الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[الطاء]

وأما الطاء المهملة: تقدم الكلام على أنها تخرج من مخرج التاء والدال، وهو المخرج الثامن من مخارج الفم، وهي من أقوى الحروف، لأنها حرف [ ص: 133 ] مجهور شديد مطبق مستعل مقلقل إذا سكن، وقد تقدم الكلام على تفخيمه.

وإذا تكررت الطاء وجب بيانها لقوتها كقوله: {شططا} [الكهف: 14] . وإذا سكنت - سواء كان سكونها لازما أو عارضا، فلا بد من بيان إطباقها وقلقلتها، نحو قوله تعالى: {الخطفة} [الصافات : 10] و {الأطفال} [النور: 59] و {البطشة} [الدخان: 16] و {الأسباط} [البقرة: 136] و {اختلط} [الأنعام: 146] و {القسط} [الأنبياء: 47] ونحوه في الوقف.

وإذا سكنت وأتى بعدها تاء فأدغمها فيها إدغاما غير مستكمل، تبقي معه تضخيمها واستعلاءها، لقوة الطاء وضعف التاء، نحو: {بسطت} [المائدة: 28] و {أحطت} [النمل: 22] و {فرطت} [الزمر: 56] لأن أصل الإدغام أن يدغم الأضعف في الأقوى، ليصير في مثل قوته، وفي مثل هذا عكسه، وسوغه القلب، لكن الصفة باقية دالة على موصوفها في نحو هذا كالغنة، ألا ترى أنك إذا أدغمت التاء في الطاء في نحو: {ودت طائفة} [آل عمران: 69] لم تبق من لفظها شيئا، لأن الإدغام على ما ينبغي أن يكون كاملا في نحو هذا، ولولا أنهما من مخرج واحد لم تدغم الطاء فيها، فلذلك ضعف الإدغام عن أن يكون [ ص: 134 ] مكملا. ونظيره إدغام النون الساكنة والتنوين في الواو والياء، إذا أبقيت الغنة، فيكون التشديد متوسطا، لأجل إبقاء الغنة.

قال أبو عمرو الداني هذا مذهب القراء. وقد يجوز إدغامها وإدغام صوتها، أعني الطاء في التاء، كجوازه في إدغام التنوين والنون في الواو والياء مع غنتهما، كرواية خلف عن سليم عن حمزة، وهو الأقل.

قال شريح في "نهاية الإتقان": "من العرب من يبدل التاء طاء، ثم يدغم الطاء الأولى فيها فيقول: {أحط} و {فرط} وهذا مما يجوز في كلام الخلق لا في كلام الخالق".

وإذا كانت الطاء مشددة فلا بد من بيانها، نحو {اطيرنا} [النمل: 47] و {أن يطوف} [البقرة: 158]، وإلا مال بها اللسان إلى الرخاوة.

التالي السابق


الخدمات العلمية