الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( الثاني : ) حكم من أحرم بالقران من الحل حكم من أحرم بالحج من الحل في وجوب طواف القدوم عليه ، وتعجيل السعي بعده ، فإن ترك ذلك ، وهو غير مراهق فعليه الدم ، وإن كان مراهقا فلا دم عليه قاله في المدونة ( الثالث : ) إذا أردف الحج على العمرة في الحل فحكمه حكم من أحرم بالقران من الحل في وجوب طواف القدوم والسعي بعده إذا لم يكن مراهقا ، وهو ظاهر ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( الرابع : ) إذا أحرم بالقران من مكة أو بالعمرة من مكة ثم أردف عليها حجة وصار قارنا ، فإنه يلزمه الخروج للحل على المشهور ، فإذا دخل من الحل لا يطوف ، ولا يسعى ; لأنه أحرم من مكة قاله ابن رشد عن ابن القاسم ، ونقله ابن عرفة ، وقد تقدم ذلك عند قوله : ولها ، وللقران الحل ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( الخامس : ) من أحرم بالحج أو بالقران من الحل ومضى إلى عرفات ، ولم يدخل مكة ، وليس بمراهق ، فإنه بمنزلة من ترك طواف القدوم ، ويجب عليه الدم قاله في المدونة ، وكلام المصنف في مناسكه يوهم سقوط الدم ، وليس كذلك ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وإلا فدم إن قدم ، ولم يعد )

                                                                                                                            ش : أي : وإن لم يؤخر سعيه إلى طواف الإفاضة بل قدمه قبل الخروج إلى عرفة إثر طواف طافه ، فإنه يؤمر بأن يعيد السعي إثر طواف الإفاضة ، فإن لم يعده حتى رجع إلى بلده فعليه دم ، وظاهر كلامه أن هذا الحكم شامل للمراهق ، وليس كذلك ; لأن المراهق إذا قدم الطواف والسعي أجزأه ، ولا يؤمر بإعادة السعي [ ص: 84 ] لأنه أتى بما هو الأصل في حقه ; لأن التأخير في حقه رخصة ولذلك قال ابن عبد السلام : الشبه بين المراهق وبين غيره إنما هو في مطلق السقوط ، وإلا فالطواف ساقط في حق المراهق للمشقة وخوف فوات عرفة حتى لو تجشم المشقة وغرر فأدرك فطاف وسعى لكان آتيا بما هو مشروع في حقه بالأصل ، أما من أحرم بالحج من مكة فلم يشرع له طواف القدوم انتهى .

                                                                                                                            ، وقد نبه الشارح على هذا ، وقال لعل قوله إن قدم فيه إيماء لذلك ; لأن مثل هذا لا يقال فيه : قدم بل أوقعه في محله الذي خوطب به في الأصل انتهى .

                                                                                                                            ، ما قاله ظاهر انتهى .

                                                                                                                            ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( تنبيه ) : قال ابن الحاجب : ولو سعى ورجع إلى بلده مقتصرا أجزاءه ، وعليه دم على المشهور قال ابن عرفة : وفيها يؤخر المحرم من مكة سعيه لآخر إفاضته ، فإن طاف وسعى قبل وقوفه أعاد سعيه إثرها ، وإن لم يعد كفاه ، وأيسر شأنه هدي ، وشاذ قول ابن الحاجب هدي على المشهور لا أعرفه إلا تخريج التونسي من عدمه فيها على مفيض محدث طاف تطوعا بطهارة ويفرق بتقديم نية طواف الإفاضة فيحكم بانسحابها انتهى .

                                                                                                                            ( قلت : ) ذكره اللخمي في كتاب الحج الأول في باب مواقيت الحج ، ونصه : واختلف فيمن أفرد الحج من مكة ثم طاف وسعى قبل أن يخرج إلى عرفة ، هل يحتسب بذلك ؟ فقال مالك في المدونة : إذا رجع من عرفة طاف للإفاضة وسعى ، فإن هو لم يفعل حتى رجع إلى بلده رأيت السعي الأول يجزئه ، وعليه الدم ، وذلك أيسر شأنه عندي ، وقال ابن القصار : وقد روى عن مالك أنه إذا كان قد طاف وسعى ثم فرغ من حجه ورجع إلى بلده أجزأه وأجاز ذلك الشافعي وأبو حنيفة ; لأن الطواف بانفراده ليس من شرطه أن يؤتى به من الحل ، وكذلك السعي ، وإذا كان كذلك كان الصواب أنه جائز حسبما روي عن مالك في أحد القولين انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية