الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ألا يسجدوا لله [25]

                                                                                                                                                                                                                                        هذه قراءة أبي عمرو وعاصم ونافع وحمزة ، وقرأ الزهري وأبو جعفر وأبو عبد الرحمن وحميد وطلحة والكسائي (ألا يا اسجدوا لله) القراءة الأولى هي إن دخلت عليها "وأن" في موضع نصب. قال الأخفش : المعنى لئلا يسجدوا. وقال الكسائي : المعنى فصدهم أن لا يسجدوا. وقال علي بن سليمان : أن بدل من أعمالهم في موضع نصب. وقيل: موضعها خفض على البدل من السبيل، والقراءة الثانية بمعنى ألا يا هؤلاء اسجدوا، كما قال:


                                                                                                                                                                                                                                        ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ولا زال منهلا بجرعائك القطر



                                                                                                                                                                                                                                        وقال آخر: [ ص: 207 ]

                                                                                                                                                                                                                                        يا لعنة الله والأقوام كلهم     والصالحين على سمعان من جار



                                                                                                                                                                                                                                        والمعنى: يا هؤلاء لعنة الله. قال أبو جعفر : وهذا موجود في كلام العرب إلا أنه غير معتاد أن يقال: يا قدم زيد، والقراءة به بعيدة لأن الكلام يكون معترضا. والقراءة الأولى يكون الكلام بها متسقا، وأيضا السواد على غير هذه القراءة؛ لأنه قد حذف منها ألفان وإنما يختصر مثل هذا بحذف ألف واحدة نحو يا عيسى ابن مريم الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض والوقف عليه بتسكين الهمزة، وإذا كان في موضع رفع جاز الضم والإشمام ولا يجوز التضعيف، وحكى أبو حاتم أن عكرمة قرأ (الذي يخرج الخبا في السماوات والأرض) بألف غير مهموزة، وزعم أن هذا لا يجوز في العربية واعتل بأنه إن خفف الهمزة ألقى حركتها على الباء وحذفها فقال: "الخب في السماوات" وأنه إن حول الهمزة قال "الخبي" بإسكان الباء وبعدها ياء. قال أبو جعفر : قوله: لا يجوز "الخبا" وسمعت علي بن سليمان يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: كان دون أصحابه في النحو، ولم يلحق بهم، يعني أبا حاتم إلا أنه إذا خرج من بلده لم يلق أعلم منه. حكى سيبويه عن العرب أنها تبدل من الهمزة ألفا إذا.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 208 ] كان قبلها ساكن وكانت مفتوحة وتبدل منها واوا إذا كان قبلها ساكن وكانت مضمومة، وتبدل منها ياء إذا كان قبلها ساكن وكانت مكسورة، وإنه يقال: هذا الوثو، وعجبت من الوثى، ورأيت الوثا. وهذا من وثئت يده، وكذلك هذا الخبو، وعجبت من الخبي، ورأيت الخبا. وإنما فعل هذا لأن الهمزة خفيفة فأبدلت منها هذه الحروف. وحكى سيبويه عن قوم من بني تميم وبني أسد أنهم يقولون: هذا الخبوء فيضمون الساكن إذا كانت الهمزة مضمومة، ويثبتون الهمزة ويكسرون الساكن إذا كانت الهمزة مكسورة، ويفتحون الساكن إذا كانت الهمزة مفتوحة. وحكى سيبويه أيضا أنهم يكسرون وإن كانت الهمزة مضمومة إلا أن هذا عن بني تميم، فيقولون: هذا الردي، وزعم أنهم لم يضموا الدال لأنهم كرهوا ضمة قبلها كسرة لأنه ليس في الكلام فعل. وهذا كله لغات داخلة على اللغة التي قرأ بها الجماعة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية