الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وأما الحكر فقال المقريزي في الخطط أن أصله المنع فقول أهل مصر حكر فلان يعنون به منع غيره من البناء ا هـ .

                                                                                        الثانية : وقف الشجر قال في الظهيرية وإذا غرس شجرة ووقفها إن غرسها في أرض غير موقوفة لا يخلو إما أن يقفها بموضعها من الأرض أو لا فإن وقفها بموضعها من الأرض صح تبعا للأرض بحكم الاتصال وإن وقفها دون أصلها لا يصح وإن كانت في أرض موقوفة فوقفها على تلك الجهة جاز كما في البناء وإن وقفها على جهة أخرى فعلى الاختلاف الذي ذكرناه آنفا . ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط رجل غرس في المسجد يكون للمسجد لأنه بمنزلة البناء بالمسجد وكذا لو بنى في أرض الوقف أو نصب فيها بابا فإن نوى عند البناء أنه بنى للوقف يصير وقفا لأنه جعله وقفا ووقف البناء تبعا لغيره يجوز وإن لم ينو ذلك لا يصير وقفا لأنه لم يجعله وقفا ولو غرس في أرض موقوفة على الرباط ينظر إن تولى الغارس تعاهد الأرض الموقوفة فالأشجار للوقف لأن هذا من جملة التعاهد وإن لم يتول فهي للغارس وعليه قلعها لأنه ليس له هذه الولاية ولو غرس على طريق العامة أو على شط نهر العامة أو على شط حوض القرية فالشجرة للغارس وله قلعها لأنه ليس له ولاية على العامة . ا هـ .

                                                                                        وفي الخانية لو غرس الواقف للأرض شجرا فيها قالوا إن غرس من غلة الوقف أو من مال نفسه لكن ذكر أنه غرس للوقف يكون للوقف وإن لم يذكر شيئا وقد غرس من مال نفسه يكون له ولورثته من بعده ولا يكون وقفا وإذا صح وقف الشجرة تبعا لأصلها فإن كان ينتفع بأوراقها وأثمارها فإنه لا يقطع أصلها إلا أن تفسد أغصانها ولو كان لا ينتفع بأوراقها ولا بأثمارها فإنه يقطع ويتصدق بها مسجد فيه شجرة التفاح [ ص: 221 ] قال بعضهم يباح للقوم أن يفطروا بهذا التفاح والصحيح أنه لا يباح لأن ذلك صار وقفا للمسجد يصرف إلى عمارته شجرة على طريق المارة جعلت وقفا على المارة يباح تناول ثمرها للمارة ويستوي فيه الفقير والغني ولو كانت الثمار على أشجار رباط المارة قال أبو القاسم أرجو أن يكون النزال في سعة من تناولها إلا أن يعلم أن غارسها جعلها للفقراء قال الفقيه أبو الليث إذا لم يكن الرجل من ساكني الرباط فالأحوط له أن يحترز من تناولها إلا أن تكون ثمارا لا قيمة لها كالتوت . ا هـ .

                                                                                        وقد وقعت حادثة هي أن المستأجر للدار الموقوفة المشتملة على الأشجار هل له أن يأكل من ثمارها إذا لم يعلم شرط الواقف فيها وفي الحاوي وما غرس في المساجد من الأشجار المثمرة إن غرس للسبيل وهو الوقف على العامة كان لكل من دخل المسجد من المسلمين أن يأكل منها وإن غرس للمسجد لا يجوز صرفها إلا إلى مصالح المسجد الأهم فالأهم كسائر الوقف وكذا إن لم يعلم غرض الغارس . ا هـ .

                                                                                        ومقتضاه في البيت الموقوف إذا لم يعرف الشرط أن يأخذها المتولي ليبيعها ويصرفها في مصالح الوقف ولا يجوز للمستأجر الأكل منها وفي القنية يجوز للمستأجرين غرس الأشجار والكروم في الأراضي الموقوفة إذا لم يضر بالأرض بدون صريح الإذن من المتولي دون حفر الحياض وإنما يحل للمتولي الإذن فيما يزيد الوقف به خيرا قال مصنفها قلت : وهذا إذا لم يكن لهم حق قرار العمارة فيها أما إذا كان لا يحرم الحفر والغرس لوجود الإذن في مثلها . ا هـ .

                                                                                        وفي فتح القدير وسئل أبو القاسم الصفار عن شجرة وقف يبس بعضها وبقي بعضها فقال ما يبس منها فسبيله سبيل غلتها وما بقي متروك على حالها . ا هـ .

                                                                                        وفي البزازية وقال الفضلي وبيع الأشجار الموقوفة مع الأرض لا يجوز قبل القلع كبيع الأرض وقال أيضا إن لم تكن مثمرة يجوز بيعها قبل القلع أيضا لأنه غلتها والمثمرة لا تباع إلا بعد القلع كبناء الوقف ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وأما الحكر إلخ ) قال الرملي وفي القاموس الحكر الظلم وإساءة المعاشرة والفعل كضرب ثم قال وبالتحريك ما احتكر أي احتبس وفاعله حكر كفرح وأقول : والأرض المحتكرة هي التي وقف بناؤها ولم توقف هي كأن استأجر أرضا للبناء عليها وبنى فيها ثم وقف البناء كذا رأيت لبعض الشافعية وأقول : الأرض هي المقررة للاحتكار أعم من أن تكون وقفا أو ملكا والاحتكار في العرف إجارة يقصد بها منع الغير واستيفاء الانتفاع بالأرض قالوا لو بنى على أرض مقررة للاحتكار فباع البناء لا شفعة فيه لأنه من قسم المنقول ( قوله إن تولى الغارس تعاهد الأرض ) أي بأن كان له ولاية عليها وعبارة الإسعاف أظهر وهي فلو غرس رباطي شجرة في وقف الرباط وتعاهدها حتى كبرت ولم يذكر وقت الغرس أنها للرباط .

                                                                                        قال الفقيه أبو جعفر إن كان إليه ولاية [ ص: 221 ] الأرض الموقوفة فالشجرة وقف وإلا فهي له وله رفعها ( قوله ومقتضاه في البيت الموقوف إلى قوله ليبيعها ) أي ليبيع الأثمار لا الأشجار فإنه لا يجوز بيعها لاحتمال أن غرض الغارس وقفها وسيأتي في المسألة الرابعة عشرة عن الظهيرية شجرة وقف في دار وقف خربت ليس للمتولي أن يبيع الشجرة ويعمر الدار ولكن يكري الدار ويستعين بالكراء على عمارة الدار لا بالشجرة ا هـ .

                                                                                        وهذا مع خراب الدار فكيف يجوز بيعها مع عمارتها ثم الظاهر أنه يدفعها للمستأجر معاملة قال في الإسعاف ولو كان في أرض الوقف شجر فدفعه معاملة بالنصف مثلا جاز ا هـ . فتأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية