الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو صلى ) شخص ( فرضا ) عينيا أو غيره ( على دابة واستقبل ) القبلة ( وأتم ركوعه وسجوده ) وبقية أركانه بأن كان في نحو هودج ( وهي واقفة ) وإن لم تكن معقولة أو كان على سرير يمشي به رجال أو في زورق أو أرجوحة معلقة بحبال ( جاز ) لاستقرار ذلك في نفسه ( أو سائرة فلا ) لأن سيرها منسوب إليه وإن تمكن من إتمام الأركان عليها .

                                                                                                                            نعم إن خاف من النزول عنها على نفسه أو ماله وإن قل أو فوت رفقته إذا استوحش وإن لم يتضرر ، أو خاف وقوع معادله لميل الحمل أو تضرر الدابة أو احتاج في نزوله إذا ركب إلى معين وليس [ ص: 435 ] معه أجير لذلك ولم يتوسم من نحو صديق إعانته فله في جميع ذلك أن يصلي الفرض عليها وهي سائرة إلى جهة مقصده ويومئ ويعيد ، وعلم مما تقدم في مسألة السرير صحة ما أفاده البدر بن شهبة حيث قال : وقضية هذا صحة الصلاة في المحفة السائرة ، لأن من بيده زمام الدابة يراعي القبلة وهي مسألة نفيسة يحتاج إليها ، وفرق المتولي بين الدابة السائرة بنفسها وبين الرجال السائرين بالسرير بأن الدابة لا تكاد تثبت على حالة واحدة فلا تراعي الجهة ، بخلاف الرجال ، قال : حتى لو كان للدابة من يلزم لجامها ويسيرها بحيث لا تختلف الجهة جاز ذلك ، وسبقه إلى هذا الأخير القاضي أبو الطيب واعتمده الأذرعي ، وما نظر به في كلام المتولي صاحب الإسعاد بأن المنظور إليه مراعاة السائر بنفسه الاستقبال اختيارا ولا اختيار للدابة وليس سيرها كالحاصل للسائر بنفسه يرد بأن العلة ليست هي اختيار السائر إذ لا يصح مناطا لتعلق الحكم به بل الأمن من التحول عن القبلة بالانحراف المبطل لصلاته وهذا موجود في المسألتين ، وفرق غير المتولي بأن السرير منسوب لحامله دون راكبه ولهذا احتيج في وقوع الطواف للمحمول إلى قرينة تصرفه عن الحامل كما سيأتي ، وقضية تعليلهم بأن سير الدابة منسوب إليه أنها لو مشت به في أثناء صلاته بطلت بثلاث خطوات متواليات ، ومثلها الوثبة الفاحشة وهو محتمل ، وشمل كلامه الصلاة المنذورة ويلحق بها صلاة الجنازة لسلوكهم بالأولى مسلك واجب الشرع ، ولأن الركن الأعظم في الثانية القيام وفعلها على الدابة يمحو صورتها ، ولندرة هذه الصلاة ولاحترام الميت حتى لو فرض إتمامه عليها فكذلك كما اقتضاه كلامهم وصرح به ابن المقري في شرح الإرشاد كالقونوي وغيره ، وهو المعتمد لأن الرخصة في النفل إنما كانت لكثرته ، [ ص: 436 ] وهذه نادرة وإن صرح الإمام بالجواز ، وصوبه الإسنوي وادعى أن كلام الرافعي يقتضيه ، وقياسه جواز ذلك في حق الماشي إذا صلى على غائب مثلا لكنه في شرح المهذب هناك قد صرح بامتناع المشي وهو المعتمد ، ولا يضره إحالة سبقه في التيمم ظنا منه أنه قدمه ولم يتقدم له ذكر فيه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فرضا عينيا أو غيره ) كصلاة الجنازة ا هـ زيادي وحج ( قوله : أو أرجوحة ) هي بضم الهمزة كما في المختار ( قوله إذا استوحش ) أي بخلاف ما مر في التيمم فيما لو توهم الماء فإنه لا يجب طلبه إن خاف انقطاعه عن الرفقة وإن لم يستوحش كما تقدم في الشرح ، ولعل الفرق أن ذاك لما كان لمجرد التوهم وقد لا يجب معه الماء بالطلب روعي جانب الرفقة [ ص: 435 ] مطلقا بخلافه هنا ( قوله : ولم يتوسم ) أي لم يجز من نحو صديق ذلك بعلامة ( قوله : في المحفة ) قال في المختار : والمحفة بالكسر مركب من مراكب النساء كالهودج إلا أنها لا تقبب ا هـ ومثله في القاموس ( قوله : وهي مسألة نفيسة ) وهي مأخوذة مما يأتي عن القاضي ( قوله : بأن الدابة لا تكاد تثبت ) وقضية هذا الفرق أن الحكم كذلك ولو كانوا مملوكين للمحمول أو مأمورين له وإن كانوا أعجميين يعتقدون وجوب طاعته فتأمل سم على منهج : أي فلا يقال : ملكه لهم واعتقادهم وجوب طاعته صير سيرهم منسوبا إليه .

                                                                                                                            لأنا نقول : العلة في الصحة لزومهم جهة واحدة وعقلهم يقتضي ذلك وإن كانوا ملكا أو اعتقدوا الوجوب ( قوله : جاز ذلك ) معتمد ( قوله : ومثلها الوثبة الفاحشة وهو محتمل ) معتمد ( قوله : ولندرة هذه الصلاة ) قالحج : والفرق بهذا أولى من الفرق بأن الجلوس يمحو صورتها لأنه منتقض بامتناع فعلها على السائرة على المعتمد مع بقاء القيام ( قوله : حتى لو فرض إتمامه ) أي القيام ( قوله : فكذلك كما اقتضاه كلامهم ) أي لا يصح حيث كانت لغير القبلة والدابة سائرة .

                                                                                                                            أما إذا كانت لها وهي واقفة فلا وجه لعدم الصحة ولا ينافيه قوله إتمامه لأن الضمير فيه راجع للقيام ولا يلزم منه استقبال القبلة .

                                                                                                                            وعبارة حج : ولو صلى شخص قادر على النزول فرضا ولو نذرا وكذا صلاة جنازة على المعتمد ، إلى أن قال : وهي واقفة جاز [ ص: 436 ] قوله : وإن صرح الإمام بالجواز ) أي في الجنازة ( قوله : ولا يضره ) أي النووي



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : أو في زورق ) إن كانت الصورة أنه في البحر فلا حاجة إليه ; لأنه قدم مسألة السفينة ، وإن كانت الصورة أنه في البر ، فإن كانت صورته أنه يجره رجال فكان ينبغي تقديمه على قوله يمشي به رجال ، وإن كانت صورته أنه تجره دابة مثلا ، فهو من أفراد مسألة المحفة الآتية ( قوله : ; لأن سيرها منسوب إليه ) هو تعليل لمسألة المتن خاصة مع قطع النظر عما أدرجه فيه كما هو ظاهر على أنها مقيدة بما إذا لم يكن من يلزم زمامها كما يأتي [ ص: 435 ] قوله : ويومئ ) لا حاجة إليه بل هو مضر ; لأن الإعادة لازمة حينئذ ، وإن أتم الأركان ( قوله : أنها لو مشت ) أي حيث اشترطنا وقوفها ، فهو راجع إلى مسألة المتن ، وكأنه أخرج بقوله مشت ما إذا تحركت ; إذ تحركها ليس منسوبا إليه فليراجع ( قوله : وشمل كلامه ) أي في خصوص قوله أو سائرة فلا وإلا يلزم عليه خلل لا يخفى ( قوله : ويلحق بها صلاة الجنازة ) أي فلم يشملها كلامه ، لكن ينافيه قوله : فيما مر في حل المتن عينيا أو غيره ، وكان الأولى إسقاط [ ص: 436 ] هذا فيما مر ; لأنه لا يناسب قول المتن وأتم ركوعه وسجوده




                                                                                                                            الخدمات العلمية