الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وبدأ بمقدم رأسه )

                                                                                                                            ش : يعني أن من فضائل الوضوء أن يبدأ المتوضئ في مسح رأسه بمقدمه . قال ابن بشير : لأن ذلك هو الوارد في حديث عبد الله بن زيد وهذا هو المشهور . قال في التوضيح : وحكى ابن رشد فيه قولا بالسنية ، وفي المذهب قولا أنه يبدأ من مؤخر رأسه ، وقيل : إنه يبدأ من وسطه ثم يذهب إلى حد منابت شعره مما يلي الوجه ثم يردهما إلى قفاه ثم يردهما إلى حيث بدأ انتهى .

                                                                                                                            ( فائدة ) سبب الاختلاف قوله : في حديث عبد الله بن زيد { مسح رأسه بيديه أقبل بهما وأدبر } بدأ بمقدم رأسه فقيل : الواو لا تقتضي الترتيب والمراد أدبر بهما وأقبل ، وكذلك وقع في بعض طرق الحديث وعلى الرواية المشهورة فقال ابن بشير : بدأ بذكر الإقبال تفاؤلا ، وقيل : المراد أقبل بهما على قفاه وأدبر بهما عن قفاه فإن الإقبال والإدبار من الأمور النسبية ، وقيل : بدأ من وسط رأسه وأقبل على وجهه كما تقدم ، ويمنع هذا قوله : في الحديث بدأ بمقدم رأسه والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            ( فائدة ) قال في التنبيهات : مقدم رأسه ومؤخره بفتح ثانيه وتشديد الدال والخاء هذا هو المعروف وفيه لغة أخرى مقدم ومؤخر مخفف والثالث مكسور ونقله أبو الحسن .

                                                                                                                            ( تنبيهان الأول ) قال ابن راشد في شرح ابن الحاجب : قال ابن بشير : الابتداء بالمقدم غير خاص بالرأس بل هو عام في سائر الأعضاء انتهى . وعد صاحب الطراز في فضائل الوضوء ترتيب أعلى العضو على أسفله ، ذكره في باب ترتيب الوضوء وموالاته لما عد فضائل الوضوء . قال ابن شعبان في الزاهي : لو بدأ الماسح من مؤخره أجزأه إذ المفترض المسح بالرأس والمسنون تبدئة مقدمه ، ويوعظ فاعل هذا ويجفى ويقبح له فعله لخلاف ما أتى من السنة إن كان عالما ، ويعلمها إن كان جاهلا . وكذلك لو بدأ في غسل وجهه من الذقن أو في غسل الذراعين من المرفقين أو يغسل رجليه من كعبيه انتهى . وفي كلام المصنف في التوضيح في صفة المسح على الخفين إشارة إلى هذا .

                                                                                                                            ( الثاني ) انفرد ابن الجلاب بصفة في مسح الرأس ذكرها في تفريعه فقال : والاختيار في مسح الرأس أن يأخذ الماء بيديه ثم يرسله ثم يبدأ بيديه فيلصق طرفيهما من مقدم رأسه ثم يذهب بهما إلى مؤخره ويرفع راحتيه عن فوديه ثم يردهما إلى مقدمه ويلصق راحتيه بفوديه ويفرق أصابع يديه انتهى . قال ابن راشد في شرح ابن الحاجب قال القاضي أبو محمد يعني عبد الوهاب : سألت شيخنا ابن الجلاب عن الصفة التي اختارها فقال : اخترتها لئلا يكون مكررا للمسح . وفضيلة التكرار مخصوصة بالغسل ، قال القاضي عبد الوهاب : وسألت شيخنا أبا الحسن يعني ابن القصار عن ذلك فقال : هذا غير محفوظ عن مالك ولا عن أحد من أصحابنا والتكرار الذي لا فضيلة فيه هو أن يكون بماء جديد انتهى . وقال ابن الحاجب : ورد بأن التكرار المكروه بماء جديد والفودان تثنية فود بفتح الفاء وسكون الواو وهما جانبا الرأس والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية