الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وأن يؤذن ) ويقيم ( قائما ) وعلى عال احتيج إليه و ( للقلبة ) ؛ لأنه المأثور سلفا وخلفا ولخبر الصحيحين { يا بلال قم فناد } ، بل يكره أذان غير مستقبل وكأنهم إنما لم يأخذوا بما في خبر الطبراني وأبي الشيخ أن بلالا كان يترك الاستقبال في بعضه غير الحيعلتين لمخالفته للمأثور المذكور الذي هو في حكم الإجماع المؤيد بالخبر المرسل { استقبل وأذن } على أن الخبر ضعيف ؛ لأن في سنده من ضعفه ابن معين ومعارض برواية راويه المذكور أيضا أن بلالا كان ينحرف عن القبلة عن يمينه في مرتي حي على الصلاة وعن يساره في مرتي حي على الفلاح ويستقبل القبلة في كل ألفاظ الأذان الباقية وحينئذ كان الأخذ بهذا الموافق لما مر ، والموجب لحجية المرسل ، والمثبت للاستقبال فيما عدا الحيعلتين وهو مقدم على النافي أولى وغير قائم قدر [ ص: 469 ] نعم لا بأس بأذان مسافر راكبا ، أو ماشيا

                                                                                                                              وإن بعد محل انتهائه عن محل ابتدائه بحيث لا يسمع من في أحدهما الآخر ، والالتفات بعنقه لا بصدره يمينا مرة في مرتي حي على الصلاة ، ثم يسارا مرة في مرتي حي على الفلاح وخصا بذلك ؛ لأنهما خطاب آدمي كسلام الصلاة ومن ثم ينبغي أن يكون الالتفات هنا بخده لا بخديه نظير ما يأتي ثم وكره في الخطبة ؛ لأنها وعظ للحاضرين فالالتفات إعراض عنهم مخل بأدب الوعظ من كل وجه وإنما ندب في الإقامة ؛ لأن القصد منها مجرد الإعلام لا غير فهي من جنس الأذان فألحقت به واختلف في التثويب فقال ابن عجيل لا وغيره نعم ؛ لأنه في المعنى دعاء كالحيعلتين ويسن جعل سبابتيه في صماخي أذنيه فيه دونها

                                                                                                                              والفرق أنه أجمع للصوت المطلوب رفعه فيه أكثر وأنه يستدل به الأصم ، والبعيد وقضيتهما أنه لا يسن لمن يؤذن لنفسه [ ص: 470 ] بخفض الصوت وبهما علم سر إلحاقهم لها به في الالتفات لا هنا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : نعم لا بأس بأذان مسافر راكبا ، أو ماشيا ) قال في العباب ، والأولى تأذين المسافر بعد نزوله أي إن سهل عليه وله فعله راكبا أي بلا كراهة كما في شرحه وقاعدا في شرحه بلا كراهة وإن كان غير راكب كما اقتضاه قول الشرح الصغير إلا أن يكون مسافرا فلا بأس أن يؤذن قاعدا ، أو راكبا ا هـ .

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              قول الشارح وإن بعد محل انتهائه عن محل ابتدائه بحيث لا يسمع من في أحدهما الآخر شامل لما إذا أذن لنفسه وما إذا أذن لغيره ممن يمشي معه مثلا وهو ظاهر ، وأما ما في شرح م ر مما يخالف ذلك كما يأتي فمشكل وقد بحثت معه فيه فوافق على ما استظهرته وحاول تأويل عبارته بما لا يخفى ما فيه ( قوله : بحيث لا يسمع من في أحدهما ) إن فعل ذلك لنفسه فإن فعلهما أي الأذان ، والإقامة لغيره كان كأن ثم معه من يمشي اشترط أن لا يبعد عن محل ابتدائه بحيث لا يسمع آخره من سمع أوله وإلا لم يجزئه كما في المقيم كذا في م ر وفيه نظر ظاهر

                                                                                                                              ( قوله : فقال ابن عجيل لا ) قال م ر واقتضاه كلامهم ( قوله : سبابتيه ) فلو تعذرا لنحو فقدهما اتجه جعل غيرهما من أصابعه ، بل لا يبعد حصول أصل [ ص: 470 ] السنة بجعل غيرهما ولو لم يتعذرا ( قوله : لها ) أي الإقامة وقوله به أي الأذان وقوله في الالتفات أي على ما مر وقوله لا هنا أي جعل السبابتين



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وعلى عال إلخ ) عبارة النهاية ويستحب أن يؤذن على عال كمنارة وسطح للاتباع ولزيادة الإعلام بخلاف الإقامة لا يستحب فيها ذلك إلا إن احتيج إليه لكبر المسجد كما في المجموع وفي البحر لو لم يكن للمسجد منارة سن أن يؤذن على الباب وينبغي تقييده بما إذا تعذر في سطحه وإلا فهو أولى فيما يظهر ا هـ .

                                                                                                                              وفي المغني نحوه ( قوله : احتيج إليه ) ظاهره أنه قيد في كل من الأذان ، والإقامة وليس كذلك ، بل هو قيد في الإقامة فقط ، وأما الأذان فيطلب فيه أن يكون على عال مطلقا كما مر عن النهاية ، والمغني ( قوله : وللقبلة ) أي : إن لم يحتج إلى غيرها وإلا كمنارة وسط البلد فيدور حولها قليوبي ا هـ بجيرمي ويأتي ما يتعلق به ( قوله : ؛ لأنه المأثور إلخ ) ظاهره الرجوع لكل من القيام ، والاستقبال لكن خصه شيخ الإسلام ، والنهاية ، والمغني بالثاني

                                                                                                                              ( قوله : بل يكره أذان غير مستقبل إلخ ) أي : مع القدرة عليه وأجزأه ؛ لأن ذلك لا يخل بالإعلام نهاية ومغني ( قوله : في بعضه ) أي الأذان ( قوله : لمخالفته ) أي الخبر ( قوله : المذكور ) أي : آنفا ( قوله : على أن الخبر ) أي : خبر الطبراني ( قوله : ومعارض ) عطف على ضعيف ( قوله : رواية المذكور ) كأنه أراد به من ضعفه ابن معين ( قوله : عن يمينه ) وقوله عن يساره عن فيهما بمعنى إلى ( قوله : وحينئذ ) أي حين التعارض وقوله بهذا أي المروي الثاني وقوله لما مر أي المأثور وقوله وهو إلخ أي ، والحال أن المثبت إلخ وقوله أولى خبر كان ( قوله : وغير قائم ) إلى قوله وقضيتهما في [ ص: 469 ] النهاية إلا قوله ومن ثم إلى وكره ، وكذا في المغني إلا قوله نعم إلى ، والالتفات ( قوله : وغير قائم إلخ ) عطف على قوله وغير مستقبل عبارة النهاية فيكره للقاعد وللمضطجع أشد وللراكب المقيم أي جالسا بخلاف المسافر لا يكره له ذلك لحاجته للركوب لكن الأولى له أن لا يؤذن إلا بعد نزوله ؛ لأنه لا بد له منه للفريضة وقضية كلام الرافعي أنه لا يكره أي للمسافر ترك القيام ولو غير راكب ويوجه بأن من شأن السفر التعب ، والمشقة فسومح له فيه ومن ثم قال الإسنوي ولا يكره له أيضا ترك الاستقبال ولا المشي لاحتماله في صلاة النفل ففي الأذان أولى ، والإقامة كالأذان فيما ذكر ، والأوجه أن كلا منهما يجزئ من الماشي وإن بعد عن محل ابتدائه بحيث لا يسمع آخره من سمع أوله إن فعل ذلك لنفسه فإن فعلهما لغيره كأن كان ثم معه من يمشي وفي محل ابتدائه غيره اشترط أن لا يبعد عن محل ابتدائه بحيث لا يسمع آخره من سمع أوله وإلا لم يجزه كما في المقيم ا هـ ، وكذا في سم عن العباب وشرحه إلا قوله لاحتماله إلخ قال ع ش قوله م ر والأوجه إلخ قد يشعر عبارته باختصاص الإجزاء على هذا الوجه بالمسافر ولعله جرى على الغالب من أن غيره لا يمشي في أذانه ولا في إقامته وقوله وإلا لم يجزه أي لم يجز من لم يسمع الكل ا هـ عبارة الرشيدي قوله م ر لم يجزه لعله بالنسبة لمن في محل ابتدائه إذ لا توقف في إجزائه لمن يمشي معه ومن ثم احترز بالتصوير المذكور عما إذا أذن لمن يمشي معه فقط كما هو ظاهر ، ثم رأيت سم توقف في عبارة الشارح م ر وذكر أنه بحث معه م ر فيها فحاول تأويلها بما لا يخفى ما فيه انتهى ، والحاصل أنه ينبغي حذف قوله م ر كأن كان معه من يمشي إذ حكمه حكم ما إذا كان يؤذن لنفسه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإن بلغ محل انتهائه إلخ ) شامل لما إذا أذن لنفسه وما إذا أذن لغيره ممن يمشي معه مثلا وهو ظاهر سم ( قوله : والتفات إلخ ) أي : ويسن التفات نهاية ومغني ( قوله : بعتقه إلخ ) أي : من غير أن ينتقل عن محله ولو على منارة محافظة على الاستقبال نهاية ومغني قال ع ش وفي سم على المنهج عن م ر ولا يدور عليها فإن دار كفى وإن سمع آخر أذانه من سمع أوله وإلا فلا ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : يمينا مرة في مرتي حي على الصلاة ويسارا مرة في مرتي إلخ ) أي حتى يتمهما في الالتفاتين نهاية ومغني ( قوله : ؛ لأنهما خطاب آدمي ) أي وغيرهما ذكر الله تعالى نهاية ( قوله : كسلام الصلاة ) أي : فإنه يلتفت فيه دون ما سواه ؛ لأنه خطاب آدمي بجيرمي ( قوله : ومن ثم ) أي : من أجل أنهما كسلام الصلاة ( قوله : وإنما ندب إلخ ) أي : الالتفات ( قوله : وفي التثويب ) أي : في سن الالتفات فيه ( قوله : فقال ابن عجيل لا ) اعتمده النهاية ، والمغني قال الكردي ، والأسنى ، والإمداد وغيرهم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : دعاء ) أي : إلى الصلاة ( قوله : جعل سبابتيه إلخ ) أي : أنملتيهما ولو تعذرت إحدى يديه لعلة جعل السليمة فقط نعم إن كانت العليلة سبابتيه فيظهر جعل غيرهما من بقية أصابعه نهاية قال ع ش قضيته استواء بقية الأصابع في حصول السنة بكل منها وإنه لو فقدت أصابعه الكل لم يضع الكف وفي سم على حج فلو تعذر سبابتاه لنحو فقدهما اتجه جعل غيرهما من أصابعه ، بل لا يبعد حصول أصل السنة بجعل غيرهما ولو لم تتعذر ا هـ انتهى ( قوله : أنه ) أي : الجعل

                                                                                                                              ( قوله : وأنه يستدل به الأصم ، والبعيد ) أي : على كونه أذانا فيجب إلى فعل الصلاة لا أنه يسن له إجابة المؤذن بالقول نهاية ( قوله : وقضيتهما ) [ ص: 470 ] أي الفرقين ( قوله : بخفض الصوت ) مفهومه أنه إذا رفع صوته ما استطاع لتحصيل كمال السنة كما مر يسن له ذلك أيضا ( قوله : وبهما ) أي بالفرقين ( قوله : لها ) أي الإقامة وقوله به أي الأذان وقوله في الالتفات أي على ما مر وقوله لا هنا أي جعل السبابتين ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية