الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( والتفات )

                                                                                                                            ش : يعني أن الالتفات في الصلاة مكروه لحديث عائشة رضي الله عنها { سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد } رواه البخاري ولحديث أبي داود { لا يزال الله تعالى مقبلا على العبد وهو في الصلاة ما لم يلتفت فإذا التفت أعرض عنه } ، وأطلق المصنف هنا رحمه الله في كراهة الالتفات وقيد ذلك في فصل السهو بكونه لغير حاجة ، وإن كان كلامه هناك ليس فيه التصريح بكراهته لكنه لما قرنه مع الأشياء المكروهة دل ذلك على أنه منها فيحمل كلامه المطلق هنا على ما ذكره في فصل السهو ، قال البراذعي في تهذيبه : ولا يلتفت المصلي فإن فعل لم يبطل ذلك صلاته .

                                                                                                                            قال صاحب الطراز : قوله : لا يلتفت ، لم يقله مالك في الكتاب ولا ابن القاسم وإنما جرى في حديث رواه ابن وهب عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : { ما التفت عبد في صلاته قط إلا قال الله تعالى : أنا خير لك مما التفت إليه } والمذهب لا يؤخذ من الحديث ; لأن الحديث له وجه ومعنى والالتفات على ضربين : مباح ومكروه ، فما كان للحاجة فمباح لحديث أبي بكر رضي الله عنه حين { التفت في الصلاة فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فتأخر وقال صلى الله عليه وسلم من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان الله إلا التفت إليه } وفي حديث أبي داود عن سهل بن الحنظلية { قال ثوب بالصلاة يعني الصبح فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب وكان أرسل فارسا إلى الشعب من الليل يحرس } وأما الالتفات لغير ضرورة فمكروه وذكر ما ذكره من الأحاديث في النهي عنه ثم قال : ( فرع ) قال في المختصر : ولا بأس أن يتصفح بخده ما لم يلتفت ; لما روى ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام { كان يلحظ في الصلاة ولا يلوي عنقه خلف ظهره } رواه الترمذي وروى النسائي { أنه كان يلتفت يمينا وشمالا ولا يلوي عنقه } والحديثان ضعيفان إلا أن النظر يصحح ذلك فإنه إنما عليه أن يتوجه إلى القبلة فإن لم يخل ذلك باستقباله لم يكن به بأس انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) ظاهر كلام صاحب الطراز أن التصفح جائز لغير ضرورة والظاهر أن ذلك إنما هو للضرورة وأما لغير ضرورة فهو من الالتفات إلا أن الالتفات يتفاوت فالتصفح بالخد أقرب وأخف من لي العنق ولي العنق أخف من الالتفات بالصدر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية