الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1239 ) فصل : ولا تباح هذه الرخص في سفر المعصية كالإباق ، وقطع الطريق ، والتجارة في الخمر والمحرمات . نص عليه أحمد . وهو مفهوم كلام الخرقي لتخصيصه الواجب والمباح ، وهذا قول الشافعي ، وقال الثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة : له ذلك ; احتجاجا بما ذكرنا من النصوص ، ولأنه مسافر ، فأبيح له الترخص كالمطيع .

                                                                                                                                            ولنا ، قول الله تعالى : { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } أباح الأكل لمن لم يكن عاديا ولا باغيا ، فلا يباح لباغ ولا عاد . قال ابن عباس : غير باغ على المسلمين ، مفارق لجماعتهم ، يخيف السبيل ، ولا عاد عليهم .

                                                                                                                                            ولأن الترخص شرع للإعانة على تحصيل المقصد المباح ، توصلا إلى المصلحة ، فلو شرع هاهنا لشرع إعانة على المحرم ، تحصيلا للمفسدة ، والشرع منزه عن هذا ، والنصوص وردت في حق الصحابة ، وكانت أسفارهم مباحة ، فلا يثبت الحكم في من سفره مخالف لسفرهم ، ويتعين حمله على ذلك جمعا بين النصين ، وقياس المعصية على الطاعة بعيد ، لتضادهما .

                                                                                                                                            ( 1240 ) فصل : فإن عدم العاصي بسفره الماء ، فعليه أن يتيمم ; لأن الصلاة واجبة لا تسقط ، والطهارة لها [ ص: 52 ] واجبة أيضا ، فيكون ذلك عزيمة ، وهل تلزمه الإعادة ؟ على وجهين : أحدهما ، لا تلزمه ; لأن التيمم عزيمة ، بدليل وجوبه ، والرخص لا تجب ، والثاني : عليه الإعادة ; لأنه حكم يتعلق بالسفر ، أشبه بقية الرخص .

                                                                                                                                            والأول أولى ; لأنه أتى بما أمر به من التيمم والصلاة ، فلم يلزمه إعادتها ، ويفارق بقية الرخص ، فإنه يمنع منها ، وهذا يجب فعله ، ولأن حكم بقية الرخص المنع من فعلها ، ولا يمكن تعدية هذا الحكم إلى التيمم ، ولا إلى الصلاة ، لوجوب فعلهما ، ووجوب الإعادة ليس بحكم في بقية الرخص ، فكيف يمكن أخذه منها أو تعديته عنها . ويباح له المسح يوما وليلة ; لأن ذلك لا يختص السفر ، فأشبه الاستجمار ، والتيمم وغيرهما من رخص الحضر .

                                                                                                                                            وقيل : لا يجوز ; لأنه رخصة ، فلم تبح له كرخص السفر ، والأول أولى ، وهذا ينتقض بسائر رخص الحضر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية