأحكام السلطانية وكذا ذكرها المصنف وأصحابنا في كتب المذهب ، إلا أن عبارة بعضهم أوضح من بعض ، لكن الأزرقي قال في حده من طريق الطائف أحد عشرة ميلا ، والذي قاله الجمهور سبعة فقط ، بتقديم السين على الباء ، وفي هذه الحدود ألفاظ غريبة ينبغي ضبطها فقولهم : بيوت نفار هو - بكسر النون وبالفاء - وقولهم أضاة لبن - بفتح الهمزة وبالضاد المعجمة - على وزن القناة ، وهي مستنقع الماء ، ( وأما ) لبن - فبلام مكسورة ثم باء موحدة ساكنة - كذا ضبطها الإمام الحافظ أبو بكر الحازمي المتأخر في كتابه المؤتلف والمختلف في أسماء الأماكن ، ( وقولهم ) : الأعشاش هو - بفتح الهمزة وبشينين معجمتين - جمع عش ( وقولهم ) في جدة من جهة الجعرانة تسعة أميال هو بتقديم التاء على السين ، ( وأما ) الحدود الثلاثة الباقية فإنها بتقديم السين .
( واعلم ) أن الحرم عليه علامات منصوبة في جميع جوانبه ذكر الأزرقي . [ ص: 463 ] وغيره بأسانيدهم أن إبراهيم الخليل عليه السلام علمها ، ونصب العلامات فيها وكان جبريل عليه السلام يريه مواضعها ، ثم أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بتحديدها ثم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ثم عثمان ثم nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية رضي الله عنهم . وهي إلى الآن بينة ولله الحمد ، قال الأزرقي في آخر كتاب مكة : أنصاب الحرم التي على رأس الثنية ما كان من وجوهها في هذا الشق فهو حرم ، وما كان في ظهرها فهو حل قال : وبعض الأعشاش في الحل وبعضه في الحرم .
( المسألة الثانية ) حكى الماوردي خلافا للعلماء في أن nindex.php?page=treesubj&link=24107مكة مع حرمتها ، هل صارت حرما آمنا بقول إبراهيم عليه السلام ؟ أم كانت قبله كذلك ؟ فمنهم من قال : لم تزل حرما ، ومنهم من قال : كانت مكة حلالا قبل دعوة إبراهيم عليه السلام كسائر البلاد ، وإنما صارت حرما بدعوته ، كما صارت المدينة حرما بتحريم النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن كانت حلالا ، واحتج هؤلاء بحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جملة حديث طويل : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14839اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراما ، وإني حرمت المدينة حراما مأزميها أن لا يراق فيها دم ، ولا يحمل فيها سلاح لقتال ، ولا يخبط فيها شجرة إلا لعلف } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في آخر كتاب الحج من صحيحه ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد أيضا أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12739إني حرمت ما بين لابتي المدينة كما حرم إبراهيم مكة } " وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18067قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة ، ما بين لابتيها لا يعضد عضاهها ولا يصاد صيدها } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14839اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم المدينة ، وما بين لابتيها } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم هذا لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أشرف على المدينة قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14856اللهم إني أحرم ما بين جبليها ، مثل [ ص: 464 ] ما حرم به إبراهيم مكة } " . وعن nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10950إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها ، يريد المدينة } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
وعن عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " { nindex.php?page=hadith&LINKID=10950إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها ، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ، وإني دعوت في صاعها ومدها بمثل ما دعا به إبراهيم لأهل مكة } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
واحتج القائلون بأن تحريمها لم يزل من حين خلق الله السموات والأرض بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=38831هذا بلد حرمه الله - تعالى - يوم خلق السموات والأرض ، وهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وعن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12132إن مكة حرمها الله ، ولم يحرمها الناس } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، ومن قال بهذا أجاب عن الأحاديث السابقة بأن إبراهيم عليه السلام أظهر تحريمها بعد أن كان خفيا مهجورا لا يعلم ، لا أنه ابتدأه ، ومن قال بالمذهب الأول أجاب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بأن المراد أن الله - تعالى - كتب في اللوح المحفوظ أو غيره أن مكة سيحرمها إبراهيم ، أو أظهر ذلك للملائكة ، ( والأصح ) من القولين أنها ما زالت محرمة من حين خلق الله - تعالى - السموات والأرض والله أعلم .
( المسألة الثالثة ) مذهبنا أنه يجوز nindex.php?page=treesubj&link=27929_25016بيع دور مكة وإجاراتها وسائر المعاملات عليها ، وكذا سائر الحرم كما يجوز في غيرها ، وستأتي المسألة مبسوطة بدلائلها وفروعها ، حيث ذكرها الأصحاب في آخر باب ما يجوز بيعه إن شاء الله - تعالى - . ( الرابعة ) مذهبنا أن النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة صلحا لا عنوة ، لكن دخلها صلى الله عليه وسلم متأهبا للقتال خوفا من غدر أهلها [ ص: 465 ] وستأتي المسألة بدلائلها وفروعها حيث ذكرها المصنف في كتاب السير والغنائم إن شاء الله - تعالى - . ( الخامسة ) مذهبنا جواز nindex.php?page=treesubj&link=25002إقامة الحدود والقصاص في الحرم ، سواء كان قتلا أو قطعا ، سواء كانت الجناية في الحرم أو خارجه ، ثم لجأ إليه وستأتي المسألة بأدلتها وفروعها حيث ذكرها المصنف في آخر باب استيفاء القصاص إن شاء الله - تعالى -
( السادسة ) في nindex.php?page=treesubj&link=25506_25507_25508_25509_25510_25511الأحكام التي يخالف الحرم فيها غيره من البلاد ، وهي كثيرة ، نذكر منها أطرافا : ( أحدها ) أنه ينبغي أن لا يدخله أحد إلا بإحرام ، وهل ذلك واجب أم مستحب ؟ فيه خلاف سبق ( الأصح ) مستحب ( الثاني ) يحرم صيده على جميع الناس حتى أهل الحرم والمحلين ، ( الثالث ) يحرم شجره وخلاه ، ( الرابع ) منع إخراج ترابه وأحجاره ، وهل هو منع كراهة أو تحريم فيه الخلاف السابق ، ( الخامس ) أنه يمنع كل كافر من دخوله مقيما كان أو مارا هذا مذهبنا ومذهب الجمهور ، وجوزه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ما لم يستوطنه ، وستأتي المسألة بأدلتها وفروعها حيث ذكرها المصنف في كتاب الجزية إن شاء الله - تعالى - ( السادس ) لا تحل لقطته لمتملك ، ولا تحل إلا لمنشد ، هذا هو المذهب ، وفيه وجه ضعيف ، ( السابع ) تغليظ الدية بالقتل فيه ، ( الثامن ) تحريم دفن المشرك فيه ويجب نبشه منه ، ( التاسع ) تخصيص ذبح دماء الجزاءات في الحج والهدايا ، ( العاشر ) لا دم على المتمتع والقارن إذا كان من أهله ، ( الحادي عشر ) لا يكره صلاة النفل التي لا سبب لها في وقت من الأوقات في الحرم سواء في مكة وسائر الحرم ، وفيما عدا مكة وجه شاذ سبق بيانه في بابه .
( الثاني عشر ) إذا نذر قصده لزمه الذهاب إليه بحج أو عمرة ، بخلاف غيره من المساجد فإنه لا يجب الذهاب إليه إذا نذره ، إلا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى على أحد القولين فيهما [ ص: 466 ] الثالث عشر ) إذا نذر النحر وحده بمكة لزمه النحر بها ، وتفرقة اللحم على مساكين الحرم ، ولو نذر ذلك في بلد آخر لم ينعقد نذره في أصح الوجهين .
( الرابع عشر ) يحرم استقبال الكعبة واستدبارها بالبول والغائط في الصحراء . ( الخامس عشر ) تضعيف الأجر في الصلوات بالمسجد الحرام ، وكذا سائر الطاعات ، ( السادس عشر ) يستحب لأهل مكة أن يصلوا العيد في المسجد الحرام ، ( أما ) غيرهم فهل الأفضل صلاتهم في مسجدهم ؟ أم في الصحراء ؟ فيه خلاف سبق في باب صلاة العيد ( السابع عشر ) لا يجوز إحرام المقيم في الحرم بالحج خارجه .
( المسألة السابعة ) مكة عندنا أفضل الأرض ، وبه قال علماء مكة والكوفة nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب وابن حبيب المالكيان وجمهور العلماء ، قال العبدري : هو قول أكثر الفقهاء ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في أصح الروايتين عنه وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك وجماعة : المدينة أفضل وأجمعوا على أن nindex.php?page=treesubj&link=25504_26423مكة والمدينة أفضل الأرض . وإنما اختلفوا في أيهما أفضل ، دليلنا حديث عبد الله بن عدي ابن الحمراء رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بمكة يقول لمكة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=39824والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت } " رواه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي وغيرهما ، ذكره الترمذي في جامعه في كتاب المناقب وقال : هذا حديث حسن صحيح وسنزيد المسألة بسطا وإيضاحا إن شاء الله - تعالى - حيث ذكرها المصنف في كتاب النذر ، فيمن نذر الهدي إلى أفضل البلاد .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=20817صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي } " حديث حسن رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بإسناد حسن . ونقل القاضي عياض في آخر كتاب الحج من شرح صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم إجماع المسلمين على أن موضع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الأرض ، وأن الخلاف فيما سواه .
[ ص: 467 ] الثامنة ) يكره nindex.php?page=treesubj&link=25505حمل السلاح بمكة لغير حاجة . لحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31379لا يحل أن يحمل السلاح بمكة } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
( التاسعة ) قال أصحابنا : nindex.php?page=treesubj&link=3277_24104من فروض الكفاية أن تحج الكعبة في كل سنة فلا تعطل وليس لعدد المحصلين لهذا الغرض قدر متعين ، بل الغرض وجود حجها كل سنة من بعض المكلفين ، وستأتي المسألة مبسوطة في أول كتاب السير حيث ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني والأصحاب فروض الكفاية إن شاء الله - تعالى - . ( العاشرة ) عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر رضي الله عنه قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=19903سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض قال : المسجد الحرام ، قلت : ثم أي ؟ قال : المسجد الأقصى قلت : كم بينهما ؟ قال أربعون عاما } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم
( الحادية عشر ) قال الماوردي في الأحكام السلطانية في خصائص الحرم : لا يحارب أهله فإن بغوا على أهل العدل فقد قال بعض الفقهاء : يحرم قتالهم بل يضيق عليهم حتى يرجعوا عن البغي ، ويدخلوا في أحكام أهل العدل ، قال : وقال : جمهور الفقهاء : يقاتلون على بغيهم إذا لم يمكن ردهم عن البغي إلا بالقتال ، لأن قتال البغاة من حقوق الله - تعالى - التي لا تجوز إضاعتها ، فحفظها في الحرم أولى من إضاعتها . هذا كلام الماوردي ، وهذا الذي نقله عن أكثر الفقهاء هو الصواب ، وقد نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتاب اختلاف الحديث من كتب الأم ونص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في آخر كتابه المسمى بسير nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي من كتب الأم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال المروزي ، في كتابه شرح التلخيص في أول كتاب النكاح في ذكر الخصائص : لا يجوز القتال بمكة ، قال : حتى لو تحصن جماعة من الكفار فيها لم يجز لنا قتالهم فيها ، وهذا الذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال غلط نبهت عليه لئلا يغتر به .
[ ص: 468 ] فإن قيل ) : فقد ثبت عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بعد يوم فتح مكة يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12132إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ، ولا يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا له : إن الله قد أذن لرسوله ، ولم يأذن لكم ، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ثم عادت اليوم كحرمتها بالأمس ، وليبلغ الشاهد الغائب } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . وفي الصحيحين أحاديث كثيرة بمعناه في تحريم nindex.php?page=treesubj&link=8128_25505القتال بمكة ، وأنها لم يحل القتال بها إلا ساعة للنبي صلى الله عليه وسلم ( فالجواب ) أن معنى الحديث تحريم نصب القتال عليهم وقتالهم بما يعم كالمنجنيق وغيره ، إذا أمكن إصلاح الحال بدون ذلك ، بخلاف ما إذا تحصن كفار في بلد آخر ، فإنه يجوز قتالهم على كل وجه وبكل شيء ، وقد نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه على هذا التأويل في آخر كتابه المعروف بسير nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي من كتب الأم والله أعلم .
( الثانية عشرة ) nindex.php?page=treesubj&link=29242سدانة الكعبة وحجابتها هي ولايتها وخدمتها وفتحها وإغلاقها ونحو ذلك ، وهذا حق مستحق لبني طلحة الحجبيين من بني عبد الدار بن قصي ، اتفق العلماء على هذا ، وممن نقله عن العلماء القاضي عياض في أواخر كتاب الحج من شرح صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وذكرته أنا هناك في شرح صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وأوضحته بدليله ، قال العلماء فهي ولاية لهم عليها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبقى دائمة أبدا ولهم ولذرياتهم ، لا تحل لأحد منازعتهم فيها ما داموا موجودين صالحين لذلك ، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=28803كل مأثرة كانت في الجاهلية فهي تحت قدمي إلا سقاية الحاج وسدانة البيت } " .
( فرع ) ذكر العلماء أن nindex.php?page=treesubj&link=29236_29270الكعبة الكريمة بنيت خمس مرات : ( إحداها ) [ ص: 469 ] بنتها الملائكة قبل آدم ، وحجها آدم فمن بعده من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - ، ( الثانية ) بناها إبراهيم صلى الله عليه وسلم قال الله - تعالى - : { nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت } وقال تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وإذ يرفع إبراهيم [ ص: 470 ] القواعد من البيت } الآية ، ( الثالثة ) بنتها قريش في الجاهلية ، وحضر النبي صلى الله عليه وسلم هذا البناء قبل النبوة ، ثبت ذلك في الصحيحين ، وكان له صلى الله عليه وسلم حينئذ خمس وعشرون سنة ، وقيل : خمس وثلاثون ، ( الرابعة ) بناها nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير ثبت ذلك في الصحيحين ، ( الخامسة ) بناها nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بن يوسف في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان ، ثبت ذلك في الصحيح ، واستقر بناؤها الذي بناه nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج إلى الآن ، وقيل : إنها بنيت مرتين أخرتين قبل بناء قريش ، وقد أوضحته في كتاب المناسك الكبير ، [ ص: 471 ] قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في تعليقه في باب دخول مكة في آخر مسألة افتتاح الطواف بالاستلام : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أحب أن تترك الكعبة على حالها فلا تهدم ; لأن هدمها يذهب حرمتها ، ويصير كالتلاعب بها ، فلا يريدون بتغييرها إلا هدمها فلذلك استحببنا تركها على ما هي عليه .