الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

            1145 - حذيفة بن قتادة المرعشي .

            صحب الثوري ، وتوفي في هذه السنة .

            قال حذيفة المرعشي : إياكم وهدايا الفجار والسفهاء ، فإنكم إن قبلتموها ظنوا بكم أنكم [قد] رضيتم فعلهم .

            1146 - زيد بن محمد بن عبيد ، أبو عبد الله الخزاعي الدمشقي .

            سمع مالك بن أنس ، روى عنه: ابن عوف وأحمد بن حنبل ، وأبو خيثمة ، وكان ثقة مأمونا .

            وتوفي في هذه السنة بدمشق .

            1147 - عبد الرحمن بن غزوان ، أبو نوح عبد الله بن مالك الخزاعي ، ويعرف بقراد .

            سمع شعبة ، وعكرمة بن عمار ، والليث بن سعد روى عنه أحمد بن حنبل . وكان ثقة . توفي في هذه السنة .

            1148 - عمر بن حبيب العدوي

            من بني عدي بن مناة . من أهل البصرة .

            حدث عن داود بن أبي هند ، وخالد الحذاء ، وسليمان التيمي ، وهشام بن عروة .

            روى عنه محمد بن عبيد الله المنادي . وكان قد قدم بغداد ، وولي بها قضاء الشرقية ، وولي قضاء البصرة [أيضا] .

            قال عمر بن حبيب : حضرت مجلس هارون [الرشيد] فجرت مسألة فتنازعها الخصوم وعلت أصواتهم ، واحتج بعضهم بحديث يرويه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فدفع بعضهم الحديث ، وزادت المدافعة والخصام حتى قال قائلون منهم: لا يحمل هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن أبا هريرة متهم فيما يرويه ، وصرحوا بتكذيبه ، ورأيت الرشيد قد نحا نحوهم ، ونصر قولهم ، فقلت: إن الحديث صحيح النقل وأبو هريرة صحيح النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صدوق فيما يرويه عن نبي الله وغيره . فنظر إلي الرشيد نظر مغضب ، فقمت من المجلس فانصرفت إلى منزلي .

            فلم ألبث حتى قيل: صاحب البريد بالباب فدخل إلي ، فقال: أجب أمير المؤمنين إجابة مقتول ، وتحنط وتكفن فقلت: اللهم إنك تعلم أني دافعت عن صاحب نبيك ، وأجللت نبيك صلى الله عليه وسلم ، أن يطعن في أصحابه ، فسلمني منه . فأدخلت على الرشيد وهو جالس على كرسي ، حاسر عن ذراعيه ، بيده السيف وبين يديه النطع ، فلما بصرني قال [لي]: يا عمر بن حبيب ، ما تلقاني أحد من الرد والدفع [لقولي] بمثل ما تلقيتني به . فقلت: يا أمير المؤمنين ، إن الذي قلته وجادلت علي فيه إزراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم [على ما جاء به] ، إذا كان أصحابه كذابين فالشريعة باطلة ، والفرائض والأحكام في الصيام والصلاة والطلاق والنكاح والحدود كله مردود غير مقبول . فرجع إلى نفسه ، ثم قال: أحييتني يا عمر بن حبيب ، أحياك الله . وأمر لي بعشرة آلاف درهم .

            قال الحسين بن شداد : كان عمر بن حبيب على قضاء الرصافة لهارون الرشيد ، فاستعدى إليه رجل على عبد الصمد بن علي فأعداه عليه ، فأبى عبد الصمد أن يحضر مجلس الحكم ، فختم عمر بن حبيب قمطره وقعد في بيته . فرفع ذلك إلى هارون ، فأرسل إليه ، فقال: ما منعك أن تجلس للقضاء؟ فقال: أعدي على رجل فلم يحضر مجلسي . قال: ومن هو؟ قال: عبد الصمد بن علي . فقال هارون : والله لا يأتي مجلسك إلا حافيا قال: وكان عبد الصمد شيخا كبيرا قال: فبسطت [له] اللبود من باب قصره إلى مسجد الرصافة ، فجعل يمشي ويقول: أتعبني أمير المؤمنين ، أتعبني أمير المؤمنين . فلما صار إلى مجلس عمر بن حبيب أراد أن يساويه في المجلس ، فصاح [به] عمر وقال: اجلس مع خصمك . قال: فتوجه الحكم على عبد الصمد فحكم عليه ، وسجل به . فقال له عبد الصمد : لقد حكمت علي بحكم لا يجاوز شحمة أذنك فقال له عمر : أما إني قد طوقتك بطوق لا يفكه عنك الحدادون قم .

            قال الخطيب : كذا ذكر في هذا الحديث ، أنه كان على الرصافة . والمحفوظ أنه كان على الشرقية .

            توفي عمر في هذه السنة بعد رجوعه إلى البصرة .

            1150 - محمد بن أبي رجاء الخراساني .

            من أصحاب أبي يوسف القاضي . ولي القضاء ببغداد أيام المأمون وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة .

            1151 - محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى بن عبد الله ، أبو يحيى الأسدي . ويعرف بابن كناسة لقب أبيه عبد الله . ومحمد هو: ابن أخت إبراهيم بن أدهم .

            وكان عالما بالشعر والعربية وأيام الناس ، ورد بغداد ، وحدث بها عن هشام بن عروة ، والأعمش وغيرهما .

            روى عنه: أحمد بن حنبل وغيره . وقال يحيى وابن المديني : ابن كناسة ثقة .

            قال عبد الله بن محمد : رأى رجل محمد بن كناسة يحمل بيده بطن شاة فقال له أعطني أحمله لك فقال:


            لا ينقص الكامل من كماله ما جر من نفع إلى عياله .

            عن حماد بن إبراهيم عن أبيه قال: أتيت محمد بن كناسة لأكتب عنه ، فكثر عليه أصحاب الحديث ، فضجر بهم وتجهمهم ، فلما انصرفوا عنه دنوت منه ، فهش إلي واستبشر بي ، وبسط وجهه ، فقلت له: لقد تعجبت من تفاوت حالتيك!؟ فقال لي: أضجرني هؤلاء بسوء أدبهم ، فلما جئتني أنت انبسطت إليك وقد حضرني في المعنى بيتان وهما:


            في انقباض وحشمة فإذا     صادفت أهل الوقار والكرم
            أرسلت نفسي على سجيتها     وقلت ما قلت غير محتشم

            فقلت: لوددت أن هذين البيتين لي بنصف ما أملك فقال: قد وفر الله عليك مالك ، ما سمعهما أحد ولا قلتهما إلا الساعة . فقلت له: كيف لي بعلم نفسي أنهما ليسا لي .

            قال محمد بن عبد الله الحضرمي : توفي محمد بن كناسة سنة سبع ومائتين . وقال ابن قانع : سنة تسع . والأول أصح .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية