الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8452 ) فصل : ومن شهد بالنكاح ، فلا بد من ذكر شروطه ; لأن الناس يختلفون في شروطه ، فيجب ذكرها ، لئلا يكون الشاهد يعتقد أن النكاح صحيح ، وهو فاسد . وإن شهد بعقد سواه ; كالبيع ، والإجارة ، فهل يشترط ذكر شروطه ؟ على روايتين ; إحداهما ، يشترط ذكرها ; لأن الناس يختلفون في شروطه ، فاشتراط ذكرها كالنكاح .

                                                                                                                                            والثانية ، لا يشترط ذكر شروطه ; لأنه لا يشترط ذكرها في الدعوى ، فكذلك في الشهادة به بخلاف النكاح . وإن شهد بالرضاع ، فلا بد من ذكر أنه شرب من ثديها ، أو من لبن حلب منه ، وعدد الرضعات ; لأن الناس يختلفون في عدد الرضعات ، وفي الرضاع المحرم . وإن شهد أنه ابنها من الرضاع ، لم يكف ; لاختلاف الناس فيما يصير به ابنها ، ولا بد من ذكر أن ذلك كان في الحولين . وإن شهد بالقتل ، فلا بد من وصف القتل ، فيقول : جرحه فقتله ، أو ضربه بكذا فقتله . ولو قال : ضربه فمات .

                                                                                                                                            لم يحكم بذلك ; لجواز أن يكون مات بغير هذا . وقد روي عن شريح ، أنه شهد عنده رجل ، فقال : أشهد أنه اتكأ عليه بمرفقه ، فمات ، فقال له شريح : فمات منه ، أو فقتله ؟ فأعاد القول الأول ، وأعاد عليه شريح سؤاله ، فلم يقل : فقتله . ولا : فمات منه . فقال له شريح : قم ، فلا شهادة لك . رواه سعيد . ومن شهد بالزنى ، فلا بد من ذكر الزاني ، والمزني بها ، ومكان الزنى ، وصفته ; لأن اسم الزنى يطلق على ما لا يوجب الحد ، وقد يعتقد الشاهد ما ليس بزنى زنى ، فاعتبر ذكر صفته ; ليزول الاحتمال ، واعتبر ذكر المرأة ; لئلا تكون ممن تحل له ، أو له في وطئها شبهة ، وذكر المكان ; لئلا تكون [ ص: 223 ] الشهادة منهم على فعلين . ومن أصحابنا من قال : لا يحتاج إلى ذكر المزني بها ، ولا ذكر المكان ; لأنه محل للفعل ، فلم يعتبر ذكره ، كالزمان .

                                                                                                                                            وإن شهد بالسرقة ، فلا بد من ذكر سرقة نصاب من الحرز ، وذكر المسروق منه ، وصفة السرقة . وإن شهد بالقذف ، فلا بد من ذكر المقذوف ، وصفة القذف . وإن شهد بمال ، احتاج إلى تحريره بمثل ما ذكرنا في الدعوى . وإن ترك الشاهد ذكر شيء يحتاج إلى ذكره ، سأله الحاكم عنه ، كما سأل شريح الشاهد الذي شهد عنده أنه اتكأ عليه بمرفقه حتى مات . وإن حرر المدعي دعواه ، أو حرر أحد الشاهدين شهادته ، وشهد بها ، وقال الآخر : أشهد بمثل ذلك . أو قال حين حرر المدعي دعواه : أشهد بذلك ، أو بهذا . أجزأه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية