الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( رجل وهب لرجل أرضا فبنى فيها الموهوب له ، ثم أراد الرجوع فيها ، وخاصمه إلى القاضي فقال له القاضي : ليس لك أن ترجع فيها ، ثم هدمها الموهوب له ، فعادت كما كانت : فللواهب أن يرجع فيها ; لزوال المانع - وهو البناء - ) . وفرق بين هذا وبين ما إذا اشترى عبدا على أنه بالخيار ثلاثة أيام ، فحم العبد في الأيام [ ص: 87 ] الثلاثة ، وخاصمه في الرد فأبطل القاضي حقه ; للحمى ، ثم أقلعت قبل مضي الأيام الثلاثة : ليس له أن يرده ; لأن هناك حقه في الخيار بعرض السقوط ، حتى يسقط بإسقاطه ; فكذلك يسقط بقضاء القاضي . وهنا : حق الواهب في الرجوع ليس بعرض السقوط ; حتى لا يسقط بإسقاطه ، فكذلك القاضي لا يسقط بقضائه حقه في الرجوع ، ولكن يكف عن القضاء بالرجوع ; لتعذر ذلك بسبب البناء ، فإذا زال ذلك ، فقد زال المانع ، وحقه قائم ، وكان له الرجوع فيها . يوضحه : أن السبب هناك للفسخ عدم لزوم العقد ، فبقضائه يصير لازما ; لأن صفة اللزوم تليق بالبيع ، وهنا : السبب : كون العقد تبرعا ، ويمكن الخلل في مقصوده ، وهو العوض ، وبقضائه لا يرتفع هذا السبب ، فكان له أن يرجع إذا زال المانع .

التالي السابق


الخدمات العلمية