الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا ) ( ذكر ) الناذر ( التتابع وشرط الخروج لعارض ) [ ص: 479 ] مباح مقصود لا ينافي الاعتكاف ( صح الشرط في الأظهر ) ؛ لأنه إنما لزم بالتزامه فوجب أن يكون بحسبه فإن عين شيئا لم يتجاوزه وإلا خرج لكل غرض ولو دنيويا مباحا كلقاء الأمير لا لنحو نزهة ويوجه بأنها لا تسمى غرضا مقصودا في مثل ذلك عرفا فلا ينافي ما مر في السفر أنها غرض مقصود أما لو شرط الخروج لمحرم كشرب خمر أو لمناف كجماع فيبطل نذره نعم لو كان المنافي لا يقطع التتابع كحيض لا تخلو عنه مدة الاعتكاف غالبا صح شرط الخروج له وأما لو شرط الخروج لا لعارض كأن قال إلا أن يبدو لي فهو باطل ؛ لأنه علقه وهل يبطل به نذره وجهان رجح في الشرح الصغير البطلان وهو الأوجه ورجح غيره عدمه ولو نذر نحو صلاة أو صوم أو حج وشرط الخروج لعارض فكما تقرر ويأتي في النذر ما له تعلق بذلك بخلاف نحو الوقف لا يجوز فيه شرط احتياج مثلا ؛ لأنه يقتضي الانفكاك عن اختصاص الآدمي به فلم يقبل ذلك الشرط كالعتق ( والزمان المصروف إليه ) أي لذلك المعارض ( لا يجب تداركه إن عين المدة كهذا الشهر ) ؛ لأن زمن المنذور من الشهر إنما هو اعتكاف ما عدا العارض ( وإلا ) يعين مدة كشهر ( فيجب ) تداركه لتتم المدة الملتزمة وتكون فائدة الشرط تنزيل ذلك العارض منزلة قضاء الحاجة في أن التتابع لا ينقطع به .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن وشرط الخروج لعارض ) خرج ما لو شرط قطع الاعتكاف للعارض فإنه وإن صح لا يجب عليه العود عند زوال العارض بخلاف شرط الخروج له فيجب عليه العود شرح م ر قال في الروض ولو نذر اعتكاف يومين أو عشرة أو عشرين يوما لم تجب الليالي المتخللة إلا إن شرط التتابع أو نواه كعكسه أي : وإن لم يجب هو أي التتابع فنية التتابع توجب الليالي دون التتابع قوله إلا إن شرط إلخ أي فتجب الليالي المتخللة وخرج بالمتخللة السابقة على اليوم الأول وهو ظاهر وإن قال العشرة الأخيرة دخلت الليالي ويجزئ وإن نقص الشهر بخلاف قوله عشرة أيام من آخره ا هـ وقوله بخلاف إلخ أي : فإذا كان ناقصا لزمه أن يعتكف بعده يوما قال في المجموع ويسن في هذه أن يعتكف يوما أي : ناويا به الفرض أو النذر كما هو ظاهر وإلا لم يمكن إجزاؤه ولا يضر التردد في النية ويكفي لصحتها احتمال دخوله قبل العشر لاحتمال نقص الشهر فيكون ذلك اليوم داخلا في نذره لكونه أول العشرة من آخر الشهر فلو فعل ذلك ثم بان النقص فهل يجزئه عن قضاء يوم قطع البغوي بإجزائه ويحتمل أن يكون فيه الخلاف فيمن تيقن طهرا أو شك في ضده فتوضأ محتاطا فبان محدثا ا هـ والمعتمد ما قطع به البغوي ( تنبيهات )

                                                                                                                              الأول علم مما تقرر أنه لو نذر اعتكاف عشرة أيام ونوى التتابع جاز التفريق فله أن يأتي باليوم الأول وحده بلا ليلة ؛ لأن الواجب الليالي المتخللة وليلة الأول غير متخللة ولا يبعد أن يجزئه اعتكاف [ ص: 479 ] تسعة الأيام بلياليها متتابعة أو متفرقة ثم اعتكاف يوم بعدها بلا ليلة ؛ لأن الظاهر أن الترتيب بأن يبدأ باليوم الخالي عن ليلته لا يجب فليتأمل الثاني وقع السؤال عما لو قال في أثناء يوم السبت مثلا لله علي أن أعتكف عشرة أيام أولها هذا اليوم فهل يكفيه تسعة بعد هذا اليوم وتحسب بقيته يوما على وجه التغليب أو لا بد من اعتكاف قدر ما مضى منه من الحادي عشر ؛ لأنه التزم عشرة ولا تحصل إلا بذلك فعن بعض الناس الأول والوجه هو الثاني وفاقا لمر

                                                                                                                              الثالث لو نذر اعتكاف ليلة القدر من سنة معينة وترك اعتكاف العشر الأخير من رمضان تلك السنة أو ترك بعضه فهل يكفيه اعتكاف ليلة من شوال أو لا بد من اعتكاف العشر الأخير من رمضان بعد ذلك فيه نظر والوجه فيه وفاقا لمر هو الأول كما لو نذر اعتكاف يوم من رمضان بعينه ففاته ذلك الرمضان فإنه يكفيه اعتكاف يوم في غيره وإن كان رمضان أفضل من غيره أو نذر اعتكاف يوم جمعة بعينه ففاته يكفيه اعتكاف يوم بعده ولو غير جمعة ولو كان يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع خلافا لقول بعض الناس إنه لا يكفيه اعتكاف ليلة في شوال مثلا ويجري فيما لو نذر اعتكاف يوم عرفة سنة معينة ففاته واعتكف يوما بعده لغير عرفة .

                                                                                                                              ( قوله لا لنحو نزهة ويوجه إلخ ) لم يفصح في مسألة غير المقصود كالنزهة بأن شرطه يبطل النذر أو لا وعبارة شرح المنهج كالمصرحة ببطلانه .

                                                                                                                              ( قوله فكما تقرر ) قد يؤخذ منه رجوع نظير قوله الآتي والزمان المصروف إليه إلخ إلى هذا أيضا فإن شرط الخروج لعارض في نذر المذكورات وخرج منها بعد التلبس بها للعارض فإن كانت معينة كركعتين في وقت كذا أو كصوم يوم كذا أو حج عام كذا ولم يبق الوقت المعين بعد فراغ العارض لم يلزمه التدارك وإن كانت غير معينة كعلي صلاة ركعتين وصوم يوم وحج أو معينة وبقي الوقت كأن بقي منه ما يسع تلك الصلاة وبقي من ذلك العام ما يمكن فيه الحج لزم التدارك وليس بعيدا فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف نحو الوقف ) هل يبطل بهذا الشرط .

                                                                                                                              ( قوله في المتن وإلا فيجب ) ينبغي [ ص: 480 ] وكذا لو عين المدة كهذا الشهر لكنه خرج لغير ما شرط الخروج له مما لا يقطع التتابع أما ما يقطعه مما لم يشرط الخروج له فيوجب الاستئناف ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وإذا ذكر الناذر إلخ ) أي : في نذره لفظا نهاية ومغني قول المتن ( وشرط الخروج لعارض ) وخرج به ما لوشرط قطع الاعتكاف لعارض فإنه وإن صح لا يجب عليه العود عند زوال العارض [ ص: 479 ] بخلاف شرط الخروج له فيجب عليه العود نهاية ومغني وسم .

                                                                                                                              ( قوله مباح مقصود إلخ ) يظهر فيما إذا أطلق العرض صحة الشرط وانصرافه لما ذكر بل قد يدعي أنه مراد الشارح .

                                                                                                                              ( قوله فإن عين شيئا ) أي : نوعا أو فردا كعيادة المرضى أو زيد و .

                                                                                                                              ( قوله لم يتجاوزه ) أي : خرج له دون غيره وإن كان غيره أهم منه نهاية ومغني ( قوله مباحا ) أي : لا مكروها كما يفيده قوله لا لنحو نزهة .

                                                                                                                              ( قوله كلقاء أمير ) أي : لحاجة اقتضت خروجه للقائه لا مجرد التفرج ع ش عبارة القليوبي لا لنحو تفرج عليه بل لنحو سلام أو منصب ومثل السلطان الحاج ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إنها غرض مقصود ) أي : للعدول عن أقصر الطريقين إلى أطولهما بجيرمي .

                                                                                                                              ( قوله لمناف إلخ ) أي : أو لغير مقصود كنزهة فلا ينعقد نهاية ومغني ( قوله إلا أن يبدو لي ) أي : الخروج ولم يقل لعارض فإن قاله صح بجيرمي .

                                                                                                                              ( قوله وهو الأوجه ) وفاقا للنهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله فكما تقرر ) قد يؤخذ منه رجوع نظير قوله الآتي والزمان المصروف إلخ إلى هذا أيضا فإن شرط الخروج لعارض في نذر المذكورات وخرج منها بعد التلبس بها لعارض فإن كانت معينة كركعتين في وقت كذا أو كصوم يوم كذا أو حج عام كذا ولم يبق الوقت المعين بعد فراغ العارض لم يلزمه التدارك وإن كانت غير معينة كعلي صلاة ركعتين وصوم يوم وحج أو معينة وبقي الوقت كأن بقي منه ما يسع تلك الصلاة وبقي من ذلك العام ما يمكن فيه الحج لزم التدارك وليس ببعيد سم .

                                                                                                                              ( قوله فكما تقرر ) وعليه فلو نوى الصلاة بعد النذر جاز أن يقول في نيته وأخرج منها إن عرض لي كذا ؛ لأنه وإن لم يصرح به نيته محمولة عليه فمتى عرض له ما استثناه جاز له الخروج وإن كان في تشهد الصلاة وجاز له الخروج من الصوم وإن كان قريب الغروب فليراجع ع ش .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف نحو الوقف ) هل يبطل بهذا الشرط سم أقول قوله فلم يقبل ذلك الشرط إلخ كالصريح في صحة الوقف وبطلان الشرط وعدم تأثيره والله أعلم ( قوله أي : لذلك ) إلى قول المتن ولو عاد في النهاية والمغني إلا قوله على ما اقتضاه إلى المتن قول المتن ( وإلا فيجب ) ينبغي وكذا لو عين المدة كهذا الشهر لكنه خرج لغير ما شرط الخروج له مما لا يقطع التتابع أما ما يقطعه مما لم يشرط الخروج له فيوجب الاستئناف سم .

                                                                                                                              ( قوله وإلا يعين إلخ ) قد يقال فلو قصد في هذه الصورة استثناء الخروج للعارض المذكور من المدة الغير المعينة فهل يعمل بقصده أو لا محل تأمل والأقرب [ ص: 480 ] الأول بصري .




                                                                                                                              الخدمات العلمية