الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          311 - مسألة : ومن دخل في مسجد فظن أن أهله قد صلوا صلاة الفرض التي هو في وقتها ، أو كان ممن لا يلزمه فرض الجماعة فابتدأ فأقيمت الصلاة - : فالواجب أن يبني على تكبيره ويدخل معهم في الصلاة ; فإن كان قد صلى منها ركعة فأكثر فكذلك ; فإذا أتم هو صلاته جلس وانتظر سلام الإمام فسلم معه .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : أنه ابتدأ الصلاة كما أمر ، ومن فعل ما أمر فقد أحسن ، وقد قال عز وجل : { ما على المحسنين من سبيل } فإذ هو كذلك ثم وجد إماما ففرض عليه أن يأتم به ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنما جعل الإمام ليؤتم به } ; ولإنكاره عليه السلام على من صلى لنفسه ، والإمام يصلي بالناس ; فهذا لا يجوز إلا حيث أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط .

                                                                                                                                                                                          وليس ذلك إلا لمن عذر فطول عليه الإمام فقط ، على ما نذكره في بابه إن [ ص: 157 ] شاء الله تعالى - ولا يضره أن يكبر قبل إمامه إذا كان تكبيره بحق ، ومخالفنا يجيز لمن كبر ثم استخلف الإمام من كبر بعده أن يأتم بهذا المستخلف الذي كبر مأمومه قبله .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن المغيرة بن مقسم ، والأعمش كلاهما عن إبراهيم النخعي أنه قال في رجل دخل في مسجد يرى أنهم قد صلوا فصلى ركعتين من المكتوبة ثم أقيمت الصلاة - : قال إبراهيم : يدخل مع الإمام فيصلي ركعتين ثم يسلم ثم يجعل الباقيتين تطوعا فقيل لإبراهيم : ما شعرت أن أحدا يفعل ذلك ؟ فقال إبراهيم : إن هذا كان يفعله [ من كان قبلكم ] .

                                                                                                                                                                                          قال علي : هذا خبر عن الصحابة رضي الله عنهم وعن أكابر التابعين رحمة الله عليهم ، وقد روينا عن جماعة من التابعين رضي الله عنهم : أنهم كانوا يرون لمن افتتح صلاة تطوع فأقيمت عليه الفريضة أن يدخلوا في المكتوبة واصلين بتطوعهم بها ، فإذا رأوا ذلك في التطوع فهو عندهم في المكتوبة أوجب بلا شك : منهم نافع بن جبير بن مطعم ، والحسن ، وقتادة وغيرهم .

                                                                                                                                                                                          وليس هذا قياسا ، بل هو باب واحد ، ونتيجة برهان واحد كما ذكرنا - ولا يحل ذلك عندنا في التطوع ، لما ذكرنا قبل [ من ] انقطاعها إذا أقيمت الصلاة - ، وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية