ولما ذكر دخورهم ، تلاه بدخور ما هو أعظم منهم خلقا ، وأهول أمرا ، فقال : [عاطفا على ناصب الظرف مما تقديره : كانت أمور محلولة] ، معبرا بالمضارع لأن ذلك وإن شارك الفزع في
[ ص: 223 ] التحقق قد فارقه في الحدوث والتجدد شيئا فشيئا :
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30296_31757_34257_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88وترى الجبال أي : عند القيام من القبور ، والخطاب إما للنبي صلى الله عليه وسلم ليدل ذلك - لكونه صلى الله عليه وسلم أنفذ الناس بصرا وأنورهم بصيرة - على عظم الأمر ، وإما لكل أحد لأن الكل صاروا بعد قيامهم أهلا للخطاب بعد غيبتهم في التراب
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88تحسبها جامدة أي :
nindex.php?page=treesubj&link=33679_31757قائمة ثابتة في مكانها لا تتحرك ، لأن كل كبير متباعد الأقطار لا يدرك مشيته إلا تخرصا
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88وهي تمر أي : تسير حتى تكون كالعهن المنفوش فينسفها الله فتقع حيث شاء كأنها الهباء المنثور ، فتستوي الأرض كلها بحيث لا يكون فيها عوج ، وأشار إلى أن سيرها خفي وإن كان حثيثا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88مر السحاب أي : مرا سريعا لا يدرك على ما هو عليه لأنه إذا طبق الجو لا يدرك سيره مع أنه لا شك فيه وإن لم تنكشف الشمس بلا لبس ، وكذا كل كبير الجرم أو كثير العد يقصر عن الإحاطة به لبعد ما بين أطرافه بكثرته البصر ، يكون سائرا ، والناظر الحاذق يظنه واقفا.
ولما كان ذلك أمرا هائلا ، أشار إلى عظمته بقوله ، مؤكدا
[ ص: 224 ] لمضمون الجملة المتقدمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88صنع الله أي : صنع الذي له الأمر كله ذلك الذي أخبر أنه كائن في ذلك اليوم صنعا ، ونحو هذا المصدر إذا جاء عقب كلام جاء كالشاهد بصحته ، والمنادي على سداده ، والصارخ بعلو مقداره ، وأنه ما كان ينبغي أن يكون إلا هكذا ، ثم زاد في التعظيم بقوله دالا على تمام الإحكام في ذلك الصنع :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88الذي أتقن كل شيء
ولما ثبت هذا على [هذا] الوجه المتقن ، والنظام الأمكن ، أنتج قطعا قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88إنه أي : الذي أحكم هذه الأمور كلها
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88خبير بما تفعلون أي : لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28781الإتقان نتيجة القدرة ، وهي نتيجة العلم ، فمن لم يكن شامل العلم لم يكن تام القدرة ، وعبر بالفعل الذي هو أعم من أن يكون بعلم أو لا ، لأنه في سياق البيان لعماهم ، ونفي العلم عنهم ، وقرئ بالخطاب المؤذن بالقرب المرجي للرضا ، المرهب من الإبعاد ، المقرون بالسخط ، وبالغيبة المؤذنة بالإعراض الموقع في الخيبة ، وما أبدع ما لاءم ذلك ولاحمه ما بعده على تقدير الجواب لسؤال من كأنه قال :
nindex.php?page=treesubj&link=28766ماذا يكون حال أهل الحشر مع الدخور عند الناقد البصير؟ فقال : من إتقانه للأشياء أنه رتب الجزاء أحسن ترتيب .
وَلَمَّا ذَكَرَ دُخُورَهُمْ ، تَلَاهُ بِدُخُورِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُمْ خَلْقًا ، وَأَهْوَلُ أَمْرًا ، فَقَالَ : [عَاطِفًا عَلَى نَاصِبِ الظَّرْفِ مِمَّا تَقْدِيرُهُ : كَانَتْ أُمُورٌ مَحْلُولَةٌ] ، مُعَبِّرًا بِالْمُضَارِعِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ شَارَكَ الْفَزَعَ فِي
[ ص: 223 ] التَّحَقُّقِ قَدْ فَارَقَهُ فِي الْحُدُوثِ وَالتَّجَدُّدِ شَيْئًا فَشَيْئًا :
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30296_31757_34257_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88وَتَرَى الْجِبَالَ أَيْ : عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ الْقُبُورِ ، وَالْخِطَابُ إِمَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَدُلَّ ذَلِكَ - لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْفَذَ النَّاسِ بَصَرًا وَأَنْوَرَهُمْ بَصِيرَةً - عَلَى عِظَمِ الْأَمْرِ ، وَإِمَّا لِكُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّ الْكُلَّ صَارُوا بَعْدَ قِيَامِهِمْ أَهْلًا لِلْخِطَابِ بَعْدَ غَيْبَتِهِمْ فِي التُّرَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88تَحْسَبُهَا جَامِدَةً أَيْ :
nindex.php?page=treesubj&link=33679_31757قَائِمَةً ثَابِتَةً فِي مَكَانِهَا لَا تَتَحَرَّكُ ، لِأَنَّ كُلَّ كَبِيرٍ مُتَبَاعِدِ الْأَقْطَارِ لَا يُدْرَكُ مِشْيَتُهُ إِلَّا تَخَرُّصًا
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88وَهِيَ تَمُرُّ أَيْ : تَسِيرُ حَتَّى تَكُونَ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ فَيَنْسِفُهَا اللَّهُ فَتَقَعُ حَيْثُ شَاءَ كَأَنَّهَا الْهَبَاءُ الْمَنْثُورُ ، فَتَسْتَوِي الْأَرْضُ كُلُّهَا بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِيهَا عِوَجٌ ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ سَيْرَهَا خَفِيٌّ وَإِنْ كَانَ حَثِيثًا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88مَرَّ السَّحَابِ أَيْ : مَرًّا سَرِيعًا لَا يُدْرَكُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذَا طَبَّقَ الْجَوَّ لَا يُدْرَكُ سَيْرُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَنْكَشِفِ الشَّمْسُ بِلَا لَبْسٍ ، وَكَذَا كُلُّ كَبِيرِ الْجِرْمِ أَوْ كَثِيرِ الْعَدِّ يَقْصُرُ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِهِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ أَطْرَافِهِ بِكَثْرَتِهِ الْبَصَرُ ، يَكُونُ سَائِرًا ، وَالنَّاظِرُ الْحَاذِقُ يَظُنُّهُ وَاقِفًا.
وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا هَائِلًا ، أَشَارَ إِلَى عَظَمَتِهِ بِقَوْلِهِ ، مُؤَكِّدًا
[ ص: 224 ] لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88صُنْعَ اللَّهِ أَيْ : صُنْعَ الَّذِي لَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ذَلِكَ الَّذِي أَخْبَرَ أَنَّهُ كَائِنٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ صُنْعًا ، وَنَحْوُ هَذَا الْمَصْدَرِ إِذَا جَاءَ عَقِبَ كَلَامٍ جَاءَ كَالشَّاهِدِ بِصِحَّتِهِ ، وَالْمُنَادِي عَلَى سَدَادِهِ ، وَالصَّارِخِ بِعُلُوِّ مِقْدَارِهِ ، وَأَنَّهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِلَّا هَكَذَا ، ثُمَّ زَادَ فِي التَّعْظِيمِ بِقَوْلِهِ دَالًّا عَلَى تَمَامِ الْإِحْكَامِ فِي ذَلِكَ الصُّنْعِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ
وَلَمَّا ثَبَتَ هَذَا عَلَى [هَذَا] الْوَجْهِ الْمُتْقَنِ ، وَالنِّظَامِ الْأَمْكَنِ ، أَنْتَجَ قَطْعًا قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88إِنَّهُ أَيْ : الَّذِي أَحْكَمَ هَذِهِ الْأُمُورَ كُلَّهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ أَيْ : لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28781الْإِتْقَانَ نَتِيجَةُ الْقُدْرَةِ ، وَهِيَ نَتِيجَةُ الْعِلْمِ ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ شَامِلَ الْعِلْمِ لَمْ يَكُنْ تَامَّ الْقُدْرَةِ ، وَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِعِلْمٍ أَوْ لَا ، لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِ الْبَيَانِ لِعَمَاهُمْ ، وَنَفْيِ الْعِلْمِ عَنْهُمْ ، وَقُرِئَ بِالْخِطَابِ الْمُؤْذِنِ بِالْقُرْبِ الْمُرْجَيْ لِلرِّضَا ، الْمُرْهِبِ مِنَ الْإِبْعَادِ ، الْمَقْرُونِ بِالسُّخْطِ ، وَبِالْغَيْبَةِ الْمُؤْذِنَةِ بِالْإِعْرَاضِ الْمُوقِعِ فِي الْخَيْبَةِ ، وَمَا أَبْدَعَ مَا لَاءَمَ ذَلِكَ وَلَاحَمَهُ مَا بَعْدَهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْجَوَابِ لِسُؤَالِ مَنْ كَأَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28766مَاذَا يَكُونُ حَالُ أَهْلِ الْحَشْرِ مَعَ الدُّخُورِ عِنْدَ النَّاقِدِ الْبَصِيرِ؟ فَقَالَ : مِنْ إِتْقَانِهِ لِلْأَشْيَاءِ أَنَّهُ رَتَّبَ الْجَزَاءَ أَحْسَنَ تَرْتِيبٍ .