الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير

                                                                                                                                                                                                                                      74 - أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك شهرين ينزل عليه القرآن، ويعيب المنافقين المتخلفين، فيسمع من معه منهم، منهم: الجلاس بن سويد، فقال: والله، لئن كان ما يقول محمدا حقا لإخواننا الذين خلفناهم، وهم ساداتنا، فنحن شر من الحمير. فقال عامر بن قيس الأنصاري للجلاس: أجل ، والله إن محمدا صادق، وأنت شر من الحمار، وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستحضر، فحلف بالله ما قال، فرفع عامر يده فقال: اللهم أنزل على عبدك ونبيك تصديق [ ص: 695 ] الصادق، وتكذيب الكاذب، فنزل: يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر يعني: إن كان ما يقول محمد حقا فنحن شر من الحمير، أو هي استهزاؤهم، فقال الجلاس: يا رسول الله، والله لقد قلته، وصدق عامر، فتاب الجلاس، وحسنت توبته. وكفروا بعد إسلامهم وأظهروا كفرهم بعد إظهارهم الإسلام، وفيه دلالة على أن الإيمان والإسلام واحد; لأنه قال: وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا من قتل محمد صلى الله عليه وسلم، أو قتل عامر لرده على الجلاس، وقيل: أرادوا أن يتوجوا ابن أبي وإن لم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نقموا وما أنكروا، وما عابوا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله وذلك أنهم كانوا حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في ضنك من العيش لا يركبون الخيل، ولا يحوزون الغنيمة، فأثروا بالغنائم، وقتل للجلاس مولى، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بديته اثني عشر ألفا، فاستغنى فإن يتوبوا عن النفاق يك الثواب خيرا لهم وهي الآية التي تاب عندها الجلاس وإن يتولوا يصروا على النفاق يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة بالقتل، والنار وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير ينجيهم من العذاب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية