الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وندب قطعها لفذ لا مؤتم ، وفي الإمام روايتان )

                                                                                                                            ش : يعني أن من أحرم بصلاة الصبح ثم ذكر أنه لم يصل الوتر فإن كان فذا فإنه يستحب له أن يقطع صلاة الصبح لأجل الوتر ثم يصلي الشفع والوتر إن كان الوقت متسعا ، وهذا ظاهر ثم يعيد ركعتي الفجر إن كان الوقت متسعا ، وأما المأموم ، فلا يقطع الصبح لأجل الوتر بل يستمر خلف الإمام في الصلاة وهذه إحدى مساجين الإمام واختلف في الإمام هل يقطع الصبح لأجل الوتر أم لا في ذلك روايتان أي في استحباب القطع والبناء ، وما ذكره المصنف من التفريق بين الفذ وغيره هو القول الذي رجع إليه مالك في المدونة قال فيها ، وإذا كان خلف إمام في الصبح أو وحده فذكر الوتر فقد استحب له مالك أن يقطع ويوتر ثم يصلي الصبح ; لأن الوتر سنة ، وهو لا يقضي بعد الصبح ثم أرخص مالك للمأموم أن يتمادى انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيهات الأول : ) قال في الطراز : إذا قلنا : لا يقطع المأموم بخلاف الفذ على ظاهر الكتاب فمحل ذلك إذا كان لقطعه وتره تفوته جماعة [ ص: 77 ] الصبح فلو كان يعتقد أنه يدرك ركعة منها قطع وكان كالفذ ; لأنه يمكنه تحصيل فضيلة الجماعة فلو منع من القطع لم يكن له إلا حرمة المكتوبة فقط ، وحرمة المكتوبة ثابتة في حق الفذ ، ولا تمنعه من القطع انتهى .

                                                                                                                            ( الثاني ) : زاد في الأم بعد أن ذكر القولين عن مالك ولكن الذي كان يأخذ به في خاصة نفسه أن يقطع ، وإن كان خلف إمام فيما رأيته ووقفت عليه فرأيت ذلك أحب إليه انتهى .

                                                                                                                            ونقله صاحب الطراز وأسقطه البراذعي في اختصاره ( الثالث ) قال في الطراز روى مطرف عن مالك أنه إذا ذكر الوتر فليقطع كان إماما أو وحده أو مأموما إلا أن يسفر جدا وروى مثله ابن القاسم وابن وهب انتهى .

                                                                                                                            والقصد منه أنه إنما يؤمر بالقطع ما لم يسفر جدا ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( الرابع ) ظاهر كلام المصنف وكلام المدونة المتقدم أن الفذ يقطع سواء ركع أو لم يركع ، وقال ابن الحاجب : وفي التفرقة في عقد ركعة قولان قال القابسي في تصحيحه الذي قدمه ابن بشير : القطع مطلقا عقد أم لم يعقد ، وهو ظاهر المختصر والشامل والقرافي انتهى . وقال ابن ناجي في شرح المدونة ، وظاهر كلام الأكثر : أنه لا فرق بين أن يركع أم لا وعزاه عبد الحق لبعض شيوخه ، وقال ابن زرقون : إنما الخلاف ما لم يركع فإن ركع تمادى فذا كان أو إماما ( قلت ) وعزاه عبد الحق لبعض الناس ، ذكر القولين في التهذيب انتهى .

                                                                                                                            كلام ابن ناجي وفهم من هذا أن الراجح القطع مطلقا كما هو ظاهر كلام المصنف ( الخامس ) قال ابن عبد البر في الاستذكار : لا أعلم أحدا قال : يقطع الصبح لذكر الوتر إلا أبا حنيفة وابن القاسم ، وأما مالك فالصحيح عنه : أنه لا يقطع قال : وأجمع العلماء على أن المأموم لا يقطع لذكر الوتر انتهى .

                                                                                                                            قال ابن ناجي : تعقبه ابن زرقون بقول المدونة : إن المأموم يقطع انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) ويتعقب أيضا قوله : الصحيح عن مالك : أنه لا يقطع بأنه خلاف قول مالك في المدونة ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( السادس ) قال ابن ناجي في شرح المدونة : وأما لو ذكر الوتر في الفجر فالذي كنت أقول به إنه يقطع ; لأنه إذا كان يقطع في الصبح في قول فأحرى أن يقطع هنا ، ولا يختلف فيه ، وكان شيخنا يعني البرزلي لا يرتضي ذلك مني ، ويعتل بأنه إذا لم يقطع في الصبح فات الوتر ، وها هنا إذا تمادى على الفجر لا يفوت بل يعيده ، وما ذكره إنما يتمشى على قول سحنون فيمن ذكر منسية بعد أن صلى الفجر فإنه يصليها ويعيد الفجر حسبما نقله ابن يونس بعد ، وكان شيخنا - حفظه الله - يحمله على خلاف المذهب ، وأنه إنما تعاد الفرائض في الترتيب فقط كما قاله شيخنا أبو مهدي انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) : ما ذكره عن ابن يونس ذكره في ترجمة من ذكر صلاة نسيها ، ونصه سحنون ومن ذكر صلاة بعد أن ركع الفجر صلاها ، وأعاد ركعتي الفجر انتهى .

                                                                                                                            وقبله ابن يونس ، وقال المازري في قضاء الفوائت قال سحنون فيمن ذكر صلاة نسيها بعد أن ركع الفجر فإنه يعيد ركعتي الفجر إذا صلى المنسية كما يعيد الصبح إذا صلاها فأعطى ركعتي الفجر حكم صلاة الصبح في الترتيب كما لو كانت متعلقة بها انتهى .

                                                                                                                            وذكره الجزولي في شرح الرسالة أيضا لم يذكر خلافه ، وذكر أيضا أن من صلى الفجر ثم ذكر الوتر أنه يصلي الوتر ، ويعيد الفجر قال ; لأنه حال بينه وبين صلاة الصبح بصلاة سنة انتهى .

                                                                                                                            من آخر باب صفة العمل في الصلوات المفروضة ، وقال التلمساني في شرح الجلاب الظاهر من المذهب : أنه لا يعيدها ; لأن الترتيب إنما يقع بين الفرائض انتهى .

                                                                                                                            وانظر ابن ناجي الكبير ( السابع ) : إذا قلنا يقطع الإمام ، فهل يقطع المأموم كما إذا ذكر المأموم صلاة قولان ذكرهما في التوضيح عن ابن راشد وذكرهما الشارح في الكبير ، وقال ابن رشد في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم من كتاب الجامع فإذا قطع صلاته بالكلام فصلاة المأمومين صحيحة خلافا لابن حبيب انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية