الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فصل: وإذا سكنت وأتى بعدها طاء أو دال أو تاء وجب إدغامها فيهن، فإذا أدغمت في الطاء وجب إظهار الإدغام مع إظهار الإطباق والاستعلاء. وذلك نحو قوله تعالى: {قالت طائفة} [الأحزاب: 13]، لأن في الأصل إطباقا مع إطباق وكذا استعلاء مع استعلاء، وذلك غاية القوة، لا سيما مع الجهر والشدة.

وإذا تكررت التاء في كلمة نحو قوله تعالى: {تتوفاهم} [النحل: 28]، أو كلمتين الأولى متحركة، أظهرتهما إظهارا بينا، نحو قوله تعالى: {كدت تركن} [الإسراء: 74]. وإن تكررت ثلاث مرات نحو قوله: / {الراجفة تتبعها} [النازعات: 6،7] فبيان هذا الحرف لازم، لأن في اللفظ به صعوبة. قال مكي في الرعاية: هو بمنزلة الماشي يرفع رجله مرتين أو ثلاث مرات، ويردها في كل مرة إلى الموضع الذي رفعها منه، وهذا ظاهر، ألا ترى أن اللسان إذا لفظ بالتاء الأولى رجع إلى موضعه ليلفظ بالثانية، ثم يرجع ليلفظ بالثالثة، وذلك صعب، فيه تكلف.

وإذا جاءت قبل حرف الإطباق في كلمة لزم بيانها وتخليصها بلفظ مرقق غير مفخم، وذلك نحو قوله تعالى: {أفتطمعون} [البقرة: 75] و {لا تطرد} [ ص: 113 ] [الأنعام: 52] و {لا تطغوا} [هود: 112] و {تطهيرا} [الأحزاب: 33] ونحو ذلك، لأن الطاء والتاء من مخرج واحد، لكن الطاء حرف قوي فيه جهر وشدة وإطباق واستعلاء، والتاء منسفلة منفتحة مهموسة، والقوي إذا تقدم الضعيف وهو مجاوره جذبه إلى نفسه، ألا ترى أن التاء إذا وقعت بعد حرف الإطباق لم يكن بد من أن تبدل منها طاء، وذلك نحو قوله تعالى: {اصطفى} [البقرة: 132] ، و {اضطر} [البقرة: 173] ، ليعمل اللسان عملا واحدا، وإن حال بينهما حائل نحو قوله: {اختلط} [الأنعام: 146] وجب بيان التاء مرققة، مع ترقيق اللام، لئلا تقرب التاء من لفظ الطاء التي بعدها، وتصير اللام مفخمة.

وإذا سبقت الطاء التاء وكانت ساكنة أدغمت الطاء فيها، فإذا نطقت بها خلصت صوت الطاء مع الإتيان بصوت الإطباق، ثم تأتي بالتاء مرققة على أصلها. وهذا قليل في زماننا، ولا يقدر عليه إلا الماهر المجود، ولم أر أحدا نبه عليه، وذلك نحو قوله تعالى: {بسطت إلي} [المائدة: 28]، و {فرطت} [الزمر: 56]، و {أحطت} [النمل: 22]، وهذا ونحوه تحكمه المشافهة.

قال شريح في نهاية الإتقان: القراء قد يتفاضلون فيها، يعني التاء، [ ص: 114 ] فتلتبس في ألفاظهم بالسين لقرب مخرجها، فيحدثون فيها رخاوة وصفيرا، وذلك أنهم لا يصعدون بها إلى جهة الحنك، إنما ينحون بها إلى جهة الثنايا، وهناك مخرج السين.

وإذا قرأت بحرف ورش وفخمت اللام فليكن احتفالك بترقيق التاء أكثر، لقرب الحرف القوي من التاء، وذلك نحو قوله تعالى: {تصلى نارا} [الغاشية: 4].

وإذا سكنت التاء وأتى بعدها حرف من حروف المعجم فاحذر إخفاءها في نحو قوله: {فتنة} [البقرة: 102] وقيل: لأن التاء حرف فيه ضعف، وإذا سكن ضعف، فلا بد من إظهاره لشدته.

التالي السابق


الخدمات العلمية