الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( فإن وهب لمكاتب رجل هبة ، ثم عتق المكاتب أو عجز : فله أن يرجع في الهبة ، في قول أبي يوسف ) ، وقال محمد : فله أن يرجع فيها إذ أعتق ، وليس له أن يرجع فيها إذا عجز ، فلا خلاف أن قبل العتق ، والعجز له أن يرجع فيها ، وفيه نوع إشكال : فالمكاتب فقير ، والهبة من الفقير صدقة ولا رجوع فيها ، قال : ( ولكنا نقول : المكاتب فقير ملكا ، ولكنه غني يدا وكسبا ; فالهبة منه لا تنفك عن قصد العوض ، إما بمنافعه ، أو كسبه - كالهبة من العبد - فله أن يرجع فيها إذا لم ينل العوض ) ، وكذلك بعد العتق ; لأن حق الرجوع ثبت له في ملك المكاتب ، فقد تقرر ذلك بعتقه . فأما إذا عجز : فالأصل عند أبي يوسف إن عجز المكاتب : يقرر ملك المولى في كسبه كما أن عتقه يقرر ملكه ; لأن لكل واحد منهما حق الملك في الكسب ، وعند محمد عجز المكاتب ناقل للملك من كسبه إلى مولاه بمنزلة موت الحر ، فكما أن موت الحر الموهوب له يقطع حق الواهب في الرجوع ، فكذلك عجز المكاتب .

والدليل على الفرق : أن المكاتب إذا استبرأ جارية محيضة ، ثم عتق فليس عليه فيها استبراء جديد ، ولو عجز كان على المولى أن يستبرئها . وسنقرر هذا الأصل في كتاب الإجارات - إن شاء الله تعالى - .

التالي السابق


الخدمات العلمية