باب
nindex.php?page=treesubj&link=10377_10279حد الزانيين قال الله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=28975_10283_10301_34233_34462nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم الآية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : لم يختلف
السلف في أن ذلك كان حد الزانية في بدء الإسلام وأنه منسوخ غير ثابت الحكم ؛ حدثنا
جعفر بن محمد الواسطي قال : حدثنا
جعفر بن محمد بن اليمان قال : حدثنا
أبو عبيد قال : حدثنا
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وعثمان بن عطاء الخراساني عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15سبيلا قال : وقال في المطلقات :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال : هذه الآيات قبل أن تنزل سورة النور في الجلد نسختها هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة قال : والسبيل
[ ص: 42 ] الذي جعله لها الجلد والرجم ، قال : فإذا جاءت اليوم بفاحشة مبينة فإنها تخرج وترجم بالحجارة ؛ قال : وحدثنا
أبو عبيد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح عن
معاوية بن صالح عن
علي بن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في هذه الآية وفي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16واللذان يأتيانها منكم فآذوهما قال : كانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت ، وكان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير وبالضرب بالنعال ، قال : فنزلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة قال : وإن كانا محصنين رجما بسنة النبي صلى الله عليه وسلم قال : فهو سبيلها الذي جعله الله لها ؛ يعني قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : فكان حكم الزانية في بدء الإسلام ما أوجب من حدها بالحبس إلى أن يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ، ولم يكن عليها في ذلك الوقت شيء غير هذا ، وليس في الآية فرق بين البكر والثيب ؛ فهذا يدل على أنه كان حكما عاما في البكر والثيب وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإنه روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء : " أن المراد الرجل والمرأة " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : " البكرين من الرجال والنساء " . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : " أنه أراد الرجلين الزانيين " .
وهذا التأويل الأخير يقال إنه لا يصح ؛ لأنه لا معنى للتثنية ههنا ؛ إذ كان الوعد والوعيد إنما يجيئان بلفظ الجمع ؛ لأنه لكل واحد منهم ، أو بلفظ الواحد لدلالته على الجنس الشامل لجميعهم ؛ وقول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن صحيح وتأويل
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي محتمل أيضا ، فاقتضت الآيتان بمجموعهما أن حد المرأة كان الأذى والحبس جميعا إلى أن تموت ، وحد الرجل التعيير والضرب بالنعال ؛ إذ كانت المرأة مخصوصة في الآية الأولى بالحبس ومذكورة مع الرجل في الآية الثانية بالأذى فاجتمع لها الأمران جميعا ، ولم يذكر للرجال إلا الأذى فحسب .
ويحتمل أن تكون الآيتان نزلتا معا فأفردت المرأة بالحبس وجمعا جميعا في الأذى ، وتكون فائدة إفراد المرأة بالذكر إفرادها بالحبس إلى أن تموت وذلك حكم لا يشاركها فيه الرجل ، وجمعت مع الرجل في الأذى لاشتراكهما فيه ويحتمل أن يكون إيجاب الحبس للمرأة متقدما للأذى ، ثم زيد في حدها وأوجب على الرجل الأذى ، فاجتمع للمرأة الأمران وانفرد الرجل بالأذى دونها فإن كان كذلك فإن الإمساك في البيوت إلى الموت أو السبيل قد كان حدها ، فإذا ألحق به الأذى صار منسوخا ؛ لأن الزيادة في النص بعد استقرار حكمه توجب النسخ ؛ إذ كان الحبس في ذلك الوقت جميع حدها ، ولما وردت الزيادة صار بعض حدها ، فهذا
[ ص: 43 ] يوجب أن يكون كون الإمساك حدا منسوخا .
وجائز أن يكون الأذى حدا لهما جميعا بديا ثم زيد في حد المرأة الحبس إلى الموت أو السبيل الذي يجعله الله لها ، فيوجب ذلك نسخ الأذى في المرأة أن يكون حدا ؛ لأنه صار بعضه بعد نزول الحبس ؛ فهذه الوجوه كلها محتملة .
فإن قيل : هل يحتمل أن يكون الحبس منسوخا بإسقاط حكمه والاقتصار على الأذى إذا كان نازلا بعده ؟ قيل له : لا يجوز نسخه على جهة رفع حكمه رأسا ؛ إذ ليس في إيجاب الأذى ما ينفي الحبس لجواز اجتماعهما ؛ ولكنه يكون نسخه من طريق أنه يصير بعض الحد بعد أن كان جميعه ، وذلك ضرب من النسخ .
وقد قيل في ترتيب الآيتين وجهان : أحدهما : ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16واللذان يأتيانها منكم فآذوهما نزلت قبل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم ثم أمر أن توضع في التلاوة بعده ، فكان الأذى حدا لهما جميعا ، ثم الحبس للمرأة مع الأذى . وذلك يبعد من وجه ؛ لأن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16واللذان يأتيانها منكم فآذوهما " الهاء " التي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16يأتيانها كناية لا بد لها من مظهر متقدم مذكور في الخطاب أو معهود معلوم عند المخاطب ، وليس في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16واللذان يأتيانها منكم دلالة من الحال على أن المراد الفاحشة فوجب أن تكون كناية راجعة إلى الفاحشة التي تقدم ذكرها في أول الآية ؛ إذ لو لم تكن كناية عنها لم يستقم الكلام بنفسه في إيجاب الفائدة وإعلام المراد ، وليس ذلك بمنزلة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=45ما ترك على ظهرها من دابة وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إنا أنزلناه في ليلة القدر لأن من مفهوم ذكر الإنزال أنه القرآن ، وفي مفهوم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=45ما ترك على ظهرها من دابة أنها الأرض ، فاكتفى بدلالة الحال وعلم المخاطب بالمراد عن ذكر المكني عنه ؛ فالذي يقتضيه ظاهر الخطاب أن يكون ترتيب معاني الآيتين على حسب ترتيب اللفظ فإما أن تكونا نزلتا معا وإما أن يكون الأذى نازلا بعد الحبس إن كان المراد بالأذى من أريد بالحبس من النساء .
والوجه الثاني : ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16واللذان يأتيانها منكم إنما كان حكما في البكرين خاصة ، والأولى في الثيبات دون الأبكار . إلا أن هذا قول يوجب تخصيص اللفظ بغير دلالة ، وذلك غير سائغ لأحد مع إمكان استعمال اللفظين على حقيقة مقتضاهما ؛ وعلى أي وجه تصرف وجوه الاحتمال في حكم الآيتين وترتيبهما فإن الأمة لم تختلف في نسخ هذين الحكمين عن الزانيين .
وقد اختلف
السلف في معنى السبيل المذكور في هذه الآية ،
[ ص: 44 ] فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن السبيل الذي جعله لهن الجلد لغير المحصن والرجم للمحصن " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة مثل ذلك . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في بعض الروايات :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15أو يجعل الله لهن سبيلا " أو يضعن ما في بطونهن " ؛ وهذا لا معنى له ؛ لأن الحكم كان عاما في الحامل والحائل ، فالواجب أن يكون السبيل مذكورا لهن جميعا .
واختلف أيضا فيما نسخ هذين الحكمين ، فقال قائلون : نسخ بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وقد كان قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16واللذان يأتيانها منكم في البكرين ، فنسخ ذلك عنهما بالجلد المذكور في هذه الآية ، وبقي حكم الثيب من النساء الحبس فنسخ بالرجم . وقال آخرون : نسخ بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت وهو ما حدثنا
جعفر بن محمد قال : حدثنا
جعفر بن محمد بن اليمان قال : حدثنا
أبو عبيد قال : حدثنا
أبو النضر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن عن
حطان بن عبد الله الرقاشي عن
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660207خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر والثيب بالثيب البكر تجلد وتنفى والثيب تجلد وترجم .
وهذا هو الصحيح وذلك لأن قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660207خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا يوجب أن يكون بيانا للسبيل المذكور في الآية ، ومعلوم أنه لم يكن بين قول النبي صلى الله عليه وسلم وبين الحبس والأذى واسطة حكم ، وأن آية الجلد التي في سورة النور لم تكن نزلت حينئذ ؛ لأنها لو كانت نزلت كان السبيل متقدما لقوله : " خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا " ولما صح أن يقول ذلك ؛ فثبت بذلك أن الموجب لنسخ الحبس والأذى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت ، وأن آية الجلد نزلت بعده . وفي ذلك دليل على نسخ القرآن بالسنة ؛ إذ نسخ بقول : خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا ما أوجب الله من الحبس والأذى بنص التنزيل .
فإن قيل : فقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16واللذان يأتيانها منكم وما ذكر في الآيتين من الحبس والأذى كان في البكرين دون الثيبين . قيل له : لم يختلف
السلف في أن حكم المرأة الثيب كان الحبس ، وإنما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي إن الأذى كان في البكرين خاصة ؛ وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن السبيل المذكور في آية الحبس وذلك لا محالة في الثيب ، فأوجب أن يكون منسوخا بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663724الثيب بالثيب الجلد والرجم فلم يخل الحبس من أن يكون منسوخا في جميع الأحوال بغير القرآن ، وهي الأخبار التي فيها إيجاب
nindex.php?page=treesubj&link=10394_10379رجم المحصن ؛ فمنها حديث
عبادة الذي ذكرنا ، وحديث
عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان حين كان محصورا فاستشهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
[ ص: 45 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=66487لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير نفس ، وقصة
ماعز والغامدية ورجم النبي صلى الله عليه وسلم إياهما قد نقلته الأمة لا يتمارون فيه .
فإن قيل : هذه
nindex.php?page=treesubj&link=10379_10394الخوارج بأسرها تنكر الرجم ، ولو كان ذلك منقولا من جهة الاستفاضة الموجبة للعلم لما جهلته
الخوارج . قيل له : إن سبيل العلم بمخبر هذه الأخبار السماع من ناقليها وتعرفه من جهتهم ،
والخوارج لم تجالس فقهاء المسلمين ونقلة الأخبار منهم وانفردوا عنهم غير قابلين لأخبارهم ؛ فلذلك شكوا فيه ولم يثبتوه وليس يمتنع أن يكون كثير من أوائلهم قد عرفوا ذلك من جهة الاستفاضة ثم جحدوا محاملة منهم على ما سبقوا إلى اعتقاده من رد أخبار من ليس على مقالتهم ، وقلدهم الأتباع ولم يسمعوا من غيرهم فلم يقع لهم العلم به ، أو الذين عرفوه كانوا عددا يسيرا يجوز على مثلهم كتمان ما عرفوه وجحدوه ، ولم يكونوا صحابة فيكونوا قد عرفوه من جهة المعاينة أو بكثرة السماع من المعاينين له ، فلما خلوا من ذلك لم يعرفوه ؛ ألا ترى أن
nindex.php?page=treesubj&link=2702فرائض صدقات المواشي منقولة من جهة النقل المستفيض الموجب للعلم ولا يعرفها إلا أحد رجلين إما فقيه قد سمعها فثبت عنده العلم بها من جهة الناقلين لها وإما رجل صاحب مواش تكثر بلواه بوجوبها فيتعرفها ليعلم ما يجب عليه فيها ؟ ومثله أيضا إذا كثر سماعه وقع له العلم بها ، وإن لم يسمعها إلا من جهة الآحاد لم يعلمها ؛ وهذا سبيل
الخوارج في جحودهم الرجم ، وتحريم
nindex.php?page=treesubj&link=10989تزويج المرأة على عمتها وخالتها وما جرى مجرى ذلك مما اختص أهل العدل بنقله دون
الخوارج والبغاة . وقد تضمنت هاتان الآيتان أحكاما : منها
nindex.php?page=treesubj&link=10293استشهاد أربعة من الشهداء على الزنا . ومنها الحبس للمرأة والأذى للرجل والمرأة جميعا .
ومنها سقوط الأذى والتعبير عنهما بالتوبة ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما وهذه التوبة إنما كانت مؤثرة في إسقاط الأذى دون الحبس ، وأما الحبس فكان موقوفا على ورود السبيل ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك السبيل وهو الجلد والرجم ، ونسخ جميع ما ذكر في الآية إلا ما ذكر من استشهاد أربعة شهود ، فإن اعتبار عدد الشهود باق في الحد الذي نسخ به الحدان الأولان وهو الجلد والرجم .
وقد بين الله ذلك في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=13لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون فلم ينسخ اعتبار العدد ولم ينسخ الاستشهاد
[ ص: 46 ] أيضا ، وهذا يوجب جواز
nindex.php?page=treesubj&link=19352_19351_19350_19349إحضار الشهود والنظر إلى الزانيين لإقامة الحد عليهما ؛ لأن الله تعالى أمر بالاستشهاد على الزنا وذلك لا يكون إلا بتعمد النظر فدل ذلك على أن تعمد النظر إلى الزانيين لإقامة الحد عليهما لا يسقط شهادته ؛ وكذلك فعل
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر مع
شبل بن معبد ونافع بن الحارث وزياد في قصة
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة ، وذلك موافق لظاهر الآية .
بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=10377_10279حَدُّ الزَّانِيَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28975_10283_10301_34233_34462nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ الْآيَةَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : لَمْ يَخْتَلِفْ
السَّلَفُ فِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ حَدَّ الزَّانِيَةِ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ غَيْرُ ثَابِتِ الْحُكْمِ ؛ حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15سَبِيلا قَالَ : وَقَالَ فِي الْمُطَلَّقَاتِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قَالَ : هَذِهِ الْآيَاتُ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ سُورَةُ النُّورِ فِي الْجَلْدِ نَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ قَالَ : وَالسَّبِيلُ
[ ص: 42 ] الَّذِي جَعَلَهُ لَهَا الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ ، قَالَ : فَإِذَا جَاءَتِ الْيَوْمَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنَّهَا تُخْرَجُ وَتُرْجَمُ بِالْحِجَارَةِ ؛ قَالَ : وَحَدَّثَنَا
أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16442عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا قَالَ : كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا زَنَتْ حُبِسَتْ فِي الْبَيْتِ حَتَّى تَمُوتَ ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا زَنَى أُوذِيَ بِالتَّعْيِيرِ وَبِالضَّرْبِ بِالنِّعَالِ ، قَالَ : فَنَزَلَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ قَالَ : وَإِنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ رُجِمَا بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فَهُوَ سَبِيلُهَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهَا ؛ يَعْنِي قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : فَكَانَ حُكْمُ الزَّانِيَةِ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ مَا أَوْجَبَ مِنْ حَدِّهَا بِالْحَبْسِ إِلَى أَنْ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ فَرْقٌ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ ؛ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ حُكْمًا عَامًّا فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ : " أَنَّ الْمُرَادَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ " . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : " الْبِكْرَيْنِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ " . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ : " أَنَّهُ أَرَادَ الرَّجُلَيْنِ الزَّانِيَيْنِ " .
وَهَذَا التَّأْوِيلُ الْأَخِيرُ يُقَالُ إِنَّهُ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّثْنِيَةِ هَهُنَا ؛ إِذْ كَانَ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ إِنَّمَا يَجِيئَانِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ ؛ لِأَنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، أَوْ بِلَفْظِ الْوَاحِدِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْجِنْسِ الشَّامِلِ لَجَمِيعِهِمْ ؛ وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ صَحِيحٌ وَتَأْوِيلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا ، فَاقْتَضَتِ الْآيَتَانِ بِمَجْمُوعِهِمَا أَنَّ حَدَّ الْمَرْأَةِ كَانَ الْأَذَى وَالْحَبْسَ جَمِيعًا إِلَى أَنْ تَمُوتَ ، وَحَدُّ الرَّجُلِ التَّعْيِيرُ وَالضَّرْبُ بِالنِّعَالِ ؛ إِذْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَخْصُوصَةً فِي الْآيَةِ الْأَوْلَى بِالْحَبْسِ وَمَذْكُورَةً مَعَ الرَّجُلِ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ بِالْأَذَى فَاجْتُمِعَ لَهَا الْأَمْرَانِ جَمِيعًا ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِلرِّجَالِ إِلَّا الْأَذَى فَحَسْبُ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْآيَتَانِ نَزَلَتَا مَعًا فَأُفْرِدَتِ الْمَرْأَةُ بِالْحَبْسِ وَجُمِعَا جَمِيعًا فِي الْأَذَى ، وَتَكُونُ فَائِدَةُ إِفْرَادِ الْمَرْأَةِ بِالذِّكْرِ إِفْرَادَهَا بِالْحَبْسِ إِلَى أَنْ تَمُوتَ وَذَلِكَ حُكْمٌ لَا يُشَارِكُهَا فِيهِ الرَّجُلُ ، وَجُمِعَتْ مَعَ الرَّجُلِ فِي الْأَذَى لَاشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِيجَابُ الْحَبْسِ لِلْمَرْأَةِ مُتَقَدِّمًا لِلْأَذَى ، ثُمَّ زِيدَ فِي حَدِّهَا وَأَوْجَبَ عَلَى الرَّجُلِ الْأَذَى ، فَاجْتَمَعَ لِلْمَرْأَةِ الْأَمْرَانِ وَانْفَرَدَ الرَّجُلُ بِالْأَذَى دُونَهَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْإِمْسَاكَ فِي الْبُيُوتِ إِلَى الْمَوْتِ أَوِ السَّبِيلَ قَدْ كَانَ حَدَّهَا ، فَإِذَا أُلْحِقَ بِهِ الْأَذَى صَارَ مَنْسُوخًا ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي النَّصِّ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ حُكْمِهِ تُوجِبُ النَّسْخَ ؛ إِذْ كَانَ الْحَبْسُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ جَمِيعَ حَدِّهَا ، وَلَمَّا وَرَدَتِ الزِّيَادَةُ صَارَ بَعْضَ حَدِّهَا ، فَهَذَا
[ ص: 43 ] يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ كَوْنُ الْإِمْسَاكِ حَدًّا مَنْسُوخًا .
وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْأَذَى حَدًّا لَهُمَا جَمِيعًا بَدِيًّا ثُمَّ زِيدَ فِي حَدِّ الْمَرْأَةِ الْحَبْسُ إِلَى الْمَوْتِ أَوِ السَّبِيلُ الَّذِي يَجْعَلُهُ اللَّهُ لَهَا ، فَيُوجِبُ ذَلِكَ نَسْخَ الْأَذَى فِي الْمَرْأَةِ أَنْ يَكُونَ حَدًّا ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَعْضَهُ بَعْدَ نُزُولِ الْحَبْسِ ؛ فَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ .
فَإِنْ قِيلَ : هَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَبْسُ مَنْسُوخًا بِإِسْقَاطِ حُكْمِهِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَذَى إِذَا كَانَ نَازِلًا بَعْدَهُ ؟ قِيلَ لَهُ : لَا يَجُوزُ نَسْخُهُ عَلَى جِهَةِ رَفْعِ حُكْمِهِ رَأْسًا ؛ إِذْ لَيْسَ فِي إِيجَابِ الْأَذَى مَا يَنْفِي الْحَبْسَ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِهِمَا ؛ وَلَكِنَّهُ يَكُونُ نَسْخُهُ مِنْ طَرِيقِ أَنَّهُ يَصِيرُ بَعْضَ الْحَدِّ بَعْدَ أَنْ كَانَ جَمِيعَهُ ، وَذَلِكَ ضَرْبٌ مِنَ النَّسْخِ .
وَقَدْ قِيلَ فِي تَرْتِيبِ الْآيَتَيْنِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا نَزَلَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ ثُمَّ أَمَرَ أَنْ تُوضَعَ فِي التِّلَاوَةِ بَعْدَهُ ، فَكَانَ الْأَذَى حَدًّا لَهُمَا جَمِيعًا ، ثُمَّ الْحَبْسُ لِلْمَرْأَةِ مَعَ الْأَذَى . وَذَلِكَ يَبْعُدُ مِنْ وَجْهٍ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا " الْهَاءُ " الَّتِي فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16يَأْتِيَانِهَا كِنَايَةٌ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُظْهَرٍ مُتَقَدِّمٍ مَذْكُورٍ فِي الْخِطَابِ أَوْ مَعْهُودٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ دَلَالَةٌ مِنَ الْحَالِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْفَاحِشَةُ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ كِنَايَةً رَاجِعَةً إِلَى الْفَاحِشَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي أَوَّلِ الْآيَةِ ؛ إِذْ لَوْ لَمْ تَكُنْ كِنَايَةً عَنْهَا لَمْ يَسْتَقِمِ الْكَلَامُ بِنَفْسِهِ فِي إِيجَابِ الْفَائِدَةِ وَإِعْلَامِ الْمُرَادِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=45مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِأَنَّ مِنْ مَفْهُومِ ذِكْرِ الْإِنْزَالِ أَنَّهُ الْقُرْآنُ ، وَفِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=45مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ أَنَّهَا الْأَرْضُ ، فَاكْتَفَى بِدَلَالَةِ الْحَالِ وَعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِالْمُرَادِ عَنْ ذِكْرِ الْمَكْنِيِّ عَنْهُ ؛ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْخِطَابِ أَنْ يَكُونَ تَرْتِيبُ مَعَانِي الْآيَتَيْنِ عَلَى حَسَبِ تَرْتِيبِ اللَّفْظِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَا نَزَلَتَا مَعًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَذَى نَازِلًا بَعْدَ الْحَبْسِ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْأَذَى مَنْ أُرِيدَ بِالْحَبْسِ مِنَ النِّسَاءِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ إِنَّمَا كَانَ حُكْمًا فِي الْبِكْرَيْنِ خَاصَّةً ، وَالْأَوْلَى فِي الثَّيِّبَاتِ دُونَ الْأَبْكَارِ . إِلَّا أَنَّ هَذَا قَوْلٌ يُوجِبُ تَخْصِيصَ اللَّفْظِ بِغَيْرِ دَلَالَةٍ ، وَذَلِكَ غَيْرُ سَائِغٍ لِأَحَدٍ مَعَ إِمْكَانِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظَيْنِ عَلَى حَقِيقَةِ مُقْتَضَاهُمَا ؛ وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ تُصْرَفُ وُجُوهُ الِاحْتِمَالِ فِي حُكْمِ الْآيَتَيْنِ وَتَرْتِيبِهِمَا فَإِنَّ الْأُمَّةَ لَمْ تَخْتَلِفْ فِي نَسْخِ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ عَنِ الزَّانِيَيْنِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ
السَّلَفُ فِي مَعْنَى السَّبِيلِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ،
[ ص: 44 ] فَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ السَّبِيلَ الَّذِي جَعَلَهُ لَهُنَّ الْجَلْدُ لِغَيْرِ الْمُحْصَنِ وَالرَّجْمُ لِلْمُحْصَنِ " وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ مِثْلُ ذَلِكَ . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا " أَوْ يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ " ؛ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ كَانَ عَامًّا فِي الْحَامِلِ وَالْحَائِلِ ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ السَّبِيلُ مَذْكُورًا لَهُنَّ جَمِيعًا .
وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِيمَا نَسَخَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ ، فَقَالَ قَائِلُونَ : نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَقَدْ كَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فِي الْبِكْرَيْنِ ، فَنُسِخَ ذَلِكَ عَنْهُمَا بِالْجَلْدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، وَبَقِيَ حُكْمُ الثَّيِّبِ مِنَ النِّسَاءِ الْحَبْسُ فَنُسِخَ بِالرَّجْمِ . وَقَالَ آخَرُونَ : نُسِخَ بِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو النَّضْرِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ عَنْ
حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660207خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الْبِكْرُ تُجْلَدُ وَتُنْفَى وَالثَّيِّبُ تُجْلَدُ وَتُرْجَمُ .
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660207خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِلسَّبِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْحَبْسِ وَالْأَذَى وَاسِطَةُ حُكْمٍ ، وَأَنَّ آيَةَ الْجَلْدِ الَّتِي فِي سُورَةِ النُّورِ لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ حِينَئِذٍ ؛ لَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ نَزَلَتْ كَانَ السَّبِيلُ مُتَقَدِّمًا لِقَوْلِهِ : " خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا " وَلَمَا صَحَّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ ؛ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُوجِبَ لِنَسْخِ الْحَبْسِ وَالْأَذَى قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، وَأَنَّ آيَةَ الْجَلْدِ نَزَلَتْ بَعْدَهُ . وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ ؛ إِذْ نُسِخَ بِقَوْلِ : خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا مَا أَوْجَبَ اللَّهُ مِنَ الْحَبْسِ وَالْأَذَى بِنَصِّ التَّنْزِيلِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ وَمَا ذُكِرَ فِي الْآيَتَيْنِ مِنَ الْحَبْسِ وَالْأَذَى كَانَ فِي الْبِكْرَيْنِ دُونَ الثَّيِّبَيْنِ . قِيلَ لَهُ : لَمْ يَخْتَلِفِ
السَّلَفُ فِي أَنَّ حُكْمَ الْمَرْأَةِ الثَّيِّبِ كَانَ الْحَبْسَ ، وَإِنَّمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ إِنَّ الْأَذَى كَانَ فِي الْبِكْرَيْنِ خَاصَّةً ؛ وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّبِيلِ الْمَذْكُورِ فِي آيَةِ الْحَبْسِ وَذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فِي الثَّيِّبِ ، فَأَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663724الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ فَلَمْ يَخْلُ الْحَبْسُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ بِغَيْرِ الْقُرْآنِ ، وَهِيَ الْأَخْبَارُ الَّتِي فِيهَا إِيجَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=10394_10379رَجْمِ الْمُحْصَنِ ؛ فَمِنْهَا حَدِيثُ
عُبَادَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا ، وَحَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةَ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ حِينَ كَانَ مَحْصُورًا فَاسْتَشْهَدَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
[ ص: 45 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=66487لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ وَزِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ وَقَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ ، وَقِصَّةُ
مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ وَرَجْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمَا قَدْ نَقَلَتْهُ الْأُمَّةُ لَا يَتَمَارَوْنَ فِيهِ .
فَإِنْ قِيلَ : هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=10379_10394الْخَوَارِجُ بِأَسْرِهَا تُنْكِرُ الرَّجْمَ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَنْقُولًا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِفَاضَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْعِلْمِ لَمَا جَهِلَتْهُ
الْخَوَارِجُ . قِيلَ لَهُ : إِنَّ سَبِيلَ الْعِلْمِ بِمَخْبَرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ السَّمَاعُ مِنْ نَاقِلِيهَا وَتَعَرُّفُهُ مِنْ جِهَتِهِمْ ،
وَالْخَوَارِجُ لَمْ تُجَالِسْ فُقَهَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَنَقَلَةَ الْأَخْبَارِ مِنْهُمْ وَانْفَرَدُوا عَنْهُمْ غَيْرَ قَابِلِينَ لَأَخْبَارِهِمْ ؛ فَلِذَلِكَ شَكُّوا فِيهِ وَلَمْ يُثْبِتُوهُ وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كَثِيرٌ مِنْ أَوَائِلِهِمْ قَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِفَاضَةِ ثُمَّ جَحَدُوا مُحَامَلَةً مِنْهُمْ عَلَى مَا سَبَقُوا إِلَى اعْتِقَادِهِ مِنْ رَدِّ أَخْبَارِ مَنْ لَيْسَ عَلَى مَقَالَتِهِمْ ، وَقَلَّدَهُمُ الْأَتْبَاعُ وَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَمْ يَقَعْ لَهُمُ الْعِلْمُ بِهِ ، أَوِ الَّذِينَ عَرَفُوهُ كَانُوا عَدَدًا يَسِيرًا يَجُوزُ عَلَى مِثْلِهِمْ كِتْمَانُ مَا عَرَفُوهُ وَجَحَدُوهُ ، وَلَمْ يَكُونُوا صَحَابَةً فَيَكُونُوا قَدْ عَرَفُوهُ مِنْ جِهَةِ الْمُعَايَنَةِ أَوْ بِكَثْرَةِ السَّمَاعِ مِنَ الْمُعَايِنِينَ لَهُ ، فَلَمَّا خَلَوْا مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَعْرِفُوهُ ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=2702فَرَائِضَ صَدَقَاتِ الْمَوَاشِي مَنْقُولَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ وَلَا يَعْرِفُهَا إِلَّا أَحَدُ رَجُلَيْنِ إِمَّا فَقِيهٌ قَدْ سَمِعَهَا فَثَبَتَ عِنْدَهُ الْعِلْمُ بِهَا مِنْ جِهَةِ النَّاقِلِينَ لَهَا وَإِمَّا رَجُلٌ صَاحِبُ مَوَاشٍ تَكْثُرُ بَلْوَاهُ بِوُجُوبِهَا فَيَتَعَرَّفُهَا لِيَعْلَمَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا ؟ وَمِثْلُهُ أَيْضًا إِذَا كَثُرَ سَمَاعُهُ وَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِهَا ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْآحَادِ لَمْ يَعْلَمْهَا ؛ وَهَذَا سَبِيلُ
الْخَوَارِجِ فِي جُحُودِهِمُ الرَّجْمَ ، وَتَحْرِيمُ
nindex.php?page=treesubj&link=10989تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ مِمَّا اخْتَصَّ أَهْلُ الْعَدْلِ بِنَقْلِهِ دُونَ
الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةُ . وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ أَحْكَامًا : مِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=10293اسْتِشْهَادُ أَرْبَعَةٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ عَلَى الزِّنَا . وَمِنْهَا الْحَبْسُ لِلْمَرْأَةِ وَالْأَذَى لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا .
وَمِنْهَا سُقُوطُ الْأَذَى وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُمَا بِالتَّوْبَةِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا وَهَذِهِ التَّوْبَةُ إِنَّمَا كَانَتْ مُؤَثِّرَةً فِي إِسْقَاطِ الْأَذَى دُونَ الْحَبْسِ ، وَأَمَّا الْحَبْسُ فَكَانَ مَوْقُوفًا عَلَى وُرُودِ السَّبِيلِ ، وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ السَّبِيلَ وَهُوَ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ ، وَنُسِخَ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ إِلَّا مَا ذُكِرَ مِنَ اسْتِشْهَادِ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ ، فَإِنَّ اعْتِبَارَ عَدَدِ الشُّهُودِ بَاقٍ فِي الْحَدِّ الَّذِي نُسِخَ بِهِ الْحَدَّانِ الْأَوَّلَانِ وَهُوَ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ .
وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=13لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ فَلَمْ يُنْسَخِ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ وَلَمْ يُنْسَخِ الِاسْتِشْهَادُ
[ ص: 46 ] أَيْضًا ، وَهَذَا يُوجِبُ جَوَازَ
nindex.php?page=treesubj&link=19352_19351_19350_19349إِحْضَارِ الشُّهُودِ وَالنَّظَرِ إِلَى الزَّانِيَيْنِ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالِاسْتِشْهَادِ عَلَى الزِّنَا وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَعَمُّدِ النَّظَرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تَعَمُّدَ النَّظَرِ إِلَى الزَّانِيَيْنِ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا لَا يُسْقِطُ شَهَادَتَهُ ؛ وَكَذَلِكَ فِعْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ مَعَ
شِبْلِ بْنِ مَعْبَدٍ وَنَافِعِ بْنِ الْحَارِثِ وَزِيَادٍ فِي قِصَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ .