الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص [ ص: 126 ] ورميه العقبة حين وصوله ، وإن راكبا ) ش قال سند : والركوب في العقبة ليس من سنة الرمي حتى يقال : من قدم منى ماشيا فليركب وقت الرمي ، وإنما السنة الاستعجال فمن كان راكبا رمى راكبا قبل أن ينزل ، ومن كان ماشيا رمى ماشيا ، ولو مشى الراكب وركب الماشي لم يكن فيه شيء ; لأن هذه هيئة ، وليس بنسك مستقل قال مالك في الموازية : وليمش في رمي الجمار في أيام منى ، وفي اليوم الآخر فقيل : إن الناس قد تحملوا مرحلتين قال في ذلك سعة ركب أو مشى انتهى .

                                                                                                                            وقال قبله قال في الموازية : وليرمها راكبا ، كما هو إلا أن يأتي قبل الفجر يريد أن الركوب ليس هو لأجل الجمرة ، وإنما المقصود منه الاستعجال بها ، فإذا قدم راكبا مر ، كما هو إليها ورمى ، وإن قدم في غير وقت رمي أخر الرمي حتى تطلع الشمس ثم ليس عليه أن يركب إليها بل يمشي لها كما يمشي لسائر الجمار ، فإن المشي إلى العبادة أفضل في هذا الموضع لما رواه نافع { عن عمر أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر ماشيا ذاهبا وراجعا ويخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك } أخرجه أبو داود ، وروى مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن الناس كانوا إذا رموا الجمار مشوا ذاهبين وراجعين ، وأول من ركب معاوية بن أبي سفيان انتهى .

                                                                                                                            ونقله في النوادر ( فرع ) : قال في النوادر ، ولما تكلم على رمي جمرة العقبة قال مالك : ويرميها من أسفلها ، فإن لم يصل لزحام فلا بأس أن يرميها من فوقها ، وقد فعله عمر لزحام ثم رجع مالك فقال : لا يرميها إلا من أسفلها ، فإن فعل فليستغفر الله ، وكذلك في المختصر ، وإذا رماها من أسفلها فليستقبلها ومنى عن يمينه ، وهو ببطن الوادي ، وكذلك كان ابن مسعود يفعل ، ولا يقف عندها بعد الرمي انتهى .

                                                                                                                            وقال قبله ، ومن كتاب ابن المواز قال مالك : ومن رمى جمرة العقبة رجع من حيث شاء انتهى .

                                                                                                                            وقال في التوضيح : وقول ابن الحاجب : ولا يقف للدعاء ظاهر الباجي ويحتمل أن يكون ذلك من جهة المعنى أن موضع الجمرتين الأوليين فيه سعة للقيام لمن يرمي ، وأما جمرة العقبة فموضعها ضيق ; ولذلك لا ينصرف الذي يرميها على طريقه ; لأنه يمنع الذي يأتي للرمي ، وإنما ينصرف من أعلى الجمرة انتهى .

                                                                                                                            ص ( وحل بها غير نساء وصيد ) ش شمل قوله : نساء الجماع ومقدماته عقد النكاح ، وهو كذلك ، فإن هذه الأشياء لا تباح بالتحلل الأول قال في الطراز : فإن عقد النكاح فهو فاسد ، وإن قبل فعليه هدي ، وأما الجماع فسيذكر المصنف حكمه ، والتحلل الأول يحصل برمي جمرة العقبة أو بخروج وقت أدائها قاله في الطراز في آخر مسألة من باب جمرة العقبة ، ونحوه في ابن عرفة ، ونصه : وفوت رمي العقبة بخروج وقته كفعلها في الإحلال الأصغر لسماع عيسى عن ابن القاسم من مضى إثر وقوفه لبلده رجع لابسا ثيابه انتهى .

                                                                                                                            والمراد بالوقت وقت الأداء قاله في الطراز في أثناء كلامه فراجعه ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وتكبيره مع كل حصاة ) ش ابن عرفة روى محمد رافعا صوته بالتكبير ، وفيها قيل : إن سبح أيجزئه ؟ قال : السنة التكبير ، ثم قال : فإن ترك التكبير فلا شيء عليه أبو عمر إجماعا انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن هارون : ومن لم يكبر فلا شيء عليه عند مالك ، وذهب قوم إلى أن التكبير هو الواجب في الجمار ، وإنما جعل الرمي حفظا لعدده كالتسبيح بالحصى فالدم يتعلق عندهم بترك التكبير لا بترك الرمي ، وحكاه الطبري عن عائشة ، والجمهور على خلافه انتهى .

                                                                                                                            وحكى في الطراز أيضا الإجزاء عن الجمهور ( تنبيه : ) ذكر ابن عطاء الله في منسكه عن بعض أصحابنا أنه يقول مع التكبير هذه في طاعة الرحمن ، وهذه في غضب الشيطان انتهى .

                                                                                                                            وقال في الزاهي ويقول : إذا رمى الجمار اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا انتهى .

                                                                                                                            ويعني بعد فراغه من رمي الجمار ، وقال في النوادر : وقال ابن حبيب : وكلما رمى أو عمل شيئا من أمر الحج قال : اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا انتهى .

                                                                                                                            ص [ ص: 127 ] وتتابعها ) ش أي : ندب تتابع الحصيات السبع أي : موالاتها ، وهذا كقوله : بعد وندب تتابعه أي : تتابع الرمي في الجمار الثلاث ، وفي غيرها فهو أعم من الأول ; لأن الكلام الأول خاص بجمرة العقبة والثاني : عام في الجمار كلها انتهى .

                                                                                                                            وسيأتي الكلام على التتابع ، هل هو واجب أو مستحب عند قول المصنف وندب تتابعه .

                                                                                                                            ص ( ولقطها ) ش قال ابن الحاجب : ولقطها أولى من كسرها ، وقال ابن هارون في شرح المدونة : قال ابن المواز عن مالك : ولقطها أحب إلي من كسرها ، وليس عليه غسلها ، فإن احتاج إلى كسرها فلا بأس انتهى .

                                                                                                                            وقال في التوضيح : وقال غير واحد له أن يأخذ حصى الجمار بمنزله من منى أو من حيث شاء إلا جمرة العقبة ، فإنه يستحب أخذها من المزدلفة قاله ابن القاسم وابن حبيب وغيرهما ، وقال ابن الحاجب في مناسكه : ويستحب له أخذها من وادي محسر ونص اللخمي وغيره على أنه ليس من مزدلفة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية