الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          579 - مسألة : ولا يحل لأحد أن يمشي بين القبور بنعلين سبتيتين وهما اللتان لا شعر فيهما ، فإن كان فيهما شعر : جاز ذلك ؟ فإن كانت إحداهما بشعر ، والأخرى بلا شعر : جاز المشي فيهما ؟ - : [ ص: 360 ] حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن عبد الله بن المبارك ثنا وكيع عن الأسود بن شعبان - وكان ثقة - عن خالد بن سمير عن بشير بن نهيك { عن بشير رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن الخصاصية - قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى رجلا يمشي بين القبور في نعليه ، فقال : يا صاحب السبتيتين ألقهما } ؟

                                                                                                                                                                                          وحدثناه حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا محمد بن سليمان البصري ثنا سليمان بن حرب ثنا الأسود بن شيبان حدثني خالد بن سمير أخبرني بشير بن نهيك أخبرني بشير بن الخصاصية - وكان اسمه في الجاهلية زحم ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيرا - قال : { بينا أنا أمشي بين المقابر وعلي نعلان ، إذ ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم يا صاحب السبتيتين ، يا صاحب السبتيتين ، إذا كنت في مثل هذا المكان فاخلع نعليك ، قال : فخلعتهما } ؟ .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فإن قيل - فهلا منعتم من كل نعل ، لعموم قوله عليه السلام { فاخلع نعليك } ؟ قلنا : منع من ذلك وجهان - : أحدهما : أنه عليه السلام إنما دعا صاحب سبتيتين ، بنص كلامه ، ثم أمره بخلع نعليه ؟

                                                                                                                                                                                          والثاني ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني ثنا يونس بن محمد ثنا شيبان عن قتادة ثنا أنس بن مالك قال : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : { إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم } وذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 361 ] قال أبو محمد : فهذا إخبار منه عليه السلام بما يكون بعده ، وأن الناس من المسلمين سيلبسون النعال في مدافن الموتى إلى يوم القيامة ، على عموم إنذاره عليه السلام بذلك ، ولم ينه عنه ، والأخبار لا تنسخ أصلا .

                                                                                                                                                                                          فصح إباحة لباس النعال في المقابر ، ووجب استثناء السبتية منها ، لنصه عليه السلام عليها ؟ قال أبو محمد : وقال بعض من لا يبالي بما أطلق به لسانه فقال : لعل تينك النعلين كان فيهما قذر ؟

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : من قطع بهذا فقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قوله ما لم يقل ، ومن لم يقطع بذلك فقد حكم بالظن ، وقفا ما لا علم له به ، وكلاهما خطتا خسف نعوذ بالله منهما ؟

                                                                                                                                                                                          ثم يقال له : فهبك ذلك كذلك ؟ أتقولون : بهذا أنتم ؟ فتمنعون من المشي ، بين القبور بنعلين فيهما قذر ؟ فمن قولهم : لا ؟ فيقال لهم : فأي راحة لكم في دعوى كاذبة ؟ ثم لو صحت لم تقولوا بها ، ولبقيتم مخالفين للخبر بكل حال ؟ ويقال له أيضا : ولعل البناء في الرعاف إنما هو في الدم الأسود لشبهه بدم الحيض ، ولعل فساد صلاة الرجل إلى جنب المرأة إنما هو إذا كانت شابة خوف الفتنة ، ومثل هذا كثير

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية