الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 190 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( ولا ينعقد البيع إلا بالإيجاب والقبول ، فأما المعاطاة فلا ينعقد بها البيع ، لأن اسم البيع لا يقع عليه . والإيجاب أن يقول : بعتك أو ملكتك أو ما أشبههما ، والقبول أن يقول : قبلت أو ابتعت أو ما أشبههما فإن قال المشتري : بعني ، فقال البائع : بعتك انعقد البيع ، لأن ذلك يتضمن الإيجاب والقبول . وإن كتب رجل إلى رجل ببيع سلعة ففيه وجهان ( أحدهما ) ينعقد البيع ، لأنه موضع ضرورة ( والثاني ) لا ينعقد وهو الصحيح فإنه قادر على النطق ، فلا ينعقد البيع بغيره ، وقول القائل الأول : إنه موضع ضرورة لا يصح ، لأنه يمكنه أن يوكل من بيعه بالقول )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) فيه مسائل : ( إحداها ) المشهور من مذهبنا أنه لا يصح البيع إلا بالإيجاب والقبول ، ولا تصح المعاطاة في قليل ولا كثير ، وبهذا قطع المصنف والجمهور ، وفيه وجه مشهور عن ابن سريج أنه يصح البيع بالمعاطاة خرجه من مسألة الهدي إذا قلده صاحبه ، فهل يصير بالتقليد هديا منذورا ؟ فيه قولان مشهوران ( الصحيح ) الجديد لا يصير ( والقديم ) أنه يصير ويقام الفعل مقام القول فخرج ابن سريج من ذلك القول وجها في صحة البيع . ثم إن الغزالي والمتولي وصاحب العدة والرافعي والجمهور نقلوا عن ابن سريج أنه تجوز المعاطاة في المحقرات . وهو مذهب أبي حنيفة ، فإنه جوزها في المحقرات دون الأشياء النفيسة . ونقل إمام الحرمين هذا عن أبي حنيفة ، ونقل عن ابن سريج أنه جوزها ولم يقيد الإمام في نقله عن ابن سريج بالمحقرات كما قيد في نقله عن أبي حنيفة ولعله أراد ذلك واكتفى بالتقييد عن أبي حنيفة . وقد أنكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح على الغزالي كونه حكى عن ابن سريج تجويزها في المحقرات ، وقال : ليست مختصة عند ابن سريج [ ص: 191 ] بالمحقرات ، وهذا الإنكار على الغزالي غير مقبول لأن المشهور عن ابن سريج التخصيص بالمحقرات كما ذكرناه ، والله أعلم .

                                      واختار جماعات من أصحابنا جواز البيع بالمعاطاة فيما يعد بيعا . وقال مالك : كل ما عده الناس بيعا فهو بيع ، وممن اختار من أصحابنا أن المعاطاة - فيما يعد بيعا - صحيحة وأن ما عده الناس بيعا فهو بيع ، صاحب الشامل والمتولي والبغوي والروياني ، وكان الروياني يفتي به وقال المتولي : وهذا هو المختار للفتوى ، وكذا قاله آخرون . وهذا هو المختار ، لأن الله تعالى أحل البيع ولم يثبت في الشرع لفظ له فوجب الرجوع إلى العرف فكل ما عده الناس بيعا كان بيعا كما في القبض والحرز وإحياء الموات وغير ذلك من الألفاظ المطلقة فإنها كلها تحمل على العرف ، ولفظة البيع مشهورة ، وقد اشتهرت الأحاديث بالبيع عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في زمنه وبعده ، ولم يثبت في شيء منها مع كثرتها اشتراط الإيجاب والقبول ، والله أعلم . وأحسن من ذكر هذه المسألة وأوضحها المتولي فقال : المعاطاة التي جرت بها العادة بأن يزن النقد ، ويأخذ المتاع من غير إيجاب ولا قبول ليست بيعا على المشهور من مذهب الشافعي . وقال ابن سريج : كل ما جرت العادة فيه بالمعاطاة وعده بيعا فهو بيع . وما لم تجر فيه العادة بالمعاطاة كالجواري والدواب والعقار لا يكون بيعا . قال : وهذا هو المختار للفتوى . وبه قال مالك . وقال أبو حنيفة : المعاطاة بيع في المحقرات . فأما النفيس فلا بد فيه من الإيجاب والقبول ، ووجه المشهور القياس على النكاح . فإنه لا ينعقد إلا باللفظ وقياسا على العقار والنفائس .

                                      ووجه طريقة ابن سريج أن البيع كان معهودا قبل ورود الشرع . فورد ولم يغير حقيقة . بل علق به أحكاما فوجب الرجوع فيه إلى العرف وكل ما كان عدوه بيعا جعلناه بيعا ، كما يرجع في إحياء الموات والحرز والقبض إلى العرف قال : ولم ينقل عنهم لفظ التبايع ، والله أعلم . [ ص: 192 ] فرع ) صورة المعاطاة التي فيها الخلاف السابق : أن يعطيه درهما أو غيره ويأخذ منه شيئا في مقابله ، ولا يوجد لفظ أو يوجد لفظ من أحدهما دون الآخر ، فإذا ظهر - والقرينة وجود الرضى من الجانبين - حصلت المعاطاة ، وجرى فيها الخلاف . وقد صرح بهذا التصوير المتولي كما قدمناه عنه ، وكذا صرح به آخرون . قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رضي الله عنه . وما وجد من بعض أئمتنا في تصويرها من ذكر لفظ كقوله : خذ وأعط . فهو داخل في عموم ما ذكرناه من القرينة . فإن ذلك مفروض فيما إذا لم ينو البيع بهذا اللفظ الذي قرن بالعطية . فإن نواه به فهي مسألة البيع بالكناية . وفي صحته بالكناية وجهان ( أصحهما ) الصحة مع قولنا لا ينعقد بالمعاطاة ، هذا كلام أبي عمرو . فأما إذا أخذ منه شيئا ولم يعطه شيئا ، ولم يتلفظا ببيع ، بل نويا أخذه بثمنه المعتاد كما يفعله كثير من الناس فهذا باطل بلا خلاف ، لأنه ليس ببيع لفظي ولا معاطاة ولا يعد بيعا فهو باطل ولنعلم هذا ولنحترز منه ، ولا نغتر بكثرة من يفعله ، فإن كثيرا من الناس يأخذ الحوائج من البياع مرة بعد مرة من غير مبايعة ولا معاطاة ، ثم بعد مدة يحاسبه ويعطيه العوض . وهذا باطل بلا خلاف ، لما ذكرناه ، والله أعلم ( فرع ) الرجوع في القليل والكثير والمحقر والنفيس إلى العرف ، فما عدوه من المحقرات ، وعدوه بيعا ، فهو بيع ، وإلا فلا . هذا هو المشهور تفريعا على صحة المعاطاة وحكى الرافعي وجها أن المحقر دون نصاب السرقة . وهذا شاذ ضعيف ، بل الصواب أنه لا يختص بذلك ، بل يتجاوزه إلى ما يعده أهل العرف بيعا ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) إذا قلنا بالمشهور : إن المعاطاة لا يصح بها البيع ، ففي حكم المأخوذ بها ثلاثة أوجه ، حكاها المتولي وغيره مجموعة ، وحكاها متفرقة آخرون ( أصحها ) عندهم له حكم المقبوض ببيع فاسد ، فيطالب [ ص: 193 ] كل واحد رد ما قبضه إن كان باقيا ، وإلا فرد بدله . فلو كان الثمن الذي قبضه البائع مثل القيمة ، فقد قال الغزالي في الإحياء : هذا مستحق ظفر بمثل حقه ، والمالك راض فله تملكه لا محالة . وظاهر كلام المتولي وغيره أنه يجب ردها مطلقا .

                                      ( والوجه الثاني ) أن هذا إباحة لازمة لا يجوز الرجوع فيها . قاله القاضي أبو الطيب وحكاه عنه صاحب الشامل . قال : وأوردت عليه . وأجاب فأوردت على جوابه . وذكر ذلك كله . وحاصله تضعيف هذا الوجه بما ضعفه به هو والمتولي . وهو أنه لو أتلف أحدهما ما أخذه وبقي مع الآخر ما أخذه لم يكن لمن تلف في يده أن يسترد الباقي في يد صاحبه من غير أن يغرم له بدل ما تلف عنده . ولو كان هذا إباحة لكان له الرجوع ، كما لو أباح كل واحد منهما لصاحبه طعامه ، وأكل أحدهما دون الآخر ، فإن للآكل أن يرجع عن الإباحة ويسترد طعامه بلا خلاف ( والوجه الثالث ) أن العوضين يستردان . فإن تلفا فلا مطالبة لأحدهما ، ويسقط عنهما الضمان ، ويتراد منهما بالتراضي السابق . وهذا قول الشيخ أبي حامد الإسفراييني وأنكروه عليه . وأوردوا عليه سائر العقود الفاسدة فإنه لا يراه فيها وإن وجد الرضى . قال المتولي : ولأن إسقاط الحقوق طريقه اللفظ . كالعفو عن القصاص والإبراء عن الديون . فإن أقمنا التراضي مقام اللفظ في الإسقاط وجب أن نقيمه مقامه في انعقاد العقد . والله أعلم .

                                      ( فرع ) ذكر أبو سعيد بن أبي عصرون تفريعا على المشهور أن البيع لا يصح بالمعاطاة أنه لا مطالبة بين الناس فيها في الدار الآخرة ، لوجود طيب النفس بها ، ووقوع الاختلاف فيها . هذا لفظه في كتابه الانتصار . فيحتمل أنه أراد ما قدمناه عن الشيخ أبي حامد والقاضي أبي الطيب في الوجه الثالث والثاني ، والظاهر أنه أراد أنه لا مطالبة على كل [ ص: 194 ] وجه بها في الدار الآخرة ، وإن كانت المطالبة ثابتة في الدنيا على الخلاف السابق ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) الخلاف المذكور في المعاطاة في البيع يجري في الإجارة والرهن والهبة ونحوها . هكذا ذكره المتولي وآخرون ( وأما ) الهدية وصدقة التطوع ففيها خلاف مرتب على البيع - إن صححناه بالمعاطاة - ولم نشترط فيهما لفظا أولى بذلك ، وإن شرطنا اللفظ في البيع ففيهما وجهان مشهوران عند الخراسانيين ، وذكرهما جماعة من العراقيين ( أحدهما ) وبه قطع المصنف في باب اختلاف الزوجين في الصداق ، وآخرون من العراقيين أو أكثرهم يشترط فيهما الإيجاب والقبول كالبيع ( وأصحهما ) عند الجمهور لا يشترط وهو الصواب . قال الرافعي في أول كتاب الهبة : هذا هو الصحيح الذي عليه قرار المذهب ونقله الأثبات من متأخري الأصحاب وقطع به المتولي والبغوي . واعتمده الروياني وغيرهم واحتجوا بأن الهدايا كانت تحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذها ، ولا لفظ هناك . وعلى ذلك جرى الناس في جميع الأعصار . ولهذا كانوا يبعثون بها على أيدي الصبيان الذين لا عبارة لهم . قال أصحابنا : ( فإن قيل ) كان هذا إباحة لا هدية وتمليكا ( فالجواب ) أنه لو كان إباحة ما تصرفوا فيه تصرف الملاك . ومعلوم أن ما قبله النبي صلى الله عليه وسلم من الهدايا كان يتصرف فيه ويملكه غيره ، قال الرافعي : ويمكن أن يحمل كلام من اعتبر الإيجاب والقبول على الأمر المشعر بالرضا دون اللفظ . ويقال : الإشعار بالرضا يكون لفظا ، ويكون فعلا ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) إذا اشترطنا الإيجاب والقبول باللفظ ، فالإيجاب كقول البائع : بعتك هذا أو ملكتك ، ونحوهما من الألفاظ ، وفي ملكتك وجه شاذ ، حكاه الماوردي وآخرون أنه ليس بصريح لأنه مستعمل في الهبة [ ص: 195 ] وادعى الماوردي أنه الأصح وليس كما قال ، بل المذهب الأول ، وبه قطع المصنف والجمهور . والقبول كقول المشتري : قبلت أو ابتعت أو اشتريت أو تملكت ، قال الرافعي : ويجيء في تملكت ذلك الوجه ، قال أصحابنا : وسواء تقدم قول البائع أو قول المشتري : اشتريت ، فقال البائع بعده : بعت فيصح البيع في الحالين بلا خلاف لحصول المقصود . قال أصحابنا : ولا يشترط اتفاق اللفظين ، بل لو قال البائع : بعتك أو اشتريت فقال المشتري : تملكت أو قال البائع : ملكتك ، فقال المشتري اشتريت ، صح بلا خلاف ، لأن المعنى واحد . وكذا في النكاح لو قال : زوجتك بنتي فقال : قبلت نكاحها ، أو قال : أنكحتها . فقال : قبلت تزويجها صح النكاح بلا خلاف .

                                      ( المسألة الثانية ) قال أصحابنا : كل تصرف يستقل به الشخص كالطلاق والعتاق والإبراء ينعقد بالكناية مع النية بلا خلاف ، كما ينعقد بالصريح ، وأما ما لا يستقل به ، بل يفتقر إلى إيجاب وقبول فضربان ( أحدهما ) ما يشترط فيه الإشهاد كالنكاح وبيع الوكيل إذا شرط الموكل الإشهاد ، فهذا لا ينعقد بالكناية مع النية بلا خلاف لأن الشاهد لا يعلم النية ( والثاني ) ما لا يشترط فيه الإشهاد ، وهو نوعان ( أحدهما ) ما يقبل مقصوده التعليق بالغرر كالكتابة والخلع فينعقد بالكناية مع النية بلا خلاف ، لأن مقصود الكتابة العتق ومقصود الخلع الطلاق وهما يصحان بالكناية مع النية ( والثاني ) ما لا يقبله كالبيع والإجارة والمساقاة وغيرها ، وفي انعقاد هذه العقود بالكناية مع النية وجهان مشهوران في كتب الخراسانيين ( أصحهما ) الانعقاد كالخلع ولحصول التراضي مع جريان اللفظ وإرادة المعنى يدل عليه من حيث السنة حديث جابر في قصة بيعه جمله للنبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث طويل مشهور في الصحيحين وغيرهما ، قال فيه : [ ص: 196 ] { قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : بعني جملك ، فقلت إن لرجل علي أوقية ذهب فهو لك بها قال : قد أخذته به } هذا لفظ رواية مسلم .

                                      قال أصحابنا : ومثال الكناية في البيع أن يقول : خذه مني بألف ، أو تسلمه بألف ، أو أدخلته في ملكي بألف ، أو جعلته لك أو هو لك بألف ، وما أشبهها ولو قال : أبحته لك بألف فليس بكناية بلا خلاف ، لأنه صريح في الإجابة فلا يكون كناية في غيره ، ولو قال : سلطتك عليه بألف ، ففي كونه كناية وجهان كقوله : أبحته لك بألف ( وأصحهما ) يكون ، لأنه محتمل ، وليس صريحا في الإباحة بخلاف : أبحته . قال إمام الحرمين : وفي هذا الخلاف في انعقاد البيع ونحوه بالكناية مع النية هو فيما إذا عدمت قرائن الأحوال ، فإن توفرت وأفادت التفاهم وجب القطع بالصحة ، لكن النكاح لا يصح بالكناية وإن توفرت القرائن ( وأما ) البيع المقيد بالإشهاد فقال الغزالي في الوسيط : الظاهر انعقاده عند توفر القرائن ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) قال الغزالي في الفتاوى : لو قال أحد المتبايعين : بعني . فقال : قد باعك الله أو بارك الله فيه . أو قال في النكاح : زوجك الله ابنتي . أو قال في الإقالة : قد أقالك الله . أو قد رده الله عليه . فهذا كله كناية فلا يصح النكاح بكل حال ، وأما البيع والإقالة فإن نواهما صحا . وإلا فلا . وإذا نواهما كان التقدير : قد أقالك الله لأني أقلتك ، والله أعلم .

                                      ( المسألة الثالثة ) إذا كتب إلى غائب بالبيع ونحوه ، قال أصحابنا : هو مرتب على أن الطلاق هل يقع بالكتب مع النية ، وفيه خلاف ، والأصح صحته ووقوعه ( فإن قلنا ) لا يصح الطلاق فهذه العقود أولى أن لا تنعقد ( وإن قلنا ) بالصحة ففي البيع ونحوه الوجهان في انعقاده بالكناية مع النية ، وهذان الوجهان مشهوران ، ذكرهما المصنف بدليلهما .

                                      ( أصحهما ) عند المصنف لا يصح : ( والثاني ) وهو الأصح : أنه يصح البيع ونحوه [ ص: 197 ] بالمكاتبة لحصول التراضي ، لا سيما وقد قدمنا أن الراجح انعقاده بالمعاطاة ، وقد صرح الغزالي في الفتاوى والرافعي في كتاب الطلاق بترجيح صحة البيع ونحوه بالمكاتبة : قال أصحابنا : ( وإن قلنا ) يصح فشرطه أن يقبل المكتوب إليه بمجرد اطلاعه على الكتاب ، وهذا هو الأصح وفيه وجه ضعيف أنه لا يشترط القبول ، بل يكفي التواصل اللائق بين الكتابين . أما إذا تبايع حاضران بالكتابة فقال أصحابنا : إن منعناه في الغيبة فهاهنا أولى ، وإلا فوجهان ، وإذا صححنا البيع بالمكاتبة جاز القبول بالكتب وباللفظ ، ذكره إمام الحرمين وغيره ، قال أصحابنا : وحكم الكتب على القرطاس والرق واللوح والأرض والنقش على الحجر والخشب واحد ، ولا أثر لرسم الأحرف على الماء والهواء . قال بعض الأصحاب تفريعا على صحة البيع بالمكاتبة : لو قال بعت داري لفلان وهو غائب . فلما بلغه الخبر قال : " قبلت " انعقد البيع . لأن النطق أقوى من الكتب . ، والله تعالى أعلم .

                                      ( فرع ) أما النكاح ففي انعقاده بالمكاتبة خلاف مرتب على البيع ونحوه ذكره إمام الحرمين والبغوي آخرون قالوا : إن قلنا : لا يصح البيع فالنكاح أولى وإلا فوجهان ( والمذهب ) أنه لا يصح ، لأن الشهادة شرط فيه ، ولا اطلاع للشهود على النية ولو قالا بعد المكاتبة : نوينا ، كانت شهادة على إقرارهما لا على نفس العقد فلا يصح . ومن جوزه اعتمد الحاجة . قال أصحابنا : وحيث حكمنا بانعقاد النكاح بالمكاتبة فليكتب : زوجتك بنتي ، ويحضر الكتاب عدلان ، ولا يشترط أن يحضرهما ، ولا أن يقول لهما : اشهدا ، بل لو حضرا بأنفسهما كفى فإذا بلغ الكتاب الزوج فليقبل لفظا ، ويكتب القبول ويحضر القبول شاهدا الإيجاب .

                                      فإن شهده آخران فوجهان ( أصحهما ) لا يصح لأنه لم يحضره شاهد له ( والثاني ) الصحة ، لأنه حضر الإيجاب والقبول شاهدان ويحتمل تغايرهما كما [ ص: 198 ] احتمل الفصل بين الإيجاب والقبول . ثم إذا قبل لفظا أو كتابة يشترط كونه على الفور . هذا هو المذهب وفيه وجه ضعيف كما سبق في البيع ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) لو كتب إليه : وكلتك في بيع كذا من مالي أو إعتاق عبدي فإن قلنا : الوكالة لا تفتقر إلى القبول فهو ككتب الطلاق وإلا فكالبيع ونحوه ، والمذهب الصحة ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) قال الغزالي في الفتاوى : إذا صححنا البيع بالمكاتبة فكتب إليه فقبل المكتوب إليه ثبت له خيار المجلس ما دام في مجلس القبول . قال : ويتمادى خيار الكاتب إلى أن ينقطع خيار المكتوب إليه حتى لو علم أنه رجع عن الإيجاب قبل مفارقة المكتوب إليه مجلسه صح رجوعه ، ولم ينعقد البيع ، والله أعلم .

                                      ( المسألة الرابعة ) لو قال الطالب : بعني فقال بعتك إن قال بعده : اشتريت أو قبلت انعقد البيع بلا خلاف ، وإن لم يقبل بعده بل اقتصر على قوله أولا : بعني فطريقان ، حكاهما إمام الحرمين وآخرون ( أحدهما ) القطع بالصحة ، وبه قطع المصنف وجمهور العراقيين كما ذكره المصنف ( والثاني ) فيه وجهان ، وقيل قولان ( أحدهما ) الصحة ( والثاني ) البطلان . قال إمام الحرمين وغيره : نص الشافعي أن البيع لا ينعقد ، ونص مثله في النكاح أنه ينعقد : فقيل قولان فيهما بالنقل والتخريج ( أصحهما ) الصحة فيهما ( والثاني ) البطلان فيهما وهو مذهب أبي حنيفة ، وقيل بالفرق على ظاهر النصين . لأن البيع قد يقع بغتة فيكون قوله : بعني على سبيل الاستفهام بحذف الهمزة بخلاف النكاح ، فإنه لا يقع في الغالب إلا بعد طلب ومراودة ، فلا يراد به الاستفهام والمذهب الصحة فيهما ، والله أعلم .

                                      [ ص: 199 ] ولو قال : اشتر مني ، فقال المشتري : اشتريت فطريقان ( أصحهما ) وبه قطع البغوي أنه كالصورة السابقة ( والثاني ) لا ينعقد قطعا ، أما إذا قال المشتري : أتبيعني عبدك بكذا ؟ أو قال : بعتني بكذا ، فقال : بعت ، لا ينعقد البيع بلا خلاف ، إلا أن يقول بعده : اشتريت ، وكذا لو قال البائع : أتشتري داري ؟ أو أشتريت مني ؟ فقال : اشتريت لا ينعقد بلا خلاف حتى يقول بعده بعت ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) قال أصحابنا : يشترط لصحة البيع ونحوه أن لا يطول الفصل بين الإيجاب والقبول ، وأن لا يتخللهما أجنبي عن العقد ، فإن طال أو تخلل لم ينعقد ، سواء تفرقا من المجلس أو لا ، قال أصحابنا : ولا يضر الفصل اليسير ويضر الطويل ، وهو ما أشعره بإعراضه عن القبول ، ولو تخللت كلمة أجنبية بطل العقد ، ولو مات المشتري بعد الإيجاب وقبل القبول ووارثه حاضر فقبل ( فوجهان ) الصحيح لا يصح البيع ، لعدم الإيجاب والقبول من المتعاقدين ( والثاني ) الصحة ، وبه قال الدارمي ، لأن الوارث كالميت ، ولهذا يقوم مقامه في خيار المجلس على الصحيح المنصوص ، والله أعلم .



                                      ( فرع ) إذا وجد أحد شقي العقد من أحدهما اشترط إصراره عليه حتى يوجد الشق الآخر . واشترط أيضا بقاؤهما على أهلية العقد ، فلو رجع عنه قبل وجود الشق الآخر أو مات أو جن أو أغمي عليه بطل الإيجاب ولو قبل الآخر بعده لم يصح ، وكذا لو أذنت المرأة في عقد نكاحها حيث يشترط إذنها ، ثم أغمي عليها قبل العقد بطل إذنها ، ولو قال المشتري : بعتك ، فمات المشتري قبل القبول بطل العقد ، فلو كان وارثه حاضرا فقبل أو جن فقبل وليه لم يصح البيع وهذا هو المذهب ، وبه قطع الأصحاب في كل الطرق ، وحكى الروياني وجها أنه يصح قبول الوارث ، وهذا شاذ باطل ، وسنوضح الفرق بينه وبين انتقال خيار الشرط وخيار المجلس إلى الوارث في مسائل الخيار إن شاء الله تعالى .



                                      [ ص: 200 ] فرع ) قال أصحابنا : يشترط موافقة القبول الإيجاب فلو قال : بعتك بألف صحاح ، فقال : قبلت بألف قراضة أو عكسه ، أو قال : بألف حال فقبل بمؤجل أو عكسه ، أو قال : بألف مؤجل إلى شهر فقبل بمؤجل إلى شهرين أو نصف شهر ، أو قال : بعتكه بألف درهم فقبل بألف دينار أو عكسه ، أو قال بعتكه بألف ، فقال : قبلت نصفه بخمسمائة لم يصح بلا خلاف ، لأنه لا يعد قبولا ، ولو قال : بعتك هذا بألف ، فقال : قبلت نصفه بخمسمائة ونصفه بخمسمائة ، قال المتولي يصح العقد ، لأنه تصريح بمقتضى الإطلاق ، وقال الرافعي : فيه نظر وهو كما قال الرافعي ، لكن الظاهر الصحة ، وفي فتاوى القفال أنه لو قال : بعتكه بألف درهم ، فقال اشتريت بألف وخمسمائة صح البيع ، قال الرافعي : هذا غريب ، وهو كما قال ، والظاهر هنا فساد العقد لعدم الموافقة .



                                      ( فرع ) إذا قال السمسار المتوسط بينهما للبائع : بعت بكذا ؟ فقال : نعم أو بعت ، وقال للمشتري : اشتريت بكذا ؟ فقال : نعم ، أو اشتريت ، فوجهان حكاهما الرافعي ( أصحهما ) عند الرافعي وغيره الانعقاد لوجود الصيغة والتراضي ( والثاني ) لا ينعقد لعدم تخاطبهما وبهذا قطع المتولي .



                                      ( فرع ) إذا قال بعتك بألف ، فقال : قبلت فقط صح البيع بلا خلاف ، بخلاف النكاح ، فإن الصحيح أنه يشترط أن يقول : قبلت نكاحها أو تزويجها ، والفرق الاحتياط للإبضاع .



                                      ( فرع ) لو قال : بعتك هذا بألف إن شئت ، فقال شئت ، لم يصح البيع بلا خلاف ، وصرح به المتولي وغيره ، قالوا : لأن لفظ المشيئة ليس من ألفاظ التمليك ، وإن قال : قبلت فوجهان حكاهما المتولي وغيره ( أحدهما ) لا يصح ، لأن الصيغة صيغة تعليق ولا مدخل له في المعاوضات ، فصار كقوله : بعتك إن دخلت الدار ( وأصحهما ) الصحة لأنه تصريح [ ص: 201 ] بمقتضى الحال ، فإن القبول إلى مشيئة القابل ، وبهذا فارق سائر ألفاظ التعليق ، والله تعالى أعلم .



                                      ( فرع ) إذا باع مال نفسه لولده أو مال ولده لنفسه ، فهل يفتقر إلى صيغتي الإيجاب والقبول ؟ أم يكفي أحدهما ؟ فيه وجهان مشهوران ( الأصح ) يفتقر فيقول بعت مال ولدي بكذا واشتريته له أو قبلته له لتنتظم صورة البيع ( والثاني ) يكفي أحدهما ولأنه لما قام الوالد في صحة العقد مقام اثنين قام لفظه مقام لفظين ، والله أعلم .



                                      ( فرع ) قال أصحابنا : يصح بيع الأخرس وشراؤه بالإشارة المفهومة وبالكتابة ، بلا خلاف للضرورة ، قال أصحابنا : ويصح بهما جميع عقوده وفسوخه ، كالطلاق والعتاق والنكاح والظهار والرجعة والإبراء والهبة وسائر العقود والفسوخ ونحوها ، بل قالوا : إشارته المفهومة كعبارة الناطق إلا في صورتين فيهما خلاف ، وهما شهادته وإشارته بالكلام في صلاته ، والأصح أنه لا تصح شهادته ، ولا تبطل صلاته ، لأن الشهادة يحتاط لها ، والصلاة لا تبطل إلا بكلام حقيقي ، وهذا مما يسأل عنه فيقال : إنسان باع وهو يصلي فيصح بيعه ولم تبطل صلاته ، وهذه صورته ، ويتصور أيضا فيمن باع فيها بالكلام ناسيا للصلاة ولم يطل ، فإنه يصح بيعه ولا تبطل صلاته ، والله أعلم .



                                      ( فرع ) قال المتولي والأصحاب : تقديم المساومة على البيع ليس بشرط لصحته ، بل لو لقي رجلا في طريقه فقال : بعتك هذا بألف ، فقال : قبلت أو اشتريت ، صح البيع بلا خلاف ، لأن اللفظ صريح في حكمه ، فلا يتوقف على قرينة ولا سابقة .



                                      ( فرع ) قال أصحابنا : جميع ما سبق من صيغتي الإيجاب والقبول هو فيما ليس بضمني من البيوع ، فأما البيع الضمني فيما إذا قال : أعتق [ ص: 202 ] عبدك عني على ألف ، فلا تشترط فيه الصيغ التي قدمناها ، بل يكفي فيه الالتماس والإعتاق عنه بلا خلاف ، كما ذكره المصنف والأصحاب في كتاب كفارة الظهار ، والله تعالى أعلم .



                                      ( فرع ) قال أصحابنا : ينعقد البيع والإجارة ونحوهما من عقود المعاملات بالعجمية وسائر اللغات ، سواء أحسن العربية أو لا ، وهذا لا خلاف فيه ، وفرق المتولي والأصحاب بينه وبين النكاح على قولنا : لا ينعقد بالعجمية ، بأن في النكاح معنى التعبد ، ولهذا اختص بلفظ التزويج والإنكاح ، فأشبه ألفاظ الأذكار في الصلاة ، والله تعالى أعلم .



                                      ( فرع ) يشترط في صحة البيع أن يذكر الثمن في حال العقد فيقول : بعتكه بكذا ، فإن قال : بعتك هذا واقتصر على هذا فقال المخاطب : اشتريت أو قبلت ، لم يكن هذا بيعا بلا خلاف ، ولا يحصل به الملك للقابل على المذهب وبه قطع الجمهور ، وقيل : فيه وجهان ( أصحهما ) هذا ( والثاني ) يكون هبة ، وإذا قلنا بالمذهب : إنه لا يكون تمليكا فقبضه القابل كان مضمونا عليه على المذهب ، وقيل : فيه وجهان كالهبة الفاسدة ، فإن في المقبوض بها وجهين ( أحدهما ) أنه مضمون ( أصحهما ) لا ، والصحيح هنا الضمان قطعا .



                                      ( فرع ) قال المتولي : لو قال : وهبت لك هذا بألف ، أو هذا لك هبة بألف فقبل ، هل ينعقد هذا العقد ؟ هذا فيه خلاف مبني على قاعدة ، وهي أن الاعتبار في العقود بظواهرها أم بمعانيها ؟ وفيه وجهان ( أحدهما ) الاعتبار بظواهرها ، لأن هذه الصيغ موضوعة لإفادة المعاني وتفهيم المراد منها عند إطلاقها ، فلا تترك ظواهرها ، ولهذا لو استعمل لفظ الطلاق وأراد به الظهار أو عكسه تعلق باللفظ دون المنوي ، ولأن اعتبار المعنى يؤدي إلى ترك اللفظ ، ولأنا أجمعنا على أن ألفاظ اللغة لا يعدل بها عما وضعت [ ص: 203 ] له في اللغة فيطلق اللفظ لغة على ما وضع له ، فكذا ألفاظ العقود ، ولأن العقود تفسد باقتران شرط مفسد ، ففسادها بتغير مقتضاها أولى .

                                      ( والوجه الثاني ) أن الاعتبار بمعانيها لأن الأصل في الأمر الوجوب ، فإذا تعذر حمله عليه حملناه على الاستحباب ، وأصل النهي التحريم ، فإذا تعذر حمله عليه حملناه على كراهة التنزيه ، وكذا هنا إذا تعذر حمل اللفظ على مقتضاه يحمل على معناه ، ولأن لفظ العقد إذا أمكن حمله على وجه صحيح لا يجوز تعطيله ، ولهذا لو باعه بعشرة دراهم وفي البلد نقود ، أحدها غالب ، حملناه على الغالب ، طلبا للصحة ، قال المتولي : ويتفرع على هذه القاعدة مسائل : ( منها ) المسألة الأولى ، وهي إذا قال : وهبته لك بألف ، فإن اعتبرنا المعنى انعقد بيعا . وإن اعتبرنا اللفظ فسد العقد ، فإذا حصل المال في يده كان مقبوضا بحكم عقد فاسد .

                                      ( ومنها ) لو قال : بعتكه ولم يذكر ثمنا ، فإن اعتبرنا المعنى انعقد هبة وإلا فبيع فاسد .

                                      ( ومنها ) لو قال : أسلمت هذا الدينار أو دينارا في هذا الثوب فإن اعتبرنا المعنى انعقد بيع عين وإلا فهو سلم فاسد ، والله أعلم .



                                      ( فرع ) إذا كان العقد بين بائع ووكيل المشتري فليقل البائع له : بعتك ويقول الوكيل : اشتريت ، وينوي موكله فيقع العقد للموكل ، وإن لم يسمه . فلو قال البائع : بعت موكلك فلانا ، فقال الوكيل : اشتريت له ، لم يصح العقد على المذهب وبه قطع الجمهور ، وفيه وجه ضعيف أنه يقع العقد للوكيل ، والصواب الأول ، لأنه لم يجر بينهما تعاقد قال أصحابنا : وهذا بخلاف النكاح فإن الولي يقول لوكيل الزوج : زوجت [ ص: 204 ] بنتي فلانا يعني الزوج ويقول الوكيل : قبلت نكاحها له ، فلو لم يقل له ففيه الخلاف المشهور فيما إذا قال الزوج : قبلت ولم يقل : " نكاحها " ( الأصح ) لا يصح ، فلو قال الولي للوكيل : زوجتك بنتي لك . فقال : قبلت نكاحها لفلان ، لم ينعقد ، وإن قال : قبلت نكاحها ، وقع العقد للوكيل : ولم ينصرف إلى الموكل ، ولو جرى النكاح بين وكيلين ، فقال وكيل الولي : زوجت فلانة فلانا ، فقال وكيل الزوج : قبلت نكاحها لفلان صح . وفرق الأصحاب بين البيع والنكاح بوجهين ( أحدهما ) أن الزوجين كالثمن والمثمن ولا بد من تسميتهما ( والثاني ) أن البيع يرد على المال ، وهو قابل للنقل من شخص إلى شخص ، والنكاح يرد على البضع ، وهو لا يقبل النقل ، ولهذا لو قبل النكاح لزيد بوكالته فأنكرها زيد ، لم يصح العقد له ، ولو اشترى لزيد بوكالة فأنكرها ، صح الشراء للوكيل ، قال صاحب البيان في باب الوكالة : ولو وكله أن يزوج بنته زيدا فزوجها وكيل زيد لزيد صح ولو وكله في بيع عبده لزيد فباعه وكيل زيد لزيد لم يصح ، والفرق بينهما أن النكاح لا يقبل الملك والبيع يقبله ، ولهذا يقول وكيل النكاح للولي : زوج موكلي ، ولا يقول : زوجني لموكلي ، ويقول في البيع : بعني لموكلي ، ولا يقول : بع موكلي ، والله أعلم . قال أصحابنا : في الهبة يشترط في قبول وكيل المتهب أن يسمي موكله في القبول فيقول : قبلت لفلان أو لموكلي فلان ، فإن لم يسمه وقع للمخاطب لجريان العقد معه ، ولا ينصرف إلى الموكل بالنية ، لأن الواهب قد يقصد بتبرعه المخاطب . وليس كل أحد يسمح عليه بالتبرع بخلاف البيع ، فإن مقصوده حصول العوض ، والله أعلم .



                                      ( فرع ) قال أصحابنا : في بيع الهازل وشرائه وجهان ( أصحهما ) ينعقد كالطلاق وغيره ( والثاني ) لا ، لأن الطلاق يقبل الإعذار قال القاضي حسين : [ ص: 205 ] وهما مبنيان على مسألة السر والعلانية في الصداق . وهي إذا تواطآ في السر على أن المهر ألف ، ثم عقداه في العلانية بألفين فقولان ، هل المهر مهر السر أو العلانية ؟ ( فإن قلنا : ) بالسر لم ينعقد بيع الهازل ، لأنه لم يقصد بيعا وإلا فينعقد عملا باللفظ ، ولا مبالاة بالقصد . والله أعلم . هكذا ذكر الجمهور الخلاف في بيع الهازل وجهين وقال الجرجاني : هما قولان قال وقيل : وجهان والله سبحانه وتعالى أعلم .




                                      الخدمات العلمية