الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف - رحمه الله تعالى - ويكره nindex.php?page=treesubj&link=16873أكل الجلالة ، وهي التي أكثر أكلها العذرة من ناقة أو بقرة أو شاة أو ديك أو دجاجة ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما { nindex.php?page=hadith&LINKID=4541أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ألبان الجلالة } ولا يحرم أكلها لأنه ليس فيه أكثر من تغير لحمها وهذا لا يوجب التحريم ، فإن nindex.php?page=treesubj&link=16872_16873أطعم الجلالة طعاما طاهرا وطاب لحمها لم يكره ، لما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( تعلف الجلالة علفا طاهرا إن كانت ناقة أربعين يوما ، وإن كانت شاة سبعة أيام ، وإن كانت دجاجة فثلاثة أيام )
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس صحيح رواه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي بأسانيد صحيحة ، قال الترمذي : هو حديث حسن صحيح ، قال أصحابنا : الجلالة هي التي تأكل العذرة والنجاسات ، وتكون من الإبل والبقر والغنم والدجاج ، وقيل : إن كان أكثر أكلها النجاسة فهي جلالة ، وإن كان الطاهر أكثر فلا ، والصحيح الذي عليه الجمهور أنه لا اعتبار بالكثرة ، وإنما الاعتبار بالرائحة والنتن فإن وجد في عرفها وغيره ريح النجاسة فجلالة ، وإلا فلا ، وإذا nindex.php?page=treesubj&link=16873تغير لحم الجلالة فهو مكروه بلا خلاف ، وهل هي كراهة تنزيه أو تحريم فيه وجهان مشهوران في طريقة الخراسانيين ( أصحهما ) عند الجمهور وبه قطع المصنف وجمهور العراقيين وصححه الروياني وغيره من المعتمدين ، أنه كراهة تنزيه قال الرافعي : صححه الأكثرون ( والثاني ) كراهة تحريم قاله nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق المروزي nindex.php?page=showalam&ids=15021والقفال وصححه الإمام والغزالي والبغوي ، وقيل : هذا الخلاف فيما إذا وجدت رائحة النجاسة بتمامها أو قربت الرائحة من الرائحة فإن قلت الرائحة الموجودة لم تضر قطعا . قال أصحابنا : ولو nindex.php?page=treesubj&link=16876حبست بعد ظهور النتن وعلفت شيئا طاهرا فزالت [ ص: 31 ] الرائحة ثم ذبحت ، فلا كراهة فيها قطعا ، قال أصحابنا : وليس للقدر الذي تعلفه من حد ولا لزمانه من ضبط ، وإنما الاعتبار بما يعلم في العادة أو يظن أن رائحة النجاسة تزول به ، ولو لم تعلف لم يزل المنع بغسل اللحم بعد الذبح ولا بالطبخ وإن زالت الرائحة به ، ولو زالت بمرور الزمان ، قال البغوي : لا يزول المنع ، وقال غيره : يزول قال أصحابنا : وكما منع لحمها يمنع لبنها وبيضها ، للحديث الصحيح في لبنها ، قال أصحابنا : ويكره nindex.php?page=treesubj&link=16875الركوب عليها إذا لم يكن بينها وبين الراكب حائل ، قال الصيدلاني وغيره : إذا حرمنا لحمها فهو نجس ، ويطهر جلدها بالدباغ ، وهذا يقتضي نجاسة الجلد أيضا ، قال الرافعي : وهو نجس إن ظهرت الرائحة فيه ، وكذا إن لم تظهر على أصح الوجهين كاللحم ، قال أصحابنا : وظهور النتن وإن حرمنا اللحم ونجسناه فلا نجعله موجبا لنجاسة الحيوان في حياته ، فإنا لو نجسناه صار كالكلب لا يطهر جلده بالدباغ ، بل إذا حكمنا بتحريم اللحم كان الحيوان كما لا يؤكل لحمه ، فلا يطهر جلده . ويطهر بالدباغ ، والله أعلم .
( فرع ) nindex.php?page=treesubj&link=583_16873_16872السخلة المرباة بلبن الكلبة لها حكم الجلالة المعتبرة ، ففيها وجهان ( أصحهما ) يحل أكلها ( والثاني ) لا يحل ، وسبق بيانهما في أول هذا الباب ، قال أصحابنا : ولا يحرم nindex.php?page=treesubj&link=16900الزرع المزبل ، وإن كثر الزبل في أصله ، لا ما يسقى من الثمار والزروع ماء نجسا ، وقد سبق في باب إزالة النجاسة بيان هذا مع نظائره .
( فرع ) لو nindex.php?page=treesubj&link=16904عجن دقيق بماء نجس وخبزه فهو نجس يحرم أكله ويجوز أن يطعمه لشاة أو بعير أو بقرة ونحوها ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - ، ونقله عن نصه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتاب السنن الكبير في باب نجاسة [ ص: 32 ] الماء الدائم ، واستدل nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بالحديث المشهور وفي فتاوى صاحب الشامل أنه يكره إطعام الحيوان المأكول نجاسة ، وهذا لا يخالف نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الطعام ، لأنه ليس بنجس العين ، ومراد صاحب الشامل نجس العين ، ولا يجوز nindex.php?page=treesubj&link=16904إطعام الطعام المعجون بماء نجس لصعلوك وسائل وغيرهما من الآدميين بلا خلاف لأنه منهي عن أكل المتنجس بخلاف الشاة والبعير ونحوهما ، وقال ابن الصباغ في الفتاوى : ولا يكره nindex.php?page=treesubj&link=16904أكل البيض المصلوق بماء نجس كما لا يكره الوضوء بماء سخن بالنجاسة ، والله أعلم .
( فرع ) في nindex.php?page=treesubj&link=16873_16872مذاهب العلماء في الجلالة . قد ذكرنا أن مذهبنا أنه إذا تغير لحمها كرهت كراهة تنزيه على الأصح ، ولا تحرم ، سواء لحمها ولبنها وبيضها ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، وكذا لا يحرم ما سقي من الثمار والزروع ماء نجسا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : يحرم لحم الجلالة ولبنها حتى تحبس وتعلف أربعين يوما ، قال : ويحرم الثمار والزروع والبقول المسقية ماء نجسا ، والله أعلم .
واحتج أصحابنا لعدم التحريم أن ما تأكله الدابة من الطاهرات يتنجس إذا حصل في كرشها ، ولا يكون غذاؤها إلا بالنجاسة ، ولا يؤثر ذلك في إباحة لحمها ولبنها وبيضها ، ولأن النجاسة التي تأكلها تنزل في مجاري الطعام ولا تخالط اللحم ، وإنما ينتشي اللحم بها ، وذلك لا يوجب التحريم ، والله أعلم .