الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولو استقبل الحجر بكسر الحاء دون الكعبة لم يجزه لأن كونه من البيت مظنون لا مقطوع به لأنه إنما ثبت بالآحاد ولو استقبل من عتبتها قدر ثلثي ذراع لكن لم يحاذ أسفله كخشبة معترضة بين ساريتين صحت صلاته كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لاستقباله فيها الكعبة ، ويتجه حمله على ما إذا كانت صلاة جنازة ، بخلاف غيرها لعدم استقباله حينئذ في بعض أفعالها .

                                                                                                                            واعلم أن النفل في الكعبة أفضل منه [ ص: 438 ] خارجها ، ومثله النذر والقضاء لما فيه من البعد عن الرياء ، وكذا صلاة من لم يرج جماعة خارج الكعبة بأن لم يرجها أصلا أو يرجوها داخلها أو داخلها وخارجها ، فإن رجاها خارجها فقط فخارجها أفضل ، لأن المحافظة على فضيلة تتعلق بنفس العبادة أولى من المحافظة على فضيلة تتعلق بمكانها ، كالجماعة ببيته فإنها أفضل من الانفراد في المسجد ، وكالنافلة ببيته فإنها أفضل منها بالمسجد وإن كان المسجد أفضل منه ، وإنما لم يراع خلاف من قال بعدم صحة الصلاة في الكعبة لمخالفته لسنة صحيحة فإنه صلى الله عليه وسلم صلى فيها .

                                                                                                                            وقد نقل الطرطوشي المالكي الإجماع على أن الصلاة النافلة في البيت أفضل منها في سائر المساجد حتى في المسجد الحرام

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : لكن لم يحاذ أسفله ) أي ما استقبله في نسخة لم يحاذ أسفله أسفله وهي ظاهرة ( قوله بخلاف غيرها ) ظاهره أنها لا تنعقد ، وقياس الصحة فيما لو أحرم وجيبه مفتوح صحة إحرامه هنا إلى أن يخرج عن استقباله الخشبة المذكورة إلا أن يفرق بسهولة [ ص: 438 ] التدارك فيمن أحرم مفتوح الجيب وعسره هنا وهو الظاهر ( قوله : لما فيه من البعد عن الرياء ) الأولى التعليل بأفضليتها على بقية المسجد لأن ما ذكر لا يأتي في قوله وكذا صلاة من لم يرج جماعة إلخ ، بل قوله الآتي المحافظة إلخ صريح فيما ذكرناه ( قوله أو يرجوها ) أي أو بأن يرجوها إلخ فهو عطف على لم يرجها ( قوله : أفضل منها بالمسجد ) أي ولو الكعبة ا هـ حج ( قوله : وقد نقل الطرطوشي ) الطرطوشي بالفتح والسكون والضم آخره مهملة إلى طرطوس مدينة بالشام وبالمعجمة آخره إلى طرطوشة مدينة بالأندلس ا هـ لب اللباب .

                                                                                                                            لكن في التي آخرها معجمة بضم الطاءين وقد يفتحان .

                                                                                                                            قال في القاموس : طرطوشة بالضم ويفتح بلد بالأندلس ا هـ .

                                                                                                                            قال ابن خلكان : ساكنها أبو بكر الطرطوشي المالكي مصنف كتاب سراج الملوك ( قوله : أفضل منها في سائر المساجد ) هو المعتمد



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : من عتبتها ) ليس المراد العتبة التي يطؤها الداخل بقرينة ما بعده ، بل المراد بها نحو الخشبة الآتية فكان ينبغي خلاف هذا التعبير [ ص: 438 ] قوله : البعد عن الرياء ) هذا إنما عللوا به صلاة الإنسان في بيت نفسه كما يأتي في كلامه في آخر صفة الصلاة .

                                                                                                                            أما هنا ، فهو ممنوع كما لا يخفى ( قوله : من لم يرج جماعة خارجها ) أي فقط بقرينة ما بعده ( قوله : على أنصلاة النافلة في البيت أفضل إلخ ) المراد بيت الإنسان كما سيصرح به آخر صفة الصلاة لا الكعبة وسيأتي ، ثم إنه لا يلزم من كثرة الثواب : أي الوارد في المسجد الحرام التفضيل ، ويدل لما ذكرنا أنه المراد أن الطرطوشي مالكي ، فهو قائل بحرمة الصلاة داخل الكعبة




                                                                                                                            الخدمات العلمية