الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفيها وبيع الطريق وهبته منفردا جائز وهبته منفردا فاسد وفي البزازية المشتري أرضا ، وذكر حدودها لا ذرعها طولا وعرضا جاز ، وإذا عرف المشتري الحدود لا الجيران يصح ، وإن لم يذكر الحدود ، ولم يعرفه المشتري جاز البيع إذا لم يقع بينهما تجاحد وجهل البائع المبيع لا يمنع وجهل المشتري يمنع دار بينهما باع أحدهما نصفه انصرف إلى قسطه ، ولو عين ، وقال بعت هذا النصف لا يجوز .

                                                                                        وأما جهالة الثمن فمانعة أيضا كما إذا باع شيئا بقيمته أو بحكم المشتري أو فلان وبعتك هذا بقفيز حنطة أو بقفيزي شعير ، وهذا بألف إلى سنة أو بألف وخمسمائة إلى سنتين أو باع شيئا بربح ده يازده ، ولم يعلم المشتري رأس المال حتى افترقا وبيع الشيء برقمه أو برأس ماله ، ولم يعلم المشتري كذلك ، كذا في البدائع والرقم بسكون القاف [ ص: 297 ] علامة يعلم بها مقدار ما وقع البيع به من الثمن ، كذا في الظهيرية ، وكذا لو باع بألف درهم إلا دينارا أو بمائة دينار إلا درهما ; لأن الاستثناء يكون بالقيمة وهي مجهولة ، وكذا لو باع بمثل ما باعه فلان ، ولم يعلما به حتى افترقا لا إن علما به في المجلس مع الخيار ، ولو اشترى بوزن هذا الحجر ذهبا لم يجز لجهالته ، فإن علم بوزنه فله الخيار ، ولو كان لرجل على رجل عشرة دراهم ، فقال بعني هذا الثوب ببعض العشرة وبعني هذا الآخر بما بقي فباعه وقبله المشتري صح لعدم إفضاء الجهالة إلى المنازعة .

                                                                                        ولو قال هذا ببعض العشرة ، وهذا ببعض لا يجوز لوجودها ، ولو قال بعتك هذا العبد بألف إلا نصفه بخمسمائة فالعبد للمشتري بألف وخمسمائة ; لأنه استثنى بيع نصفه من البيع الأول فيكون النصف الأول بألف وعلى هذا القياس .

                                                                                        كذا في المحيط وأطلق في اشتراط معرفة قدر الثمن فشمل المعرفة صريحا وعرفا ، ولذا قال في البزازية لو قال اشتريت هذه الدار أو هذا الثوب أو هذه البطيخة بعشرة وفي البلد يبتاع بالدراهم والدنانير والفلوس ، ولم يذكر واحدا منهم ففي الدار ينعقد على الدنانير وفي الثوب ينعقد على الدراهم وفي البطيخة على الفلوس ، وإن كان لا يبتاع إلا بواحد فيصرف إلى ما يبتاع الناس بذلك النقد ا هـ .

                                                                                        وحاصله أنه إذا صرح بالعدد فتعيين المعدود من كونه دراهم أو دنانير أو فلوسا يثبت على ما يناسب المبيع ، ولو وقع شك فيما يناسب وجب أن لا يتم البيع ، كذا في فتح القدير وفي القنية له عليه نصف دينار ويظن المديون أنه ثلثا دينار فباعه منه شيئا بما عليه لا يجوز إلا إذا أعلمه بذلك في المجلس وقوله غير مشار قيد فيهما ; لأن المشار إليه بيعا كان أو ثمنا لا يحتاج إلى معرفة قدره ووصفه فلو قال بعتك هذه الصبرة من الحنطة أو هذه الكورجة من الأرز والشاشات وهي مجهولة العدد بهذه الدراهم التي في يدك وهي مرئية له فقيل جاز ولزم ; لأن الباقي جهالة الوصف يعني القدر وهو لا يضر إذ لا يمنع من التسليم ولا يرد على إطلاقه الأموال الربوية إذا قوبلت بجنسها وبيعت مجازفة مشارا إليها ، فإنه لا يصح لاحتمال الربا واحتماله مانع كحقيقته لما سيذكره في بابه .

                                                                                        وكذا لا يرد السلم ، وإن الإشارة فيه لا تكفي لرأس المال ولا بد من معرفة قدره عند الإمام لما سيصرح به في بابه ، ولم يذكر المصنف صفة المبيع ، وإنما اشترط معرفة قدر المبيع والثمن .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وبيع الطريق وهبته منفردا جائز وهبته منفردا فاسد ) ، كذا في بعض النسخ وفي بعضها وبيع الطريق وهبته منفردا فاسد وعليها كتب الرملي ، فقال هنا غلط ولعل صواب العبارة وبيع الطريق وهبته منفردا جائز وبيع مسيل الماء وهبته منفردا فاسد ا هـ .

                                                                                        قلت : وفي الخانية ولا يجوز بيع مسيل الماء وهبته ولا بيع الطريق بدون الأرض ، وكذلك بيع الشرب ، وقال مشايخ بلخ بيع الشرب جائز .

                                                                                        ( قوله وأما جهالة الثمن فمانعة ) قال الرملي يعني مانعة من الجواز ، وهل تفيد الملك أقول : سيأتي في أحكام البيع الفاسد أنه مع نفي الثمن باطل ومع السكوت عنه فاسد والظاهر أن الجهالة توجب الفساد لا البطلان تأمل ا هـ .

                                                                                        قلت : سيأتي في المرابحة متنا ، ولو ولى رجلا شيئا بما قام عليه ، ولم يعلم المشتري بكم قام عليه فسد وعلله المؤلف بقوله لجهالة الثمن ، ثم قال في المتن ، ولو علم في المجلس خير قال المؤلف ; لأن الفساد لم يتقرر فإذا حصل العلم في المجلس جعل كابتداء العقد .

                                                                                        وظاهر كلام المصنف وغيره أنه ينعقد فاسده بعرضية الصحة وهو الصحيح خلافا للمروي عن محمد أنه صحيح له عرضية الفساد كذا في فتح القدير ا هـ .

                                                                                        ( قوله أو بقفيزي شعير ) قال الرملي أو فيه للتخيير ا هـ .

                                                                                        ( قوله أو بألف وخمسمائة ) قال الرملي أو فيه للتخيير . ( قوله وبيع الشيء برقمه أو رأس ماله ) إذا اشترى شيئا برقمه ، ولم يعلم المشتري رقمه فالعقد فاسد ، وإن علم ذلك في المجلس جاز العقد ، وإن تفرقا قبل العلم بطل وكان الإمام شمس الأئمة الحلواني يقول ، وإن علم بالرقم في المجلس لا ينقلب ذلك العقد جائزا ولكن إن كان البائع دائما على ذلك الرضا ورضي به المشتري ينعقد بينهما عقد ابتداء بالتراضي وفي الظهيرية ، وإذا كان البيع بالتولية أو برقمه ، ولم يعلم ما رأس ماله فهو بمنزلة البيع الفاسد في حكم الضمان وفي حكم النقض إلا أنه يخالف البيع الفاسد من وجه ، فإن في البيع الفاسد إذا قال البائع لا أسلم المبيع لا يجبر عليه و هنا لو قال لا أخبرك بالثمن أجبره عليه ، كذا في التتارخانية .

                                                                                        [ ص: 297 ] ( قوله لعدم إفضاء الجهالة إلى المنازعة ) ; لأنه بضم الثاني إلى الأول يصير ثمنهما عشرة قال في النهر ، ولم أر ما لو وجد بأحدهما عيبا وينبغي أن يكون في حكم صفقة واحدة فيردهما أو يأخذهما .




                                                                                        الخدمات العلمية